محمود سلطان
السبت 20 ربيع الثاني 1434 الموافق 02 مارس 2013 بوك
بدأ البعض يتساءل أو يتحدث عن ’’البديل’’ للرئيس مرسي! وهو سؤال ربما يطرحه الخبثاء، كما يصدر أيضًا من الطيبين؛ إما استثمارًا لمنطق ’’انتهازية اللحظة’’، وإما قلقًا على المستقبل وسط اتساع رقعة العنف والاحتجاجات في عدد من المحافظات المصرية.
والسؤال يأتي في سياق ’’الدق’’ أو الطرق على مسألة إمكانية الدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، بمعنى أن السؤال ليس بريئًا في المطلق، بل من المرجح أن يكون ’’بالون’’ اختبار؛ لقياس رد الفعل تمهيدًا للتأسيس عليه لاحقًا.
والسؤال رغم بساطته، إلا أنه يُعد أحد أخطر الأسئلة المطروحة على المجتمع حاليًّا؛ لأنه -في واقع الحال- أبرز أدوات نشر البلبلة والاضطراب في اتجاهات الرأي العام، وتغيير موقفه من مبدأ الشرعية التي جاءت بها صناديق الاقتراع.
عوام الناس لا يعرفون الإجابة على هذا السؤال ’’المناوِر’’ والخطير؛ لأنهم لا يرون ’’البديل’’ إلا في التيارات الأكثر شغبًا وشوشرةً وظهورًا على الفضائيات كمعارضة ’’متشددة’’ للرئيس، وهي جبهة ’’الإنقاذ’’، وهي التي مازالت محل شكوك كبيرة في استقامة نواياها، وفي نقائها السياسي، فضلاً عن قدرتها على إدارة البلاد؛ فهي لا تملك رؤية سياسية ولا مشروعًا اجتماعيًّا واقتصاديًّا يُغري الرأي العام بالالتفاف حولها، وهو ما يُخلف انطباعًا مستقرًّا في الضمير الوطني بأن ثَمة فراغًا حقيقيًّا في السلطة لا تستطيع شغله أي من القوى المتنافسة، وهي نظرة -والحال كذلك- تساوي بين مَن له الشرعية ’’مرسي’’ ومَن لا شرعية لهم ’’المعارضة’’، وأيضًا قد تنقل الوعي العام إلى استدعاء طرف ثالث لشغل هذا الفراغ، ويحظى بتوافق وطني عام.
هذه المشاعر الجماعية، ربما تغذيها وتقويها ’’جبهة الإنقاذ’’، في حالة تأكدها من عدم تفاعل مؤسسة الرئاسة مع مطالبها، وخاصة مطلبها الأساسي بأن لا يكون الإخوان هم ’’كل السلطة’’، وإنما ’’جزء منها’’ بالشراكة مع قوى المعارضة والتيارات الشبابية الجديدة التي صنعت ثورة يناير.
عامة الناس الطيبون قد لا يدركون ماهية ’’البديل’’ الذي يتحدثون عنه، غير أن قيادات ’’جبهة الإنقاذ’’ يعرفونه جيدًا، ويحاولون تعبيد كل الطرق المؤدية إلى قصر الاتحادية من خلال توسيع رقعة الفوضى والاضطرابات والخروج المتزايد للمحافظات عن سلطة الدولة.
’’البديل’’ الذي يدخره ’’الإنقاذيون’’ -طالما ظلوا خارج السلطة- هو ’’الجيش’’. ولعلنا نتذكر أن سجل قادة التيارات التي تقيم خيامها تحت مظلة الجبهة مكتظ بالتصريحات التي كانت تحرض المؤسسة العسكرية للاستيلاء على السلطة، غير أن البيئة السياسية -آنذاك- لم تكن على النحو الذي يحمل مؤسسات القوة على أن تكون بديلاً لنظام سياسي مدني منتخب؛ لأن المؤسسة العسكرية ذاتها كانت طرفًا في صناعة الأزمة في ذلك الوقت.
ويبدو لي أن إعادة هندسة المشهد السياسي -على الشكل الذي يبرق الرسائل بفشل النخبة المدنية بما فيها السلطة على إدارة البلاد وتعريض أمنها القومي للخطر- يأتي في سياق تطبيق المبدأ ’’الشمشوني’’: (عليَّ وعلى أعدائي)، بالاستعداء القسري للجيش للاستيلاء على السلطة واعتقال الجميع.
يبقى أن نؤكد هنا مجددًا أن لا بديل عن الرئيس المنتخب محمد مرسي إلا الجيش. فهذه هي الحقيقة التي يعلمها ’’الإنقاذيون’’، ولا أدري ما إذا كانت غائبة عن الطرف الآخر أم لا. وليعلم الجميع -السلطة والمعارضة- أن ترك البلاد غارقة في هذا الوحل سيعيد مصر إلى حكم العسكر مجددًا.
*الإسلام اليوم
السبت 20 ربيع الثاني 1434 الموافق 02 مارس 2013 بوك
بدأ البعض يتساءل أو يتحدث عن ’’البديل’’ للرئيس مرسي! وهو سؤال ربما يطرحه الخبثاء، كما يصدر أيضًا من الطيبين؛ إما استثمارًا لمنطق ’’انتهازية اللحظة’’، وإما قلقًا على المستقبل وسط اتساع رقعة العنف والاحتجاجات في عدد من المحافظات المصرية.
والسؤال يأتي في سياق ’’الدق’’ أو الطرق على مسألة إمكانية الدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، بمعنى أن السؤال ليس بريئًا في المطلق، بل من المرجح أن يكون ’’بالون’’ اختبار؛ لقياس رد الفعل تمهيدًا للتأسيس عليه لاحقًا.
والسؤال رغم بساطته، إلا أنه يُعد أحد أخطر الأسئلة المطروحة على المجتمع حاليًّا؛ لأنه -في واقع الحال- أبرز أدوات نشر البلبلة والاضطراب في اتجاهات الرأي العام، وتغيير موقفه من مبدأ الشرعية التي جاءت بها صناديق الاقتراع.
عوام الناس لا يعرفون الإجابة على هذا السؤال ’’المناوِر’’ والخطير؛ لأنهم لا يرون ’’البديل’’ إلا في التيارات الأكثر شغبًا وشوشرةً وظهورًا على الفضائيات كمعارضة ’’متشددة’’ للرئيس، وهي جبهة ’’الإنقاذ’’، وهي التي مازالت محل شكوك كبيرة في استقامة نواياها، وفي نقائها السياسي، فضلاً عن قدرتها على إدارة البلاد؛ فهي لا تملك رؤية سياسية ولا مشروعًا اجتماعيًّا واقتصاديًّا يُغري الرأي العام بالالتفاف حولها، وهو ما يُخلف انطباعًا مستقرًّا في الضمير الوطني بأن ثَمة فراغًا حقيقيًّا في السلطة لا تستطيع شغله أي من القوى المتنافسة، وهي نظرة -والحال كذلك- تساوي بين مَن له الشرعية ’’مرسي’’ ومَن لا شرعية لهم ’’المعارضة’’، وأيضًا قد تنقل الوعي العام إلى استدعاء طرف ثالث لشغل هذا الفراغ، ويحظى بتوافق وطني عام.
هذه المشاعر الجماعية، ربما تغذيها وتقويها ’’جبهة الإنقاذ’’، في حالة تأكدها من عدم تفاعل مؤسسة الرئاسة مع مطالبها، وخاصة مطلبها الأساسي بأن لا يكون الإخوان هم ’’كل السلطة’’، وإنما ’’جزء منها’’ بالشراكة مع قوى المعارضة والتيارات الشبابية الجديدة التي صنعت ثورة يناير.
عامة الناس الطيبون قد لا يدركون ماهية ’’البديل’’ الذي يتحدثون عنه، غير أن قيادات ’’جبهة الإنقاذ’’ يعرفونه جيدًا، ويحاولون تعبيد كل الطرق المؤدية إلى قصر الاتحادية من خلال توسيع رقعة الفوضى والاضطرابات والخروج المتزايد للمحافظات عن سلطة الدولة.
’’البديل’’ الذي يدخره ’’الإنقاذيون’’ -طالما ظلوا خارج السلطة- هو ’’الجيش’’. ولعلنا نتذكر أن سجل قادة التيارات التي تقيم خيامها تحت مظلة الجبهة مكتظ بالتصريحات التي كانت تحرض المؤسسة العسكرية للاستيلاء على السلطة، غير أن البيئة السياسية -آنذاك- لم تكن على النحو الذي يحمل مؤسسات القوة على أن تكون بديلاً لنظام سياسي مدني منتخب؛ لأن المؤسسة العسكرية ذاتها كانت طرفًا في صناعة الأزمة في ذلك الوقت.
ويبدو لي أن إعادة هندسة المشهد السياسي -على الشكل الذي يبرق الرسائل بفشل النخبة المدنية بما فيها السلطة على إدارة البلاد وتعريض أمنها القومي للخطر- يأتي في سياق تطبيق المبدأ ’’الشمشوني’’: (عليَّ وعلى أعدائي)، بالاستعداء القسري للجيش للاستيلاء على السلطة واعتقال الجميع.
يبقى أن نؤكد هنا مجددًا أن لا بديل عن الرئيس المنتخب محمد مرسي إلا الجيش. فهذه هي الحقيقة التي يعلمها ’’الإنقاذيون’’، ولا أدري ما إذا كانت غائبة عن الطرف الآخر أم لا. وليعلم الجميع -السلطة والمعارضة- أن ترك البلاد غارقة في هذا الوحل سيعيد مصر إلى حكم العسكر مجددًا.
*الإسلام اليوم