مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
مكاسب الإسلاميين من الربيع العربي
محمود سلطان
ثمة فارق بين ’’المشاركة في السياسة’’ و’’المشاركة في السلطة’’.. وهو فارق ينبغي أن يكون واضحا في الوعي العام، سيما إذا شئنا قياس مكاسب وخسائر الإسلاميين بعد الربيع العربي. ولا شك في أن الإسلاميين كسبوا من ’’السياسة’’ وخسروا من الانفراد بـ’’السلطة’’.. وهي قسمة مرضية نسبيا، وربما تخفف من مرارة التجربة، صحيح أن الإسلاميين لم ينصتوا جيدا، للنصائح التي أوصت بالتخلي لسنوات، عن طلب الحكم، لأسباب تتعلق بثقل التركة، التي خلفتها الأنظمة القومية القمعية التي تأسست عقب الاستقلال في خمسينيات وستينيات القرن الماضي ’’العشرين’’، وأزعم أن الاستقواء بـ’’العدد’’ وليس بـ ’’العقل’’ والمقاربات السياسية الرصينة والحكيمة، ربما ورط الإسلاميين في واحدة من أخطر ’’المحن’’ التي مروا بها، وربما علقت إلى أجل غير مسمى، على الأقل، صوغ رأي عام من خارج الحالة الإسلامية، يتعاطف مع ’’المشروع الإسلامي’’ ورسالة الإسلاميين إلى العالم. لا نريد أن نقع في شرك اللونين: الأسود والأبيض، فبين اللونين تدرج في الألوان، وتجربة الإسلاميين بعد الربيع العربي، لم تكن سوداوية في المطلق، ونستطيع أن نقرر بأنهم خسروا السلطة ولكنهم كسبوا السياسة. والأخيرة هي الأهم، لأن ’’الحكم’’ لم يعد رهانا مضمونا، ولم يعد أداة مطلقة اليد، يمكن استخدامها في تلوين الدولة أيديولوجيا باللون الذي يتدثر به من على العرش.. فالعالم الإسلامي، ليس مساحة جغرافية، وهبت ’’حصريا’’ للإسلاميين، وليس بوسع الرئيس القادم من رحم الحالة الإسلامية، إلا أن يكون رئيسا للجميع، إسلاميين وغيرهم.. والمساحة الجغرافية الحاضنة للمسلمين، فسيفساء واسعة ومتنوعة ومشكلة من قوى ليبرالية وعلمانية ويسارية وتحت هذا التصنيف، توجد تصنيفات وفصائل مختلفة ومتنوعة.. إلى جانب الإسلاميين على تنوعهم واختلافهم.. فهي تكوين شديد التعقيد، ولا يسمح لأي رئيس قادم من داخل نسق فكري معين أن يحمل الناس على ترك آرائهم وعقائدهم السياسية والفكرية، والقبول برأيه وحده وعقيدته السياسية والفكرية والاقتصادية وحدها. فالحكم ـ في الوقت الحاضر على أقل تقدير ـ لم يعد مكسبا بل عبئا وابتلاء وطريقا إلى التعثر والفشل وخسارة المشروع الذي جاء الحاكم إلى السلطة من أجله. غير أن ثمة مكاسب حصدها الإسلاميون بلا شك، على رأسها انتظامهم في تجليات الحداثة السياسية، وتراجع إلى حد كبير وبشكل غير مسبوق ’’فقه العزلة’’ ـ إذا جاز التعبير ـ وقبولهم بالتحول إلى أحزاب سياسية، والمشاركة في الانتخابات البرلمانية والرئاسية وما شابه، وهي خبرة جديدة، تلقي وراء ظهرها مرحلة التشرنق داخل ’’الخبرات الأمنية’’ ورؤية العالم بشكل مختلف، جعل الإسلاميين جزءا منه، بعد أن أمضوا عقودا طويلة خارجه. الديمقراطية لم تعد ’’حراما’’.. والانتخابات والبرلمانات، باتت أدوات للصراع السياسي السلمي المشروع، والأحزاب أمست ’’النسخة الحديثة’’ للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. وهي كلها تحولات جسورة داخل الوعي الإسلامي، وما كان لها لتحدث لولا الربيع العربي.. الذي صنعه الإسلاميون بالمشاركة مع القوى المدنية الأخرى. [email protected]
الاصلى فى المصريون
أضافة تعليق