إبراهيم الخليفة
في السياسة هناك طرفان وقطبان متضادان ومتعاكسان، أحدهما ينحاز إلى ولاية الأمة، والآخر يقدم ولاية العائلات والعصابات السياسية (ونقصد بالعصابات السياسية أنظمة الحكم غير العائلية وغير المتولدة عن إرادة المجتمع، فهي تجسد شكل وسلوك وروابط أفراد العصابات، ولكنها عصابات تعمل في ميـدان السياسية، كالأنظمة الانقلابية التي تدعي أنها أنظمة جمهورية أو جماهيرية).
ومهما بلغت الانقسامات والأزمات والصدامات، فإنها تظل وقتية وعارضة وقابلة للحل والتخطي والتجاوز طالما أن ولاية الأمة لم تصادر، كما أن بعضها قد تعـود إلى أسباب عامة أو أحداث استثنائية لا فضل ولا ذنب للحكام فيها، وبعضها قد تعود إلى الأزمة التي تمر بها رابطة الصفوة أو إلى الرابطة العائلية وتبعات تسللها إلى الميدان السياسي..
وبقدر ما تكون الولاية السياسية بيد الأمة ستشيع وتزدهر قيم الشورى والحريـة والعدالة والمساواة، فهي من متطلبات تحقيق تلك الولاية أو من أدواتها ولوازمها.
أما حين تكون الولاية بيد إحدى العائلات أو العصابات السياسية، فإنه لا أمل في رؤية تلك القيم على الصعيد السياسي إلا بصورة مختزلة وانتقائية وهامشية، فولاية العائلة أو العصابة السياسية لا تتحقق ولا تستمر بغير الاستئثار بالقرار ووضع العائلة أو العصابة الحاكمة فوق الأمة.
هذه المعادلات البسيطة هي التي تفسر الفوارق السياسية الكبرى بين الأمم. ومهما بلغ صلاح الحاكم وورعه وتقواه، ومهما كانت عقيدته أو مذهبه، فإنه لا يتم الانتقال من استعباد الأمم إلى تحريرها ولا العكس إلا من خلال حضور أو غياب ولاية الأمة.
ورغم قوة هذه الحقيقة وكثرة أدلتها وشواهدها، فإن هنالك الكثير من العوائق التي تحول دون إبصارها والوعي بها أو القدرة على الاستفادة منها وحسن استثمارها.
في الحكم لا بد من وجود رابطة مجتمعية صالحة لإفراز الحكام وخدمة متطلبات الأداء السياسي الذي ينبغي أن تتوفر له عناصر السهولة والانسجام والثقة والولاء.
والروابط التي تصلح لإفرازهم وتحمل السمات الخادمة لمتطلبات الأداء السياسي، قد تكون شديدة الضيق كما هو حال الرابطة العائلية وروابط العصابات السياسية، وقد تكون مجتمعية محدودة، كما هو الحـال في ولاية الصفوة التي تحققت خلال عهد الخلفاء الراشدين (مجتمع المهاجرين والأنصار) أو مجتمعية عامة، كما هو الحال في التجارب الديمقراطية.
وفي تقديري، فإن ولاية الصفوة كانت بمثابة تجسيد مرحلي لمبدأ ولاية الأمة، فقد كانت الأنسب لأحوال المجتمع المسلم الذي كان في طور الاتساع والتمدد، ويتمتع بوجود صفوة متميزة الإعداد ومستجيبة للرسالة ومتواصلة معها منذ لحظات الضعف الأولى، وهو وضع تميزوا به عن بقية المسلمين.
وهذا الوضع تغير بصورة تدريجية، وكان ينبغي أن تتسع تبعاً لذلك دائرة الصفـوة وصولاً إلى عموم الأمة.
إذا وقفنا عند الطرفين المتعاكسين للولاية السياسية، وأدركنا أن ولاية الصفوة لم تكن إلا تجسيداً مرحلياً لمبدأ ولاية الأمة، فإنه يمكننا القول بأن الرابطة العائلية تتميز بقدرتها على توفير السمات الخادمة لمتطلبات الأداء السياسي بأقل قدر من الصعوبات والعوائق وبأكبر قدر من الدوافع الفطرية والنفعية، في حين أن روابط العصابات لا تشتمل على تلك السمات إلا بصورة عارضة، فصعوباتها وعوائقها كثيرة ومتعددة، ودوافعها الفطرية والنفعية ضعيفة أو مؤقتة ومتقلبة.
أما الرابطة المجتمعية، فهي لا تنتج الحكام إلا خلال المراحل التي تكون فيها رابطة الأمة مهيمنة على روابط العائلات والعصابات ومانعة من امتدادها إلى الميدان السياسي.
وهذا لا يأتي إلا بدفعة أخلاقية جارفة كما هو الحال في عهد الخلفاء الراشدين الذي أتى كنتيجة لرابطة المهاجرين والأنصار التي تأسست في عهد النبوة والرسالة، أو كمحصلة لرحلة طويلة من التأصيل الثقافي والشيوع الاجتماعي لمجموعة من القيم المشتركة الخادمة لمبدأ ولاية الأمة، وفي مقدمتها قيم الشورى والحرية والعدالة والمساواة، كما هو الحال في التجارب الديمقراطية.
في عهد الخلفاء الراشدين، كانت رابطة صفوة الأمة (عموم المهاجرين والأنصار) في أقوى حالاتها، وشكلت قوة معنوية ضاغطة وقادرة على منع أو تحجيم الرابطة العائلية.
لم يكن ممكناً شيوع أو قبول ادعاءات التميز السياسي أو الوصاية السياسية لمجرد الانتماء العائلي، فقد كانت معايير ’’السابقة والفضل’’ قادرة على تهميش كل المعايير التي لا تستند إلى الجهد الفردي المبذول في خدمة الدعوة والدولة.
بل لقد كان الشعور طاغياً بالخطورة التي تمثلها الروابط والمعايير العائلية على رابطة الصفوة ومعاييرها، ومن هنا فقد شهدت المرحلة الأولى من عهد الخلافة الراشدة ابتعاداً عن الرابطة العائلية الهاشمية ووعياً بمخاطرها في الميدان السياسي.
وبدلاً من ذلك، بويع لخليفتين لا ينتميان إلى أسرة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا إلى الأسر القرشية التي كانت متنافسة على الزعامة قبل الإسلام.
وإذا أردنا أن نرصد مشاهد الصعود والهبوط السياسي من زاوية مولداتها الكبرى، فإنه ينبغي تتبع وضع وصيرورة رابطة الصفوة في مقابل وضع وصيرورة الروابط العائلية ثم روابط العصابات السياسية.
منذ أن تصل عائلة أو عصابة سياسية إلى مركز السلطة والقرار، فإن المجتمع سيقع ـولو على المدى الطويل- تحت أسر سنن الاستبداد والرق السياسي.
ورغم أن وصول العائلات والعصابات السياسية إلى الحكم قد يستند ـكلياً أو جزئياً- إلى المكانة الاجتماعية أو إلى تنامي النفوذ السياسي أو إلى القوة الاقتصادية، فإن هذه العوامل لا تقود أية عائلة أو عصابة إلى سدة الحكم والقرار إلا بقدر ضعف أو تفتت رابطة الصفوة أو رابطة المجتمع والأمة.
حينها تختفي أو تضمحل القوة المعنوية الضاغطة على الروابط والإغراءات الفئوية وتصعد إحدى العائلات أو العصابات فوق الأمة.
وبدلاً من المعايير الذاتية والموضوعية التي تدفع رابطة الصفوة أو رابطة الأمة باتجاهها، فإنه يظهر المعيار الفئوي وغير الموضوعي الذي ينتجه حكم العائلات والعصابات السياسية، وهو معيار الانتماء إلى العائلة أو العصابة الحاكمة.
وبما أنه لا يمكن الاستمرار في الحكم إلا على حساب بقية فئات المجتمع، فإن الإنجاز العائلي أو الانقلابي في القبض على الأمة يفتح بوابات صناعة أو ترسيخ المكانة الاجتماعية والنفوذ السياسي والقوة الاقتصادية للعائلة أو العصابة الحاكمة، وتوظف المنابر والأجهزة لخدمة صور أو ادعاءات التميز وممارسات الاستئثار والوصاية.
وفي حين أن الرابطة العائلية تسمح بتوسيع دائرة القبول الاجتماعي على نحو قد لا يدعو إلى الإسراف في استخدام القوة الأمنية أو التمكين لأهلها، فإن روابط العصابات السياسية لا تكاد تعرف غير القوة الأمنية.
وبتجذر هذين النمطين من أنماط الحكم تزداد عوائق وصعوبات نشوء قوة جمعية قادرة على استعادة ولاية الأمة، فذلك يتطلب إعادة بناء الهوية الجمعية والرؤية الثقافية على نحو يسمح بأن تكون رابطة الأمة هي المصدر الوحيد للمشروعية السياسية.
ولكي يحدث ذلك، فإن مكانة قيم الشورى والحرية والعدالة والمساواة يجب أن تصعد إلى الحد الذي يكفي لإشعار الأمة بولايتها وحقوقها السياسية المغتصبة أو المصادرة من قبل العائلات والعصابات السياسية.
لن يشعر الناس بحجم ومقدار الاستقامة أو الانحراف السياسي الذي يعيشونه إلا بمقدار إدراكهم لقوانين عالم السياسة.
وحين يدركون بأن الشورى والحرية والعدالة والمساواة لا يمكن أن تتحقق على المستوى السياسي إلا على أرضية ولاية الأمة أو ولاية صفوتها، وأن الانتقال إلى ولاية العائلات والعصابات السياسية هو بمثابة انقلاب على قيم الشورى والحرية والعدالة والمساواة وتعطيل لفرص تحققها في الميدان السياسي وفتح لبوابات وسنن الاستعباد والاسترقاق السياسي، فإنه يمكنهم استشعار حجم ومقدار الاستقامة أو الانحراف السياسي الذي يعيشونه.
لن يكون أمر الناس شورى بينهم، ولن تسري قواعد العدالة والمساءلة والمحاسبة على الحكام ومن يرتبط بهم، ولن تنتقل السياسة إلى عالم المباحات، إلا إذا كانت الولاية بيد الأمة عبر ممثليها.
لا شك أن ضعف الوعي السياسي يسهم في حجب هذه القوانين عن وعي الكثير من الناس.
ومما يساعد على حجبها أيضاً أن المراحل التي تتحقق خلالها ولاية الأمة أو ولاية صفوتها قد تشهد الكثير من الأزمات والصدامات، كما هو الحال خلال النصف الثاني من عهد الخلافة الراشدة. وبالمقابل، فإن المراحل التي تتحقق خلالها ولاية العائلة قد تشهد بعض صور الاستقرار والهدوء والتميز الفردي لبعض الحكام والإنجازات الكبرى للأمة، كما هو الحال في العهدين الأموي والعباسي.
والواقع أن ولاية الأمة أو ولاية صفوتها قد تشهد كل صور الأزمات والصدامات، خصوصاً وأن جو الشورى يسمح بطبعه بالحراك والاجتهاد والاختلاف والتنافس السياسي.
ومهما بلغت الانقسامات والأزمات والصدامات، فإنها تظل وقتية وعارضة وقابلة للحل والتخطي والتجاوز طالما أن ولاية الأمة لم تصادر، كما أن بعضها قد تعـود إلى أسباب عامة أو أحداث استثنائية لا فضل ولا ذنب للحكام فيها، وبعضها قد تعود إلى الأزمة التي تمر بها رابطة الصفوة أو إلى الرابطة العائلية وتبعات تسللها إلى الميدان السياسي.
وفي موازاة ذلك، فإن الاستقرار والهدوء والتميز والإنجازات التي قد يشهدها حكم العائلات والعصابات السياسية قد تعود إلى نبل الأمة وترفعها عن القتال والصراع من أجل المواقع السياسية، وقد تعود إلى القمع والكبت الذي تمارسه العائلات والعصابات السياسية، وقد تعود إلى عدم فقدان آمال الإصلاح المستقبلي، وقد تعود إلى تميز شخصي لبعض الحكام الذي ينجحون في التحرر من أسر بعض سنن حكم التغلب فيرتقون بالأداء مرحلياً دون أن ينجحوا في كسر أطواقه على المدى الطويل، وقد تعود إلى القوة الحضارية للأمة وعدم نجاح الانحراف السياسي في تعطيل جوانب قوتها في الميادين الأخرى.
وفي الحالتين، فإن مبدأ ولاية الأمة يظل طريق تحريرها سياسياً مهما صاحبه من أزمات وعوائق وصعوبات مرحلية، ومبدأ ولاية العائلة أو العصابة يظل طريق استرقاقها واستعبادها سياسياً مهما صاحبه من إنجازات ونجاحات وقتية.
في عالم الشورى تنفتح أبواب الوعي بأن الطموح السياسي فطري ومشروع وضروري وسنة من سنن الله في خلقه، بل إنه غالباً ما يزيد كلما علت مكانة الأشخاص وإمكاناتهم وقدراتهم ومواهبهم في مجال القيادة والحكم، ومن لا يرغب في الحكم فهو في الغالب لا يصلح له.
والساحة السياسية هي ساحة الاجتهاد الضروري الذي لا يكاد يتناهى وساحة التعددية والتنافس السلمي مع الآخرين.
ومن هنا فقد شرعت قيمة الشورى، لأنها تسمح بتحقيق الطموح السياسي وإشباعه واستنهاضه وفتح الفرص أمامه، وتسمح بالاجتهاد وتدفع باتجاهه، وتسمح بالتعددية والتنافس السلمي، وتجعل الولاية السياسية من حق الأمة ومن واجبها. وإذا أصبحت الولاية بيد الأمة فإن من شأن ذلك أن يؤدي إلى امتلاك القدرة على تأطير كل الدوافع والجهود والاختلافات والصراعات السلمية والعمل على توجيهها نحو خدمة الأمة.
وفي مقابل ذلك، فإن إلغاء الشورى وهدم ولاية الأمة لا يؤدي إلى إلغاء الطموح السياسي، بل يؤدي إلى كبته وقمعه وحرمان الأمة من القياديين الأكفاء والدفع إما باتجـاه الرضوخ والسكوت والرهبة أو الوصولية والنفاق والارتزاق أو الصدام الدموي والخروج المسلح.
والواقع أنه لا بد من الانطلاق من موقف مبدئي ضد اغتصاب أمر الأمة وتوريثه إلى الأبناء والأقارب والرفاق كما يتم توريث الأموال والمقتنيات والممتلكات الخاصة. وما لم يوجد مثل هذا الموقف المبدئي فإن بالإمكان مسخ الشورى والطعن في ولاية لأمة والتشكيك فيهما وفي صلاحيتهما وتبرير التغلب وتجميله والدفاع عنه وإيجاد الكثير من الحجج والذرائع لأهله.
إن مجرد فقدان الموقف المبدئي لصالح ولاية الأمة وضد التغلب واغتصاب الحكم أو الاستئثار به يؤكد وجود أزمة كبرى في فهم الشريعة وسُنن الخلافة الراشدة وقوانين عالم السياسة ودورات النهوض والانحدار.
ومهما تحدث المرء عن الشريعة أو العدل أو الحقوق والواجبات أو غيرها من القضايا والهموم الدنيوية الكبرى، فإن المهم هو المدخل والبوابة، فولاية الأمة تقود إلى قوانين وسنن شديدة الاختلاف عن قوانين وسنن التغلب.
وبما أن التغلب هو الطريق السهل والأولي والتلقائي الذي لا يمكن الانفصال عنه باتجاه ولاية الأمة إلا عبر تغييرات ثقافية واقتصادية واجتماعية واسعة وعديدة ومصادمة للسائد والتلقائي والأولي، فإن حياة الناس وأوضاعهم ستكون شديدة الالتصاق بقوانين وسنن التغلب.
وإذا هيمن المتغلبون، فإن أيديهم ستمتد إلى شؤون الفقه والفكر والثقافة، ومن الصعب أن يصبح اغتصاب أمر الأمة وتعطيل الشورى والنيل من قيم العدل والحرية مثار بحث عميق أو محل طرح جماهيري أو مبرراً شائعاً للتغيير السياسي أو مؤشراً أكبر للخروج على المنهج الشرعي، بل ستشيع مفاهيم أخرى قابلة للتوظيف لمصلحة الاستبداد وأهله مثل الطاعة والمصلحة والفتنة أو مقولات تتعلق بالشأن العقائدي مثل مقولة الكفر البواح.
هذه المفاهيم والمقولات تؤدي ضمناً إلى ’’ شرعنة ’’ الاستبداد، فهي إما مفاهيم توظف في غير سياقها وبغير ضوابطها التي لا تجعلها ضد الشورى وضد ولاية الأمة، أو أنها مقولات ترتبط بعالم العقيدة وتنصرف إلى عقيدة الفرد الحاكم وسلوكه الشخصي بأكثر مما تنصرف إلى حال النظام السياسي وقوانينه وطبيعة القيم التي تحكمه.
وكل صور الظلم ونهب المال العام والقمع والإذلال وإفقار المجتمع وإدخاله في كل ألوان الكوارث الدنيوية ليست من الكفر البواح ولن تظهر بصورتها الحقيقية أو تأخذ وزنها الذي تستحقه ضمن بيئة يهيمن فيها حكام التغلب على شؤون التشريع والتنفيذ والقضاء وعلى منابر الفقه والفكر والإعلام والثقافة.
وبما أن التغلب هو الطريق الأولي والسهل والتلقائي للحكم والأداء السياسي، وأن سنن الاستبداد هي من لـوازم حكم العائلات والعصابات السياسية، فإن تأسيس المشروعية السياسية على غير مبدأ ولاية الأمة يؤدي ضمناً إلى ’’شرعنة’’ الاستبداد وتوفير فرص تبريره والدفاع عنه وتوظيف الفقه الديني لصالحه، فضلاً عن أنه لا أحد في ظل حكم التغلب يستطيع أن ينسب الكفر إلى الحاكم إلا في إطار الصدام والخروج المسلح.
وإذا حدث ذلك، فإن الناس سيدورون بين الخضوع للسيف أو الدبابة وبين الخروج بالسيف أو الدبابة، أي أنهم سيدورون في حلقة مفرغة من العنف وستظل قضية ولاية الأمة خارج دائرة الوعي والاهتمام والفعل والتأثير.
أما إذا تم بناء المشروعية السياسية على مبدأ ولاية الأمة، فسيتم إغلاق بوابة اغتصاب أمر الأمة أو جعل مقاومة المغتصبين في مقدمة أهداف وغايات التغيير السياسي، وبذلك يمكن توجيه الجهود السياسية باتجاه تحقيق أو استعادة ولاية الأمة، ولن يكون بإمكان الحاكم المزاوجة بين الاستبداد وبين المشروعية الدينية.
وإذا كان هذا هو حال قوانين ولاية الأمة في مقابل ولاية المتغلبين من المنظور السياسي، فكيف هو الحال من المنظور الشرعي؟ سنتناول هذا الجانب في حلقة قادمة بمشية الله..يتبع.
في السياسة هناك طرفان وقطبان متضادان ومتعاكسان، أحدهما ينحاز إلى ولاية الأمة، والآخر يقدم ولاية العائلات والعصابات السياسية (ونقصد بالعصابات السياسية أنظمة الحكم غير العائلية وغير المتولدة عن إرادة المجتمع، فهي تجسد شكل وسلوك وروابط أفراد العصابات، ولكنها عصابات تعمل في ميـدان السياسية، كالأنظمة الانقلابية التي تدعي أنها أنظمة جمهورية أو جماهيرية).
ومهما بلغت الانقسامات والأزمات والصدامات، فإنها تظل وقتية وعارضة وقابلة للحل والتخطي والتجاوز طالما أن ولاية الأمة لم تصادر، كما أن بعضها قد تعـود إلى أسباب عامة أو أحداث استثنائية لا فضل ولا ذنب للحكام فيها، وبعضها قد تعود إلى الأزمة التي تمر بها رابطة الصفوة أو إلى الرابطة العائلية وتبعات تسللها إلى الميدان السياسي..
وبقدر ما تكون الولاية السياسية بيد الأمة ستشيع وتزدهر قيم الشورى والحريـة والعدالة والمساواة، فهي من متطلبات تحقيق تلك الولاية أو من أدواتها ولوازمها.
أما حين تكون الولاية بيد إحدى العائلات أو العصابات السياسية، فإنه لا أمل في رؤية تلك القيم على الصعيد السياسي إلا بصورة مختزلة وانتقائية وهامشية، فولاية العائلة أو العصابة السياسية لا تتحقق ولا تستمر بغير الاستئثار بالقرار ووضع العائلة أو العصابة الحاكمة فوق الأمة.
هذه المعادلات البسيطة هي التي تفسر الفوارق السياسية الكبرى بين الأمم. ومهما بلغ صلاح الحاكم وورعه وتقواه، ومهما كانت عقيدته أو مذهبه، فإنه لا يتم الانتقال من استعباد الأمم إلى تحريرها ولا العكس إلا من خلال حضور أو غياب ولاية الأمة.
ورغم قوة هذه الحقيقة وكثرة أدلتها وشواهدها، فإن هنالك الكثير من العوائق التي تحول دون إبصارها والوعي بها أو القدرة على الاستفادة منها وحسن استثمارها.
في الحكم لا بد من وجود رابطة مجتمعية صالحة لإفراز الحكام وخدمة متطلبات الأداء السياسي الذي ينبغي أن تتوفر له عناصر السهولة والانسجام والثقة والولاء.
والروابط التي تصلح لإفرازهم وتحمل السمات الخادمة لمتطلبات الأداء السياسي، قد تكون شديدة الضيق كما هو حال الرابطة العائلية وروابط العصابات السياسية، وقد تكون مجتمعية محدودة، كما هو الحـال في ولاية الصفوة التي تحققت خلال عهد الخلفاء الراشدين (مجتمع المهاجرين والأنصار) أو مجتمعية عامة، كما هو الحال في التجارب الديمقراطية.
وفي تقديري، فإن ولاية الصفوة كانت بمثابة تجسيد مرحلي لمبدأ ولاية الأمة، فقد كانت الأنسب لأحوال المجتمع المسلم الذي كان في طور الاتساع والتمدد، ويتمتع بوجود صفوة متميزة الإعداد ومستجيبة للرسالة ومتواصلة معها منذ لحظات الضعف الأولى، وهو وضع تميزوا به عن بقية المسلمين.
وهذا الوضع تغير بصورة تدريجية، وكان ينبغي أن تتسع تبعاً لذلك دائرة الصفـوة وصولاً إلى عموم الأمة.
إذا وقفنا عند الطرفين المتعاكسين للولاية السياسية، وأدركنا أن ولاية الصفوة لم تكن إلا تجسيداً مرحلياً لمبدأ ولاية الأمة، فإنه يمكننا القول بأن الرابطة العائلية تتميز بقدرتها على توفير السمات الخادمة لمتطلبات الأداء السياسي بأقل قدر من الصعوبات والعوائق وبأكبر قدر من الدوافع الفطرية والنفعية، في حين أن روابط العصابات لا تشتمل على تلك السمات إلا بصورة عارضة، فصعوباتها وعوائقها كثيرة ومتعددة، ودوافعها الفطرية والنفعية ضعيفة أو مؤقتة ومتقلبة.
أما الرابطة المجتمعية، فهي لا تنتج الحكام إلا خلال المراحل التي تكون فيها رابطة الأمة مهيمنة على روابط العائلات والعصابات ومانعة من امتدادها إلى الميدان السياسي.
وهذا لا يأتي إلا بدفعة أخلاقية جارفة كما هو الحال في عهد الخلفاء الراشدين الذي أتى كنتيجة لرابطة المهاجرين والأنصار التي تأسست في عهد النبوة والرسالة، أو كمحصلة لرحلة طويلة من التأصيل الثقافي والشيوع الاجتماعي لمجموعة من القيم المشتركة الخادمة لمبدأ ولاية الأمة، وفي مقدمتها قيم الشورى والحرية والعدالة والمساواة، كما هو الحال في التجارب الديمقراطية.
في عهد الخلفاء الراشدين، كانت رابطة صفوة الأمة (عموم المهاجرين والأنصار) في أقوى حالاتها، وشكلت قوة معنوية ضاغطة وقادرة على منع أو تحجيم الرابطة العائلية.
لم يكن ممكناً شيوع أو قبول ادعاءات التميز السياسي أو الوصاية السياسية لمجرد الانتماء العائلي، فقد كانت معايير ’’السابقة والفضل’’ قادرة على تهميش كل المعايير التي لا تستند إلى الجهد الفردي المبذول في خدمة الدعوة والدولة.
بل لقد كان الشعور طاغياً بالخطورة التي تمثلها الروابط والمعايير العائلية على رابطة الصفوة ومعاييرها، ومن هنا فقد شهدت المرحلة الأولى من عهد الخلافة الراشدة ابتعاداً عن الرابطة العائلية الهاشمية ووعياً بمخاطرها في الميدان السياسي.
وبدلاً من ذلك، بويع لخليفتين لا ينتميان إلى أسرة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا إلى الأسر القرشية التي كانت متنافسة على الزعامة قبل الإسلام.
وإذا أردنا أن نرصد مشاهد الصعود والهبوط السياسي من زاوية مولداتها الكبرى، فإنه ينبغي تتبع وضع وصيرورة رابطة الصفوة في مقابل وضع وصيرورة الروابط العائلية ثم روابط العصابات السياسية.
منذ أن تصل عائلة أو عصابة سياسية إلى مركز السلطة والقرار، فإن المجتمع سيقع ـولو على المدى الطويل- تحت أسر سنن الاستبداد والرق السياسي.
ورغم أن وصول العائلات والعصابات السياسية إلى الحكم قد يستند ـكلياً أو جزئياً- إلى المكانة الاجتماعية أو إلى تنامي النفوذ السياسي أو إلى القوة الاقتصادية، فإن هذه العوامل لا تقود أية عائلة أو عصابة إلى سدة الحكم والقرار إلا بقدر ضعف أو تفتت رابطة الصفوة أو رابطة المجتمع والأمة.
حينها تختفي أو تضمحل القوة المعنوية الضاغطة على الروابط والإغراءات الفئوية وتصعد إحدى العائلات أو العصابات فوق الأمة.
وبدلاً من المعايير الذاتية والموضوعية التي تدفع رابطة الصفوة أو رابطة الأمة باتجاهها، فإنه يظهر المعيار الفئوي وغير الموضوعي الذي ينتجه حكم العائلات والعصابات السياسية، وهو معيار الانتماء إلى العائلة أو العصابة الحاكمة.
وبما أنه لا يمكن الاستمرار في الحكم إلا على حساب بقية فئات المجتمع، فإن الإنجاز العائلي أو الانقلابي في القبض على الأمة يفتح بوابات صناعة أو ترسيخ المكانة الاجتماعية والنفوذ السياسي والقوة الاقتصادية للعائلة أو العصابة الحاكمة، وتوظف المنابر والأجهزة لخدمة صور أو ادعاءات التميز وممارسات الاستئثار والوصاية.
وفي حين أن الرابطة العائلية تسمح بتوسيع دائرة القبول الاجتماعي على نحو قد لا يدعو إلى الإسراف في استخدام القوة الأمنية أو التمكين لأهلها، فإن روابط العصابات السياسية لا تكاد تعرف غير القوة الأمنية.
وبتجذر هذين النمطين من أنماط الحكم تزداد عوائق وصعوبات نشوء قوة جمعية قادرة على استعادة ولاية الأمة، فذلك يتطلب إعادة بناء الهوية الجمعية والرؤية الثقافية على نحو يسمح بأن تكون رابطة الأمة هي المصدر الوحيد للمشروعية السياسية.
ولكي يحدث ذلك، فإن مكانة قيم الشورى والحرية والعدالة والمساواة يجب أن تصعد إلى الحد الذي يكفي لإشعار الأمة بولايتها وحقوقها السياسية المغتصبة أو المصادرة من قبل العائلات والعصابات السياسية.
لن يشعر الناس بحجم ومقدار الاستقامة أو الانحراف السياسي الذي يعيشونه إلا بمقدار إدراكهم لقوانين عالم السياسة.
وحين يدركون بأن الشورى والحرية والعدالة والمساواة لا يمكن أن تتحقق على المستوى السياسي إلا على أرضية ولاية الأمة أو ولاية صفوتها، وأن الانتقال إلى ولاية العائلات والعصابات السياسية هو بمثابة انقلاب على قيم الشورى والحرية والعدالة والمساواة وتعطيل لفرص تحققها في الميدان السياسي وفتح لبوابات وسنن الاستعباد والاسترقاق السياسي، فإنه يمكنهم استشعار حجم ومقدار الاستقامة أو الانحراف السياسي الذي يعيشونه.
لن يكون أمر الناس شورى بينهم، ولن تسري قواعد العدالة والمساءلة والمحاسبة على الحكام ومن يرتبط بهم، ولن تنتقل السياسة إلى عالم المباحات، إلا إذا كانت الولاية بيد الأمة عبر ممثليها.
لا شك أن ضعف الوعي السياسي يسهم في حجب هذه القوانين عن وعي الكثير من الناس.
ومما يساعد على حجبها أيضاً أن المراحل التي تتحقق خلالها ولاية الأمة أو ولاية صفوتها قد تشهد الكثير من الأزمات والصدامات، كما هو الحال خلال النصف الثاني من عهد الخلافة الراشدة. وبالمقابل، فإن المراحل التي تتحقق خلالها ولاية العائلة قد تشهد بعض صور الاستقرار والهدوء والتميز الفردي لبعض الحكام والإنجازات الكبرى للأمة، كما هو الحال في العهدين الأموي والعباسي.
والواقع أن ولاية الأمة أو ولاية صفوتها قد تشهد كل صور الأزمات والصدامات، خصوصاً وأن جو الشورى يسمح بطبعه بالحراك والاجتهاد والاختلاف والتنافس السياسي.
ومهما بلغت الانقسامات والأزمات والصدامات، فإنها تظل وقتية وعارضة وقابلة للحل والتخطي والتجاوز طالما أن ولاية الأمة لم تصادر، كما أن بعضها قد تعـود إلى أسباب عامة أو أحداث استثنائية لا فضل ولا ذنب للحكام فيها، وبعضها قد تعود إلى الأزمة التي تمر بها رابطة الصفوة أو إلى الرابطة العائلية وتبعات تسللها إلى الميدان السياسي.
وفي موازاة ذلك، فإن الاستقرار والهدوء والتميز والإنجازات التي قد يشهدها حكم العائلات والعصابات السياسية قد تعود إلى نبل الأمة وترفعها عن القتال والصراع من أجل المواقع السياسية، وقد تعود إلى القمع والكبت الذي تمارسه العائلات والعصابات السياسية، وقد تعود إلى عدم فقدان آمال الإصلاح المستقبلي، وقد تعود إلى تميز شخصي لبعض الحكام الذي ينجحون في التحرر من أسر بعض سنن حكم التغلب فيرتقون بالأداء مرحلياً دون أن ينجحوا في كسر أطواقه على المدى الطويل، وقد تعود إلى القوة الحضارية للأمة وعدم نجاح الانحراف السياسي في تعطيل جوانب قوتها في الميادين الأخرى.
وفي الحالتين، فإن مبدأ ولاية الأمة يظل طريق تحريرها سياسياً مهما صاحبه من أزمات وعوائق وصعوبات مرحلية، ومبدأ ولاية العائلة أو العصابة يظل طريق استرقاقها واستعبادها سياسياً مهما صاحبه من إنجازات ونجاحات وقتية.
في عالم الشورى تنفتح أبواب الوعي بأن الطموح السياسي فطري ومشروع وضروري وسنة من سنن الله في خلقه، بل إنه غالباً ما يزيد كلما علت مكانة الأشخاص وإمكاناتهم وقدراتهم ومواهبهم في مجال القيادة والحكم، ومن لا يرغب في الحكم فهو في الغالب لا يصلح له.
والساحة السياسية هي ساحة الاجتهاد الضروري الذي لا يكاد يتناهى وساحة التعددية والتنافس السلمي مع الآخرين.
ومن هنا فقد شرعت قيمة الشورى، لأنها تسمح بتحقيق الطموح السياسي وإشباعه واستنهاضه وفتح الفرص أمامه، وتسمح بالاجتهاد وتدفع باتجاهه، وتسمح بالتعددية والتنافس السلمي، وتجعل الولاية السياسية من حق الأمة ومن واجبها. وإذا أصبحت الولاية بيد الأمة فإن من شأن ذلك أن يؤدي إلى امتلاك القدرة على تأطير كل الدوافع والجهود والاختلافات والصراعات السلمية والعمل على توجيهها نحو خدمة الأمة.
وفي مقابل ذلك، فإن إلغاء الشورى وهدم ولاية الأمة لا يؤدي إلى إلغاء الطموح السياسي، بل يؤدي إلى كبته وقمعه وحرمان الأمة من القياديين الأكفاء والدفع إما باتجـاه الرضوخ والسكوت والرهبة أو الوصولية والنفاق والارتزاق أو الصدام الدموي والخروج المسلح.
والواقع أنه لا بد من الانطلاق من موقف مبدئي ضد اغتصاب أمر الأمة وتوريثه إلى الأبناء والأقارب والرفاق كما يتم توريث الأموال والمقتنيات والممتلكات الخاصة. وما لم يوجد مثل هذا الموقف المبدئي فإن بالإمكان مسخ الشورى والطعن في ولاية لأمة والتشكيك فيهما وفي صلاحيتهما وتبرير التغلب وتجميله والدفاع عنه وإيجاد الكثير من الحجج والذرائع لأهله.
إن مجرد فقدان الموقف المبدئي لصالح ولاية الأمة وضد التغلب واغتصاب الحكم أو الاستئثار به يؤكد وجود أزمة كبرى في فهم الشريعة وسُنن الخلافة الراشدة وقوانين عالم السياسة ودورات النهوض والانحدار.
ومهما تحدث المرء عن الشريعة أو العدل أو الحقوق والواجبات أو غيرها من القضايا والهموم الدنيوية الكبرى، فإن المهم هو المدخل والبوابة، فولاية الأمة تقود إلى قوانين وسنن شديدة الاختلاف عن قوانين وسنن التغلب.
وبما أن التغلب هو الطريق السهل والأولي والتلقائي الذي لا يمكن الانفصال عنه باتجاه ولاية الأمة إلا عبر تغييرات ثقافية واقتصادية واجتماعية واسعة وعديدة ومصادمة للسائد والتلقائي والأولي، فإن حياة الناس وأوضاعهم ستكون شديدة الالتصاق بقوانين وسنن التغلب.
وإذا هيمن المتغلبون، فإن أيديهم ستمتد إلى شؤون الفقه والفكر والثقافة، ومن الصعب أن يصبح اغتصاب أمر الأمة وتعطيل الشورى والنيل من قيم العدل والحرية مثار بحث عميق أو محل طرح جماهيري أو مبرراً شائعاً للتغيير السياسي أو مؤشراً أكبر للخروج على المنهج الشرعي، بل ستشيع مفاهيم أخرى قابلة للتوظيف لمصلحة الاستبداد وأهله مثل الطاعة والمصلحة والفتنة أو مقولات تتعلق بالشأن العقائدي مثل مقولة الكفر البواح.
هذه المفاهيم والمقولات تؤدي ضمناً إلى ’’ شرعنة ’’ الاستبداد، فهي إما مفاهيم توظف في غير سياقها وبغير ضوابطها التي لا تجعلها ضد الشورى وضد ولاية الأمة، أو أنها مقولات ترتبط بعالم العقيدة وتنصرف إلى عقيدة الفرد الحاكم وسلوكه الشخصي بأكثر مما تنصرف إلى حال النظام السياسي وقوانينه وطبيعة القيم التي تحكمه.
وكل صور الظلم ونهب المال العام والقمع والإذلال وإفقار المجتمع وإدخاله في كل ألوان الكوارث الدنيوية ليست من الكفر البواح ولن تظهر بصورتها الحقيقية أو تأخذ وزنها الذي تستحقه ضمن بيئة يهيمن فيها حكام التغلب على شؤون التشريع والتنفيذ والقضاء وعلى منابر الفقه والفكر والإعلام والثقافة.
وبما أن التغلب هو الطريق الأولي والسهل والتلقائي للحكم والأداء السياسي، وأن سنن الاستبداد هي من لـوازم حكم العائلات والعصابات السياسية، فإن تأسيس المشروعية السياسية على غير مبدأ ولاية الأمة يؤدي ضمناً إلى ’’شرعنة’’ الاستبداد وتوفير فرص تبريره والدفاع عنه وتوظيف الفقه الديني لصالحه، فضلاً عن أنه لا أحد في ظل حكم التغلب يستطيع أن ينسب الكفر إلى الحاكم إلا في إطار الصدام والخروج المسلح.
وإذا حدث ذلك، فإن الناس سيدورون بين الخضوع للسيف أو الدبابة وبين الخروج بالسيف أو الدبابة، أي أنهم سيدورون في حلقة مفرغة من العنف وستظل قضية ولاية الأمة خارج دائرة الوعي والاهتمام والفعل والتأثير.
أما إذا تم بناء المشروعية السياسية على مبدأ ولاية الأمة، فسيتم إغلاق بوابة اغتصاب أمر الأمة أو جعل مقاومة المغتصبين في مقدمة أهداف وغايات التغيير السياسي، وبذلك يمكن توجيه الجهود السياسية باتجاه تحقيق أو استعادة ولاية الأمة، ولن يكون بإمكان الحاكم المزاوجة بين الاستبداد وبين المشروعية الدينية.
وإذا كان هذا هو حال قوانين ولاية الأمة في مقابل ولاية المتغلبين من المنظور السياسي، فكيف هو الحال من المنظور الشرعي؟ سنتناول هذا الجانب في حلقة قادمة بمشية الله..يتبع.