إبراهيم الخليفة / باحث سياسي
هذه هي بعض أهم ملامح الاتفاق بين حاكم بلاد الواق واق وشعبه حول الشريعة التي طبقوها. ورغم أن القصة تبدو خيالية إلى أبعد الحدود، فإن التبني السياسي والتحصين الثقافي الذي أحيطت به سمح بتجسيدها والدفاع عنها وإشاعتها والمزايدة على بقية البلدان حول ادعاء تطبيق الشريعة. ولا غرابة في ذلك، فأرض الواق واق هي أرض العجائب،
من القصص الخيالية التي تروى عن حاكم بلاد الواق واق، أنه تفاوض مع شعبه الطيب والبسيط على تطبيق الشريعة، واتفقوا على تغييب وتحجيم كل ما يقيد الحاكم ومن يرتبط به واستدعاء وتضخيم كل ما يقيد الشعب، فأنتجوا في النهاية شريعة بلا أهم ما في الشريعة من المبادئ والقيم الكبرى الحاكمة للسياسة، وفي مقدمتها مبدأ ولاية الأمة وقيم الشورى والعدل.
طبقوا الاتفاق على فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فوجهوه نحو أبناء المجتمع، ووصلوا به إلى أقصى الحدود المتصورة حتى في مواجهة الكثير من القضايا التي تحتمل الاجتهاد والاختلاف، بينما اتفقوا على استثناء أهل الحكم والسياسة وطبقة السادة والكبراء من تطبيق فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر السياسي والاقتصادي والأخلاقي.
الأمر الذي أدى في النهاية إلى تشكيل ثقافة متوجسة من المجتمع وخادمة للسلطة المطلقة. وتم احتساب هذا التوظيف شبه المقلوب لقضايا المعروف والمنكر ضمن حسنات أهل السياسة ومزاياهم وصور نصرتهم للدين.
طبقوا الاتفاق على قاعدة مراعاة المصلحة ودرء الفتنة، فتم تحويلها من دائرة العلاقة بأمة المسلمين إلى دائرة العلاقة بالحاكم. وإعمالاً لهذه القاعدة، أصبحوا يحتجون بالمصلحة ودرء الفتنة في كل ما يتعلق بالحكام، حتى في مواجهة أبسط التعبيرات أو الأنشطة السياسية المباحة شرعاً وعقلاً، بينما لا ضرورة للاهتمام كثيراً بالمصالح والفتن المتعلقة بالأمة.
طبقوا الاتفاق على عالم السياسة، فألغوا قيمة الشورى وهمشوا قيمة العدل، إلا في مواجهة العامة، وأحاطوا قيمة الحرية بالكثير من دواعي الارتياب والتوجس. وفي مقابل ذلك اتفقوا على أهمية العقوبات ومكانتها الكبرى.
ولكنهم انسجاماً مع المنطلق التأسيسي حول استثناء السادة والكبراء، فإن العقوبات وجهت نحو أبناء المجتمع، واتسعت دائرتها المتعلقة بمظاهر أو نوايا الخروج على ’’ولي الأمر’’، أو إثارة ما يدعو إلى الفتنة أو حتى تقديم النصائح المكتوبة، أما علية القوم ومن يرتبط بهم فقد تم الاتفاق على تحصينهم ضد العقوبات، بل ومعاقبة من يجرؤ على اتهامهم أو التعريض بهم أو المساس بمكانتهم السامية.
ورغم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأن من بين ما أهلك الأمم السابقة، أنهم يطبقون الحد على الضعيف ويتركون الشريف، فإن أهل بلاد الواق واق ينظرون إلى تطبيقهم للعقوبات باعتباره مفخرة وعلامة كبرى من علامات إتباع الشريعة وملمحاً تنفرد به أرضهم عن بقية البلدان.
في العلاقات الخارجية، اتفقوا على حرية أبناء المجتمع في معاداة أعداء المسلمين والمحتلين لأراضيهم، واتفقوا أيضاً على استثناء أهل الحكم والسياسة، فلهم أن يقيموا أقوى العلاقات مع بعض أعداء المسلمين ومع بعض المحتلين، ولهم أن يقيموا التحالفات معهم وأن يتفانوا في خدمتهم ورعاية مصالحهم.
في موضوع الدفاع عن أرض بلاد الواق واق، اتفقوا على أهمية عدم التعويل على أبناء الوطن في تحقيق هذه المهمة، وإمكانية الاعتماد على بعض القوى الكبرى غير المسلمة لحماية البلاد ضد أخطار عدوان بقية المسلمين.
وبما أن الفكر السياسي شهد تطورات ونقلات كبرى باتجاه تحقيق وترسيخ وتطوير ولاية الأمة واستعادة مكانة قيم الشورى والعدل والحرية، فقد اتفقوا على مد مفهوم البدعة بحيث يشمل التجديد المتعلق بالحياة الدنيوية، وذلك لإيجاد حاجز وجداني ومعرفي واسع في وجه كل صور التغيير السياسي.
اتفق الجميع على ضرورة أن لا يكون حكم التغلب بتلك المشروعية القلقة التي كان عليها منذ عهد بني أمية، وأن الاستقلال عن حكام التغلب ليس مطلباً أو خصلة إيجابية، فهم الحلفاء والناصرون لدين الله.
اتفق الجميع على إشاعة ثقافة المُلك وإهمال أو تحجيم الأحاديث المتعلقة بالانحراف السياسي الذي حدث منذ عهد بني أمية، وعدم تطبيق مفهوم البدعة عليه، والنظر إلى قضايا الشورى والاختيار التي حدثت في عهد الخلفاء الراشدين على أنها توجهات مثالية لا يمكن تطبيقها.
واتفق الجميع على أنه حتى وإن أصبحت بلاد الواق واق ضمن قائمة الدول الأكثر فساداً من الناحية المالية والإدارية، فإنه لا ينبغي الاهتمام بهذا الجانب، فهو من نتائج غياب قيم الشورى والعدالة والمحاسبة والمساءلة وحرمة المال العام. وهذه أمور ’’ثانوية وهامشية’’، إذ المهم هو تطبيق الشريعة على عامة أبناء المجتمع الذين هم مصدر كل الشرور والأخطار والفساد.
اتفق الجميع أيضاً على السماح بمصادرة الهوية الوطنية لمصلحة الحاكم. كما اتفقوا على تهيئة فرص نشوء ثقافة جماهيرية تنظر إلى أرض بلاد الواق واق على أنها أرض للحاكم وعائلته، وأن تمتد أيديهم إلى معظم المناصب والأنشطة، وذلك على نحو يعزز مساحة نفوذهم وفرص تفوقهم على بقية أثرياء الأرض وزيادة دواعي احترامهم والثناء عليهم والإشادة بهم وبمنحهم ومكرماتهم.
هذه هي بعض أهم ملامح الاتفاق بين حاكم بلاد الواق واق وشعبه حول الشريعة التي طبقوها. ورغم أن القصة تبدو خيالية إلى أبعد الحدود، فإن التبني السياسي والتحصين الثقافي الذي أحيطت به سمح بتجسيدها والدفاع عنها وإشاعتها والمزايدة على بقية البلدان حول ادعاء تطبيق الشريعة. ولا غرابة في ذلك، فأرض الواق واق هي أرض العجائب، أعاذنا الله من شر الفتن ما ظهر منها وما بطن.
*العصر
هذه هي بعض أهم ملامح الاتفاق بين حاكم بلاد الواق واق وشعبه حول الشريعة التي طبقوها. ورغم أن القصة تبدو خيالية إلى أبعد الحدود، فإن التبني السياسي والتحصين الثقافي الذي أحيطت به سمح بتجسيدها والدفاع عنها وإشاعتها والمزايدة على بقية البلدان حول ادعاء تطبيق الشريعة. ولا غرابة في ذلك، فأرض الواق واق هي أرض العجائب،
من القصص الخيالية التي تروى عن حاكم بلاد الواق واق، أنه تفاوض مع شعبه الطيب والبسيط على تطبيق الشريعة، واتفقوا على تغييب وتحجيم كل ما يقيد الحاكم ومن يرتبط به واستدعاء وتضخيم كل ما يقيد الشعب، فأنتجوا في النهاية شريعة بلا أهم ما في الشريعة من المبادئ والقيم الكبرى الحاكمة للسياسة، وفي مقدمتها مبدأ ولاية الأمة وقيم الشورى والعدل.
طبقوا الاتفاق على فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فوجهوه نحو أبناء المجتمع، ووصلوا به إلى أقصى الحدود المتصورة حتى في مواجهة الكثير من القضايا التي تحتمل الاجتهاد والاختلاف، بينما اتفقوا على استثناء أهل الحكم والسياسة وطبقة السادة والكبراء من تطبيق فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر السياسي والاقتصادي والأخلاقي.
الأمر الذي أدى في النهاية إلى تشكيل ثقافة متوجسة من المجتمع وخادمة للسلطة المطلقة. وتم احتساب هذا التوظيف شبه المقلوب لقضايا المعروف والمنكر ضمن حسنات أهل السياسة ومزاياهم وصور نصرتهم للدين.
طبقوا الاتفاق على قاعدة مراعاة المصلحة ودرء الفتنة، فتم تحويلها من دائرة العلاقة بأمة المسلمين إلى دائرة العلاقة بالحاكم. وإعمالاً لهذه القاعدة، أصبحوا يحتجون بالمصلحة ودرء الفتنة في كل ما يتعلق بالحكام، حتى في مواجهة أبسط التعبيرات أو الأنشطة السياسية المباحة شرعاً وعقلاً، بينما لا ضرورة للاهتمام كثيراً بالمصالح والفتن المتعلقة بالأمة.
طبقوا الاتفاق على عالم السياسة، فألغوا قيمة الشورى وهمشوا قيمة العدل، إلا في مواجهة العامة، وأحاطوا قيمة الحرية بالكثير من دواعي الارتياب والتوجس. وفي مقابل ذلك اتفقوا على أهمية العقوبات ومكانتها الكبرى.
ولكنهم انسجاماً مع المنطلق التأسيسي حول استثناء السادة والكبراء، فإن العقوبات وجهت نحو أبناء المجتمع، واتسعت دائرتها المتعلقة بمظاهر أو نوايا الخروج على ’’ولي الأمر’’، أو إثارة ما يدعو إلى الفتنة أو حتى تقديم النصائح المكتوبة، أما علية القوم ومن يرتبط بهم فقد تم الاتفاق على تحصينهم ضد العقوبات، بل ومعاقبة من يجرؤ على اتهامهم أو التعريض بهم أو المساس بمكانتهم السامية.
ورغم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأن من بين ما أهلك الأمم السابقة، أنهم يطبقون الحد على الضعيف ويتركون الشريف، فإن أهل بلاد الواق واق ينظرون إلى تطبيقهم للعقوبات باعتباره مفخرة وعلامة كبرى من علامات إتباع الشريعة وملمحاً تنفرد به أرضهم عن بقية البلدان.
في العلاقات الخارجية، اتفقوا على حرية أبناء المجتمع في معاداة أعداء المسلمين والمحتلين لأراضيهم، واتفقوا أيضاً على استثناء أهل الحكم والسياسة، فلهم أن يقيموا أقوى العلاقات مع بعض أعداء المسلمين ومع بعض المحتلين، ولهم أن يقيموا التحالفات معهم وأن يتفانوا في خدمتهم ورعاية مصالحهم.
في موضوع الدفاع عن أرض بلاد الواق واق، اتفقوا على أهمية عدم التعويل على أبناء الوطن في تحقيق هذه المهمة، وإمكانية الاعتماد على بعض القوى الكبرى غير المسلمة لحماية البلاد ضد أخطار عدوان بقية المسلمين.
وبما أن الفكر السياسي شهد تطورات ونقلات كبرى باتجاه تحقيق وترسيخ وتطوير ولاية الأمة واستعادة مكانة قيم الشورى والعدل والحرية، فقد اتفقوا على مد مفهوم البدعة بحيث يشمل التجديد المتعلق بالحياة الدنيوية، وذلك لإيجاد حاجز وجداني ومعرفي واسع في وجه كل صور التغيير السياسي.
اتفق الجميع على ضرورة أن لا يكون حكم التغلب بتلك المشروعية القلقة التي كان عليها منذ عهد بني أمية، وأن الاستقلال عن حكام التغلب ليس مطلباً أو خصلة إيجابية، فهم الحلفاء والناصرون لدين الله.
اتفق الجميع على إشاعة ثقافة المُلك وإهمال أو تحجيم الأحاديث المتعلقة بالانحراف السياسي الذي حدث منذ عهد بني أمية، وعدم تطبيق مفهوم البدعة عليه، والنظر إلى قضايا الشورى والاختيار التي حدثت في عهد الخلفاء الراشدين على أنها توجهات مثالية لا يمكن تطبيقها.
واتفق الجميع على أنه حتى وإن أصبحت بلاد الواق واق ضمن قائمة الدول الأكثر فساداً من الناحية المالية والإدارية، فإنه لا ينبغي الاهتمام بهذا الجانب، فهو من نتائج غياب قيم الشورى والعدالة والمحاسبة والمساءلة وحرمة المال العام. وهذه أمور ’’ثانوية وهامشية’’، إذ المهم هو تطبيق الشريعة على عامة أبناء المجتمع الذين هم مصدر كل الشرور والأخطار والفساد.
اتفق الجميع أيضاً على السماح بمصادرة الهوية الوطنية لمصلحة الحاكم. كما اتفقوا على تهيئة فرص نشوء ثقافة جماهيرية تنظر إلى أرض بلاد الواق واق على أنها أرض للحاكم وعائلته، وأن تمتد أيديهم إلى معظم المناصب والأنشطة، وذلك على نحو يعزز مساحة نفوذهم وفرص تفوقهم على بقية أثرياء الأرض وزيادة دواعي احترامهم والثناء عليهم والإشادة بهم وبمنحهم ومكرماتهم.
هذه هي بعض أهم ملامح الاتفاق بين حاكم بلاد الواق واق وشعبه حول الشريعة التي طبقوها. ورغم أن القصة تبدو خيالية إلى أبعد الحدود، فإن التبني السياسي والتحصين الثقافي الذي أحيطت به سمح بتجسيدها والدفاع عنها وإشاعتها والمزايدة على بقية البلدان حول ادعاء تطبيق الشريعة. ولا غرابة في ذلك، فأرض الواق واق هي أرض العجائب، أعاذنا الله من شر الفتن ما ظهر منها وما بطن.
*العصر