حقوق الإنسان: أم كلام للجماعة يا دولة!
د. محمد الأحمري
فهل فعلا أمرت واشنطن بتحقيق حقوق للإنسان؟ أم أنه الخطاب النفاقي القديم، ظاهره فيه المطالبة وباطنه إلحاح بسجن الأحرار وإبادة المعارضة، وترهيب من يشوه وجه الاحتلال القبيح، وإسكات كل من يطاب بحقوق الإنسان، وإلحاق المطالبين بالحقوق بجماعات الإرهاب؟ أمريكا لا تطالب المستعمرات بل تأمر فيخر لها الأتباع سجدا لا يلوون على شيء، وتهمس من بعيد فينفذ ما تريد، فهل تحب أن تصمّ الآذان بحيلة الكلام عن حقوق الإنسان، أليست دعوات حقوق الإنسان تحرج المحتل فيقوم بزيارات شكلية ورفع عتب ومجاملات كذب وتسكين إعلامي؟ فالحكومات المحتلة من الضروري لها سيادة الصمت في المستعمرات، وبقاء نهر تمويل حروبها بمال النفط متدفقا لا ينضب والإمبراطوريات تسقط ما لم تمول حروبها من المستعمرات، ونهر الذهب هذا يجرف كل حقوق الإنسان، فضلا عن الطموح لأي إصلاح.
كان إمام مسجد غامدي يعظ جماعته في المسجد، وكانت البيوت قديما متلاصقة بجوار المساجد، زوجته كانت تستمع من طاقة قريبة لموعظته عن الصدقة وعظيم ثوابها، فتأثرت بخطبته وبحديث ’’اتق النار ولو بشق تمرة’’، وكانت قد أعدت قرصاً للعشاء، فأخذت القرص وأعطته لجيران لها معدمين تعلم حاجتهم. عاد الإمام من مسجده، وطلب العشاء فقالت له سمعت كلامك فأعطيت جيراننا القرص، فقال لها الكلام للجماعة يا دولة، الكلام للجماعة يا دولة. [اسم زوجته دولة، وهو اسم منتشر في الحجاز إلى اليوم، سميت به إحدى الصحابيات].
قديماً اشتهرت قصة كيسنجر مع بينوشيه، الديكتاتور الفاسد الذي صُنع للأمريكان أو صنعوا له انقلاباً في تشيلي ضد حاكم ديمقراطي منتخب وكان لا بد لأمريكا أن تُسقط الرئيس المنتخب لأنه كان يسارياً، ولم يكن في البلاد من عملائها من ينافسه، فكلفت بينوشيه بالانقلاب وأقام مجازره البشعة وأكمل شروط عبوديته، فضج الناس من جرائمه غير الإنسانية، فلم يكتف بأن أهان بلاده وأعادها للحكم الفردي مستعمرة تابعة، بل قتل أكثر من ثلاثة آلاف سوى من سجن وشرد ممن أنكروا عمالته وفساده، فثارت استنكارات في العالم على الفاسد المعيّن من واشنطن وتعالت الأصوات منادية بحقوق الإنسان، وزادت سمعة أمريكا سوءا، وتنادى بعض من بقي فيهم مروءة وشجاعة مع جهات الضغط وحقوق الإنسان للتخفيف من شر الديكتاتور!
ولما أًحرجت الحكومة الأمريكية بعثت اليهودي الماكر كيسنجر إلى تشيلي، ليصنع تمثيلية حقوق إنسان، فخطب في البرلمان بكلام صعب ضد بينوشيه وقمعه للمعارضة، كان المتربع على العرش الموهوب يسمع خطبة كيسنجر ضده، ثم خرج كيسنجر من ’’برلمان بينوشيه إلى قصر بينوشيه’’، كان الحاكم الصوري يرتعد خوفا من التغيّر في لهجة السيد واهب المنصب، تساءل بينوشيه! ما الذي حدث يا كيسنجر وأنتم من صاغ وأمر وأيّد القمع والإبادة فماذا خالف به وكيلكم من تعاليمكم؟
فطمأنه كيسنجر، وبين له أن جاء يعلن استنكاره من أجل بعض رجال الكونجرس وجماعات الضغط والإعلام وجماعات حقوق الإنسان وسمعة أمريكا، وأيد مضيه لما هو فيه، فالكلام كان للجماعة يا بينوشيه! فالكونجرس والجماعات يمكن استرضاؤهم بكلمة أو بيان أو عتاب، فكيف بزيارة! ويخرج الديكتاتور واثقا متظاهرا كأنه تحدي مطالب أمريكا له ويفعل ما يشاء للسيادة الوطنية! يا لمجد التابعين!
حقوق الإنسان في الغرب منها عمل حقيقي، وبعضها سوط احتلال، وبعضها زينة كما في لجان الحكومات المتخلفة، فالمخلصون منهم لهم شفقة على الإنسان، غير أن بعضهم قد تكون الحيوانات الإفريقية أهم عندهم من الإنسان في المستعمرات، حيث لا قيمة له، هناك مقطع بالصوت والصورة للكاتبة الشهيرة ’’سامنثا بور’’، ذكر أنها من اليساريين المتعاطفين مع الإنسان، وقد دخلت هي وزوجها البيت الأبيض، ونرجو أن تساهم في رؤية الإنسان العربي المقموع، وأن يعطفوا عليه، لغير مصلحة الاحتلال، ’’سامنثا’’ تقول: نشرت نيويورك تايمز 21 أبريل 1994م في داخل الجريدة بخط صغير خبرا عن المذبحة التي تديرها حكومة راوندا وأطراف أخرى، فاتصل الناشطون الإنسانيون بالكونجرس، واجتمعوا بالسيدة بتريشا شرودر عضو الكونجرس من كلورادو، وسألوها عن صمت الحكومة والكونجرس وعدم إدانتهم للمذبح وإبادة ثلاثمائة ألف أين أمريكا من الإبادة وهل يطالب الناس بالتدخل؟ ردت عليهم بأن نعم تلقى مكتبها في واشنطن وكلورادو مئات ومئات المكالمات كلها مطالبات ولكن كانت الاتصالات والضغط لإنقاذ عدد من حيوانات الغوريلا الراوندية المعرضة للإبادة!
كان جوابا مريعا حقا، فالقرود يجب إنقاذها بسبب وجود مهتمين بها، أما ثلث مليون من البشر فلا يساوون الغوريلا، كانت ’’سامنثا’’ وأنصارها ممن تذكروا الإنسان في بحر الاهتمام بحقوق الحيوان، وبدأت موجة لحقوق إنسان وبعد إبادة الملايين.
حركة حقوق الإنسان كثيرا ما كانت سلاحا بأيدي المستعمرين، وقد يسقطون حاكما ويحتلون بلدا باسم حقوق الإنسان، ولو لم يفعل الحاكم شيئا، ويؤيدونه لو أباد الملايين إن أوفاهم طلبهم من الغنيمة.
وهي وسيلة لابتزاز سياسي ومالي، ولولاء فكري أو انتماء حزبي، فمن لم يكن له علاقة وثيقة بالغرب ولا بالأحزاب النافذة فليس له في سجل الإنسان مكان، ونحن نجد اليسار نشطا ومؤثرا وله دور مشكور في حقوق الإنسان، وهو قادر أحيانا أن يستنقذ بعض مساجينه من خلال جمعيات حقوق الإنسان، ومنذ زمن يسير طالب الناشط في حقوق الإنسان الدكتور هيثم مناع بالإفراج عن مساجين في بلد عربي، فاتصلت به السفارة تقول: ’’قد أفرجنا عن ربعك، فما الذي يخصك من المساجين الإسلاميين’’!
تعدو الذئاب على من لا كلاب له *** وتتقي حوزة المستثفر الحامي
المساجين من الإسلاميين في العالم الآن أسوأ حالا من الأيتام على موائد اللئام، فليسوا عملاء لأمريكا فتطلقهم، وتهبهم مناصب فوق مناصب الحكام، وليس لهم ولي فقيه يشفع فيهم، ولا يترددون على السفارات، ولا يكتبون تقارير، ولا يتاجرون بعصمة ولي أمر المؤمنين، ليس لديهم نفط ولا فودكا ولا نساء يتسلقون بهن للأعالي، بل أصبح الإسلاميون يتقرب بهم الأذلة زلفى لسادتهم، ويباعون في سوق الإرهاب، فكلما خشي مستبد على نفسه قال للغرب يا للهول!! هنا خلية نائمة وأخرى قائمة، وثالثة تنتظر وقد قتلت لكم إرهابيا، وسجنت لكم ألفا، وهاتوا طائراتكم بدون طيار لتطارد وتقتل المعارضة ’’الإرهابية’’!!
هيّج القول هنا جولة لأهل حقوق الإنسان في عالم العرب السجين، حيث لا غوريلا تشفع بالتدخل، ولا إنسان يهمس بمظلمته، هنا تعلو قواعد المصالح الاستعمارية فهي أقوى وأعلى صوتا وفعلا من كل ثقافة لحقوق الإنسان، وبرميل نفط أغلى من ألف سجين سياسي، وتمويل الحروب الاستعمارية أقدس من كل الشعوب المستضعفة.
فهل فعلا أمرت واشنطن بتحقيق حقوق للإنسان؟ أم أنه الخطاب النفاقي القديم، ظاهره فيه المطالبة وباطنه إلحاح بسجن الأحرار وإبادة المعارضة، وترهيب من يشوه وجه الاحتلال القبيح، وإسكات كل من يطاب بحقوق الإنسان، وإلحاق المطالبين بالحقوق بجماعات الإرهاب؟
أمريكا لا تطالب المستعمرات بل تأمر فيخر لها الأتباع سجدا لا يلوون على شيء، وتهمس من بعيد فينفذ ما تريد، فهل تحب أن تصمّ الآذان بحيلة الكلام عن حقوق الإنسان، أليست دعوات حقوق الإنسان تحرج المحتل فيقوم بزيارات شكلية ورفع عتب ومجاملات كذب وتسكين إعلامي؟
فالحكومات المحتلة من الضروري لها سيادة الصمت في المستعمرات، وبقاء نهر تمويل حروبها بمال النفط متدفقا لا ينضب والإمبراطوريات تسقط ما لم تمول حروبها من المستعمرات، ونهر الذهب هذا يجرف كل حقوق الإنسان، فضلا عن الطموح لأي إصلاح.
إني أشك أن تحيا ضمائر المستعمرين، فالناس في المستعمرات من فصيلة أدنى من الغوريلا!
*العصر
د. محمد الأحمري
فهل فعلا أمرت واشنطن بتحقيق حقوق للإنسان؟ أم أنه الخطاب النفاقي القديم، ظاهره فيه المطالبة وباطنه إلحاح بسجن الأحرار وإبادة المعارضة، وترهيب من يشوه وجه الاحتلال القبيح، وإسكات كل من يطاب بحقوق الإنسان، وإلحاق المطالبين بالحقوق بجماعات الإرهاب؟ أمريكا لا تطالب المستعمرات بل تأمر فيخر لها الأتباع سجدا لا يلوون على شيء، وتهمس من بعيد فينفذ ما تريد، فهل تحب أن تصمّ الآذان بحيلة الكلام عن حقوق الإنسان، أليست دعوات حقوق الإنسان تحرج المحتل فيقوم بزيارات شكلية ورفع عتب ومجاملات كذب وتسكين إعلامي؟ فالحكومات المحتلة من الضروري لها سيادة الصمت في المستعمرات، وبقاء نهر تمويل حروبها بمال النفط متدفقا لا ينضب والإمبراطوريات تسقط ما لم تمول حروبها من المستعمرات، ونهر الذهب هذا يجرف كل حقوق الإنسان، فضلا عن الطموح لأي إصلاح.
كان إمام مسجد غامدي يعظ جماعته في المسجد، وكانت البيوت قديما متلاصقة بجوار المساجد، زوجته كانت تستمع من طاقة قريبة لموعظته عن الصدقة وعظيم ثوابها، فتأثرت بخطبته وبحديث ’’اتق النار ولو بشق تمرة’’، وكانت قد أعدت قرصاً للعشاء، فأخذت القرص وأعطته لجيران لها معدمين تعلم حاجتهم. عاد الإمام من مسجده، وطلب العشاء فقالت له سمعت كلامك فأعطيت جيراننا القرص، فقال لها الكلام للجماعة يا دولة، الكلام للجماعة يا دولة. [اسم زوجته دولة، وهو اسم منتشر في الحجاز إلى اليوم، سميت به إحدى الصحابيات].
قديماً اشتهرت قصة كيسنجر مع بينوشيه، الديكتاتور الفاسد الذي صُنع للأمريكان أو صنعوا له انقلاباً في تشيلي ضد حاكم ديمقراطي منتخب وكان لا بد لأمريكا أن تُسقط الرئيس المنتخب لأنه كان يسارياً، ولم يكن في البلاد من عملائها من ينافسه، فكلفت بينوشيه بالانقلاب وأقام مجازره البشعة وأكمل شروط عبوديته، فضج الناس من جرائمه غير الإنسانية، فلم يكتف بأن أهان بلاده وأعادها للحكم الفردي مستعمرة تابعة، بل قتل أكثر من ثلاثة آلاف سوى من سجن وشرد ممن أنكروا عمالته وفساده، فثارت استنكارات في العالم على الفاسد المعيّن من واشنطن وتعالت الأصوات منادية بحقوق الإنسان، وزادت سمعة أمريكا سوءا، وتنادى بعض من بقي فيهم مروءة وشجاعة مع جهات الضغط وحقوق الإنسان للتخفيف من شر الديكتاتور!
ولما أًحرجت الحكومة الأمريكية بعثت اليهودي الماكر كيسنجر إلى تشيلي، ليصنع تمثيلية حقوق إنسان، فخطب في البرلمان بكلام صعب ضد بينوشيه وقمعه للمعارضة، كان المتربع على العرش الموهوب يسمع خطبة كيسنجر ضده، ثم خرج كيسنجر من ’’برلمان بينوشيه إلى قصر بينوشيه’’، كان الحاكم الصوري يرتعد خوفا من التغيّر في لهجة السيد واهب المنصب، تساءل بينوشيه! ما الذي حدث يا كيسنجر وأنتم من صاغ وأمر وأيّد القمع والإبادة فماذا خالف به وكيلكم من تعاليمكم؟
فطمأنه كيسنجر، وبين له أن جاء يعلن استنكاره من أجل بعض رجال الكونجرس وجماعات الضغط والإعلام وجماعات حقوق الإنسان وسمعة أمريكا، وأيد مضيه لما هو فيه، فالكلام كان للجماعة يا بينوشيه! فالكونجرس والجماعات يمكن استرضاؤهم بكلمة أو بيان أو عتاب، فكيف بزيارة! ويخرج الديكتاتور واثقا متظاهرا كأنه تحدي مطالب أمريكا له ويفعل ما يشاء للسيادة الوطنية! يا لمجد التابعين!
حقوق الإنسان في الغرب منها عمل حقيقي، وبعضها سوط احتلال، وبعضها زينة كما في لجان الحكومات المتخلفة، فالمخلصون منهم لهم شفقة على الإنسان، غير أن بعضهم قد تكون الحيوانات الإفريقية أهم عندهم من الإنسان في المستعمرات، حيث لا قيمة له، هناك مقطع بالصوت والصورة للكاتبة الشهيرة ’’سامنثا بور’’، ذكر أنها من اليساريين المتعاطفين مع الإنسان، وقد دخلت هي وزوجها البيت الأبيض، ونرجو أن تساهم في رؤية الإنسان العربي المقموع، وأن يعطفوا عليه، لغير مصلحة الاحتلال، ’’سامنثا’’ تقول: نشرت نيويورك تايمز 21 أبريل 1994م في داخل الجريدة بخط صغير خبرا عن المذبحة التي تديرها حكومة راوندا وأطراف أخرى، فاتصل الناشطون الإنسانيون بالكونجرس، واجتمعوا بالسيدة بتريشا شرودر عضو الكونجرس من كلورادو، وسألوها عن صمت الحكومة والكونجرس وعدم إدانتهم للمذبح وإبادة ثلاثمائة ألف أين أمريكا من الإبادة وهل يطالب الناس بالتدخل؟ ردت عليهم بأن نعم تلقى مكتبها في واشنطن وكلورادو مئات ومئات المكالمات كلها مطالبات ولكن كانت الاتصالات والضغط لإنقاذ عدد من حيوانات الغوريلا الراوندية المعرضة للإبادة!
كان جوابا مريعا حقا، فالقرود يجب إنقاذها بسبب وجود مهتمين بها، أما ثلث مليون من البشر فلا يساوون الغوريلا، كانت ’’سامنثا’’ وأنصارها ممن تذكروا الإنسان في بحر الاهتمام بحقوق الحيوان، وبدأت موجة لحقوق إنسان وبعد إبادة الملايين.
حركة حقوق الإنسان كثيرا ما كانت سلاحا بأيدي المستعمرين، وقد يسقطون حاكما ويحتلون بلدا باسم حقوق الإنسان، ولو لم يفعل الحاكم شيئا، ويؤيدونه لو أباد الملايين إن أوفاهم طلبهم من الغنيمة.
وهي وسيلة لابتزاز سياسي ومالي، ولولاء فكري أو انتماء حزبي، فمن لم يكن له علاقة وثيقة بالغرب ولا بالأحزاب النافذة فليس له في سجل الإنسان مكان، ونحن نجد اليسار نشطا ومؤثرا وله دور مشكور في حقوق الإنسان، وهو قادر أحيانا أن يستنقذ بعض مساجينه من خلال جمعيات حقوق الإنسان، ومنذ زمن يسير طالب الناشط في حقوق الإنسان الدكتور هيثم مناع بالإفراج عن مساجين في بلد عربي، فاتصلت به السفارة تقول: ’’قد أفرجنا عن ربعك، فما الذي يخصك من المساجين الإسلاميين’’!
تعدو الذئاب على من لا كلاب له *** وتتقي حوزة المستثفر الحامي
المساجين من الإسلاميين في العالم الآن أسوأ حالا من الأيتام على موائد اللئام، فليسوا عملاء لأمريكا فتطلقهم، وتهبهم مناصب فوق مناصب الحكام، وليس لهم ولي فقيه يشفع فيهم، ولا يترددون على السفارات، ولا يكتبون تقارير، ولا يتاجرون بعصمة ولي أمر المؤمنين، ليس لديهم نفط ولا فودكا ولا نساء يتسلقون بهن للأعالي، بل أصبح الإسلاميون يتقرب بهم الأذلة زلفى لسادتهم، ويباعون في سوق الإرهاب، فكلما خشي مستبد على نفسه قال للغرب يا للهول!! هنا خلية نائمة وأخرى قائمة، وثالثة تنتظر وقد قتلت لكم إرهابيا، وسجنت لكم ألفا، وهاتوا طائراتكم بدون طيار لتطارد وتقتل المعارضة ’’الإرهابية’’!!
هيّج القول هنا جولة لأهل حقوق الإنسان في عالم العرب السجين، حيث لا غوريلا تشفع بالتدخل، ولا إنسان يهمس بمظلمته، هنا تعلو قواعد المصالح الاستعمارية فهي أقوى وأعلى صوتا وفعلا من كل ثقافة لحقوق الإنسان، وبرميل نفط أغلى من ألف سجين سياسي، وتمويل الحروب الاستعمارية أقدس من كل الشعوب المستضعفة.
فهل فعلا أمرت واشنطن بتحقيق حقوق للإنسان؟ أم أنه الخطاب النفاقي القديم، ظاهره فيه المطالبة وباطنه إلحاح بسجن الأحرار وإبادة المعارضة، وترهيب من يشوه وجه الاحتلال القبيح، وإسكات كل من يطاب بحقوق الإنسان، وإلحاق المطالبين بالحقوق بجماعات الإرهاب؟
أمريكا لا تطالب المستعمرات بل تأمر فيخر لها الأتباع سجدا لا يلوون على شيء، وتهمس من بعيد فينفذ ما تريد، فهل تحب أن تصمّ الآذان بحيلة الكلام عن حقوق الإنسان، أليست دعوات حقوق الإنسان تحرج المحتل فيقوم بزيارات شكلية ورفع عتب ومجاملات كذب وتسكين إعلامي؟
فالحكومات المحتلة من الضروري لها سيادة الصمت في المستعمرات، وبقاء نهر تمويل حروبها بمال النفط متدفقا لا ينضب والإمبراطوريات تسقط ما لم تمول حروبها من المستعمرات، ونهر الذهب هذا يجرف كل حقوق الإنسان، فضلا عن الطموح لأي إصلاح.
إني أشك أن تحيا ضمائر المستعمرين، فالناس في المستعمرات من فصيلة أدنى من الغوريلا!
*العصر