وأخطر هذه الفئات أولئك الذين يلبسون لبس أهل العلم وطلبته ويتكلمون باسم الدفاع عن الدين ويظهرون الغيرة عن الإسلام، فتصدروا لبث الفرقة ومحاسبة الدعاة إلى الله والقدح فيهم، وحاربوا عمل الخير المتمثل بالجمعيات الخيرية، كل ذلك بحجة أنهم يطبقون علم الجرح والتعديل والحقيقة أنهم جرحوا ولم يعدلوا إلا من كان على شاكلتهم، فمجالسهم الغيبة والنميمة والتفسيق والتبديع والتضليل فهم مشغولون بتصنيف الناس، لهذا الأمر أعد الباحث هذه الورقة التي تبين أسباب النقد وآدابه.
البحث: النقد وأهميته في تصحيح مسار الصحوة الإسلامية
إعداد: د. عقيل بن محمد المقطري
ـــــــــــــــ
من الملاحظ أن أعداء الله تعالى حققوا أشياء من النجاح في زرع الخلاف بين المسلمين وتوسيع هوته، فالمنافقون المندسون من جهة، واليهود والنصارى من جهة، والعلمانيون من جهة، والشياطين من جهة، وأصحاب الأغراض والمصالح والمداهنات من جهة.
وأخطر هذه الفئات أولئك الذين يلبسون لبس أهل العلم وطلبته ويتكلمون باسم الدفاع عن الدين ويظهرون الغيرة عن الإسلام، فتصدروا لبث الفرقة ومحاسبة الدعاة إلى الله والقدح فيهم، وحاربوا عمل الخير المتمثل بالجمعيات الخيرية، كل ذلك بحجة أنهم يطبقون علم الجرح والتعديل والحقيقة أنهم جرحوا ولم يعدلوا إلا من كان على شاكلتهم، فمجالسهم الغيبة والنميمة والتفسيق والتبديع والتضليل فهم مشغولون بتصنيف الناس، لهذا الأمر أعد الباحث هذه الورقة التي تبين أسباب النقد وآدابه.
وجاءت في نقاط وتفصيلها في الآتي:
* وتحدث الباحث أول ما تحدث عن تعريف النقد، وأشار إلى أن معناه هو بيان الجيد وتمييز الرديء والمراد به تمييز الأقوال والأفعال والاعتقاد والهيئات والمصنفات والجماعات، والحوم على هذا وفق ميزان دقيق فيه العدل والإنصاف.
* وأشار المؤلف إلى أن النقد قسمان نقد بناء، ونقد هادم:
- النقد البناء: والقائل به محمود ونيته حسنة، وهو صاحب غيرة على الدين وليس مراده من النقد التنقص من الآخرين، وهدم العمل الإسلامي ومحوه من على ظهر الأرض.
- النقد الهدام: المراد فيه الطعن والتجريح لأهل العلم وللجماعات والهيئات وتنفير الناس من الالتفات حولها لنصرة الدين وهذا ناتج عن مرض في النفوس وهوى متبع وجهل في المنهج وأوثر هؤلاء من أدعياء العلم.
* ثم تحدث الباحث عن الأمور التي تنتقد، وهي المناهج والأفكار والمعتقدات والآراء التي تتبناها الجماعات أو الهيئات أو الأشخاص ولا يجوز التعرض للأشخاص بأسمائهم فإن هذا ليس من منهج أهل السنة والجماعة إلا ما ذكرناه قبل من أنه يتسامح في ذكر الأشخاص والهيئات إذا كانوا دعاة إلى البدعة كالجهمية والمعتزلة والعلمانية و... الخ
* وتحت عنوان "من له حق النقد" بيَّن المؤلف أن للنقد رجاله المتخصصون فيه، ولهم مواصفاتهم التي ذكرها العلماء رحمهم الله، وأنه لا يجوز لمن لم تتوفر فيه تلك المواصفات أن يقحم نفسه في هذا المجال.
* أما دواعي النقد فقد فصَّلها الباحث في عدة نقاط، وهي:
1- الجرح والتعديل: وهذا يكون للأفراد والجماعات وقد قام السلف بهذا الأمر على أكمل وجه.
2- النصيحة: وهي أيضا للأفراد والجماعات والهيئات، وهذا هدف عظيم من أهداف النقد لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة).
3- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: فهو دافع من دوافع النقد والقيام به أمر مشروع.
4- الحقد والكراهية: وهي أمور منبوذة، ولقد حرم الإسلام التحاسد والتباغض الذي ينشأ عنه الغيبة والنميمة والبهتان.
5- الحسد: وأخطر شيء في هذا ما يحدث بين العلماء من كلام بعضهم في بعض، وذلك لأن خطر هذا الأمر يتعدى إلى الأمة كلها.
6- الهوى: وهو مرض من أمراض القلوب، وهو دافع قوي من دوافع النقد.
7- التقليد: وهذا هو الشائع، فأكثر ما يكون من فوضى في هذا الجانب- خصوصا بين الشباب- لا يكون صادرا عن علم ومعرفه ولكنه ناشئ عن التقليد العمى والتعصب المقيت.
8- التعصب: وهو من أظهر الأسباب في هذه الأزمان المتأخرة إذ أن أكثر الخائضين فيه متعصبون إما لمذاهبهم أو أحزابهم أو جماعاتهم أو هيئاتهم.
* وبعد ذكر المؤلف لأسباب النقد وبيان الصحيح منها والفاسد انتقل بعد ذلك للحديث عن آداب النقد، فذكر من تلك الآداب:
1- العلم: فأوضح أن النقد لابد أن يكون مبنياً على العلم القاطع، ولا يجوز أن يكون مبنيا على الظن.
2- التجرد عن الهوى: فعلى الناقد أن يتجرد من أي هوى من أجل أن يكون النقد صواباً؛ لأن التجرد عن الهوى يجعل الناقد لا ينسى ما للمتكلم فيه فرد كان أو جماعة من المحاسن.
3- التثبت والروية قبل النقد: فعلى الناقد أن يتثبت مما ينقل إليه خاصة فيما ينقل إليه في حق الدعاة والجماعات والهيئات الإسلامية.
4- الإنصاف والعدل: فهما مطلوبان، فإذا تكلم الناقد بغير عدل وإنصاف- بحيث كان ظالما جائراً- فقد خالف قول الله عز وجل: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}[المائدة:8].
5- الموازنة بين السلبيات والإيجابيات: فمن كان همه تتبع الأخطاء والبحث عن الهفوات مع تغافله عن محاسن الأفراد والجماعات والكتب وغير ذلك فهذا يدل على سوء قصده ونيته والله المستعان.
6- القبول: من آداب النقد أن يكون المنتقد- بفتح القاف- عنده استعداد لقبول النقد وتصحيح مجرى الأمور، وقبول النقد من الصفات الحسنة عند الأفراد والجماعات.
7- الرفق: وهو أدب إسلامي حثنا عليه الشرع ورغب فيه لما له من أثر في قلوب الناس.
8- النصح في السر: فقد كان السلف إذا أرادوا نصيحة أحد وعظوه سراً، حتى قال بعضهم من وعظ أخاه بينه وبينه فهي نصيحة، ومن وعظه على رؤوس الناس فإنما وبخه.
* وفي الختام خلص الكاتب إلى أن للنقد أسباب منها ما هو مشروع ومنها ما هو غير مشروع، وأن له آداباً يجب أن يتحلى بها، وله متخصصون يجب أن يذعن لهم وأن يترك الميدان لأهله، ولأهمية النقد في تقويم سيرة الأفراد والجماعات علينا أن نوسع صدورنا للنقد البناء ويجب علينا قبوله بصدر رحب.
نسأل الله أن يجزى الباحث خيراً على هذه الورقة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
*التأصيل