محمد شعبان صوان
يقدم التاريخ الأمريكي دراسة جدوى لمحاولة استعادة المقدسات بالمفاوضات
* الملخص: في 25 يونيو/ حزيران/ جوان من سنة 1876 تلقى الجيش الأمريكي هزيمة نكراء على أيدي السكان الأصليين الذين كانوا يدافعون عن آخر معاقلهم في شمال السهول الوسطى بالولايات المتحدة (داكوتا) ضد تمدد الاستيطان الطامع بالذهب المكتشف حديثاً في أراضيهم المقدسة في التلال السوداء، وتلقى الأمريكيون أنباء الهزيمة بعد وقوعها بعشرة أيام وهم في غمرة أفراحهم بالذكرى المئوية للاستقلال، فأعاد الجيش الكرة على الهنود حاملاً حقد قرون من العداء والتوسع مما أدى إلى فرض شروط الهزيمة عليهم واستيلاء الحكومة الأمريكية بمعاهدات ملفقة على أرضهم المقدسة والغنية التي كانوا يقاتلون للدفاع عنها بكل قواهم، ولما تعرضوا للاكتساح والإبادة وغمرتهم أمواج الاستيطان الجارفة وفقدوا كل الآمال بالانتصار العسكري لجئوا إلى المفاوضات والقانون وعدالة أعدائهم التي حكمت بعد قرن من عملية السرقة ونصف قرن من الجري في أروقة المحاكم بتعويضهم بمبلغ إذا وزع اليوم عليهم سيحصل كل فرد من القبيلة المعنية على أكثر من 10 آلاف دولار، ولكنهم مازالوا يرفضون ويطالبون بعودة الأرض المقدسة نفسها وسط رفض قاطع من السلطة والشعب في أمريكا بسبب أهمية مواردها السياحية والمعدنية والزراعية، فماذا يقدم هذا العرض من عبر لقضيتنا؟
* تمهيد: علاقة السابقة الأمريكية بالجريمة الصهيونية
قبل الدخول في الموضوع الرئيس تحسن الإشارة إلى أن كثيراً من الدراسات تفيد بوجود علاقة وثيقة بين السابقة الأمريكية ضد الهنود الحمر والجرائم الاستعمارية والصهيونية في المشرق العربي الإسلامي، فقد كان اكتشاف أمريكا ابتداء جزءاً من محاولة الالتفاف على المشرق العثماني لإيجاد طريق آخر إلى الشرق الأقصى،[1] بالإضافة إلى البحث عن ثروات تمول غزو الأراضي المقدسة في فلسطين لانتزاعها ثانية من أيدي المسلمين،[2] ثم كانت معاملة الأوروبيين لسكان أمريكا الأصليين تطبيقاً للرؤى الدينية المستقاة من الكتب المقدسة عن سكان فلسطين القدماء،[3] كما عاملوهم أيضاً وفق الرؤى التي تكونت لدى الفرنجة عن المسلمين أثناء الحروب الصليبية،[4] ثم أعاد الأوروبيون والأمريكيون الكرة ثانية لينظروا إلى العالم عموماً[5] والمسلمين عامة والعرب خاصة[6] وأهل فلسطين بشكل أكثر خصوصية بطريقة تطابق نظرتهم إلى الهنود الحمر،[7] بالإضافة إلى تشبيه المستوطنين الصهاينة بالمستوطنين الأمريكيين الأوائل[8] والذين جمعهم الرئيس الأمريكي جيمي كارتر (1977- 1981) جميعاً في سلة واحدة تحت وصف رواد أمتين تتقاسمان ميراث التوراة، وذلك في خطاب تملق أمام الكنيست الصهيوني سنة 1979،[9] وقد كررت الغزوة الصهيونية في فلسطين ما صنعه التوسع الأمريكي في الغرب بشكل مطابق.[10]
* قصة التلال السوداء
في عام 1866 شنت قبيلة ’’سو’’ Sioux حرباً على الجيش الأمريكي الذي اقتحم أراضيها في شمال السهول العظمى حيث ولايات داكوتا ومونتانا ووايومنج اليوم ليحمي طريق المستوطنين والمنقبين الذين جذبتهم حمى الذهب بعيداً في مونتانا، واستمرت الحرب سنتين إلى أن أذعنت الولايات المتحدة لشروط الزعيم ’’الغيمة الحمراء’’ Red Cloud وأخلت المنطقة من الدخلاء ودمرت ما بنته من حصون على الطريق المؤدي للمناجم ومنحت القبيلة محمية كبرى تتضمن أراضيها المقدسة في التلال السوداء Black Hills وأراضي صيدها وسكناها، وكانت المرة الوحيدة التي حققت فيها قبيلة هندية انتصاراً سياسياً تبع الانتصار العسكري، ووقع الطرفان على ذلك في معاهدة حصن لارامي 1868،
ولكن...
اكتشف الذهب ثانية ولكن هذه المرة في عقر التلال السوداء نفسها سنة 1874 بعد رحلة استكشافية قام بها الجيش الأمريكي متخللاً المنطقة فأطلق الهنود على الطريق الذي اجتازه اسم درب اللصوص، واجتاح المنقبون والمتطفلون البيض تلك التلال، ورغم أن القانون كان إلى جانب السكان الأصليين فإن ذلك لم يفدهم شيئاً، وفضلت الحكومة الأمريكية الوقوف ضدهم على الوقوف ضد رعاياها وإجلائهم،[11] فرفض الهنود التخلي عن أراضيهم، بسبب وفرة مواردها في زمن تقلصت فيه سبل عيشهم أمام زحف الاستيطان، وبسبب قدسيتها أيضاً،[12] وتصاعد التوتر إلى أن وقعت معركة كبرى عند الفرع الأصغر لنهر القرن الكبير Little Big Horn حيث هزم فيها تحالف القبائل الهندية الجيش الأمريكي بقيادة أصغر جنرالات الحرب الأهلية سناً جورج كاستر، الذي حارب الرق الجنوبي ثم أراد سلب حرية الهنود في عمليتين يؤكد تلازمهما لصالح الطبقة الصناعية الشمالية انتفاء الدوافع الإنسانية في عملية تحرير الرقيق، وكان هدف كاستر من السعي لهزيمة الهنود أن يصل بهذا ’’المجد’’ لمنصب رئاسة الجمهورية ظاناً طبقاً لرؤيته الاستعمارية الاستئصالية المناظرة للاستشراق في بلادنا أن جميع الهنود ’’الجبناء’’ سيلوذون بالفرار أمامه، ولكنه اصطدم بواقع مغاير لاستشراقه، كعادة الرؤى الاستعمارية التي تحط من قدر السكان الأصليين دائماً، وأوصلته الحقيقة المرة إلى حتفه بأيدي مقاتلي الهنود الشجعان الذين رمى نفسه وجيشه بين رماحهم وكان شعارهم أن اليوم يوم مناسب للموت، وأباد الهنود الجنود الأمريكيين وقائدهم الذين اندفعوا إلى أراضيهم لإخضاعهم، وكان ذلك في 25 يونيو/ حزيران/ جوان من سنة 1876، مما أدى إلى غضب أمريكي عارم نتيجة إحباط الأمة الأمريكية بعد تلقي خبر الهزيمة الماحقة في اليوم التالي للذكرى المئوية الأولى للاستقلال (5 يوليو/ تموز/ جويلية 1876) حين كانت الأمة في ذروة نشوتها واحتفالاتها بالانتصارات التي حققتها فيما مضى ومازالت تتوسع في الآفاق وهي تعتقد ’’بالقدر الجلي’’ الذي كُتب لتمددها.[13]
وقد أدى الحقد المتولد عن هذه النكسة إلى اجتياح الأراضي الهندية بسيول من الجنود وهزيمة معاكسة للسكان الأصليين الذين تم حصرهم بالقوة والاستيلاء ظلماً على أراضيهم المقدسة في التلال السوداء بطريقة غير شرعية، تخالف ما نصت عليه معاهدة لارامي السابقة التي اشترطت موافقة ثلاثة أرباع رجال القبيلة على أي تنازل مستقبلي عن الأرض بعد سنة 1868، وقد تم التوصل إلى ’’موافقة’’ عُشر رجال القبيلة بوسائل ملتوية كالرشوة ببضعة دولارات أو ببعض الخمر بالإضافة إلى تهديد الهنود بقطع المساعدات ومن ثم الموت جوعاً إن لم يتنازلوا عن أرضهم(sign, or die) [14] وخداعهم بإفهامهم أنهم سيتلقون الدعم المادي إلى أن يتمكنوا من الاعتماد على أنفسهم في كسب العيش حسب طريقة الرجل الأبيض، وكان الهنود يعتقدون أن كلمة الرجل الشفوية كالمكتوبة في قيمتها،[15] وهو ما سيتكشف عدم دقته فيما يتعلق بالأمريكيين الذين لم يتعبوا أنفسهم بكتابة وعودهم أو حتى بالالتزام بما وقعوا عليه، وسيغرق الهنود في الفقر والحرمان والجوع الذي هربوا منه ابتداء عندما تنازلوا عن الأرض، وستستمر محاولات نزع أراضيهم بوفود متعددة للمفاوضات تقوم بنفس الممارسات السابقة في محاولات انتزاع الموافقة على مزيد من التنازلات بعد صدور قانون دوز لتحصيص الأراضي (1887) والذي شبهت’’عظمته’’ و’’أهميته’’ للسكان الأصليين المقبلين على’’الحضارة’’ بإعلان الاستقلال وكذلك تحرير الرقيق والماجنا كارتا (أي 3 في 1!)[16] وأفضى إلى توزيع مساحات محددة لكل أسرة هندية لتتعلم الحياة المستقرة و’’المتحضرة’’، دون النظر لحاجات الأجيال القادمة، و’’بالصدفة’’ يؤدي ذلك إلى استيلاء الأمريكيين على بقية أراضي القبيلة الشاسعة و’’الفائضة’’ عن حاجتها(!)، وهو ما يناظر التقسيم في تاريخنا الفلسطيني، وفي سبيل تمرير هذا القانون على الهنود ستقوم الإدارة الأمريكية بواسطة مندوبيها بتحطيم مكانة الزعماء المقاومين والمناهضين للتخلي عن الأراضي القبلية وصناعة زعماء مطواعين بدلاً منهم ولكنهم فاسدين ومرتشين ومخمورين، ومن الأفضل أحياناً إفساد زعماء لهم باع في تاريخ المقاومة، وسيغرق الهنود في حالة البؤس بعد تفكيك مجتمعاتهم:
(1) بإبادة مصدر رزقهم الرئيس المتمثل في ثور البيسون.
(2) وبالغزو الفكري بالتبشير والتعليم والذي لم يستهدف صناعة مجتمع تقدمي مكان المجتمع ’’المتخلف’’: أ- وكان ما أداه التبشير هو صناعة العملاء المرتبطين بمجتمع الرجل الأبيض وتحقيق غاياته، وتقسيم المجتمع الهندي بين ’’تقدميين’’ و’’تقليديين’’، تقدميون هم في الحقيقة عملاء لم يجنوا شيئاً لشعبهم سوى تسهيل الهيمنة البيضاء عليه وتجريده من أرضه وموارده كما أثبتت الحوادث إلى اليوم، وتقليديون كان بعضهم يلمسون الآثار السلبية للاحتكاك بالأمريكيين ويحاولون الحفاظ على تماسك المجتمع الأصلي بنبذ رذائل البيض ولكن دون جدوى في مواجهة القوة الماحقة، ب- وكان إنجاز التعليم هو الإبادة الفعلية لأجيال من التلاميذ الهنود الذين وقعوا تحت تصرف المعاملة المتوحشة في المدارس ومن نجى منهم من الموت نتيجة ذلك خرج مغترباً عن شعبه وعن الشعب الأمريكي لا هو كالبيض ولا هو كالهنود.[17]
(3) ومن أدوات التفكيك أيضاً نشر البيض الرذائل والأمراض الاجتماعية التي نتجت عن الاحتكاك ’’الحضاري’’ بالرجل الأبيض كالغش التجاري وشرب الخمر الذي كان له تأثيرات أخلاقية ومادية مدمرة على تلك المجتمعات، وكل ما سبق خلافاً لرؤية كارل ماركس الذي رأى في عملية الاستعمار دفعاً تقدمياً يستبدل مجتمعاً متقدماً مكان آخر زائل.
ولما حانت لحظة تقرير ’’الوضع النهائي’’ لم يكن مجتمع السكان الأصليين قادراً على مواجهة الموجة الأمريكية الكاسحة لأنه فقد أدوات المقاومة المستقلة وأصبح مرتبطاً بل معتمداً على حكومة أعدائه مما أدى إلى الموافقة على التنازل عن أراض واسعة تحت ضغط التهديد بالتجويع بقطع المساعدات، وفي نفس الوقت إغداق الوعود بإنجازات تنموية، وهو ما سيؤدي إلى انقسامات اجتماعية بين مؤيد مصدق ومعارض مكذب، ولن يلبث الجميع أن يواجهوا لحظة الحقيقة حين يثبت كذب الوعود الأمريكية ويواجه المجتمع الهندي المرض الناتج عن الفقر، والجوع الناتج عن الجفاف الناتج بدوره عن دورات الطقس التي يحسن البيض استيعابها بتقنيتهم المتطورة ولكنهم لا ينقلون خبرتهم وإمكاناتهم للسكان الأصليين، بالإضافة إلى يباب الأرض التي حُشر فيها الهنود بعدما أخذ البيض أفضل الأراضي الزراعية ثم لم يأبهوا بتزويد الهنود بما يلزم للزراعة أو بتعليمهم الحياة الأمريكية التي وعدوهم بها قبل قيامهم بالتنازل عن أراضيهم، وستقلص الحكومة مساعداتها في مواجهة كل ذلك وهو ما سيؤدي إلى الكارثة، وسيلجأ الهنود في النهاية إلى التعلق بآمال غيبية تنصرهم بالمعجزات وتقضي على الرجل الأبيض تماماً بل وتعيد أمواتهم إلى الحياة الدنيا وازدهارهم في بلادهم، مما سيؤدي إلى مواجهات دموية تقضي نهائياً على مقاومتهم المسلحة وزعامتها بأيدي العملاء من الشرطة الهندية الذين كان الحاكم الاستعماري ووكيل الحكومة الأمريكية في المحمية هو الذي يحركهم ضد قومهم، وقام الجيش الأمريكي بإسدال الستار على 400 سنة من الصراع بين السكان الأصليين والاستيطان الأبيض بارتكاب مجزرة الركبة الجريحة Wounded Knee التي راح ضحيتها مئات من قبيلة السو في ديسمبر/ كانون الأول 1890، وكان كل ذلك طمعاً من الأمريكيين آنذاك فيما تحويه التلال السوداء من ذهب أصفر أدى اكتشافه إلى الطمع بسداد الدين القومي بعد الأزمة الاقتصادية الكبرى التي بدأت في سنة 1873[18] والتي استمرت إلى سنة 1879 وعُدت أطول فترات الركود في التاريخ الأمريكي والذي شهد الركود في الواقع في نصف سنوات الربع الأخير من القرن التاسع عشر.[19]
وكان العدوان واضحاً في تلك الأيام حتى للمعتدين أنفسهم، فقد تساءل المعاون الشخصي للجنرال جورج كروك أحد كبار المشاركين في الحرب ضد الهنود سنة 1875 قبل الاستيلاء على التلال السوداء: ’’لماذا كلما أصبحت أرض الهندي المحمية تساوي أي شيء فإن عليه مغادرتها ومنحها للرجل الأبيض’’ فهذا صعب شرحه للهندي نفسه، واستنتج المعاون نفسه أن ’’سياسة الشعب الأمريكي (أي ليس الحكومة فقط وهنا معضلة الظلم الديمقراطي) كانت دائما تشريد الهندي وخنق أي طموح لديه لتحسين وضعه، فلماذا لا يسمح للهنود بامتلاك أي أرض فيها معادن أو أي نوع آخر من الأراضي’’؟[20]
أما الإنسانية الأمريكية فقد شاركت في المظالم بصورة فعالة مرة تحت شعار أو تبرير أن تخلي الهنود عن أرضهم سيعوضهم بالحضارة المسيحية حتى لو كان ذلك بنقض الوعود المقطوعة لهم، وكانت الإنسانية في هذا الموقف ’’رأس حربة’’ في الجهود الحكومية للاستيلاء على أراضي الهنود[21] ومرة أخرى تحت تبرير أن الاستيلاء على أرضهم هو الطريقة الوحيدة لتفادي إبادتهم، أي أنه أهون الشرين.[22]
وبعد الهزيمة النهائية التي لحقت بالمقاومة الهندية المسلحة (1890) أمام طوفان الاستيطان الأمريكي، قامت قبيلة سو في عشرينيات القرن العشرين باللجوء إلى المفاوضات في ظل عدم تكافؤ القوى واستنجدت بعدالة الخصم وبالقانون الذي أقر نظرياً في السبعينيات بعدم شرعية استيلاء الحكومة الأمريكية على التلال السوداء المقدسة، وبعد أكثر من قرن من السرقة وأكثر من نصف قرن من السعي في دهاليز المحاكم حكمت المحكمة الأمريكية العليا في سنة 1980 بتعويض الهنود بمبلغ 106 ملايين دولار عن الاستيلاء على أرضهم بغير حق، ولكن الهنود رفضوا تسلم المبلغ منذ ذلك الحين وما زالوا رافضين رغم أنه تراكم مع الفوائد إلى ما يزيد عن مليار دولار اليوم مما يجعل نصيب الفرد الواحد أكثر من 10 آلاف دولار[23] في منطقة تعد من الأكثر فقراً وبؤساً في الولايات المتحدة،[24] ومع أنه بإمكان الهنود قبض المبلغ ومواصلة نضالهم، لاسيما في ضوء مطالبتهم بالعودة والتعويض بالمليارات معاً، فأنهم يرون قبول المبلغ الآن موافقة ضمنية على البيع مما يتناقض مع قيمهم.[25]
لقد أنتجت التلال السوداء ذهباً تقدر قيمته بمئات الملايين من الدولارات وتعد أكثر مناطق نصف الكرة الغربي غنى بالمعدن الأصفر،[26] بالإضافة إلى موارد زراعية وخشبية، ومع ذلك فإن أهميتها السياحية تفوق أهمية مواردها الأخرى[27] إذ يزورها الملايين سنوياً للحج إلى ’’مزار الديمقراطية’’ الذي يحوي تماثيل أربعة رؤساء أمريكيين مميزين ديمقراطياً هم واشنطن وجيفرسون ولنكولن وروزفلت، وهم جميعاً من أشد أنصار التوسع والاستيطان، وقد أطلق أحد الزعماء الهنود على النصب اسم ’’نكتة أو خدعة الديمقراطية’’،[28] وهو ما يؤكد أن الديمقراطية الأمريكية، التي نحتت رموزها في منطقة مسروقة، تأسست على النهب والظلم والاضطهاد، هذا بالإضافة إلى النشاطات الرياضية والسياحية الأخرى التي تجذب مئات الآلاف.
* موقعنا اليوم وفائدتنا من الحدث التاريخي
واليوم تقف قضية فلسطين في موقف مشابه مع الفارق، فسكان أمريكا الأصليون لجئوا إلى القانون والتفاوض بعدما تمت إبادة غالبيتهم العظمى ولم يكن من المتصور أن تؤدي أية مقاومة مسلحة لأية نتيجة بعد إغلاق التخوم ونهاية وجود أراض هندية مستقلة (1890)، والذي تم بعد القضاء على مقاومة الهنود وألّف علامة فارقة في التاريخ الأمريكي،[29] وسيطرة الاستيطان الأمريكي الغامرة على القارة كلها بأعداد هائلة لم يعد من المجدي العمل على صدها بأية وسيلة، أي أنهم لم يلجئوا إلى الخيار السلمي التفاوضي إلا بعد زوال الأمة التي يمكنها أن تقاوم، ومع ذلك قاموا منذ نهاية ستينيات القرن العشرين ببعض الفورات المسلحة (1969 و1972 و1973) لإثبات وجودهم وأعلنوا نشوء ’’القوة الحمراء’’ للمطالبة بحقوق الهنود الحمر على غرار ’’القوة السوداء’’ التي تطالب بحقوق ذوي الأصول الإفريقية في أمريكا، أما قيادة فلسطين اليوم فتحصر خيارها بالتفاوض والقانون وهي جزء من أمة كبرى لم تعد عملية إفنائها من الممكنات، وليس من المتصور أن يغمرها مد استيطاني لأمة صغيرة ومعادية أصبحت تستجدي منابع الهجرة لملء مساحة فلسطين الصغيرة.
* والخلاصة المهمة لنا هي التالي: إن الولايات المتحدة مع ضخامة حجمها واقتصادها ترفض بعد قرن من المفاوضات والتحكيم التخلي عن زاوية بعيدة في إحدى ولاياتها القصية بسبب أهميتها السياحية رغم اعترافها بعدم شرعية الاستيلاء عليها ووقوف منظمة الأمم المتحدة إلى جانب إعادتها[30] (كما تقف إلى جانب حقوقنا!)، وقد رأينا في تفاصيل الاستيلاء على الأوطان أنها نفسها تتكرر (من جانب المعتدين) كوعود التمدين الكاذبة في البداية ثم العدوان المسلح والتمدد الاستيطاني في أفضل الأراضي وترك البقية القاحلة التي لا يرغب فيها أحد للسكان الهنود، والطمع في الموارد الغنية والخداع والتهديد والرشوة في العلاقات السياسية والقضاء على زعامات المقاومة وصناعة زعماء عملاء مطواعين في عقد المعاهدات، بل في فرضها بالقوة من جانب المعتدي ثم نقضها فيما بعد، واللعب على وتر انقسام المجتمعات الأصلية وإثارة الخلافات بينها وبذر التفتيت بالفكر السطحي الوافد والوعود الخلابة الكاذبة ومحاولة إفساد هذه المجتمعات بأدوات ’’حضارية’’ أحياناً وغير أخلاقية أحياناً أخرى لطمس ثقافتها المقاومة والتفافها حول زعمائها الذين يمثلون مصالحها الحقيقية، وذلك ليصل الأمريكيون إلى ’’التقسيم’’ الذي هو في الحقيقة استيلاء كامل على الأرض وترك الفتات فقط لأصحابها، والقيام بمحاولة ضبط السكان المحليين بشرطة هندية محلية من العملاء عقب تفكيك المجتمع الهندي وإفساده والقضاء على مصادر رزقه المستقل وتحويل أفراده إلى عالة على كوبونات المساعدة الحكومية والتي تستخدم للضغط السياسي للحصول على تنازلات عن الحقوق الوطنية، ومشاركة فعالة في كل ذلك (من جانب الاتجاه الإنساني) خوفاً من بطش الأمريكي بالهنود حيناً وطمعاً في عروضه المسيحية والحضارية لهم حيناً آخر، ومقاومة مستمرة أحياناً وسلسلة من التنازلات أيضاً أحياناً أخرى (من جانب الضحية) ما يناظر ما حدث ويحدث في قضيتنا بفلسطين إلى اليوم...
* والسؤال الآن لكل أنصار الحلول السلمية والقانونية والتفاوضية: إذا كانت الولايات المتحدة ترفض التخلي عن أرض قصية لمجرد أهميتها السياحية، فهل ستقتنع الصهيونية ربيبة الولايات المتحدة بالتخلي عن ’’عاصمتها’’ السياسية، ذات الأهمية الدينية والتاريخية والسياحية أيضاً، بالمفاوضات والتحكيم؟ وكم من الوقت سيستغرق هذا الأمر؟ وهل سيكون ذلك قبل أو بعد تخلي الولايات المتحدة عن عاصمتها واشنطن أو على الأقل اقتسامها مع السكان الأصليين لإعادتها إلى القبيلة التي نشأت على أنقاضها؟![31] أليس في هذا الحدث مؤشر على عدم جدوى القانون الذي نفرح دائماً بوقوفه إلى جانبنا كما كان يقف إلى جانب الهنود الحمر أيضاً دون أية نتيجة عملية؟ أم أننا على استعداد لقبض قيمة أي تعويض كبر حجمه أم صغر خلافاً لصمود الهنود الذين يرفضون ذلك رغم شدة ضعف قواهم وانعدام آمالهم بتغير موازين القوى وشدة فقرهم وارتفاع بعض الأصوات القليلة التي مازالت ترفض الإفصاح عن هويتها خجلاً لأنها تنادي بقبول المبالغ المغرية؟[32]
******
الهوامش
[1] Morris Jastrow، The War and the Bagdad Railway: The Story of Asia Minor and it (s) (R) elation to the Present Conflict، BibloLife، Breinigsville، PA، 2010، pp. 11، 27- 28، 74- 75.
[2] تزفيتان تودوروف، فتح أمريكا: مسألة الآخر، سينا للنشر، القاهرة، 1992، ترجمة: بشير السباعي، ص 17.
- منير العكش، تلمود العم سام: الأساطير العبرية التي تأسست عليها أميركا، رياض الريس للكتب والنشر، بيروت، 2004، ص 9.
[3] ريجينا الشريف، الصهيونية غير اليهودية: جذورها في التاريخ الغربي، سلسلة عالم المعرفة (96)، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، ديسمبر 1985، ترجمة: أحمد عبد الله عبد العزيز، ص 183- 184.
- رجاء جارودي، فلسطين أرض الرسالات الإلهية، دار التراث، القاهرة، 1986، ترجمة: دكتور عبد الصبور شاهين، ص 227.
- فؤاد شعبان، من أجل صهيون: التراث اليهودي- المسيحي في الثقافة الأمريكية، دار الفكر، دمشق، 2003، ص 91.
- حمدان حمدان، على أعتاب الألفية الثالثة: الجذور المذهبية لحضانة الغرب وأمريكا لإسرائيل، بيسان للنشر والتوزيع والإعلام، بيروت، 2000، ص 48.
- رضا هلال، المسيح اليهودي ونهاية العالم: المسيحية السياسية والأصولية في أمريكا، مكتبة الشروق، القاهرة، 2001، ص 79.
- جورجي كنعان، الأصولية المسيحية في نصف الكرة الغربي (الجزء الأول: الدعوة والدعاة)، بيسان للنشر والتوزيع، بيروت، 1995، ص 59- 60.
- نبيل مطر، الأتراك والإنكليز والمغاربة في عصر الاستكشاف، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2012، ترجمة: د. محمد عصفور، ص 260- 261.
- منير العكش، أميركا والإبادات الجماعية: حق التضحية بالآخر، رياض الريس للكتب والنشر، بيروت، 2002، ص 10.
- منير العكش، 2004.
[4] Jack Utter، American Indians: Answers to Today’s Questions، University of Oklahoma Press، Norman، 2001، pp. 14- 18.
- Robert A. Williams، The American Indian in Western Legal Thought: The Discourses of Conquest، Oxford University Press، 1990، pp. 13- 58.
- نبيل مطر، ص 186- 187 و254 وما بعدها.
- ضياء الدين سردار وميريل وين ديفيز، لماذا يكره العالم أمريكا؟، مكتبة العبيكان، الرياض، 2005، ترجمة: معين الإمام، ص 313- 314.
[5] نفس المرجع، ص 391.
[6] منير العكش، 2004، ص 23 و33- 34.
- مايكل أورين، القوة والإيمان والخيال: أمريكا في الشرق الأوسط منذ عام 1776 حتى اليوم، كلمات عربية، القاهرة، وكلمة، أبو ظبي، 2008، ترجمة: آسر حطيبة، ص 178 و 237.
[7] ميخائيل سليمان (تحرير)، فلسطين والسياسة الأمريكية من ويلسون إلى كلينتون، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1996، ص 27 و76- 77.
- رجاء جارودي، ص 330 و529.
- كميل منصور، الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل: العروة الأوثق، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، 1996، ترجمة: نصير مروة، ص 78.
- الدكتور يوسف الحسن، البعد الديني في السياسة الأمريكية تجاه الصراع العربي- الصهيوني: دراسة في الحركة المسيحية الأصولية الأمريكية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1990، ص 29.
[8] مايكل أورين: 365 و420 و429- 430.
[9] رضا هلال، ص 117.
- الدكتور يوسف الحسن، ص 76.
[10] فلسطين الهندية الحمراء: قراءة في السوابق الأمريكية للسياسات الصهيونية - محمد شعبان صوان- التجديد العربي
- محمد شعبان صوان، السوابق الأمريكية للسياسات الصهيونية (1)،
http://www.noonptm.com/modules.php?name=News&file=article&sid=3382
- محمد شعبان صوان، السوابق الأمريكية للسياسات الصهيونية (2)،
http://www.noonptm.com/modules.php?name=News&file=article&sid=3418
- نبيل مطر، ص 212.
[11] Angie Debo، A History of the Indians of the United States، University of Oklahoma Press، Norman، 1983، p. 236.
- Paula Mitchell Marks، In A Barren Land: American Indian Dispossession and Survival، William Morrow and Company، Inc.، New York، 1998، p. 193.
[12] Angie Debo، p. 235.
[13] نفس المرجع، ص 239.
[14] Paula Mitchell Marks، p. 196.
- Edward Lazarus، Black Hills White Justice: The Sioux Nation versus the United States، 1775 to the Present، University of Nebraska Press، Lincoln، 1999، pp. 92، 436.
[15] Jeffrey Ostler، The Lakotas and the Black Hills: The Struggle for Sacred Ground، Viking، New York، 2010، p. 100.
[16] Robert M. Utley، The Indian Frontier of the American West 1846- 1890، University of New Mexico Press، Albuquerque، 2002، p. 215.
[17] Fiona Macdonald، Native Peoples of North America، Collins Educational، London، 1993، p. 57.
- الحوار الحضاري في التاريخ الأمريكي- محمد شعبان صوان- التجديد العربي
[18] David Nevin، The Soldiers (The Old West)، Time- Life Books، Alexandria، Virginia، 1981، p. 200.
[19] هاري ماجدوف، الإمبريالية من عصر الاستعمار حتى اليوم، مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت، 1981، ص 73.
[20] Paula Mitchell Marks، pp. 193- 194.
[21] Jeffrey Ostler، p. 99.
[22] Edward Lazarus، p. 90.
[23] http://www.pbs.org/newshour/bb/social_issues-july-dec11-blackhills_08- 24
[24] Edward Lazarus، p. 429.
[25] Jeffrey Ostler، p. 176.
[26] Edward Lazarus، p. 106.
- Paula Mitchell Marks، p. 205.
- New Standard Encyclopedia، Feerguson Publishing Company، Chicago، 1999، Vol. 16، p. S- 645.
[27] New Standard Encyclopedia، Vol. 3، p. B- 274b.
[28] Jeffrey Ostler، p. 168.
[29] David Reynolds، America، Empire of Liberty: A New History of the United States، Basic Books، New York، 2009، pp. 232، 268.
- ضياء الدين سردار وميريل وين ديفيز، الحلم الأمريكي كابوس العالم، مكتبة العبيكان، الرياض، 2006، ترجمة: فاضل جتكر، ص 288.
[30] http://en.wikipedia.org/wiki/Black_Hills_Land_Claim
[31] منير العكش، 2004، ص 19- 24.
[32] http://en.wikipedia.org/wiki/Black_Hills_Land_Claim
يقدم التاريخ الأمريكي دراسة جدوى لمحاولة استعادة المقدسات بالمفاوضات
* الملخص: في 25 يونيو/ حزيران/ جوان من سنة 1876 تلقى الجيش الأمريكي هزيمة نكراء على أيدي السكان الأصليين الذين كانوا يدافعون عن آخر معاقلهم في شمال السهول الوسطى بالولايات المتحدة (داكوتا) ضد تمدد الاستيطان الطامع بالذهب المكتشف حديثاً في أراضيهم المقدسة في التلال السوداء، وتلقى الأمريكيون أنباء الهزيمة بعد وقوعها بعشرة أيام وهم في غمرة أفراحهم بالذكرى المئوية للاستقلال، فأعاد الجيش الكرة على الهنود حاملاً حقد قرون من العداء والتوسع مما أدى إلى فرض شروط الهزيمة عليهم واستيلاء الحكومة الأمريكية بمعاهدات ملفقة على أرضهم المقدسة والغنية التي كانوا يقاتلون للدفاع عنها بكل قواهم، ولما تعرضوا للاكتساح والإبادة وغمرتهم أمواج الاستيطان الجارفة وفقدوا كل الآمال بالانتصار العسكري لجئوا إلى المفاوضات والقانون وعدالة أعدائهم التي حكمت بعد قرن من عملية السرقة ونصف قرن من الجري في أروقة المحاكم بتعويضهم بمبلغ إذا وزع اليوم عليهم سيحصل كل فرد من القبيلة المعنية على أكثر من 10 آلاف دولار، ولكنهم مازالوا يرفضون ويطالبون بعودة الأرض المقدسة نفسها وسط رفض قاطع من السلطة والشعب في أمريكا بسبب أهمية مواردها السياحية والمعدنية والزراعية، فماذا يقدم هذا العرض من عبر لقضيتنا؟
* تمهيد: علاقة السابقة الأمريكية بالجريمة الصهيونية
قبل الدخول في الموضوع الرئيس تحسن الإشارة إلى أن كثيراً من الدراسات تفيد بوجود علاقة وثيقة بين السابقة الأمريكية ضد الهنود الحمر والجرائم الاستعمارية والصهيونية في المشرق العربي الإسلامي، فقد كان اكتشاف أمريكا ابتداء جزءاً من محاولة الالتفاف على المشرق العثماني لإيجاد طريق آخر إلى الشرق الأقصى،[1] بالإضافة إلى البحث عن ثروات تمول غزو الأراضي المقدسة في فلسطين لانتزاعها ثانية من أيدي المسلمين،[2] ثم كانت معاملة الأوروبيين لسكان أمريكا الأصليين تطبيقاً للرؤى الدينية المستقاة من الكتب المقدسة عن سكان فلسطين القدماء،[3] كما عاملوهم أيضاً وفق الرؤى التي تكونت لدى الفرنجة عن المسلمين أثناء الحروب الصليبية،[4] ثم أعاد الأوروبيون والأمريكيون الكرة ثانية لينظروا إلى العالم عموماً[5] والمسلمين عامة والعرب خاصة[6] وأهل فلسطين بشكل أكثر خصوصية بطريقة تطابق نظرتهم إلى الهنود الحمر،[7] بالإضافة إلى تشبيه المستوطنين الصهاينة بالمستوطنين الأمريكيين الأوائل[8] والذين جمعهم الرئيس الأمريكي جيمي كارتر (1977- 1981) جميعاً في سلة واحدة تحت وصف رواد أمتين تتقاسمان ميراث التوراة، وذلك في خطاب تملق أمام الكنيست الصهيوني سنة 1979،[9] وقد كررت الغزوة الصهيونية في فلسطين ما صنعه التوسع الأمريكي في الغرب بشكل مطابق.[10]
* قصة التلال السوداء
في عام 1866 شنت قبيلة ’’سو’’ Sioux حرباً على الجيش الأمريكي الذي اقتحم أراضيها في شمال السهول العظمى حيث ولايات داكوتا ومونتانا ووايومنج اليوم ليحمي طريق المستوطنين والمنقبين الذين جذبتهم حمى الذهب بعيداً في مونتانا، واستمرت الحرب سنتين إلى أن أذعنت الولايات المتحدة لشروط الزعيم ’’الغيمة الحمراء’’ Red Cloud وأخلت المنطقة من الدخلاء ودمرت ما بنته من حصون على الطريق المؤدي للمناجم ومنحت القبيلة محمية كبرى تتضمن أراضيها المقدسة في التلال السوداء Black Hills وأراضي صيدها وسكناها، وكانت المرة الوحيدة التي حققت فيها قبيلة هندية انتصاراً سياسياً تبع الانتصار العسكري، ووقع الطرفان على ذلك في معاهدة حصن لارامي 1868،
ولكن...
اكتشف الذهب ثانية ولكن هذه المرة في عقر التلال السوداء نفسها سنة 1874 بعد رحلة استكشافية قام بها الجيش الأمريكي متخللاً المنطقة فأطلق الهنود على الطريق الذي اجتازه اسم درب اللصوص، واجتاح المنقبون والمتطفلون البيض تلك التلال، ورغم أن القانون كان إلى جانب السكان الأصليين فإن ذلك لم يفدهم شيئاً، وفضلت الحكومة الأمريكية الوقوف ضدهم على الوقوف ضد رعاياها وإجلائهم،[11] فرفض الهنود التخلي عن أراضيهم، بسبب وفرة مواردها في زمن تقلصت فيه سبل عيشهم أمام زحف الاستيطان، وبسبب قدسيتها أيضاً،[12] وتصاعد التوتر إلى أن وقعت معركة كبرى عند الفرع الأصغر لنهر القرن الكبير Little Big Horn حيث هزم فيها تحالف القبائل الهندية الجيش الأمريكي بقيادة أصغر جنرالات الحرب الأهلية سناً جورج كاستر، الذي حارب الرق الجنوبي ثم أراد سلب حرية الهنود في عمليتين يؤكد تلازمهما لصالح الطبقة الصناعية الشمالية انتفاء الدوافع الإنسانية في عملية تحرير الرقيق، وكان هدف كاستر من السعي لهزيمة الهنود أن يصل بهذا ’’المجد’’ لمنصب رئاسة الجمهورية ظاناً طبقاً لرؤيته الاستعمارية الاستئصالية المناظرة للاستشراق في بلادنا أن جميع الهنود ’’الجبناء’’ سيلوذون بالفرار أمامه، ولكنه اصطدم بواقع مغاير لاستشراقه، كعادة الرؤى الاستعمارية التي تحط من قدر السكان الأصليين دائماً، وأوصلته الحقيقة المرة إلى حتفه بأيدي مقاتلي الهنود الشجعان الذين رمى نفسه وجيشه بين رماحهم وكان شعارهم أن اليوم يوم مناسب للموت، وأباد الهنود الجنود الأمريكيين وقائدهم الذين اندفعوا إلى أراضيهم لإخضاعهم، وكان ذلك في 25 يونيو/ حزيران/ جوان من سنة 1876، مما أدى إلى غضب أمريكي عارم نتيجة إحباط الأمة الأمريكية بعد تلقي خبر الهزيمة الماحقة في اليوم التالي للذكرى المئوية الأولى للاستقلال (5 يوليو/ تموز/ جويلية 1876) حين كانت الأمة في ذروة نشوتها واحتفالاتها بالانتصارات التي حققتها فيما مضى ومازالت تتوسع في الآفاق وهي تعتقد ’’بالقدر الجلي’’ الذي كُتب لتمددها.[13]
وقد أدى الحقد المتولد عن هذه النكسة إلى اجتياح الأراضي الهندية بسيول من الجنود وهزيمة معاكسة للسكان الأصليين الذين تم حصرهم بالقوة والاستيلاء ظلماً على أراضيهم المقدسة في التلال السوداء بطريقة غير شرعية، تخالف ما نصت عليه معاهدة لارامي السابقة التي اشترطت موافقة ثلاثة أرباع رجال القبيلة على أي تنازل مستقبلي عن الأرض بعد سنة 1868، وقد تم التوصل إلى ’’موافقة’’ عُشر رجال القبيلة بوسائل ملتوية كالرشوة ببضعة دولارات أو ببعض الخمر بالإضافة إلى تهديد الهنود بقطع المساعدات ومن ثم الموت جوعاً إن لم يتنازلوا عن أرضهم(sign, or die) [14] وخداعهم بإفهامهم أنهم سيتلقون الدعم المادي إلى أن يتمكنوا من الاعتماد على أنفسهم في كسب العيش حسب طريقة الرجل الأبيض، وكان الهنود يعتقدون أن كلمة الرجل الشفوية كالمكتوبة في قيمتها،[15] وهو ما سيتكشف عدم دقته فيما يتعلق بالأمريكيين الذين لم يتعبوا أنفسهم بكتابة وعودهم أو حتى بالالتزام بما وقعوا عليه، وسيغرق الهنود في الفقر والحرمان والجوع الذي هربوا منه ابتداء عندما تنازلوا عن الأرض، وستستمر محاولات نزع أراضيهم بوفود متعددة للمفاوضات تقوم بنفس الممارسات السابقة في محاولات انتزاع الموافقة على مزيد من التنازلات بعد صدور قانون دوز لتحصيص الأراضي (1887) والذي شبهت’’عظمته’’ و’’أهميته’’ للسكان الأصليين المقبلين على’’الحضارة’’ بإعلان الاستقلال وكذلك تحرير الرقيق والماجنا كارتا (أي 3 في 1!)[16] وأفضى إلى توزيع مساحات محددة لكل أسرة هندية لتتعلم الحياة المستقرة و’’المتحضرة’’، دون النظر لحاجات الأجيال القادمة، و’’بالصدفة’’ يؤدي ذلك إلى استيلاء الأمريكيين على بقية أراضي القبيلة الشاسعة و’’الفائضة’’ عن حاجتها(!)، وهو ما يناظر التقسيم في تاريخنا الفلسطيني، وفي سبيل تمرير هذا القانون على الهنود ستقوم الإدارة الأمريكية بواسطة مندوبيها بتحطيم مكانة الزعماء المقاومين والمناهضين للتخلي عن الأراضي القبلية وصناعة زعماء مطواعين بدلاً منهم ولكنهم فاسدين ومرتشين ومخمورين، ومن الأفضل أحياناً إفساد زعماء لهم باع في تاريخ المقاومة، وسيغرق الهنود في حالة البؤس بعد تفكيك مجتمعاتهم:
(1) بإبادة مصدر رزقهم الرئيس المتمثل في ثور البيسون.
(2) وبالغزو الفكري بالتبشير والتعليم والذي لم يستهدف صناعة مجتمع تقدمي مكان المجتمع ’’المتخلف’’: أ- وكان ما أداه التبشير هو صناعة العملاء المرتبطين بمجتمع الرجل الأبيض وتحقيق غاياته، وتقسيم المجتمع الهندي بين ’’تقدميين’’ و’’تقليديين’’، تقدميون هم في الحقيقة عملاء لم يجنوا شيئاً لشعبهم سوى تسهيل الهيمنة البيضاء عليه وتجريده من أرضه وموارده كما أثبتت الحوادث إلى اليوم، وتقليديون كان بعضهم يلمسون الآثار السلبية للاحتكاك بالأمريكيين ويحاولون الحفاظ على تماسك المجتمع الأصلي بنبذ رذائل البيض ولكن دون جدوى في مواجهة القوة الماحقة، ب- وكان إنجاز التعليم هو الإبادة الفعلية لأجيال من التلاميذ الهنود الذين وقعوا تحت تصرف المعاملة المتوحشة في المدارس ومن نجى منهم من الموت نتيجة ذلك خرج مغترباً عن شعبه وعن الشعب الأمريكي لا هو كالبيض ولا هو كالهنود.[17]
(3) ومن أدوات التفكيك أيضاً نشر البيض الرذائل والأمراض الاجتماعية التي نتجت عن الاحتكاك ’’الحضاري’’ بالرجل الأبيض كالغش التجاري وشرب الخمر الذي كان له تأثيرات أخلاقية ومادية مدمرة على تلك المجتمعات، وكل ما سبق خلافاً لرؤية كارل ماركس الذي رأى في عملية الاستعمار دفعاً تقدمياً يستبدل مجتمعاً متقدماً مكان آخر زائل.
ولما حانت لحظة تقرير ’’الوضع النهائي’’ لم يكن مجتمع السكان الأصليين قادراً على مواجهة الموجة الأمريكية الكاسحة لأنه فقد أدوات المقاومة المستقلة وأصبح مرتبطاً بل معتمداً على حكومة أعدائه مما أدى إلى الموافقة على التنازل عن أراض واسعة تحت ضغط التهديد بالتجويع بقطع المساعدات، وفي نفس الوقت إغداق الوعود بإنجازات تنموية، وهو ما سيؤدي إلى انقسامات اجتماعية بين مؤيد مصدق ومعارض مكذب، ولن يلبث الجميع أن يواجهوا لحظة الحقيقة حين يثبت كذب الوعود الأمريكية ويواجه المجتمع الهندي المرض الناتج عن الفقر، والجوع الناتج عن الجفاف الناتج بدوره عن دورات الطقس التي يحسن البيض استيعابها بتقنيتهم المتطورة ولكنهم لا ينقلون خبرتهم وإمكاناتهم للسكان الأصليين، بالإضافة إلى يباب الأرض التي حُشر فيها الهنود بعدما أخذ البيض أفضل الأراضي الزراعية ثم لم يأبهوا بتزويد الهنود بما يلزم للزراعة أو بتعليمهم الحياة الأمريكية التي وعدوهم بها قبل قيامهم بالتنازل عن أراضيهم، وستقلص الحكومة مساعداتها في مواجهة كل ذلك وهو ما سيؤدي إلى الكارثة، وسيلجأ الهنود في النهاية إلى التعلق بآمال غيبية تنصرهم بالمعجزات وتقضي على الرجل الأبيض تماماً بل وتعيد أمواتهم إلى الحياة الدنيا وازدهارهم في بلادهم، مما سيؤدي إلى مواجهات دموية تقضي نهائياً على مقاومتهم المسلحة وزعامتها بأيدي العملاء من الشرطة الهندية الذين كان الحاكم الاستعماري ووكيل الحكومة الأمريكية في المحمية هو الذي يحركهم ضد قومهم، وقام الجيش الأمريكي بإسدال الستار على 400 سنة من الصراع بين السكان الأصليين والاستيطان الأبيض بارتكاب مجزرة الركبة الجريحة Wounded Knee التي راح ضحيتها مئات من قبيلة السو في ديسمبر/ كانون الأول 1890، وكان كل ذلك طمعاً من الأمريكيين آنذاك فيما تحويه التلال السوداء من ذهب أصفر أدى اكتشافه إلى الطمع بسداد الدين القومي بعد الأزمة الاقتصادية الكبرى التي بدأت في سنة 1873[18] والتي استمرت إلى سنة 1879 وعُدت أطول فترات الركود في التاريخ الأمريكي والذي شهد الركود في الواقع في نصف سنوات الربع الأخير من القرن التاسع عشر.[19]
وكان العدوان واضحاً في تلك الأيام حتى للمعتدين أنفسهم، فقد تساءل المعاون الشخصي للجنرال جورج كروك أحد كبار المشاركين في الحرب ضد الهنود سنة 1875 قبل الاستيلاء على التلال السوداء: ’’لماذا كلما أصبحت أرض الهندي المحمية تساوي أي شيء فإن عليه مغادرتها ومنحها للرجل الأبيض’’ فهذا صعب شرحه للهندي نفسه، واستنتج المعاون نفسه أن ’’سياسة الشعب الأمريكي (أي ليس الحكومة فقط وهنا معضلة الظلم الديمقراطي) كانت دائما تشريد الهندي وخنق أي طموح لديه لتحسين وضعه، فلماذا لا يسمح للهنود بامتلاك أي أرض فيها معادن أو أي نوع آخر من الأراضي’’؟[20]
أما الإنسانية الأمريكية فقد شاركت في المظالم بصورة فعالة مرة تحت شعار أو تبرير أن تخلي الهنود عن أرضهم سيعوضهم بالحضارة المسيحية حتى لو كان ذلك بنقض الوعود المقطوعة لهم، وكانت الإنسانية في هذا الموقف ’’رأس حربة’’ في الجهود الحكومية للاستيلاء على أراضي الهنود[21] ومرة أخرى تحت تبرير أن الاستيلاء على أرضهم هو الطريقة الوحيدة لتفادي إبادتهم، أي أنه أهون الشرين.[22]
وبعد الهزيمة النهائية التي لحقت بالمقاومة الهندية المسلحة (1890) أمام طوفان الاستيطان الأمريكي، قامت قبيلة سو في عشرينيات القرن العشرين باللجوء إلى المفاوضات في ظل عدم تكافؤ القوى واستنجدت بعدالة الخصم وبالقانون الذي أقر نظرياً في السبعينيات بعدم شرعية استيلاء الحكومة الأمريكية على التلال السوداء المقدسة، وبعد أكثر من قرن من السرقة وأكثر من نصف قرن من السعي في دهاليز المحاكم حكمت المحكمة الأمريكية العليا في سنة 1980 بتعويض الهنود بمبلغ 106 ملايين دولار عن الاستيلاء على أرضهم بغير حق، ولكن الهنود رفضوا تسلم المبلغ منذ ذلك الحين وما زالوا رافضين رغم أنه تراكم مع الفوائد إلى ما يزيد عن مليار دولار اليوم مما يجعل نصيب الفرد الواحد أكثر من 10 آلاف دولار[23] في منطقة تعد من الأكثر فقراً وبؤساً في الولايات المتحدة،[24] ومع أنه بإمكان الهنود قبض المبلغ ومواصلة نضالهم، لاسيما في ضوء مطالبتهم بالعودة والتعويض بالمليارات معاً، فأنهم يرون قبول المبلغ الآن موافقة ضمنية على البيع مما يتناقض مع قيمهم.[25]
لقد أنتجت التلال السوداء ذهباً تقدر قيمته بمئات الملايين من الدولارات وتعد أكثر مناطق نصف الكرة الغربي غنى بالمعدن الأصفر،[26] بالإضافة إلى موارد زراعية وخشبية، ومع ذلك فإن أهميتها السياحية تفوق أهمية مواردها الأخرى[27] إذ يزورها الملايين سنوياً للحج إلى ’’مزار الديمقراطية’’ الذي يحوي تماثيل أربعة رؤساء أمريكيين مميزين ديمقراطياً هم واشنطن وجيفرسون ولنكولن وروزفلت، وهم جميعاً من أشد أنصار التوسع والاستيطان، وقد أطلق أحد الزعماء الهنود على النصب اسم ’’نكتة أو خدعة الديمقراطية’’،[28] وهو ما يؤكد أن الديمقراطية الأمريكية، التي نحتت رموزها في منطقة مسروقة، تأسست على النهب والظلم والاضطهاد، هذا بالإضافة إلى النشاطات الرياضية والسياحية الأخرى التي تجذب مئات الآلاف.
* موقعنا اليوم وفائدتنا من الحدث التاريخي
واليوم تقف قضية فلسطين في موقف مشابه مع الفارق، فسكان أمريكا الأصليون لجئوا إلى القانون والتفاوض بعدما تمت إبادة غالبيتهم العظمى ولم يكن من المتصور أن تؤدي أية مقاومة مسلحة لأية نتيجة بعد إغلاق التخوم ونهاية وجود أراض هندية مستقلة (1890)، والذي تم بعد القضاء على مقاومة الهنود وألّف علامة فارقة في التاريخ الأمريكي،[29] وسيطرة الاستيطان الأمريكي الغامرة على القارة كلها بأعداد هائلة لم يعد من المجدي العمل على صدها بأية وسيلة، أي أنهم لم يلجئوا إلى الخيار السلمي التفاوضي إلا بعد زوال الأمة التي يمكنها أن تقاوم، ومع ذلك قاموا منذ نهاية ستينيات القرن العشرين ببعض الفورات المسلحة (1969 و1972 و1973) لإثبات وجودهم وأعلنوا نشوء ’’القوة الحمراء’’ للمطالبة بحقوق الهنود الحمر على غرار ’’القوة السوداء’’ التي تطالب بحقوق ذوي الأصول الإفريقية في أمريكا، أما قيادة فلسطين اليوم فتحصر خيارها بالتفاوض والقانون وهي جزء من أمة كبرى لم تعد عملية إفنائها من الممكنات، وليس من المتصور أن يغمرها مد استيطاني لأمة صغيرة ومعادية أصبحت تستجدي منابع الهجرة لملء مساحة فلسطين الصغيرة.
* والخلاصة المهمة لنا هي التالي: إن الولايات المتحدة مع ضخامة حجمها واقتصادها ترفض بعد قرن من المفاوضات والتحكيم التخلي عن زاوية بعيدة في إحدى ولاياتها القصية بسبب أهميتها السياحية رغم اعترافها بعدم شرعية الاستيلاء عليها ووقوف منظمة الأمم المتحدة إلى جانب إعادتها[30] (كما تقف إلى جانب حقوقنا!)، وقد رأينا في تفاصيل الاستيلاء على الأوطان أنها نفسها تتكرر (من جانب المعتدين) كوعود التمدين الكاذبة في البداية ثم العدوان المسلح والتمدد الاستيطاني في أفضل الأراضي وترك البقية القاحلة التي لا يرغب فيها أحد للسكان الهنود، والطمع في الموارد الغنية والخداع والتهديد والرشوة في العلاقات السياسية والقضاء على زعامات المقاومة وصناعة زعماء عملاء مطواعين في عقد المعاهدات، بل في فرضها بالقوة من جانب المعتدي ثم نقضها فيما بعد، واللعب على وتر انقسام المجتمعات الأصلية وإثارة الخلافات بينها وبذر التفتيت بالفكر السطحي الوافد والوعود الخلابة الكاذبة ومحاولة إفساد هذه المجتمعات بأدوات ’’حضارية’’ أحياناً وغير أخلاقية أحياناً أخرى لطمس ثقافتها المقاومة والتفافها حول زعمائها الذين يمثلون مصالحها الحقيقية، وذلك ليصل الأمريكيون إلى ’’التقسيم’’ الذي هو في الحقيقة استيلاء كامل على الأرض وترك الفتات فقط لأصحابها، والقيام بمحاولة ضبط السكان المحليين بشرطة هندية محلية من العملاء عقب تفكيك المجتمع الهندي وإفساده والقضاء على مصادر رزقه المستقل وتحويل أفراده إلى عالة على كوبونات المساعدة الحكومية والتي تستخدم للضغط السياسي للحصول على تنازلات عن الحقوق الوطنية، ومشاركة فعالة في كل ذلك (من جانب الاتجاه الإنساني) خوفاً من بطش الأمريكي بالهنود حيناً وطمعاً في عروضه المسيحية والحضارية لهم حيناً آخر، ومقاومة مستمرة أحياناً وسلسلة من التنازلات أيضاً أحياناً أخرى (من جانب الضحية) ما يناظر ما حدث ويحدث في قضيتنا بفلسطين إلى اليوم...
* والسؤال الآن لكل أنصار الحلول السلمية والقانونية والتفاوضية: إذا كانت الولايات المتحدة ترفض التخلي عن أرض قصية لمجرد أهميتها السياحية، فهل ستقتنع الصهيونية ربيبة الولايات المتحدة بالتخلي عن ’’عاصمتها’’ السياسية، ذات الأهمية الدينية والتاريخية والسياحية أيضاً، بالمفاوضات والتحكيم؟ وكم من الوقت سيستغرق هذا الأمر؟ وهل سيكون ذلك قبل أو بعد تخلي الولايات المتحدة عن عاصمتها واشنطن أو على الأقل اقتسامها مع السكان الأصليين لإعادتها إلى القبيلة التي نشأت على أنقاضها؟![31] أليس في هذا الحدث مؤشر على عدم جدوى القانون الذي نفرح دائماً بوقوفه إلى جانبنا كما كان يقف إلى جانب الهنود الحمر أيضاً دون أية نتيجة عملية؟ أم أننا على استعداد لقبض قيمة أي تعويض كبر حجمه أم صغر خلافاً لصمود الهنود الذين يرفضون ذلك رغم شدة ضعف قواهم وانعدام آمالهم بتغير موازين القوى وشدة فقرهم وارتفاع بعض الأصوات القليلة التي مازالت ترفض الإفصاح عن هويتها خجلاً لأنها تنادي بقبول المبالغ المغرية؟[32]
******
الهوامش
[1] Morris Jastrow، The War and the Bagdad Railway: The Story of Asia Minor and it (s) (R) elation to the Present Conflict، BibloLife، Breinigsville، PA، 2010، pp. 11، 27- 28، 74- 75.
[2] تزفيتان تودوروف، فتح أمريكا: مسألة الآخر، سينا للنشر، القاهرة، 1992، ترجمة: بشير السباعي، ص 17.
- منير العكش، تلمود العم سام: الأساطير العبرية التي تأسست عليها أميركا، رياض الريس للكتب والنشر، بيروت، 2004، ص 9.
[3] ريجينا الشريف، الصهيونية غير اليهودية: جذورها في التاريخ الغربي، سلسلة عالم المعرفة (96)، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، ديسمبر 1985، ترجمة: أحمد عبد الله عبد العزيز، ص 183- 184.
- رجاء جارودي، فلسطين أرض الرسالات الإلهية، دار التراث، القاهرة، 1986، ترجمة: دكتور عبد الصبور شاهين، ص 227.
- فؤاد شعبان، من أجل صهيون: التراث اليهودي- المسيحي في الثقافة الأمريكية، دار الفكر، دمشق، 2003، ص 91.
- حمدان حمدان، على أعتاب الألفية الثالثة: الجذور المذهبية لحضانة الغرب وأمريكا لإسرائيل، بيسان للنشر والتوزيع والإعلام، بيروت، 2000، ص 48.
- رضا هلال، المسيح اليهودي ونهاية العالم: المسيحية السياسية والأصولية في أمريكا، مكتبة الشروق، القاهرة، 2001، ص 79.
- جورجي كنعان، الأصولية المسيحية في نصف الكرة الغربي (الجزء الأول: الدعوة والدعاة)، بيسان للنشر والتوزيع، بيروت، 1995، ص 59- 60.
- نبيل مطر، الأتراك والإنكليز والمغاربة في عصر الاستكشاف، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2012، ترجمة: د. محمد عصفور، ص 260- 261.
- منير العكش، أميركا والإبادات الجماعية: حق التضحية بالآخر، رياض الريس للكتب والنشر، بيروت، 2002، ص 10.
- منير العكش، 2004.
[4] Jack Utter، American Indians: Answers to Today’s Questions، University of Oklahoma Press، Norman، 2001، pp. 14- 18.
- Robert A. Williams، The American Indian in Western Legal Thought: The Discourses of Conquest، Oxford University Press، 1990، pp. 13- 58.
- نبيل مطر، ص 186- 187 و254 وما بعدها.
- ضياء الدين سردار وميريل وين ديفيز، لماذا يكره العالم أمريكا؟، مكتبة العبيكان، الرياض، 2005، ترجمة: معين الإمام، ص 313- 314.
[5] نفس المرجع، ص 391.
[6] منير العكش، 2004، ص 23 و33- 34.
- مايكل أورين، القوة والإيمان والخيال: أمريكا في الشرق الأوسط منذ عام 1776 حتى اليوم، كلمات عربية، القاهرة، وكلمة، أبو ظبي، 2008، ترجمة: آسر حطيبة، ص 178 و 237.
[7] ميخائيل سليمان (تحرير)، فلسطين والسياسة الأمريكية من ويلسون إلى كلينتون، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1996، ص 27 و76- 77.
- رجاء جارودي، ص 330 و529.
- كميل منصور، الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل: العروة الأوثق، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، 1996، ترجمة: نصير مروة، ص 78.
- الدكتور يوسف الحسن، البعد الديني في السياسة الأمريكية تجاه الصراع العربي- الصهيوني: دراسة في الحركة المسيحية الأصولية الأمريكية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1990، ص 29.
[8] مايكل أورين: 365 و420 و429- 430.
[9] رضا هلال، ص 117.
- الدكتور يوسف الحسن، ص 76.
[10] فلسطين الهندية الحمراء: قراءة في السوابق الأمريكية للسياسات الصهيونية - محمد شعبان صوان- التجديد العربي
- محمد شعبان صوان، السوابق الأمريكية للسياسات الصهيونية (1)،
http://www.noonptm.com/modules.php?name=News&file=article&sid=3382
- محمد شعبان صوان، السوابق الأمريكية للسياسات الصهيونية (2)،
http://www.noonptm.com/modules.php?name=News&file=article&sid=3418
- نبيل مطر، ص 212.
[11] Angie Debo، A History of the Indians of the United States، University of Oklahoma Press، Norman، 1983، p. 236.
- Paula Mitchell Marks، In A Barren Land: American Indian Dispossession and Survival، William Morrow and Company، Inc.، New York، 1998، p. 193.
[12] Angie Debo، p. 235.
[13] نفس المرجع، ص 239.
[14] Paula Mitchell Marks، p. 196.
- Edward Lazarus، Black Hills White Justice: The Sioux Nation versus the United States، 1775 to the Present، University of Nebraska Press، Lincoln، 1999، pp. 92، 436.
[15] Jeffrey Ostler، The Lakotas and the Black Hills: The Struggle for Sacred Ground، Viking، New York، 2010، p. 100.
[16] Robert M. Utley، The Indian Frontier of the American West 1846- 1890، University of New Mexico Press، Albuquerque، 2002، p. 215.
[17] Fiona Macdonald، Native Peoples of North America، Collins Educational، London، 1993، p. 57.
- الحوار الحضاري في التاريخ الأمريكي- محمد شعبان صوان- التجديد العربي
[18] David Nevin، The Soldiers (The Old West)، Time- Life Books، Alexandria، Virginia، 1981، p. 200.
[19] هاري ماجدوف، الإمبريالية من عصر الاستعمار حتى اليوم، مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت، 1981، ص 73.
[20] Paula Mitchell Marks، pp. 193- 194.
[21] Jeffrey Ostler، p. 99.
[22] Edward Lazarus، p. 90.
[23] http://www.pbs.org/newshour/bb/social_issues-july-dec11-blackhills_08- 24
[24] Edward Lazarus، p. 429.
[25] Jeffrey Ostler، p. 176.
[26] Edward Lazarus، p. 106.
- Paula Mitchell Marks، p. 205.
- New Standard Encyclopedia، Feerguson Publishing Company، Chicago، 1999، Vol. 16، p. S- 645.
[27] New Standard Encyclopedia، Vol. 3، p. B- 274b.
[28] Jeffrey Ostler، p. 168.
[29] David Reynolds، America، Empire of Liberty: A New History of the United States، Basic Books، New York، 2009، pp. 232، 268.
- ضياء الدين سردار وميريل وين ديفيز، الحلم الأمريكي كابوس العالم، مكتبة العبيكان، الرياض، 2006، ترجمة: فاضل جتكر، ص 288.
[30] http://en.wikipedia.org/wiki/Black_Hills_Land_Claim
[31] منير العكش، 2004، ص 19- 24.
[32] http://en.wikipedia.org/wiki/Black_Hills_Land_Claim