د. هاني بن عبدالله الجبير
الاثنين 12 ربيع الأول 1435 الموافق 13 يناير 2014
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه، أما بعد:
فلا تزال قضيّة المرأة وما يتصل بها من أوضاع، تتصدر الساحة الفكريّة في جدل كبير، وأحسب أن رائده طلب الأصلح للمرأة ومجتمعها، وهذا النزاع يتجاذبه اتجاهان أساسان، أولهما: اتجاه محافظ يتطلب للمرأة بقاء حالها كما هو في عرف المجتمع، وقد يحمله ذلك على تفسير النصوص الشرعية بمقتضى هذا العرف.
واتجاه ثان: يريد للمرأة تغيرًا في وضعها يضاهي ما عرف في مجتمعات أخرى، وقد يحمله ذلك على تأويل النصوص أو تفسيرها بمالم يعرفه أهل العلم.
وأحسب أننا بحمد الله لا نحتاج لهذا الجدل، ذلك أن النظر المصلحي متعلّق بمستقبل الأيام، وهذا يدل على أن الصواب فيه غير متيقن، وإنما قصارى الجهد أن يبذل الإنسان وسعه في استشراف المستقبل، ويحدد أحسن الخيارات المصلحيّة وفق نظره، ثم لا يثرب على غيره ما دامت المسألة من موارد الاجتهاد التي لا قاطع فيها.
وإذا تقرر ما عُلم بالاضطرار من كون الشريعة الإسلامية قد جاءت بكل ما فيه مصالح البشر في العاجل والآجل، وأن التمسك بهذا الشرع لا ينافي مصلحة المجتمع في أي زمان ومكان، وأنه قد جمع بين خصيصتي التطور والثبات في تناسق مبدع، بحيث قرر قواعد عامة ثابتة قطعيّة لا مجال لتغيرها، ثم أرشد المجتهدين لما يمكنهم به من استخراج حكمها حسب مقتضى الزمان والمكان والحال.
فإننا -والحال ما ذكر – لابد واجدون في قطعيات وثوابت الشرع، وفي أدلته المجيبة عن أسئلة اختلاف الأحوال والعوائد؛ حكمًا ظاهرًا واضحًا لكل قضيّة.
ولقد كانت دعوة كريمة أحيلت لي بالكتابة لأحد الأبحاث المتعلّقة بجملة مسائل، وكانت لفتةً طيبة باختيار هذا الموضوع ليكون واحدًا منها، وقد استعنت بالله تعالى وكتبت هذه الوريقات الموجزة، والتي جعلتها في قسمين، الأول منهما: في عمل المرأة في المحاماة، والثاني: في عملها في القضاء، أسأل الله تعالى أن يلهمني رشدي، ويقيني شر نفسي والشيطان.
أولاً: عمل المرأة في المحاماة:
المحاماة: مصدر حامى يحامي أي: دافع ونصر(1).
وهي: الترافع عن الغير أمام الجهات القضائية، ومزاولة الاستشارات الشرعية والنظامية بعوض(2).
وقد جاء الشرع بشواهد تدل على ترافع المرأة عن غيرها، مثاله: كونها ناظرة وقف، فالنظارة هي تولي إدارة الوقف وترتيب شئونه والمدافعة عنه، وهو متضمن لإقامة الدعاوى عن الوقف(3).
وقد جعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ابنته حفصة ناظرةً على وقفه الذي بخيبر تليه ما عاشت(4).
وقد ترافعت المرأة بنفسها أمام النبي صلى الله عليه وسلم فمن بعده، كالمرأة التي قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وثديي له سقاء، وحجري له حواء، وإن أباه طلقني فأراد أن ينتزعه مني. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:’’أنت أحق به ما لم تنكحي’’ (5).
وقد خيّر النبي صلى الله عليه وسلم غلامًا بين أبيه وأمه(6).
وجاءت امرأة إلى رسول الله فقالت: إن زوجي يريد أن يذهب بابني وقد سقاني من بئر أبي عنبة وقد نفعني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استهما عليه (7).
إلى أمثلة كثيرة جدًا يطول حصرها وإيرادها.
وهي تدل على جواز ترافع المرأة أمام القاضي، سواء كان ذلك لأمر يخصها كطلبها الطلاق ودعواها الحضانة، أو كان لأمر هي نائبة فيه ككونها ناظرة للوقف.
وكذلك ثبتت استشارة النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة رضي الله عنها، وقبوله لرأيها في يوم الحديبية(8).
وقد قرر أهل العلم جواز التوكيل في الخصومة، ولم يشترطوا لذلك الذكورة، بل قاعدة الفقهاء في هذا الباب أن من صح تصرّفه في الشيء صح له التوكيل والتوكل فيه، والمرأة يصح ترافعها بنفسها فلها أن تتوكل عن غيرها في ذلك.
قال ابن قدامة: (كل من صح تصرفه في شيء بنفسه، وكان مما تدخله النيابة، صح أن يوله فيه رجلاً كان أو امرأة) (9).
وهذا الأمر مع تقرره فقهًا بدون إشكال، فهو المستقر عملاً وتطبيقًا في المحاكم، فلم يزل القضاة يسمعون دعاوى النساء متوكلات عن النساء والرجال، ولا يمتنعون من ذلك.
إلا أن نظام المحاماة الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/38 عام1422هـ رتب وضع المترافعين عن غيرهم، ومن ذلك أنه اشترط لمن توكل عن غيره أن لا يزيد عن ثلاث قضايا عن ثلاثة أشخاص، ولا يقبل أن يتوكل عن غيرهم حتى يكون من المحامين المقيدين الممارسين، فهل للمرأة أن تنال رخصة المحاماة، مع قيامها فعلاً بدوره أم لا.
وللجواب عن ذلك فإن ما يمكن أن يرصد من ملاحظ ومناطات الحكم الشرعي هو ما يلي:
1- الترافع أمام القضاء نيابة عن الغير، وتقدم أنه لا إشكال فيه.
2- افتتاح مكتب خاص بذلك، ولا يظهر لي أن هذا الوصف سبب للتحريم، فإن للنساء أماكن مخصصة لهن، فلهن عياداتهن ومشاغلهن وغيرها، وكل ما يمكن طرحه سببًا للإشكال أو مظنة لحصول فساد، فإنه يوجد مثله في توكل الرجال عن النساء، وقد توجه بعض الباحثين(10) إلى عدم جواز امتهان المرأة للمحاماة مستدلا بأنه عمل يخالف طبيعة المرأة؛ إذ قال الله تعالى عنها: ’’أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين’’. [الزخرف: 18].
وبقول قتادة: ما تكلمت امرأة ولها حجة إلا جعلتها على نفسها(11).
وأن عملها في المحاماة سبب لاختلاطها بالرجال، وهجرها لبيتها مما يؤدي لضياع أسرتها، وقد يضطرها عملها للخلوة بموكليها.
ولكنه مع ذلك قرر أنها تملك الترافع عن نفسها وغيرها، والمحظور في نظره هو حصولها على رخصة المحاماة وامتهانها لها، إلا في حال وجود أماكن مقتصرة على النساء لتنتفي الإشكالات.
والحقيقة أن استدلاله بالآية وقول قتادة يبطل ما قرره من جواز ترافعها عن غيرها، لأن عليه إما أن يقرر عدم صحة ترافعها عن غيرها لكونه يخالف طبيعتها أو أن لا يستدل بكونه مخالفًا لطبيعتها.
فإن من حمل الآية على النساء من المفسرين قال إن المرأة غير قادرة على تقرير دعواها وإقامة حجتها لنقصان عقلها وضعف رأيها (12).
وهذا يستوي فيه ترافعها عن نفسها، وعن غيرها وامتهانها للمحاماة.
مع أن لهذه الآية تفسيرًا آخر بأن المراد بها: الأصنام المصنوعة من الحلي ذهبًا وفضة، فإنها ساكتة عن الجواب لا تبين، ولا ترجع قولاً(13).
على أن هذه الآية تعيب على المشركين نسبتهم البنات لله سبحانه، في الوقت الذي كانوا يعيبون البنات بما ذكر، فهو من التنـزل في الخطاب. والله أعلم.
وأمّا بقية ما ذكره فإنه ينطبق على كل عمل تمتهنه المرأة سواء كان في مجال الطب أو التعليم أو غيرها، بل وينطبق على ترافعها بدون حصولها على رخصة محاماة.
وما سبق يظهر أن المرأة لا يوجد – في الشرع، ولا النظام – ما يمنع عملها في المحاماة. والله أعلم.
ثانيًا: عمل المرأة في القضاء.
اختلف الفقهاء في تولي المرأة للقضاء على ثلاثة أقوال:
القول الأول: عدم صحة وجواز تولي المرأة القضاء، وهو مذهب جماهير أهل العلم (14).
القول الثاني: جواز توليها القضاء في غير الحدود، وهو مذهب أبي حنيفة (15).
القول الثالث: جواز توليها القضاء مطلقا، وهو مذهب محكي عن ابن جرير، وقال به ابن حزم(16).
وبدراسة هذه الأقوال وأدلتها، وما استندت عليه نجد أن ملحظ مجيز ومصحح ولاية المرأة هو صحة فتواها، وقبول شهادتها.
ذلك أن القضاء تبيين للحكم الشرعي وهذا كما يقوم به القاضي، يقوم به المفتي، إلا أن القاضي يلزم به، بخلاف المفتي، وإذا ساغ كون المرأة مفتية فليكن توليها القضاء كذلك، وهذا يظهر أكثر في هذا الزمن الذي صار تنفيذ الحكم مستقلاً عن بيانه وإصداره.
والملحظ الثاني: أن القاضي يستند في حكمه على الشاهد، والمرأة مقبولة الشهادة في غير الحدود كما قال الله تعالى:’’فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان’’ [سورة البقرة:282].
ولذا أمكن تسمية الشاهد قاضيًا، باعتبار الحكم صدر بناء على إفادته، فقد كان يقول شريح للشاهدين: ما يقضي على هذا غيركما (17).
وأما ملحظ من منع توليها القضاء فجملة من الأشياء:
الأول: أن المرأة قد خلقها الله تعالى متصفة بصفات نقص، سواء في العقل أو الرأي أو الدين أو الذاكرة، كما جاء في الحديث: (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من أحداكن)، وفيه قوله:(أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل فذلك من نقصان عقلها، أو ليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم فذلك من نقصان دينها)(18).
وقول الله تعالى:’’أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى’’. [البقرة: 282].
والقاضي يحتاج إلى كمال الرأي وتمام العقل والفطنة، فلم تكمل فيها الصفات المطلوبة فلم تكن أهلاً.
الثاني: أنها لابد أن تحضر محافل الخصوم والرجال، وهي ليست أهلاً لذلك، إما بالنظر للاعتبار الشرعي، أو للوضع العرفي.
الثالث: أنها لا تقبل شهادتها في الحدود أصلاً، وفي غيرها بدون اشتراك رجل معها كما قال تعالى:’’فاستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان’’. [البقرة:282].
الرابع: أن القضاء ولاية، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:’’ما أفلح قومٌ ولّو أمرهم امرأة’’ (19).
ولا شك أن الترجيح بين الأقوال يقضي لقول الجمهور بالرجحان لقوة أدلته وسلامتها من المعارض.
إلا أنني سأعرض لبعض أوجه النقاش التي قد ترد في هذا الباب.
ومن هذا أن القضاء في هذا العصر يختلف كثيرًا عما كان عليه في الماضي فالقاضي الآن لا يملك ولاية تامة، بل هو جزء من منظومة التحاكم، ولذا فليس لحكمه اعتبار حتى يكتسب القطعية بقناعة الطرفين أو تدقيقه من درجة أعلى.
ثم إنه لا يملك النظر إلا في حدود معينة حسب الاختصاص المجعول له فقط.
وقد أجاز الماوردي في الأحكام السلطانية أن يكون وزير التنفيذ في الدولة المسلمة من غير المسلمين، لكونه غير تام الولاية، إذ لا يملك من الصلاحيات ما يملكها وزير التفويض (20)، حسب تقسيم الوزراء ذلك الزمن.
وبهذا فإطلاق ولاية الأمر على القضاء في هذا الزمن فيه نظر، لأن ولايته ليست ولاية عامة، ومعلوم أن غير الولاية العامة أيسر، ولهذا جاء في الحديث: (والمرأة راعية في بيت زوجها، ومسئولة عن رعيتها) (21), وتقدم ما اختاره الماوردي في وزارة التنفيذ.
والتعليل بنقص العقل والدين والرأي في غير محله؛ إذ لو كان لهذا النقص أثر في التكليف لما ساوى الشرع بين الرجال والنساء في التكاليف والعقوبات.
والمعنى من الحديث: أن شهادة المرأتين تعدل شهادة الرجل، وأنها تدع الصلاة والصيام وقت عذرها، دون أن يتجاوز ذلك.
وأما التعليل بعدم قبول شهادتها فلا يصلح مستندًا لمنعها من القضاء لأن الرجل أيضا لا تقبل شهادته بدون انضمام رجل آخر إليه، أو امرأتين كما نصت الآية الكريمة، ومع ذلك فيجوز للرجل الواحد تولي القضاء حتى في الحدود التي لا يقبل فيه سوى أربعة رجال.
على أن في المسألة خلافاً أيضاً، فقد ذهب عطاء وحماد إلى قبول شهادة النساء في الحدود(22).
ويبقى بعد ذلك الملحظ المهم والذي أراه أساس منع المرأة من تولي القضاء، وهو الملحظ العرفي الاجتماعي.
فلا شك أن القضاء لا يزال يعتمد على شخصيّة القاضي، ومدى قناعة المتداعين به، ويحتاج منه لحزم يضبط إجراء التقاضي ويمنع المتداعين من اللدد والانفلات، بله الاعتداء على القاضي نفسه، ولا تزال المرأة – سواء في مجتمعنا أو غيره – هي الشق الأضعف والذي لا يملك غالباً مثل هذه المقومات، فالمجتمع مجتمع رجولي، والنظرة للمرأة دونية في الغالب، وهذا مانع من الانتفاع بها في هذا المجال.
ويزداد الأمر شدة في مجتمعنا حينما نجد المحاكم وقد اختص الرجال بالعمل بها، وكثير من المحاكم لم تُهيّأ حتى بأماكن جلوس للنساء، كل هذا كان ملاحظاً للفقهاء في الماضي ويجب أن لا يغيب عن الفقيه الآن.
ولذا لما نقل ابن العربي المناظرة الفقهية بين القاضي أبي بكر الباقلاني مع أبي الفرج بن طرار في هذه المسألة وتدافعهما البينات والأدلة، قال بعد ذلك: (ليس كلام الشيخين في هذه المسألة بشيء، فإن المرأة لا يتأتى منها أن تبرز إلى المجالس وتخالط الرجال، ولا تفاوضهم مفاوضة النظير للنظير؛ لأنها إن كانت فتاة حرم النظر إليها، وإن كانت متجالّة برزة لم يجمعها والرجال مجلس تزدحم فيه معهم..) (23).
والمقصود أن ولاية المرأة للقضاء إذا نظر إليها من حيث الدليل الشرعي الأصلي فحسب، فلا نجد لذلك مانعًا قاطعًا – مع وجود ما يقوي المنع -.
وأما إذا استكملنا الأدلة ونظرنا لمقتضى المصلحة فإننا لا بد مانعون خاصة مع ما يقضى به العرف الآن.
وهذا قد يفيد في إمكانية تولي المرأة لقضايا تخص االنساء نظرًا، وحكمًا وتنفيذًا، كقضايا مؤسسات رعاية الفتيات في غير الحدود.
وأما من حيث النظام فإن نظام القضاء الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/78 في 19/9/1428هـ لم يشترط الذكورية في القاضي، إلا أن الفقرة (ج) من المادة الحادية والثلاثين قد تضمنت اشتراط أن يتمتع القاضي بالأهلية الكاملة للقضاء بحسب ما نص عليه شرعًا.
* * *
هذا آخر ما يمكن إيراده في هذا الملخص المتعلق بهاتين المسألتين، وأسأل الله تعالى أن يوفق للصواب ويهدي للحق. وصلى الله وسلم على محمد وآله.
____________________
(1) القاموس المحيط مادة (حمي).
(2) المادة الأولى من نظام المحاماة السعودي الصادر في 28/7/1422هـ.
(3) المعجم الوسيط ص932؛ وانظر: الدر النقي (3/619)؛ تهذيب الأسماء واللغات (3/343).
(4) سنن أبي داود (2879)؛ السنن الكبرى للبيهقي (6/161) سند صحيح، والحديث في الصحيحين بدون ذكر إقامة حفصة رضي الله عنها متولية للوقف، صحيح البخاري (3737)؛ صحيح مسلم (1632).
(5) سنن أبي داود (2276)، مسند أحمد (6707).
(6) سنن الترمذي (1357)، سنن أبي داود (2277)، سنن ابن ماجه (2351)، سنن النسائي (6/185)، مسند أحمد (7346): عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(7) رواية للحديث السابق، وهو لفظ أبي داود والنسائي.
(8) صحيح البخاري (2731).
(9) المغني (7/197).
(10) المحاماة في القفه الإسلامي (1/324).
(11) تفسير القرطبي (16/72).
(12) روح المعاني للآلوسي (52/70).
(13) روح المعاني، تفسير القرطبي. الموضع السابق.
(14) بداية المجتهد (2/460)؛ مغني المحتاج (4/430)؛ المغني (9/39).
(15) بدائع الصنائع (7/3).
(16) المغني لابن قدامة (9/39)؛ المحلى (9/429).
(17) أخبار القضاة لوكيع (2/254).
(18) صحيح البخاري (298)؛ صحيح مسلم (79).
(19) صحيح البخاري (4163).
(20) الأحكام السلطانية ص 43.
(21) صحيح البخاري (6719)؛ صحيح مسلم (1820).
(22) المغني لابن قدامة (10/156).
(23) أحكام القران (3/483).
الاثنين 12 ربيع الأول 1435 الموافق 13 يناير 2014
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه، أما بعد:
فلا تزال قضيّة المرأة وما يتصل بها من أوضاع، تتصدر الساحة الفكريّة في جدل كبير، وأحسب أن رائده طلب الأصلح للمرأة ومجتمعها، وهذا النزاع يتجاذبه اتجاهان أساسان، أولهما: اتجاه محافظ يتطلب للمرأة بقاء حالها كما هو في عرف المجتمع، وقد يحمله ذلك على تفسير النصوص الشرعية بمقتضى هذا العرف.
واتجاه ثان: يريد للمرأة تغيرًا في وضعها يضاهي ما عرف في مجتمعات أخرى، وقد يحمله ذلك على تأويل النصوص أو تفسيرها بمالم يعرفه أهل العلم.
وأحسب أننا بحمد الله لا نحتاج لهذا الجدل، ذلك أن النظر المصلحي متعلّق بمستقبل الأيام، وهذا يدل على أن الصواب فيه غير متيقن، وإنما قصارى الجهد أن يبذل الإنسان وسعه في استشراف المستقبل، ويحدد أحسن الخيارات المصلحيّة وفق نظره، ثم لا يثرب على غيره ما دامت المسألة من موارد الاجتهاد التي لا قاطع فيها.
وإذا تقرر ما عُلم بالاضطرار من كون الشريعة الإسلامية قد جاءت بكل ما فيه مصالح البشر في العاجل والآجل، وأن التمسك بهذا الشرع لا ينافي مصلحة المجتمع في أي زمان ومكان، وأنه قد جمع بين خصيصتي التطور والثبات في تناسق مبدع، بحيث قرر قواعد عامة ثابتة قطعيّة لا مجال لتغيرها، ثم أرشد المجتهدين لما يمكنهم به من استخراج حكمها حسب مقتضى الزمان والمكان والحال.
فإننا -والحال ما ذكر – لابد واجدون في قطعيات وثوابت الشرع، وفي أدلته المجيبة عن أسئلة اختلاف الأحوال والعوائد؛ حكمًا ظاهرًا واضحًا لكل قضيّة.
ولقد كانت دعوة كريمة أحيلت لي بالكتابة لأحد الأبحاث المتعلّقة بجملة مسائل، وكانت لفتةً طيبة باختيار هذا الموضوع ليكون واحدًا منها، وقد استعنت بالله تعالى وكتبت هذه الوريقات الموجزة، والتي جعلتها في قسمين، الأول منهما: في عمل المرأة في المحاماة، والثاني: في عملها في القضاء، أسأل الله تعالى أن يلهمني رشدي، ويقيني شر نفسي والشيطان.
أولاً: عمل المرأة في المحاماة:
المحاماة: مصدر حامى يحامي أي: دافع ونصر(1).
وهي: الترافع عن الغير أمام الجهات القضائية، ومزاولة الاستشارات الشرعية والنظامية بعوض(2).
وقد جاء الشرع بشواهد تدل على ترافع المرأة عن غيرها، مثاله: كونها ناظرة وقف، فالنظارة هي تولي إدارة الوقف وترتيب شئونه والمدافعة عنه، وهو متضمن لإقامة الدعاوى عن الوقف(3).
وقد جعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ابنته حفصة ناظرةً على وقفه الذي بخيبر تليه ما عاشت(4).
وقد ترافعت المرأة بنفسها أمام النبي صلى الله عليه وسلم فمن بعده، كالمرأة التي قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وثديي له سقاء، وحجري له حواء، وإن أباه طلقني فأراد أن ينتزعه مني. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:’’أنت أحق به ما لم تنكحي’’ (5).
وقد خيّر النبي صلى الله عليه وسلم غلامًا بين أبيه وأمه(6).
وجاءت امرأة إلى رسول الله فقالت: إن زوجي يريد أن يذهب بابني وقد سقاني من بئر أبي عنبة وقد نفعني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استهما عليه (7).
إلى أمثلة كثيرة جدًا يطول حصرها وإيرادها.
وهي تدل على جواز ترافع المرأة أمام القاضي، سواء كان ذلك لأمر يخصها كطلبها الطلاق ودعواها الحضانة، أو كان لأمر هي نائبة فيه ككونها ناظرة للوقف.
وكذلك ثبتت استشارة النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة رضي الله عنها، وقبوله لرأيها في يوم الحديبية(8).
وقد قرر أهل العلم جواز التوكيل في الخصومة، ولم يشترطوا لذلك الذكورة، بل قاعدة الفقهاء في هذا الباب أن من صح تصرّفه في الشيء صح له التوكيل والتوكل فيه، والمرأة يصح ترافعها بنفسها فلها أن تتوكل عن غيرها في ذلك.
قال ابن قدامة: (كل من صح تصرفه في شيء بنفسه، وكان مما تدخله النيابة، صح أن يوله فيه رجلاً كان أو امرأة) (9).
وهذا الأمر مع تقرره فقهًا بدون إشكال، فهو المستقر عملاً وتطبيقًا في المحاكم، فلم يزل القضاة يسمعون دعاوى النساء متوكلات عن النساء والرجال، ولا يمتنعون من ذلك.
إلا أن نظام المحاماة الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/38 عام1422هـ رتب وضع المترافعين عن غيرهم، ومن ذلك أنه اشترط لمن توكل عن غيره أن لا يزيد عن ثلاث قضايا عن ثلاثة أشخاص، ولا يقبل أن يتوكل عن غيرهم حتى يكون من المحامين المقيدين الممارسين، فهل للمرأة أن تنال رخصة المحاماة، مع قيامها فعلاً بدوره أم لا.
وللجواب عن ذلك فإن ما يمكن أن يرصد من ملاحظ ومناطات الحكم الشرعي هو ما يلي:
1- الترافع أمام القضاء نيابة عن الغير، وتقدم أنه لا إشكال فيه.
2- افتتاح مكتب خاص بذلك، ولا يظهر لي أن هذا الوصف سبب للتحريم، فإن للنساء أماكن مخصصة لهن، فلهن عياداتهن ومشاغلهن وغيرها، وكل ما يمكن طرحه سببًا للإشكال أو مظنة لحصول فساد، فإنه يوجد مثله في توكل الرجال عن النساء، وقد توجه بعض الباحثين(10) إلى عدم جواز امتهان المرأة للمحاماة مستدلا بأنه عمل يخالف طبيعة المرأة؛ إذ قال الله تعالى عنها: ’’أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين’’. [الزخرف: 18].
وبقول قتادة: ما تكلمت امرأة ولها حجة إلا جعلتها على نفسها(11).
وأن عملها في المحاماة سبب لاختلاطها بالرجال، وهجرها لبيتها مما يؤدي لضياع أسرتها، وقد يضطرها عملها للخلوة بموكليها.
ولكنه مع ذلك قرر أنها تملك الترافع عن نفسها وغيرها، والمحظور في نظره هو حصولها على رخصة المحاماة وامتهانها لها، إلا في حال وجود أماكن مقتصرة على النساء لتنتفي الإشكالات.
والحقيقة أن استدلاله بالآية وقول قتادة يبطل ما قرره من جواز ترافعها عن غيرها، لأن عليه إما أن يقرر عدم صحة ترافعها عن غيرها لكونه يخالف طبيعتها أو أن لا يستدل بكونه مخالفًا لطبيعتها.
فإن من حمل الآية على النساء من المفسرين قال إن المرأة غير قادرة على تقرير دعواها وإقامة حجتها لنقصان عقلها وضعف رأيها (12).
وهذا يستوي فيه ترافعها عن نفسها، وعن غيرها وامتهانها للمحاماة.
مع أن لهذه الآية تفسيرًا آخر بأن المراد بها: الأصنام المصنوعة من الحلي ذهبًا وفضة، فإنها ساكتة عن الجواب لا تبين، ولا ترجع قولاً(13).
على أن هذه الآية تعيب على المشركين نسبتهم البنات لله سبحانه، في الوقت الذي كانوا يعيبون البنات بما ذكر، فهو من التنـزل في الخطاب. والله أعلم.
وأمّا بقية ما ذكره فإنه ينطبق على كل عمل تمتهنه المرأة سواء كان في مجال الطب أو التعليم أو غيرها، بل وينطبق على ترافعها بدون حصولها على رخصة محاماة.
وما سبق يظهر أن المرأة لا يوجد – في الشرع، ولا النظام – ما يمنع عملها في المحاماة. والله أعلم.
ثانيًا: عمل المرأة في القضاء.
اختلف الفقهاء في تولي المرأة للقضاء على ثلاثة أقوال:
القول الأول: عدم صحة وجواز تولي المرأة القضاء، وهو مذهب جماهير أهل العلم (14).
القول الثاني: جواز توليها القضاء في غير الحدود، وهو مذهب أبي حنيفة (15).
القول الثالث: جواز توليها القضاء مطلقا، وهو مذهب محكي عن ابن جرير، وقال به ابن حزم(16).
وبدراسة هذه الأقوال وأدلتها، وما استندت عليه نجد أن ملحظ مجيز ومصحح ولاية المرأة هو صحة فتواها، وقبول شهادتها.
ذلك أن القضاء تبيين للحكم الشرعي وهذا كما يقوم به القاضي، يقوم به المفتي، إلا أن القاضي يلزم به، بخلاف المفتي، وإذا ساغ كون المرأة مفتية فليكن توليها القضاء كذلك، وهذا يظهر أكثر في هذا الزمن الذي صار تنفيذ الحكم مستقلاً عن بيانه وإصداره.
والملحظ الثاني: أن القاضي يستند في حكمه على الشاهد، والمرأة مقبولة الشهادة في غير الحدود كما قال الله تعالى:’’فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان’’ [سورة البقرة:282].
ولذا أمكن تسمية الشاهد قاضيًا، باعتبار الحكم صدر بناء على إفادته، فقد كان يقول شريح للشاهدين: ما يقضي على هذا غيركما (17).
وأما ملحظ من منع توليها القضاء فجملة من الأشياء:
الأول: أن المرأة قد خلقها الله تعالى متصفة بصفات نقص، سواء في العقل أو الرأي أو الدين أو الذاكرة، كما جاء في الحديث: (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من أحداكن)، وفيه قوله:(أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل فذلك من نقصان عقلها، أو ليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم فذلك من نقصان دينها)(18).
وقول الله تعالى:’’أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى’’. [البقرة: 282].
والقاضي يحتاج إلى كمال الرأي وتمام العقل والفطنة، فلم تكمل فيها الصفات المطلوبة فلم تكن أهلاً.
الثاني: أنها لابد أن تحضر محافل الخصوم والرجال، وهي ليست أهلاً لذلك، إما بالنظر للاعتبار الشرعي، أو للوضع العرفي.
الثالث: أنها لا تقبل شهادتها في الحدود أصلاً، وفي غيرها بدون اشتراك رجل معها كما قال تعالى:’’فاستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان’’. [البقرة:282].
الرابع: أن القضاء ولاية، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:’’ما أفلح قومٌ ولّو أمرهم امرأة’’ (19).
ولا شك أن الترجيح بين الأقوال يقضي لقول الجمهور بالرجحان لقوة أدلته وسلامتها من المعارض.
إلا أنني سأعرض لبعض أوجه النقاش التي قد ترد في هذا الباب.
ومن هذا أن القضاء في هذا العصر يختلف كثيرًا عما كان عليه في الماضي فالقاضي الآن لا يملك ولاية تامة، بل هو جزء من منظومة التحاكم، ولذا فليس لحكمه اعتبار حتى يكتسب القطعية بقناعة الطرفين أو تدقيقه من درجة أعلى.
ثم إنه لا يملك النظر إلا في حدود معينة حسب الاختصاص المجعول له فقط.
وقد أجاز الماوردي في الأحكام السلطانية أن يكون وزير التنفيذ في الدولة المسلمة من غير المسلمين، لكونه غير تام الولاية، إذ لا يملك من الصلاحيات ما يملكها وزير التفويض (20)، حسب تقسيم الوزراء ذلك الزمن.
وبهذا فإطلاق ولاية الأمر على القضاء في هذا الزمن فيه نظر، لأن ولايته ليست ولاية عامة، ومعلوم أن غير الولاية العامة أيسر، ولهذا جاء في الحديث: (والمرأة راعية في بيت زوجها، ومسئولة عن رعيتها) (21), وتقدم ما اختاره الماوردي في وزارة التنفيذ.
والتعليل بنقص العقل والدين والرأي في غير محله؛ إذ لو كان لهذا النقص أثر في التكليف لما ساوى الشرع بين الرجال والنساء في التكاليف والعقوبات.
والمعنى من الحديث: أن شهادة المرأتين تعدل شهادة الرجل، وأنها تدع الصلاة والصيام وقت عذرها، دون أن يتجاوز ذلك.
وأما التعليل بعدم قبول شهادتها فلا يصلح مستندًا لمنعها من القضاء لأن الرجل أيضا لا تقبل شهادته بدون انضمام رجل آخر إليه، أو امرأتين كما نصت الآية الكريمة، ومع ذلك فيجوز للرجل الواحد تولي القضاء حتى في الحدود التي لا يقبل فيه سوى أربعة رجال.
على أن في المسألة خلافاً أيضاً، فقد ذهب عطاء وحماد إلى قبول شهادة النساء في الحدود(22).
ويبقى بعد ذلك الملحظ المهم والذي أراه أساس منع المرأة من تولي القضاء، وهو الملحظ العرفي الاجتماعي.
فلا شك أن القضاء لا يزال يعتمد على شخصيّة القاضي، ومدى قناعة المتداعين به، ويحتاج منه لحزم يضبط إجراء التقاضي ويمنع المتداعين من اللدد والانفلات، بله الاعتداء على القاضي نفسه، ولا تزال المرأة – سواء في مجتمعنا أو غيره – هي الشق الأضعف والذي لا يملك غالباً مثل هذه المقومات، فالمجتمع مجتمع رجولي، والنظرة للمرأة دونية في الغالب، وهذا مانع من الانتفاع بها في هذا المجال.
ويزداد الأمر شدة في مجتمعنا حينما نجد المحاكم وقد اختص الرجال بالعمل بها، وكثير من المحاكم لم تُهيّأ حتى بأماكن جلوس للنساء، كل هذا كان ملاحظاً للفقهاء في الماضي ويجب أن لا يغيب عن الفقيه الآن.
ولذا لما نقل ابن العربي المناظرة الفقهية بين القاضي أبي بكر الباقلاني مع أبي الفرج بن طرار في هذه المسألة وتدافعهما البينات والأدلة، قال بعد ذلك: (ليس كلام الشيخين في هذه المسألة بشيء، فإن المرأة لا يتأتى منها أن تبرز إلى المجالس وتخالط الرجال، ولا تفاوضهم مفاوضة النظير للنظير؛ لأنها إن كانت فتاة حرم النظر إليها، وإن كانت متجالّة برزة لم يجمعها والرجال مجلس تزدحم فيه معهم..) (23).
والمقصود أن ولاية المرأة للقضاء إذا نظر إليها من حيث الدليل الشرعي الأصلي فحسب، فلا نجد لذلك مانعًا قاطعًا – مع وجود ما يقوي المنع -.
وأما إذا استكملنا الأدلة ونظرنا لمقتضى المصلحة فإننا لا بد مانعون خاصة مع ما يقضى به العرف الآن.
وهذا قد يفيد في إمكانية تولي المرأة لقضايا تخص االنساء نظرًا، وحكمًا وتنفيذًا، كقضايا مؤسسات رعاية الفتيات في غير الحدود.
وأما من حيث النظام فإن نظام القضاء الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/78 في 19/9/1428هـ لم يشترط الذكورية في القاضي، إلا أن الفقرة (ج) من المادة الحادية والثلاثين قد تضمنت اشتراط أن يتمتع القاضي بالأهلية الكاملة للقضاء بحسب ما نص عليه شرعًا.
* * *
هذا آخر ما يمكن إيراده في هذا الملخص المتعلق بهاتين المسألتين، وأسأل الله تعالى أن يوفق للصواب ويهدي للحق. وصلى الله وسلم على محمد وآله.
____________________
(1) القاموس المحيط مادة (حمي).
(2) المادة الأولى من نظام المحاماة السعودي الصادر في 28/7/1422هـ.
(3) المعجم الوسيط ص932؛ وانظر: الدر النقي (3/619)؛ تهذيب الأسماء واللغات (3/343).
(4) سنن أبي داود (2879)؛ السنن الكبرى للبيهقي (6/161) سند صحيح، والحديث في الصحيحين بدون ذكر إقامة حفصة رضي الله عنها متولية للوقف، صحيح البخاري (3737)؛ صحيح مسلم (1632).
(5) سنن أبي داود (2276)، مسند أحمد (6707).
(6) سنن الترمذي (1357)، سنن أبي داود (2277)، سنن ابن ماجه (2351)، سنن النسائي (6/185)، مسند أحمد (7346): عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(7) رواية للحديث السابق، وهو لفظ أبي داود والنسائي.
(8) صحيح البخاري (2731).
(9) المغني (7/197).
(10) المحاماة في القفه الإسلامي (1/324).
(11) تفسير القرطبي (16/72).
(12) روح المعاني للآلوسي (52/70).
(13) روح المعاني، تفسير القرطبي. الموضع السابق.
(14) بداية المجتهد (2/460)؛ مغني المحتاج (4/430)؛ المغني (9/39).
(15) بدائع الصنائع (7/3).
(16) المغني لابن قدامة (9/39)؛ المحلى (9/429).
(17) أخبار القضاة لوكيع (2/254).
(18) صحيح البخاري (298)؛ صحيح مسلم (79).
(19) صحيح البخاري (4163).
(20) الأحكام السلطانية ص 43.
(21) صحيح البخاري (6719)؛ صحيح مسلم (1820).
(22) المغني لابن قدامة (10/156).
(23) أحكام القران (3/483).