"كتاب "حراك بلا إيديولوجية" لصيقع سيف الإسلام يقدم مرجعًا مفيدًا ليس لدراسة الحراكات في الجزائر فحسب، بل أيضًا لدراسة بقية الحراكات في العالم الإسلامي؛ فهو يربط الحاضر بالماضي و يكشف مكامن الضعف التي استغلها المحتل لصالحه كثيرًا، كما أنه يفحص مكون الحراك الأساسي، ذهنية المواطن، الذي هو المحرك لأي حراك، و العامل الأول لنجاحه أو فشله، و إن الخروج بلا إعداد و لا عدة و لا قيادة و لا بوصلة و لا رؤية واضحة و لا بديل ملموس لحملة إسقاط نظام برمته قائم منذ عقود ليس إلا حماسة زائدة و ضعف تخطيط و وعي لا يغتفر، قد يتسبب في تبعات ثقيلة جدًا يصعب معالجتها. و من الحكمة الاستفادة من الإرث التاريخي من الممارسات الفاشلة التي لا تزال بحاجة لمعالجة جذرية، في سبيل تحقيق الارتقاء المنشود، و هذا يعني اتساع الصدر للنقد الصريح بلا مجاملات.
بتصرف عن مقالة الدكتورة ليلي حمدان بعنوان "مراجعة كتاب :حراك بلا إيديولوجيا" و ها هو رابط مقالتها القيمة :
https://tipyan.com/movement-without-ideology-book
أكثر ما راعني في الحراك الجزائري غياب البديل عن النظام القائم و القيادة الذكية و هذا بالضبط ما توصل إليه سفير أمريكي سابق عمل في الجزائر و متابع للشأن الجزائري.
و ينطبق نفس الأمر علي حراك لبنان و العراق، جماهير تخرج إلي الشوراع، تقودها أحيانا وجوه سياسية أو فكرية و لكن المتأمل عن كثب لمطالبها سيصطدم بما يلي علي سبيل المثال :
نريد العدل...
طيب لنسئل : أي عدل ؟ فالأحري ذكر مرجعية هذا العدل... فأنتم تتظاهرون من جراء فشل العدل الإنساني في تحقيق لكم حد أدني من العيش الكريم و الإزدهار الحضاري.
من خرجوا و من سيخرجون الآن و في المستقبل هم مرآة ذهنية تطالب بالمعجزات، ذهنية لم تطلق بعد حالة اللافاعلية لأنها تفتقر للركيزة الصلبة التي بإمكانها البناء عليها...
ثم عن أي وعي نتحدث مع أناس من مشارب مختلفة و قناعات متنافرة يلتقون علي قارعة الطريق للتعبير عن رفضهم لنظام فاسد قائم و لا نجد بينهم رؤية لبديل ناجع يجمع و يفتح الطريق أمام تغيير جذري يلمس اللب في الذهنيات و السلوكات ؟
فمعظم من كانوا في الحراك عبروا عن حالة قرف أكثر منها حركة واعية تملك مفتاح المعالجة ...بينما من السهل جدا التعبير عن الحنق بالصراخ...لكن أيننا من وصفة العلاج ؟ من يضعها ؟ و ماذا نعتمد فيها ؟
لازلنا نراوح مكاننا، منذ قرون، علي مدي زمن طويل تراكمت طبقات من جهل الذات بالمغزي من وجودها و طبقات من الإيمان السلبي الذي لا يغير ما بالنفس من سوء و طبقات من الشهوات و ران علي القلوب أكوام من اللهفة علي متاع الدنيا الزائل و كسل العقل و سوء تقدير لدورنا في كون له نهاية محتومة.
لهذا أوافق تماما ما جاء علي لسان الدكتورة ليلي حمدان في ختام مقالتها :
"ثم إن التعويل على صناعة التغيير بذهنيات لم تحمل نصاب الوعي اللازم و القدرة على تحقيق هذا التغيير، مجازفة لا يجب أن تتكرر، و من هنا تظهر أهمية القيادة في المشهد، فقيادة الشعوب للنصر وظيفة القائد النجيب الذي يحسن إخراج الخير الذي فيها بانتظام لا يحققه إلا الإسلام، و لا يمكن للعالم الإسلامي أن يحلم بمستقبل مزدهر بغير الاجتماع على الإسلام و العمل له و به، و البداية بضبط ثنائية البنية الذهنية/المؤسسة على الإسلام أيديولوجية و عقيدة و منهجًا و هدفًا."