طالب البيت الأبيض بإحالة الرئيس بوتين و روسيا علي المحكمة الدولية لإرتكابهم جرائم ضد الإنسانية، قرأت الخبر و أنا أتساءل "هل يمزح الرئيس بايدن أم ما به ؟"
كيف نفسر مثل هذا الطلب بينما منعت نفس الإدارة الأمريكية المحكمة الدولية من محاسبة جنودها الأمريكيين أو مواطنيها و لا الكيان الصهيوني الغاصب لجرائمه العديدة و الفظيعة هذا و المضحك المبكي لا أمريكا و لا روسيا و لا أوكرانيا أعضاء في المحكمة الدولية.
كالعادة سياسة المكيالين و الميزانين و "أفعل ما لا أفعله". هذا و بعد إطلاعي علي عرض مارين لوبان لسياستها الخارجية، تساءلت : هل حقا نحن في حاجة إلي مزيد من المقاعد في مجلس الأمن مع العلم أن فيتو لعضو واحد عطل و يعطل حل العديد من النزاعات عبر العالم. منظمة الأمم المتحدة كما هي اليوم عبأ علي الجميع و اوافق رؤية مارين لوبان عندما لاحظت بأن لفظ المجتمع الدولي يغطي علي هيمنة طرف أو طرفان فقط علي القرار الدولي.
نعيش منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، عدة أزمات متداخلة و عدة حروب و نزاعات لا تنتهي. ماذا كان سهم منظمة الأمم المتحدة في ذلك ؟ لا شيء ذات بال يذكر. الحرب في أوكرانيا دليل آخر عن فشل الحوار الديبلوماسي، عندما لا تحترم العهود، تندلع لغة الحرب و الخاسر الجميع.
هذا و عند تسليط عقوبات إقتصادية علي إحدي الدول مثل روسيا، هل نظروا في العواقب و التداعيات أم أن التسرع طبع الخطوة ؟ نحن نعيش علي المستوي العالمي ندرة في العديد من المواد و من يدفع الثمن كالعادة الدول الفقيرة و المحتاجة و العجيب أن حزمة العقوبات هذه لم تزد الشعب الروسي إلا كرها للغرب و نصرة لرئيسهم بوتين.
لا تعدو السياسة الدولية حاليا كونها تناطح قطبين الغرب من جهة و روسيا و الصين من جهة أخري، و نحن بينهم كرة تتقاذفها الأرجل. فالتحدث عن المباديء و القيم و حقوق الإنسان للإستهلاك المحلي ليس إلا، بينما لسان حال الواقع المر أن مصالح الكبار لها أسبقية علي أي شيء آخر.
هذا و حال المسلمين يندي له الجبين، التشتت و التباغض و التنافر و منطق "أنا و بعدي الطوفان" حول حياة أكثر من مليار مسلم إلي كابوس يومي، إن لم نستفيق الآن ؟ متي يكون ذلك ؟
إن لم نبادر بإنقاذ أنفسنا، لا أحد سيفعل ذلك مكاننا، و الوقت محسوب و من يراهن علي المجتمع الدولي يراهن علي السراب...فلا أحد في معسكرات الكبار يريد لنا نهضة أو ريادة...إن لم نرتب أوضاعنا داخليا ، كيف يتأتي لنا تحقيق المناعة التي تسمح لنا بمواجهة أي طاريء في صف مرصوص ؟
هناك أولويات و علينا بالعمل ليل نهار، لعلنا نخرج من دائرة الهامش و اللافاعلية...