مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2020/06/06 12:10
الإنعكاسات الإقتصادية لكورونا كوفيد-19 و دوام الحال من المحال

و أخيرا ضجت العواصم و مدن العالم و مقرات الحكم ب"كفانا عولمة الصناعة و الإنتاج و لا بد من بعث عجلة الإقتصاد الوطني...." و كل هذا من جراء هجوم مباغت عالميا لكورونا كوفيد-19!!

كنت قد أشرت في ورقة بحث متواضعة تقدمت بها في مطلع الألفية الثالثة في المركز الثقافي الإسلامي بعنوان "معالم العولمة"* بإسهاب كيف ستحول العولمة العالم إلي كوكب مترابط متصل ببعضه البعض، بحيث لا تستغني جهة عن أخري و عشنا ذلك فعليا في أزمتنا الحالية. أصبحت موسكو، واشنطن، لندن، باريس و طوكيو رهينة إرادة بكين في بيع اللوزام الطبية لإنتاجها الواسع علي أراضيها...و مثل هذه السياسة الإقتصادية لكبريات الشركات و الأخري العابرة للحدود ألغت سيادة الدولة علي إقتصادها المحلي بحيث أصبح الإختراع الأمريكي حبيس الإنتاج الصيني و هذا في شتي المجالات و القطاعات.

كيف السبيل للخروج من الحلقة المفرغة التي ندور فيها ؟

فالإنعكسات الوخيمة لكورونا كوفيد-19 شلت الحركة الصناعية و خفضت الإنتاج إلي حد أدناه  و سوت اليد العاملة بالأرض، فالإنتاج علي المستوي الواسع متوقف و المحاولات هنا و هناك للعودة إليه مشجعة و غير كافية في آن.

ما نحن في أمس الحاجة إليه، ترشيد الإستهلاك، المراهنة أولا و أخيرا علي إكتفاءنا الذاتي في جل القطاعات الحيوية و إعتماد سياسة تشجيع و دعم الإبتكار و التصينع و الإنتاج و طبعا التصدير و مثل هذه القرارات لا بد لها من إرادة سياسية حاسمة و متبصرة و من إمكانيات و أدمغة و تسيير محنك و أداء عال الجودة و كل هذا في متناولنا، في عالم اليوم ليس هناك فيه مستحيل، فقط لنعول و نتوكل علي الله و نسعي لتحقيق هدفنا الأسمي، الإستقلال الحضاري و التي بدأت معالمه ترتسم في إجتماع كوالا لامبور بمبادرة من الوزير الأول الماليزي السابق السيد مهاتير.

نحن علي المستوي المحلي نمتلك مقومات إيجابية كثيرة و لكن ايضا إرث ثقيل من سوء النية و سوء التسيير و فساد مستشري و بيروقراطية قاتلة، إم لم نقضي علي هذا الإرث، فنحن نراوح مكاننا...في زمن إنبعاث القوميات ماذا نخسر بترشيد الإستهلاك و الترويج للإستهلاك الوطني ؟ فالمواطن في حاجة إلي توعية و إلي توجيه إنتباهه لمجموعة شروط و قواعد عمل و حياة تعينه علي تجاوز أزمات متداخلة مثل البطالة و إنخفاض القدرة الشرائية، الرسوب المدرسي، إرتفاع نسبة الإكتئاب و الإنتحار و ...و...

يقضي التعامل الذكي بأن نثق في منتوجنا أولا قبل أن نتجه إلي منتوج أجنبي، شخصيا استهلك أدوية "صيدال" و لا أثق في أدوية أجنبية، تنمية الحس الوطني يرفع من معنويات الصناع و المنتجين، فالمواطن سيتجه في المغازات و المساحات الكبري إلي المنتوج الوطني أولا، و قبل تشجيع المستثمر الأجنبي، علي القائمين علي الإقتصاد الوطني أن يقدموا جملة من التحفيزات للمستثمر الوطني، فالجزائري أولي بدعم دولته من الأجنبي. نحن نعيش علي وقع تسريح عمال و غلق مؤسسات صغيرة و متوسطة و تباطيء وتيرة النمو بشكل مخيف إلا أننا في مرحلة التوجه إلي التعافي من الوباء و إن كان وجوده مستمر لزمن، فالتعجيل في إيجاد مخارج للأزمة المركبة أولوية الأوليات، ينتظر المواطن عمل في الميدان و ليس خطابات عبر الشاشات و تقارير إجتماعات مجلس الوزراء.

هذا و نريد أن نوضع في الصورة كلنا، فنحن جميعا معنيين بكيفية الخروج و الذهاب إلي حلول ناجعة، ما هي الإستراتيجية المتبعة ؟ ما هي المراحل و الأشواط المرفوقة بمواعيد زمنية محددة ؟ و هل سيعود أهل الحل و العقد إلي أهل الإختصاص و التشاور مع الفاعلين الإقتصاديين و النقابات المهنية أم أننا سنشهد نفس الممارسات المكرورة علي مدي خمسة عقود ؟

بلورة خطة تضمن تصور فعلي و خارطة طريق مع ما يستوجب ذلك من مرافقة و متابعة و محاسبة أمر ممكن، و الغير الممكن الإستمرار في النهج الفوضوي و الذي تكبدنا من جراءه خسائر فادحة...الغير الممكن أن ترسم الرداءة معالم الإنفراج، فكما نعلم من تحكموا في زمام الأمور لزمن طويل أشبعونا كلام مدبج و فساد خرافي و صفر عمل و صفر إستقلال إقتصادي و حضاري...و هذا من المستحيل التساهل معه في ظل حراك وطني يراقب و يتحرك في الميدان...

إحدي مفاتيح إسترجاع ثقة الشعب في حكامه أن يخرجوه من الوضع الحالي و أن لا يدخلوه نفق الإنتظار الذي ينتهي بالتدمير الذاتي...

*http://www.natharatmouchrika.net/index.php/search/item/350-2015-06-23-08-33-29

أضافة تعليق