آن الآوان للحديث عن فساد الذمم لدي النخب أي كان تخصصهم أو نشاطهم. آن الآوان لنتكلم بصراحة شديدة حول تصورنا لمجتمع جزائري مسلم سليم و معافي حضاريا و دينيا.
منذ 2008 و أنا أعيش علي وقع مهزلة كبري أبطالها النخب السياسية و الإقتصادية و الثقافية و... و ...
كل من شارك من قريب أو بعيد في التمديد لعهدة ثالثة للرئيس بوتفليقة لا يحق له أن يتكلم أو يتفلسف حول ماهية الحكم و مشروع الجزائر المستقبلية. كفانا متاجرة بكل مقدس و بكل شيء من أجل صورة في الإعلام و مانشيت عريض حول شخصية مضخمة لا تمت بصلة لواقع الشعب.
كفانا فساد و إفساد للضمائر أي كان موقع هذا النخبوي، عشنا منذ 1962 حقبة "عاش الزعيم" و كأن رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية شخص معصوم له مطلق التفويض في التصرف في شؤون البلاد و العباد بدون ادني إعتبار لمواد الدستور، هذا الدستور الذي ضحينا من أجله ثلاثة أجيال إبان الإستدمار الفرنسي و لأكثر من خمسين سنة من الإستقلال.
برنامج أي رئيس محدد بعهدة زمنية معينة، لتجديدها مرة واحدة لا بد أن تحصل علي تزكية الأخيار و الأتقياء و ليس كل من هب و دب يدلي بصوته.
نحن ملزمين بمقاومة النفس الأمارة بالسوء و التواضع و إعتبار أنفسنا كلنا سواسية أمام الدستور و القانون، ليس هناك أحد مستثني من المتابعة و العقاب.
غضب الحراك الوطني المبارك في بداياته كانت له مبرراته الموضوعية، لا يعقل أن نبقي حبيسي أهواء عصابة تمددت و أفسدت البلاد و العباد لكن ذلك الغضب فيما بعد وقع توظيفه لغير صالح الدولة و الشعب و كنا قاب قوسين من الصدام لولا رحمة الله الذي انزل علينا البلاء ليضع كل أحد أمام مسؤولياته.
نحن الآن و غدا إن شاء الله مطالبين بتصفية النوايا و القلوب ملزمين بالإنضباط و إحترام سنة التغيير و تقويم أنفسنا و الإعتماد علي كفاءاتنا و إمكانياتنا و أهم ثروة في الكون : الإنسان.
علي النخب أي كان مجالها أن تدرك خطورة الموقف و ضخامة التحدي و لا مفر من تحمل مسؤولياتها كاملة.
فالمواطن البسيط يريد أفعال في الواقع المعاش و ليس سفسطة كلامية تطل عليه من شاشات التلفاز.
ينتظر المواطن البسيط تحسن ملموس في الأداء و بدون ذلك سيفقد الجميع البوصلة. أن نصل إلي درجة فقدان الثقة التامة في مؤسسات الدولة، فهذا أخطر الأخطار و لا مناص لمسؤولي اليوم و غدا و للنخب من إسترجاع هذه الثقة المفقودة بأخلقة الفعل السياسي و إلا سنشهد إنتصار منطق "أنا و بعدي الطوفان."