مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2019/07/28 19:43
النظام السياسي الجزائري بين المرفوض و المرغوب فيه
نحن نعيش منذ حوالي ستة أشهر في الجزائر علي وقع الحراك الشعبي الجزائري، ذكر الجميع حكاما و محكومين أنه آن الاوان مراجعة النظام السياسي الجزائري القائم منذ 1962. و لا بد لنا من أجل هذا وقفة رزينة، نحيط بالممكنات في المدي المتوسط المعطي لنا حاليا: أولا و قبل كل شيء، نحن في حاجة إلي التروي و جس نبض من هم في السلطة. هل فعلا هم مستعدين للتغيير المطلوب من الجماهير المتظاهرة في كل التراب الوطني ؟ هل فعلا من يشغلون مناصب المسؤولية في مختلف مؤسسات الدولة الجزائرية، فهموا في العمق رسالة الشعب الجزائري ؟ هل ما نعيشه منذ 22 فبراير الماضي من تنحي الرئيس بوتفليقة و بدء حملة محاسبة الفاسدين و إستقالة بعض المسؤولين كرئيس المجلس الدستوي وإلغاء الإنتخابات الرئاسية المقررة في جويلية و الذهاب إلي الحوار علامات عن إستيعاب الطبقة الحاكمة الجزائرية للمطالب الشعبية ؟ إلي حد الساعة نستطيع ان نجيب بنعم و لا في نفس الوقت. نعم لأننا نعد إستقالة الرئيس بوتفليقة رمز أولي للفهم المتأخر جدا للسلطة أن عهدة خامسة لرئيس منهك صحيا مستحيلة و كان الأجدر بهم أن يدركوا ذلك دون أن يزلزل الشعب الجزائري شوارع بلاده بالخروج كرجل واحد في 22 فبراير 2019 مطالبا برحيل الرئيس بوتفليقة. نعم عندما رأينا بدء محاسبة رؤساء وزراء الجزائر السابقين لكن و لكن و لكن لا، حينما نري اليوم أن القضاء الجزائري يتصرف بإنتقائية، فهناك فاسدون لم يقع محاسبتهم بعد أم أن صلاحيات القضاء الجزائري محدودة و ينتظر إنتخاب رئيس جمهورية تكون لديه كامل الصلاحيات ليضع كل أحد أمام مسؤولياته ؟ لا ندري، هذا و لازالت بعض الأصوات لا يقبل نقدها و ممنوعة من التحدث علنيا أو تقديم المحاضرات بل مصيرها السجن و إن كنت اعتقد انه علينا أن نكون حذرين في التعاطي مع حرية التعبير، فالحديث مثلا عن جيش الحدود ليس مناسبا لتوقيت حرج مثل هذا، تعيشه البلاد و هي علي صفيح ساخن... ثم هل نثق بمسؤولين سياسيين أثبتوا عبر 20 سنة من تواجدهم في مناصب القرار و قبلوا علي أنفسهم التواطيء مع عصابات الفساد أن يقودوا مرحلة حساسة مثل التي نحياها اليوم و التي تقضي بتعيين نزهاء لقيادة الحوار و الإشراف علي إنتخابات رئاسية نظيفة ؟ نعم و لا، نعم لأنه يتوجب إسناد الأمر لمسؤولين آخرين أخيار موجودين في الظل بسبب التهميش و هم الأقدر علي تسيير المرحلة الحاضرة بكل تحدياتها شروطها توقعاتها و لا عندما نري نفس المسؤولين المتورطين في واجهة الأحداث... كنا حاكمين أو محكومين علينا أن نفهم : لم يعد بوسع الجزائر أن تأخر مواجهتها الشاملة لعصابات إجرامية رهنت البلاد و العباد و نحن علي مشارف نهاية زمن النفط و الغاز و تغول التخلف المادي و التكنولوجي و إنحطاط المجتمع قيميا بحيث اصبحت معايير المادة من تحكم و ليس تقوي الله. نحن نعيش واقعا غير قابل للإستمرار لأنه ينذر بفناءنا و هذا لا يليق بأمة لها من التاريخ 6 آلاف سنة، كل العالم العربي الإسلامي مقبل علي تغييرات عميقة آجلا أم عاجلا و هذه التغييرات بمثابة مفاتيح الإنعتاق من إستبداد الفاسدين و المفسدين بمصير مليار مسلم و أكثر... و الجزائر ليست بمعزل عن هذه الحركة التصحيحية الضخمة، لهذا و مشيئة الرب تحضر ليوم معركة الفصل عند أسوار القدس الشريف تريد لنا قدرا آخر و مصير نكون فيه سادة و ليس تابعين. جميعا في الجزائر علينا أن نعي بأن النظام السياسي الجزائري الذي كان قائما قبل 22 فبراير 2019 مرفوض جملة و تفصيلا و أن النظام السياسي الجزائري الذي نتطلع إليه لا بد أن يأخذ بعين الإعتبار بديهيات كحق تقرير مصير شعب بعقوله و أيديه، و أنه محكوم علينا أن ننهض من كبوتنا و نراهن علي أمركم شوري بينكم و إعمال العقل و الفكر فيما يصلح الجميع و الوقوف بالمرصاد للفاسدين و المفسدين و ليس هناك خير من الفصل بين السلطات الثلاث و الحرص علي إستقلالية كل سلطة و خضوع الجميع أمام سلطة القانون و المساواة للجميع في البحث عن اسباب السعادة، بذلك فقط نكون قد طلقنا مرحلة الإنكسار و الإستعباد...
أضافة تعليق