مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2019/03/30 17:49
الهوي لم يبني حضارة
أبدأ هذه المقالة بإفتتاحية موقع نظرات مشرقة و التي أتت علي لسان مفكرنا الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله رحمة واسعة :" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. " فصراع الخير و الشر مستمر إلي يوم طي السجل و قيام يوم الحساب، و عملية التغيير المرجوة نعني بها الطموح إلي تحقيق تصور و نمط معيشة وفق مضامين التوحيد و مبادءه من فضيلة و عدل و عمل و إجتهاد و إستقامة أخلاقية، هكذا ننجز الصيرورة التي أبتعث من أجلها سيد الأنام محمد عليه و علي آله أفضل الصلاة و السلام. نحن لم نوجد في هذا الكون الفسيح عبثا، خلقنا لنعمر الأرض و نكون خير خلفاء لله في الأرض و من دون بوصلة تحدد لنا ما هو الخير و ما هو الشر فنحن سنظل ندور في حلقة مفرغة و هذا لا يليق بأمة بعثت لتكون خير أمة أخرجت للناس. نحن نشهد تململ لمجتمعاتنا من أقصي عالمنا الإسلامي إلي أقصاه، يعبر هذا التململ عن رغبة أكيدة لشرائح إجتماعية واسعة في رسم معالم واقع جديد لا مكان فيه للظلم و إستبداد الفساد و المفسدين و هذا التحرك الواع نريده حقيقيا و مستوفيا لشروط النهضة الشاملة، نعم لمحاسبة الفاسدين و المفسدين و ليتم ذلك وفق مقاربة ذكية و عملية للخروج من حالة السبات و الإستسلام لمنطق الفساد الطاغ. و لا سبيل لنا لكتابة تاريخ جديد بمحو القديم تماما، فأي كان الأمر هناك مبدأ الإستمرارية الذي يضمن لنا إعادة بناء مصير بالإحتفاظ بالمكونات الإيجابية و التخلص من السلبيات، أي علينا إنماء المكاسب و إحداث التغيير في المجالات التي طالها الفساد و غمرها. هذا و علينا بتفعيل قيمنا كمسلمين أي كانت جنسياتنا، سوريين، جزائريين أو سودانيين، فإلي حد الساعة المنظمومة القيمية التي نتجت عن طغيان عنصر الفساد كانت وراء ظهور أجيال لا هوية لها و لا قيم، تستند في اقوالها و أعمالها و أحكامها إلي الأهواء و الهوي لم يبني حضارة في تاريخ البشرية قط... فكأفراد و جماعات لنتمكن من تصحيح مسار و أداء حكوماتنا علينا بالإحتكام إلي مواد دساتيرنا، و بدون تغليب منطق القانون الإلهي و الوضعي لن يقدر لنا النهوض أو العيش الهنيء. فأي كان موقعنا علينا أولا و أخيرا أن نحكم القانون و لا نخاف من إبتزاز الفاسدين، فمن إتقي الله يوفر له مخرج آمن مهما إشتدت المحن و طال مداها، فلا بد أن ندفع باللتي هي أحسن و أن نضع ثقتنا في الله فهو الرزاق. فلا نسمح لأي كان بأن يلوي عنق القوانين لتخدم مصالحه الضيقة علي حساب الأغلبية و مثل هذه اليقظة التي تعتمد علي الضمير الحي و الحس المدني العال و الشعور بمسؤولية المواطنة و تكتل الأخيار تمكننا من هزم الأنا المتضخمة للفاسدين المفسدين أي كانت سلطة بطشهم. فالحياة صراع دائم بين الخير و الشر و لا خيار لنا سوي أن نظل في حالة إستنفار دائمة، فالإستقلال الذي حزنا عليه في 1962 لم نحصنه اخلاقيا لهذا إنحرف قطارنا و صرنا اليوم رهائن في أيدي جماعات شريرة نافذة. يستوجب بناء الذات ان نكون سادة مصيرنا و هذا يتأتي لنا بالوعي و الإستقامة الأخلاقية و القيام الصارم بالواجبات للحصول علي الحقوق. يكبح الخوف من الله النفس الأمارة بالسوء، هذا و الإستقامة الأخلاقية ليس بإمكان أي نظام حكم أن يفرضها بالقوة من فوق، كل ما في مقدوره أن يفعله حمايتها بقوانين ليس أكثر، أما من بمقدوره تجسيدها هو الفرد الذي عليه أن يستقيم من تلقاء نفسه لتستقيم حياة الفرد و الجماعة علي السواء.
أضافة تعليق