يشهد الله لم تؤرقني قضية في حياتي مثل ترسيخ الممارسة المدنية لمفهوم المواطنة في مجتمع متمرد مثل المجتمع الجزائري. دائما ما شعرت بإستعجالية الموقف، و لا خيارات كثيرة أمامنا سوي الذهاب إلي الفعل المسؤول الواع و إلا الفشل مآلنا.
بعد أكثر من خمسين سنة من الإستقلال، لا يزال المواطن الجزائري حبيس ذهنية التواكل، ينتظر الآخر أن يتحرك كان مسؤولا أو جارا أما هو فلا حراك له و لا عمل. فكيف نتوقع تفعيل دور المواطن و الحال علي ما هو عليه ؟
هذا و المنظومة التربوية شقت الطريق نحو إسترداد دورنا في صنع مصيرنا بعقولنا و أيدينا، ماذا ننتظر بربكم ؟
الحياة صراع بين خير و شر إلي يوم الدين و أن تناضل سلميا و حضاريا بدون كلل و لا ملل في أرضك و وطنك له طعم خاص، فلماذا هذا الجمود و التحجر و لغة العنف الطاغية علي أي مناقشة عقلانية و تقدير صحيح للحقوق و الواجبات ؟
لا أحد منا قرأ الدستور الجزائري، فكيف بالمواطن الجزائري يعي مسؤولياته و ما يحق له و لا يحق ؟
هذا و الذهنية التي تبيح للمواطن الدوس علي القوانين بدعوي أن المسؤول يسمح لنفسه بذلك، ذهنية مدمرة. قضينا علي أنفسنا بتوجيه اللوم إلي الآخر كان مسؤولا أو مواطنا و تبرئة ذمتنا بإعتبارنا معصومين لا نخطأ و لا نسيء لأحد.
هل يعقل أن مثل هذه الذهنيات و السلوكيات تحكم المواطن ؟ هل يعقل أن ما يسيرنا الهوي و ليس تقوي الله ؟
متي ندرك أننا ركاب مركب واحد و أن خرق للقانون من واحد سينتهي بنا إلي الهلاك الجماعي ؟
تعجل حياة الفوضي و التمرد في نهايتنا، فلنا أن نقرر أي مصير نريد ؟ الدولة مرآة الشعب و العكس صحيح أيضا. فنحن ندور في حلقة مفرغة منذ 1962 من جراء لاوعي و لامسؤولية الحكام و المحكومين. كيف نطوع القانون ليخدم مصالح الأقلية و لا نعبأ بالمخاطر المحدقة بنا نتيجة ذلك ؟
كيف ينظر إلي الشعب أنه من العوام الذين لا يستحقون إحترام او إشراك في صنع الحاضر و الغد ؟
كيف نشيطن مسؤول لمجرد سماع القيل و القال ؟ ألا نحكم علي شخص طبقا لأفعاله ؟ لماذا لا نقيم المسؤول وفق عمله في الميدان ؟ هذا و مبدأ الإنتخاب يخولنا معاقبة المسؤولين الفاشلين، لماذا لا نستغل هامش الحرية المتاحة لنا ؟
إلي متي و نحن منكفئين علي أنفسنا، نرفض فعل المشاركة و تحمل مسؤوليات المواطنة ؟
في اليوم الذي سنفهم فيه حاجتنا الماسة إلي تفعيل وجودنا في الواقع المعاش نكون قد بدأنا في ممارسة حقوقنا و واجباتنا كمواطنين جزائريين. فخلاصنا بأيدينا، و لا أحد يقرر مصيرنا سوانا، لنكف من معزوفة الشكوي و لننضج فننهض بأنفسنا بعيدا عن لغة الخشب من فضلكم.
هذا و فعل التغيير في الإتجاه الصحيح، يبدأ بخطوة علي مستوي المواطن الفرد و البقية تأتي، كما سبق و أن قلت لنغير ما بأنفسنا أولا و سيتغير تدريجيا كل شيء حولنا إن شاء الله...