أكبر لعنة نزلت علي الجزائر في العصر الحديث كان تاريخ 5 أكتوبر 1988.
أولا هل إنتفض الشعب الجزائري في 5 اكتوبر 1988 من أجل المطالبة بأحزاب متناحرة و حرية تعبير تزرع الفتنة و من أجل السماح لنشاط ألف نقابة و نقابة كل واحدة منها تقول لك : الحق معي أنا و الآخرون علي باطل ؟
يستحيل، في ذلك اليوم المشؤوم كان قد مضي عام و ثلاثة أشهر من عودتي النهائية إلي الجزائر و حينما رأيت أخي الصغير يعود إلي البيت مصدوم لسماعه الرصاص لأول مرة في حياته و هو بعد طفل في السنة أولي إبتدائي شعرت بطعنة خنجر في ظهري.
هل يعقل يا أهل العقد و الربط أن ينتفض شباب الجزائر في ذلك اليوم لتغرقونه بالأحزاب السياسية و حرية تعبير فاجرة و تبيحون له حريات منفلتة يصبح فيها رجل الأمن الجزائري يلعن ليل نهار الديمقراطية التي اهدرت كرامته و هيبته ؟
ثم ما الفائدة من نظام ديمقراطي تفصل فيه صوريا السلطات الثلاث تشريعية و قضائية و تنفيذية بينما لغة القوة الغاشمة و نفوذ الرشوة هما من يحكمان المشهد العام و الخاص ؟
صدقا من إنتفضوا أرادوا أن يوصلوا رسالة واحدة لحزب جبهة التحرير الوطني الجزائري و هي :
كفانا فسادا و لا بد من إدارة شؤون البلاد وفق مباديء العدل و الإنصاف، و الذهاب نحو ضرب بيد من حديد الراشين و المرتشين، هذا كل ما طالب به الجزائريين في 1988.
إذن أريد أن أفهم لماذا توجه نظام الحكم آنذاك و حزب جبهة التحرير الوطني الجزائري إلي الديمقراطية ؟
هذه الديمقراطية التي مزقت البلاد و العباد و زرعت الحقد و الضغينة بين أفراد شعب واحد و تواجهنا بالسلاح لمجرد توقيف مسار إنتخابات تشريعية في دورها الأول و هل كنا نحتاج إلي ذلك ؟
طبعا لا.
إنني أكره هذه الديمقراطية التي فتحت المجال واسعا أمام هواة الحريات المتحررة من اي قيد أو وازع أخلاقي او ديني.
أكرة هذه الديمقراطية التي جعلتنا نبذر المال العام و ننفقه علي أحزاب، فيجد فيها المسؤول نفسه رهينة إرادة أحزاب و نقابات منقسمة علي بعضها البعض تساوم عل كل شيء و لا يهمها الصالح العام.
أكره هذه الديمقراطية التي سمحت لكل الرديئين العربدة و تسخير طاقات البلاد و ثرواتها لمزيد من الإستنزاف و ملأ الجيوب و الحسابات البنكية ما وراء البحار و المحيطات.
أكره هذه الديمقراطية التي لم تجلب عدلا و لا إنصافا لأبناء الشعب البسيط.
أكره هذه الديمقراطية التي جعلت الرجل و المرأة في حالة تصادم مستمر من جراء نظام إقتصادي ليبرالي وحشي و لم نري سياسة تشجع النبوغ و طلب العلم و البحث و الإبتكار في المجالات الحساسة لدرجة أنه في حقبة ما لم يجد الرئيس إلا الشكوي أمام مسؤولين أجانب عن إفتقار الجزائر لوسائل تكنولوجيا متطورة لتتبع المجرمين، تري لم عجزنا عن تخصيص ميزانية للبحث العلمي في مجال تأمين الحدود ؟
أكره ديمقراطية سمحت للفاسدين في الدولة التمادي في غيهم و شرهم دون عقاب أو ردع.
أكره ديمقراطية يقاضي فيها الشرير، الشريف.
أكره ديمقراطية لم تلبي المطلب الأول و الوحيد للشعب الجزائري الذي إنتفض في 5 اكتوبر 1988 ألا و هو تسيير أمور الرعية وفق مبدأ العدل لا أكثر و لا أقل.
أكره ديمقراطية لم تحاسب بارونات جبهة التحرير الوطني علي الإفلاس السياسي و الذي ادي بنا إلي 5 أكتوبر 1988 المشؤوم.
و شكرا.