لزمن طويل تابعت في شمال إفريقيا حركة التطور الشاملة التي تبعت حدث الإستقلال الصوري.
هل فعلا ما شهدته المنطقة علي مدي أكثر من خمسين سنة نسميه تطور شامل ؟
برامج التنمية التي تبنتها مختلف الحكومات المتعاقبة، لم تضمن حد أدني من الأداء الفعلي و المهني للخدمات الأساسية، فالمرافق العامة من صحة و سكن و عمل عملية إدارتها بفعالية قصوي لازالت رهينة مزاجية المسؤولين أكثر مما تخضع إلي تخطيط و مراقبة، كيف ندخل عام 2017 لتتعطل عملية التعمير نتيجة نقص السيولة في الجزائر ؟ ثم تتوفر المبالغ في نصف العام، ستة أشهر تأخير...
و كيف لا ننمي الحس العام و روح المسؤولية و نكون الأطقم الطبية و الشبه الطبية وفق معايير الكفاءة و التراحم لنراهن فقط علي زيادات الأجور و فتح العيادات في الأماكن المعزولة بينما الخدمة تقارب الصفر في الأداء ؟
و أي تنمية و نحن لا نعرف منها سوي البهرج أي التدشين بأبواق الزرنة مرافق جديدة تتعطل أجهزتها بعد شهر من إنطلاقها ؟
أي تنمية و نحن لا نمتلك تصور عقلاني و عملي لم نريد و تقدير صحيح لإمكاناتنا ؟
فهل كل خطة خماسية ينطبق عليها وصف التنمية و هل النهضة الحضارية تقتصر علي الهياكل المادية الصماء ؟
هل قدرنا فعل طلب العلم و هل كافئنا كفاءاتنا أم أدرنا لهم ظهورنا لنكسب فوق الطاولة و تحتها صفقات مشبوهة ؟
العقل الذي يتعاطي مع الواقع من منظور التقدير و التمكين هذا ما نفتقده و يصعب إيجاده في أجواء المحاباة و الرشوة و التهريب و الإختلاسات و التهرب من المسؤولية و عدم المحاسبة.
نحن لسنا في حاجة إلي تنمية المشاريع بقدر ما نحن في حاجة إلي تنمية الرأس المال الإنساني. و هذا لن يتاتي لنا بالأساليب الملتوية و اما الاستقامة الاخلاقية فلا يتمتع بها من تقلدوا المناصب زورا و بهتانا، لهذا من غير المعقول ان نعول عليهم و لا بد لنا من إزاحتهم سلميا و حضاريا.
التنمية مهمة أكبر بكثير من أناس كل همهم حصد المغانم و آخر ما يفكرون فيه جرد إخفاقاتهم و ما معني التطور الانمائي و المكلفون به لا يفقهونه قولا و لا فعلا بل نراهم حريصين علي صورتهم في الاعلام أكثر من أداءهم في الميدان.
هذا و لا بد من ربط التنمية بضرورة الإنبعاث الحضاري لأمة محمد عليه و علي آله أفضل الصلاة و السلام، و أن نعيد ربط المصير القطري بمصير الأمة ككل، فنفرح بأي تقدم في المغرب الأقصي الشقيق كما نفرح بذلك في مصر، عمان أو موريتانيا الأشقاء.
فتبادل الخبرات و التجارب و التشارك في تصور المصير الواحد يشكل أكبر دفع لفعل التنمية. و تبقي التنمية فعل إجتهادي لبنو البشر، فالخطأ يقع و تداركه واجب و لا مفر لنا من الذهاب إلي الفعل المحرر، بدون قاعدة علمية و صناعية لا مجال للحديث عن إنبعاث، هذا و دون حصانة منظومة قيمية قوية، نحن نحرث في البحر...
1 ذو القعدة 1438
24/07/2018