مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2017/02/19 12:24
محصنات من السقوط  في الطريق   بقلم الأستاذ حشاني زغيدي

     وقفة تأمل  :    
                       

       حين نقرأ بعض صفحات التاريخ الدعوة المشرقة في العهد الأول من الدعوة الإسلامية .  يبهرك روعة البناء و روعة الباني نكاد نجزم أن ذلك الجيل الأول حمل كل الصفات . تصدق فيهم الصفات العشر للرجال الذين  حملوا  تكاليف الرسالة الهادية في كمالها و جمالها . استخلصها الإمام البنا رحمه الله  من القراءة الفاحصة لمسار التربية في الصدر  الأول في الإسلام .

فهم و إخلاص :

      فهم شامل لمقتضيات الفكرة محصن بالإخلاص لله في القصد و العمل فكل عمل ينجز و كل مشروع يقام و كل قضية ينتصر لها و كل فكرة يرعاها ،  لها  في الشرع أصل . فالمسلم  يحصن كل مناحي حياته بلزوم الشرع مستحضرا النية أن ما نقوم به فهو حسبة لله نريد به وجه الله تعالى وحده . ﴿ قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163].

عمل و جهاد :

      لا تقوم الحياة إلا بالعمل  فالإسلام حارب البطالة و حض على العمل  . عن الزبير بن العوام رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :  ” لأن يأخذ أحدكم أحبله فيأتي الجبل فيجيء بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها فيستغني بثمنها خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه  رواه البخاري .  بل يرتقي هذا الجهد المبذول ليكون جهاد في سبيل الله جهاد تنوير و جهاد تعمير و جهاد دفع ، لا يخرج عن الشمول الذي دعا إليه الإسلام .

تضحية و طاعة :

       و إن التضحية هي بذل أقصى الوسع في العمل و الجهاد ،  و لا يستقيم العمل في المشاريع  أو في إدارة الأعمال ما لم  يكن لتلك المشاريع ضوابط حازمة تمنع الانزلاق و الخروج عن ضوابط العمل ،  و الأمر  تقره كل تنظيمات العمل فلهذا كانت الطاعة أمرا مستلزما ،  بل موجبا لنجاح المشاريع في المؤسسات أو في إدارة  الحياة الخاصة للفرد ،  و تلك الطاعة إنما تكون في المعروف و في حدود الوسع و الطاقة .

ثبات و تجرد  :

      إن  كثرة الأعمال و التكاليف و المهمات قد  يترب عنها شيء من الضعف والوهن ،  لهذا كان لزاما أن يستشعر الفرد عظمة المهام بطلب العون و النصرة من الله ،  أن يوفقه ليكمل مشواره الطويل و أن يجبر ضعفه ، فالمرء لا يستغني عن مدد السماء فهي وحدها المثبتة ،  فيحرص المسلم ليراقب نفسه و أعماله قي  السر و العلن أن يعلم أن  الله محيط  بكل تصرفاتنا  في السكون و الحركة في اليقظة و المنام في الإقبال و الإدبار في الضعف و القوة  فهما  العاصمة و دونها عناصر تقوية .

أخوة و ثقة :

     لهذا كان شان الأخوة كبير في صدر الإسلام الأول و قد أولاها الرسول محمد  صلى الله عليه و سلم الأهمية الكبرى فكانت المؤاخاة بين الصحابة يقول تعالى ذكره : قال الله لموسى عليه السلام  " قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا ۚ بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ " و حتى تنجح الفكرة و تسود المبادئ  فلابد   لها من عنصر وثيق و مهم فكانت الثقة ركنا حصينا  و تكون الثقة  في الله و نصره ، و ثقة  في المنهاج و صلاحيته ، و ثقة في القائد و كفاءته ،  ثم ثقة في أخوته  التي هي شقيقة الإيمان .  فبهذه الصفات العشر المحصنة يعلو البنيان و يقوى الصرح و تنصر المبادئ فتحصل السيادة و الريادة .  



و الله أكبر و لله الحمد        الجزائر  في 19       / 02     / 2016

أضافة تعليق