المستقبل للإسلام
سميرة بيطام
لقد كان لتأثير القرآن في حمل المسلمين على النظر و البحث لفهم الأرض و السماء و النجوم و النجوم و سيرورة الكواكب و تحليق الطيور قي السماء دافعا لحل ألغاز الطبيعة و كيفية تفاعل نواميس الكون بدقة متناهية.سميرة بيطام
و الكل يعرف أن النهضة الثقافية الحديثة في العالم برمته كانت بمصدر من الاسلام و قواعده على مدى قرون عديدة و قبل ذلك حيث اختار الله سيدنا محمد صلى الله عليه لتبليغ الرسالة السماوية و التي طافت و جالت أقطار المعمورة حتى أصبح المستشرقون يسكتون أمام أعجوبة الظاهرة الاسلامية في دين يتدفق من قلوب المسلمين أفواجا أفواجا و بات الخطر الداهم للغرب و لأوروبا لأن الحضارة برمتها و بأنواعها كامنة في هذا الدين.
و اذا كنا في حاجة الى شاهد ،فلنرجع للوراء تاريخيا حيث كان اهتمام الأوروبيين بكتب "المسالك و الممالك" و بالجغرافيا العربية مثل ما ورد ذكره في كتاب "دور المسلمين في تقدم الجغرافيا الوصفية و الفلكية" للدكتور اسماعيل العربي حيث كتب أن صادف أن بدا هذا الاهتمام بصفة جدية و هادفة في منتصف القرن التاسع عشر و لو أن بعض الكتب العربية كانت قد ترجمت الى اللاتينية و غيرها من اللغات الأوروبية منذ القرن السابع عشر ،و كان أهم معالم هذا الطريق هو ترجمة رينو لكتاب "تقويم البلدان" لأبي الفداء و كتاب تقويم البلدان نشر في المغرب ، ليطرح التساؤل حول اهتمام أوروبا بالجغرافيا العربية ؟، و العقل البشري الى اجهاد الذهن لكي يعيد الى ذاكرته بعض الأحداث التاريخية الأساسية التي وقعت في افريقيا و آسيا في تلك الحقبة التي تلت الثورة الصناعية و التي تكالبت فيها الدول الأوروبية على مصادر المواد الخام و عملت لإخضاع الشعوب التي تملك المواد و غيرها من مصادر الثروة ، و في هذه الحقبة احتلت فرنسا الجزائر بينما استولت هولندا على أندونيسيا ، و كانت البرتغال تحتل مساحات شاسعة من شواطىء الهند و جزيرة سيلان و كثيرا من جزر المحيط الهندي و قد عرفت الصين ما يسمى حرب الأفيون "1939-1842" التي انتهت بمعاهدة "تانكان" التي فتحت بموجبها للملاحة البريطانية خمس موانىء من أرض الصين و حصلت بها على جزيرة هونكونج و في هذه الفترة أيضا اتسعت رقعة الامبراطورية باستيلاء بريطانيا على الهند "1891" و احتلالها لاجوس عاصمة نيجيريا فيما بعد "1851".
هي بلدان مستعمرة و لكي تتقن فن الاستعمار عليها أن تتقن لغة البلد و تعرف من دينه ما يشبع حاجتها للاستعمار سعيا منها للغزو الثقافي و الفكري و الاقتصادي و لذلك سعت الى البحث و الترجمة و التقصي من التراث العربي الاسلامي ليوفروا بذلك الوسيلة المناسبة لنجاح استعمارها.
و قبل هذه الحقبة التاريخية و في عصر النبي صلى الله عليه وسلم كانت قريش تعتقد أنها ستضيق الخناق على النبي و صحبه لكي لا ينتشر الاسلام فأعدوا له عدة الحروب و طوقوه من كل صوب و ألحقوا به الأذى و أدموا قدميه الشريفتين و كل هذا ليسكتوا صوت الاسلام لكنه انتشر رغم جحودهم و حقدهم عليه لأن الرسالة مؤيدة من الله سبحانه و تعالى ، بعدها جاءت جيوش المسلمين و قاداتهم و فتحوا بلاد الشام و جاء عمر بن الخطاب و تسلم بيديه مفاتيح القدس ،و الدليل على أن هذا الدين ستكون له الغلبة مهما كاد له الأعداء هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم عن ثوبان أنه قال صلى الله عليه وسلم "
إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا، وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ، فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ، وَإِنَّ رَبِّي قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ، وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ، يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ، وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا - أَوْ قَالَ: مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا - حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا، وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا.
فملك الأمة سيبلغ ما زوي للنبي من الأرض ، لكنها بشارة من الرسول أن ملكها أي عدلها كما وصل في العهد السابق الى عقبة بن نافع و حسان بن النعمان و زياد بن نصير و طارق بن زياد و كما وصل الى قتيبة بن مسلم و غيره الى مشارف الصين سيصل حتما ملك الاسلام مرة أخرى و كما بشر به الرسول صلى الله عليه وسلم و كما أقرت به آيات الرحمان حينما يقول الله عز وجل" هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون" ، و الدين كله يعني كل ما من شأنه أن يكون دين بمعنى الأنظمة و الأديان التي ظهرت ،الدين ليس فقط الدين الكتابي ، فالمجوسية دين و الديموقراطية و الليبرالية أيضا أديان و الرأسمالية دين لأنها تدين بنظام معين و الناس تخضع لها و العلمانية دين و الاشتراكية دين لأنها دينونة بمعنى تدين لنظام معين و توافقه بالتشريع و القانون .
هي أديان ظهرت في العصر الحديث ، لكنه وعد الله و مبشرات رسوله من أن الدين الاسلامي سيظهر على كل الأديان و له الغلبة مهما تقدمت و تطورت باقي الأديان ،و هناك الكثير من المبشرات و التي هي بمثابة حقائق حدثت في فتوحات أشار اليها الرسول قبل أن تقع ،حينما بشر أن الراكب سيسير من صنعاء الى حضرموت لا يخشى إلا الله و الذئب على نفسه و على غنمه ، و في غزوة الخندق حينما ضرب الرسول بيده الشريفة على الصخرة و قال فتحت لكم فارس ، هذه نار كسرى تنطفأ أمامي ، و قد حصلت كل ذلك فعلا ، كما سأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن أي المدينتين ستفتح أولا رومية أم القسطنطينية ،فقال مدينة هرقل أي الشام و القسطنطينية تابعة لها و قد فتحت ، و لا تزال الجيوش ترسل منذ عهد الخلفاء الراشدين حتى من الله عز وجل على محمد الفاتح بالفتح ،فهم آمنوا ببشارة النبي صلى الله عليه وسلم و هو من لا ينطق عن الهوى.
هي حقائق عقدية تتعلق بأن نظام الاسلام حتى و ان حدثت له كبوة في غفلة من الزمن حيث زالت الاسلام و ضعفت الدولة و تعثرت الأمة الاسلامية بسبب أطماع الدول الأخرى على ثرواتها و ما حققته ثورات الربيع العربي من خسائر إلا دليل على محاولة طمس معالم هذا الدين بكل الأساليب ، لكن وعد الله سيتحقق و سيصبح الاسلام هو النظام القادم و القائم بقوة .
و بالعودة الى زوال الدولة العثمانية في آخر مرحلة هنا العالم بدأ يتغير و بدأ يزول تأثير الاسلام كنظام في العلاقات الدولية فاستعمرت بلاد المسلمين ،و قسمت دون أن يكون للأمة الاسلامية رأي في ذلك ، فجاءت الحرب العالمية الأولى التي أظهرت بريطانيا و ألمانيا و أوروبا بدلا من الدولة العثمانية و بقي الأمر على ذلك الى أن جاءت الحرب العالمية الثانية ،ليظهر القطبين القويين أمريكا و الاتحاد السوفياتي ، لكن بعد حرب أفغانستان انهار الاتحاد السوفياتي حيث ظن العالم أن هذه القوة لا تضعف.
فقد ظن المفكرون من نظام الرأسمالية و الاشتراكية أن هذه الأنظمة متغولة و لا تنهار أمثال فرنسيس فوكوياما اقتصادي بارز و هو مستشار الرئيس بوشو قبلها كان مستشارا للرئيس كارتر ،حيث سنة 1990 حينما انهار الاتحاد السوفياتي قام يكتب على أن التاريخ انتهى الى نهايته ،حيث أن الحتمية التاريخية انقلبت على ماركس و أصبحت الرأسمالية متربعة على العالم بدون منافس و هو بذلك يتحدى الاسلام ،حتى يعود نفس الشخص على قول الدكتور محمد الملكاوي عام 2008 أي بعد مرور 18 سنة من كتابته لمقالته تلك ليقول حينما أصاب الرأسمالية ما أصابها من هزات مالية : الآن أمام عيني أشاهد انهيار صرح الرأسمالية ، و الكثير من المفكرين و الخبراء يقولون أن الرأسمالية ان لم تنهار اليوم ستنهار يوما ما ،و لو أن بذور نهايتها بدأت تنمو من ذاتها و ما مسألة الديون و رفعها إلا شكل من أشكال الانهيار .
فالنظام العالمي يتبدل و يتغير من فترة لأخرى و ما مسألة القومية لدينا نحن العرب إلا طابعا تحلت به دول و التي ترى أنها رابط يمكن من النهوض بالدول العربية ، لكنها انهارت أمام أعيننا،و بالتالي لن يكون البقاء إلا لهذ ا الدين كنظام راق جدا نشره اطهر الخلق محمد صلى الله عليه وسلم .. فابشروا لآن المستقبل للإسلام بدليل من كتاب الله تعالى و من أحاديث السنة النبوية لأنهما لا يزولان و لا ينتهيان فهما ثابتان و دائمان الى أن يرث الله و من عليها .
فطوبى للأمة الاسلامية قاطبة و طوبى لكل من يحمل اسم مسلم و مسلمة..قريبا جدا تضمد كل الجراح .