سقوط الأقنعة
سميرة بيطام
سميرة بيطام
تعلمنا بعد أن درسنا طويلا أن للإنسان وجه واحد حينما يخاطبك و بالأخص لو كان صادقا فلا يمكن أن نكذب ما يقول و لا نتصور في لحظة الخطاب أو التعامل أنه بالإمكان أن يخدع اللبيب فهو يثق به و يصدق و يكتفي بالتحليل للاقتناع ، إلا ما شاب الكلام أشياء غير منطقية أو أقرب ما تكون للخيال فهنا ينصرف العقل عن التفكير و يكف القلب عن المتابعة برهفة في المشاعر.
في قمة الصراحة ننشد الحقيقة و نبحث عن الصراحة و نطالب بها جهرا و مواجهة لأننا من عشاق قول الحق..و قد يخيب ظننا حينما نقابل برفض في قول الحقيقة ، لكن بعدها نستعيد لياقة فكرنا و قوة طبعنا و نكتفي بالقول : هم يرتدون أقنعة و يوما ما ستسقط و تبدو الحقيقة لوحدها و لن نبحث عنها بسعي أو بذل في الجهد و انما نعطي للزمن فرصة ليكشف المستور في شخصياتهم ..
أود القول بالمناسبة أنه كل من يرتدي قناعا يلثم بها شخصيته الكاذبة حتما سيسقط هذا القناع و يوضع في موقف محرج مع أصدقائه و رفاق الدرب و من تعامل معه في وظيفة و حتى في جانب انساني لزم الأمر مدة طويلة لتسقط الأقنعة..
في الزمن الماضي كانت النساء التقيات يتسترن وراء حجاب للحديث أو المساءلة حتى لا يطمع من في قلبه هوى و يحيد عن جادة الصواب...هنا الحياء يستر الجمال و يمنع المبالغة و تخطي حدود الشرع ، أما اليوم و لدى بعض المخاطبين أقنعة بالية يحاولون من ورائها أن يظهروا شخصياتهم قوية و هم ضعاف في حقيقة الأمر كما يحاولون أن يستعطفوا قلوب المخاطبين لأنهم مدمرون بسوء الثقة في النفس .
ليس يعاب على من كانت شخصيته ضعيفة إلا أن يسعى لتقويتها فحتى القوي له فترات ضعف و هو ما جبل عليه بن آدم و لكن التكليف في الأمر هو ما يفسد العلاقات و يوتر التواصل و يجعله في منأى عن الجدية ثم يبحث معظم الناس عن السكينة و الطمأنينة و الصادقين من البشر..
اصنع الصدق في نفسك أولا تلقه في غيرك و لا تفرض خداعا على الغير لأن ما بني على خداع و كذب طريقه قصير و يده مغلولة و لن تمتد لأي حضارة و بشهادة المجربين أن من يصدق مع الله يصدق معه كل شيء..
خلوا سبيل ارتداء الأقنعة المزيفة و اكتفوا ببساطة أشكالكم و تصرفاتكم فالجمال يتجلى من هنا و ما سقوط الأقنعة إلا دليل على نهاية سلطان الجور و الباطل و حب الأنا و تعظيمها و منافسة من يتحلى بصفات أخلاقية لا تتغير و لا تتلون و لو أن رياح المحن تحدث فيها زلزلة بسيطة لكنها لا تغير لب الصدق فيها و هذا هو المهم..فتماسك عود القيم بجذوره في شخصية السوي له ما يدعمه و يحافظ عليه لأنه رفض منذ الصغر و منذ النشأة أن يرتدي و لو قناعا بسيطا لأنه عرف منذ فهمه لمعنى القناع المزيف انه آيل يوما ما للسقوط.