مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/11/24 16:04
ماذا فعلت بنا العولمة؟
ماذا فعلت بنا العولمة؟؟
سميرة بيطام
 
 
لن أتكلم في هذا المقام عن تأثير العولمة على الجانب الاقتصادي أو السياسي لأي بلد  بقدر ما سأفرد الحديث عن تأثيرها على الجانب الأخلاقي و الثقافي لأنهما ركنين أراهما ركيزة باقي الأركان أو الجوانب الأخرى لأي مجتمع أو لأي دولة...
لنتكلم بكل بساطة عن سلوكات يومية تجعلنا نتساءل عن الأسباب و في نفس الوقت عن الحلول..
يحدث و أنا أركب حافلة و أقصد الجامعة مثلا و أخاطب طالبة أو طالبا أو يوسع في ممر العبور لكن لا اجابة حتى اضطر للفت الانتباه بيدي حتى ينقطع من أوجه له الحديث عن التواصل مع العالم الخارجي عالم الغناء أو التواصل الاجتماعي بكل انواعه و بجوانبه العديدة ، ثم انتظر طويلا لأرى استجابة لمطلبي البسيط جدا ..يعني العقل هنا لا يتفاعل بشكل سريع فأشعر أن شباب اليوم مخدر بنوع جديد و رفيع من المخدرات و هو تنويمه مغناطيسيا بالأغاني او الفيديوهات المسلية .
هذا جانب ، جانب آخر و أنا أو ربما غيري يقف لأن يأخذ له كوبا من شاي أو قهوة من الآلة المبرمجة لذلك إلا و أرى البعض يأخذ الدور و لا يبالي أن أمامه شخص من جنس البشر واقف و قد حان دوره ،  ثم نحن لدينا قامة تكفي لأن يرانا البعيد و القريب و هذا ان دل على شيء فإنما يدل على أن من تأثير العولمة على العقل و القلب هي زرع السرعة في جانب الظفر بأي شيء من غير مبالاة بالآخر ، في السابق لم أكن أبالي لكن الان أصبحت أبالي و اضع حدا لمثل هذه التصرفات بسؤال واحدي و مختصر : ألم ترني أمامك ؟.
من جهة أخرى ، يكون الواحد منا في حديث مع الغير و فجأة يأتي شخص آخر و يقطع الحديث و أنت لم تكمله بعد ،في الماضي القريب  لم أكن أبالي و أقول في نفسي ربما هو مستعجل ، و لكن الآن أصبحت أضع ملاحظة واحدة مختصرة بقولي : من فضلك لم أكمل كلامي..هكذا يستشعر الشخص الآخر أن عليه أن يبصر من حواليه و يعطيهم قدرهم من المبالاة و ينتظر دوره باحترام..
تذهب الى عيادة الطبيب و تنتظر دورك و فجأة يأتي شخص من الخارج  و يتقدم للدخول عند الطبيب و كأنك غير موجود ..صدقا أحتار كيف  أن بلغ العقل درجة من اللاوعي كما أحتار لتشتت منطق الاحترام للآخر و كأنه ليس لديه حق عندك أن تحترمه و تعطيه الأولوية التي يستحقها فعلا ان ما كان أسبق منك ..
مرة كنت في ادارة الجامعة اتكلم الى موظف ليسلمني وثائقا مهمة فإذا بأستاذ له من الخبرة ما يكفي لينال درجة  بروفيسورا فدخل المكتب وتكلم مع الموظف و طلب حاجته من الكتب و أنا لم أنهي كلامي ،صدقا توترت و التفت خلفي و قلت للأستاذ : هل لي بسؤال  من فضلك ؟ فقال نعم تفضلي و قد درسني في احدى سنوات التكوين ، فقلت : هل يحق للأستاذ ان يأخذ الكلمة عن طالب درسه و هو لم ينهي كلامه و لم يأخذ حاجته بعد ؟ فقال من الأدبيات لا يليق هذا التصرف أخلاقيا ، فقلت له شكرا استاذ أنك اعترفت بالحق من الجانب الأخلاقي و الأدبي ، يعني الانسان أحيانا يكون شارد أو في غفلة لكثرة التزامات الحياة ، و لكن يجب أن نعود انفسنا أن نعيش في عالمنا البسيط و نتفاعل بشكل جيد مع الناس أينما ذهبنا ، لأن الأخلاق تبدأ من الأسرة الى الشارع الى المؤسسات و باقي أمكنة ارتياد الناس و من هنا ينطلق التوظيف الجيد لما نملكه من رصيد أخلاقي ، لأن التعود على مثل هذه  السلوكات السلبية دائما من شأنها أن تلغي الأخلاق حتى تندثر للأبد و هذا خطر كبير يهدد المجتمع ، لأن قوامة أي قاعدة بنائية مجتمعية هي درجة تحضره وفق  ما يعكسه أفراده من  وعي و ادراك في المعاملات ، ثم استعمال العولمة يجب أن يقيد بوقت كأن نبحث و ندرس و نستمع لما يعجبنا في وقت محدد ، أما خارج البيت فهنا سلوكات يجب أن تحترم و أشخاص علينا أن نوليهم قدرهم من الاحترام و إلا فالدنيا ستصبح فوضى و لا معيار لنا في أن نعيش على كوكب الأرض بنظام واضح المعالم و الأبعاد..
كانت فواصلا من تأثير العولمة على أفراد المجتمع و لها الكثير من السلبيات فعلينا توخي الحذر حتى لا تجرفنا الى الهاوية..فمن اخترع التكنولوجيا وظفها في تطور بلده و نحن وظفناها في تدمير القيم و المبادئ..
 فهل من متدبر للخطر؟؟؟؟....
 
 
 
 

أضافة تعليق