كاتب المقال: سميرة بيطام
يا ما تأخرت في الإفصاح عن قول كلمة إقناع لما بحثت عنه في كواليسك .يا ما طال بك الغياب في أن لا تظهر أمام نفسك و أمام من انتقدوك..اخترت لنفسك عيش الاختزال لنشاط عادات التكافل فيما بينك و بين الناس...كلما دعوتك للظهور ، أبديت صمتا مميتا لا يوحي انك في استعداد أو قد تستعد لمواجهة الواقع..تفر دائما حيث لا يراك الناس و تسكن دوما حيث لا يسمع صوتك أحد ، و لست أرى في ذلك مدعاة لأن تحمل اسم الباطل لتزاحم غيرك ممن كان لهم الحظ في أن يميلوا كل الميل إلى موازين المعنى الحقيقي من ألقابهم ، فلو عاشرت السلام لوجدت فيه مسرحا فسيحا من الحرية و الأمن و لو عاشرت الخير لوجدت فيه أبعادا عميقة من التكافل و الرحمة و المواساة ، لكنك ترفض بالقطع أن يكون لك لقاء مع من تكره فيهم روح المنافسة ، لأنك أصلا تخشى المواجهة و لن تعترف أبدا انك أحدثت شروخا كثيرة في الأرواح و هددت مواقعا عديدة من البناء و الحضارة ، فهممت أكتب بعض صفاتك و لست أستحي من قول انك هدمت بنود النهضة و التقدم و الرقي..حتى لو وقع كفي على كفي لأشاطر رأي .. ستكون ترجمة لمواجهتي لك في أنك لزمت قرونا من الأعوام توالت في خضمك سنن الأولين في أنهم لزموا كفاحا مستمرا ليهزموا فيك عراقيل التضليل حتى لا تلتبس الأمور بأضدادها ، فان أريد بالحق مطلبا أقلبته زورا محقا حتى يتبعك الكثيرون و يصفقو لانجازك الهائمون لسذاجتك..في شجوني تمرد لزفرة الوحشة منك ، فلن يكون لك المستقر بالطويل المدى ، بل مجرد سحابة تجتمع و توحي بأنها ستمطر غيثا لينكف الإقدام إلى تولي بعد ثبات الأحبة و الموقنين بمهلكات نواياك..صدقا منحتني جرأة أن أتكلم عن خداعك و لكني في حسرة ممن تبعك و لازم السراب في أفقك..فهل من صحوة و استيقاظ بعد غفلة النظرة و الإحساس؟
أشعر أن التخبط بمجدافيك متعب و منهك للعزيمة ، و أفهم أن الوقوع في شباكك لمجة أكل لبريق الائتمان ليست بالمشبعة ، فاللمجة ما يأخذ عصرا من الطعام و لن تسكت الجوع الأبدي لملامح الإنصاف..فماذا بعد هذه الجرأة؟..إنها منافسة الضمائر الحية لك حتى يلزم أهل الخير ظلالا من الصدق بعيدا عن ظلك المتابع لظلهم و لو أني أعي جيدا أن الظل يتبع صاحبه في حين أن ظلك مخادع ليكون ضحاياك إمعة لك...فما فوز النتيجة لديك بطول الأمد و إنما هو صراع بين أن تنهزم أو تستسلم..و لكل باطل قواعد الحرب يخوضها من يرفض فيك كذبك و نفاقك و تطاولك على الحق..صحيح يكون النصر لك بدءا من المشوار و لكن ينتهي الأمر بك في سجن الانهزام ، و لو أننا لا نعي عمر الوقت في الجدال معك ، حتى يتبين الصح من الخطأ و يطفو الجمال من القبح و تشرق شمس السكينة قبل غروب الرحيل لك و للأبد...سترحل عاجلا أم آجلا ، ليست رغبتك بل رغبة العادلين.
و في سبيل ذلك ، يخسر معك المواجهون صحة ووقتا بل عمرا بتضحيات جسام و ليسوا يخشون فيك قطيعة لهم عن الدنيا ، لأن العيش بوصفة الإذلال لا تليق بهم و لا تغنيهم عن الألم و الصراخ و التحدي، كل ما في الأمر أنهم يريدون هناءا ، فكرم العيش يتطلب ذلك ، ولا وجود في قاموسهم لمصطلح معبر عما يجول في خاطرهم من رغبة في كسب الخير من الشر بعملة العدالة المنشودة عبر كلماتهم و أشعارهم و خواطرهم و أناشيدهم..ليحظى الإبداع بدعوة لحضور مقابلة الفصل النهائي لمبارزة الخلاص ، و بذلك يقتص منك ما أخذ عنوة و قوة..و في ذلك تستعمل رصيدك من الدفاع عن نفسك في انه ما لم يؤخذ بالقوة و السلاح يؤخذ بالحيلة و الدهاء ..
دعني إذا أصم أذاني حتى لا أسمع دوي الفتنة فيك لأني أشعر أن دوارا سيعقد موجاته على رأسي ، فأصبح في باطل من وعي..و كف عني صخب تبريرات المنطق من وجود البطش منك لأن منطقي سيعزف من البداية عن متابعة تصريحاتك فهي لا تروق روحي و ليست أصلا تستهويني لأن أمنحها اهتمامي ووقتي..فارحل عني حيث ستجد لك من المستقبلين المادحين لك و لربما ستجد سكنا مؤقتا حتى ستنجلي حينما تقابلك المواجهة و بكف على كف الإصرار..