حكم من كتاب(2)
سميرة بيطام
يوضح الدكتور الفاضل رمضان بورغدة و مني اليه تحية تقدير على مجهوداته ، في مبحثه الرابع عن القضية الجزائرية في الأمم المتحدة (1955-1958م) في أن السلطات الفرنسية حاولت احتواء المشكلة الجزائرية باعتبارها مشكلة داخلية فرنسية حتى تتمكن من وأد الثورة الجزائرية في صمت ، و لهذا أدركت جبهة التحرير الوطني منذ البداية أهمية تدويل القضية الجزائرية و خاصة من خلال دفع الأمم المتحدة للتدخل لإيجاد حل سلمي يسمح للشعب الجزائري بممارسة حقه في تقرير مصيره مثل بقية الشعوب الأخرى و هكذا كانت معركة التدويل بمثابة الوجه الآخر لمعركة التحرير.
و لما كانت الأمم المتحدة أحسن منفذ لتحويل المشكلة الجزائرية الى قضية عالمية ، فقد انتبه محررو بيان 01 نوفمبر 1954 الى هذه الحقيقة لما حددوا الأهداف الخارجية للكفاح المسلح في ثلاث نقاط هي :
*تدويل المشكلة الجزائرية و تحقيق وحدة شمال افريقيا ضمن الاطار العربي الإسلامي و هو اطارها الطبيعي و الشكر و الامتنان لكل الأمم التي تدعم الكفاح الجزائري ضمن اطار ميثاق الأمم المتحدة.
أستوقف القارئ لأنوه بهذه العبارة التي راقتني كثيرا و جعلتني أفتخر بتفكير بواسل الجزائر حينما أطرد المؤلف قائلا :
و رغم أن جبهة التحرير كانت تدرك أن الكفاح المسلح سيكون الوسيلة الوحيدة لفرض حل سياسي للمشكلة الجزائرية بما يمكن الشعب الجزائري من حقه في تقرير مصيره إلا أنها لم تتحدث صراحة عن هذا الخيار و تعمدت عدم تسمية الأشياء بأسمائها ، فكانت حذرة في تحديد وسائل الكفاح لأنها أخذت بعين الاعتبار تطورات الأوضاع الدولية في ذلك الوقت ، و هي أوضاع كانت تتميز بفترة انفراج دولي و تطلع لتحقيق تعايش سلمي بين الأمم ،و لهذا كانت تسود الرأي العام العالمي حساسية ضد الحروب ، خاصة بعد الأزمات الخطيرة جدا التي شهدها العالم في اطار الحرب الباردة ، مثل أزمة برلين سنة 1948 التي كادت تدخل العالم في حرب عالمية ثالثة تستخدم فيها الأسلحة النووية.
بادرت جبهة التحرير الوطني الى تعيين وفد من أحسن اطاراتها يتشكل من حسين آيت أحمد و أحمد بن بلة ، و محمد خيضر ، فاستقر هذا الوفد بالقاهرة و عمل على التعريف بالقضية الجزائرية و البحث عن دعم دولي لها من خلال الاتصال بممثلي مختلف الدول ، خاصة دول افريقيا و آسيا و كذلك بواسطة حملة اعلامية مركزة كان من بين أهم قنواتها اذاعة صوت العرب المصرية التي كانت أول قناة اذاعة تبشر بالثورة الجزائرية-بين قوسين تحية مني لأبطال ذاك الزمن ممن شجعوا الثورة الجزائرية-.
و قد اعتبر ميثاق الصومام أن مؤتمر باندونغ و الدورة العاشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة يرجع اليهما الفضل في هدم هذه الأسطورة الرسمية الفرنسية القائلة " بالجزائر الفرنسية" و أضاف البيان متسائلا و مستنكرا هذه الأسطورة التي تتنافى مع منطق الأشياء و مع جغرافيا الجزائر و تاريخها و تقاليدها و تراثها الثقافي ،فقتال "و هل يعقل أو يمكن أن تغيير جنسية شعب لمجرد غزو بلاده و احتلالها من طرف جيش أجنبي؟".
و لطمأنة الرأي العام المحلي و الدولي حول حقيقة الثورة أكد الميثاق أن "هذه الثورة لا تميز نفسها عن مختلف الطوائف الدينية التي تسكن البلاد الجزائرية ، و لكنها تميز فقط أنصار الحرية و العدل و الكرامة الإنسانية و بين محررو ميثاق الصومام حقيقة الثورة بقولهم " و ما الثورة الجزائرية رغم الدسائس و التحريضات التي تقوم بها الدعاية الاستعمارية إلا كفاحا وطنيا يعتمد على أساس قومي و سياسي و اجتماعي و ليست الثورة تابعة للقاهرة أو موسكو أو واشنطن ،و انما هي جارية مجراها الطبيعي طبقا للتطور التاريخي للإنسانية الذي لم يعد يرضى بوجود أمم أسيرة فوق الأرض"..
أظن هذه المقتطفات القصير ة من الكتاب توضح مدى ذكاء العقل الجزائري و حكمته في ادارة ملف الثورة الجزائرية على نحو يبعد الشكوك أو الفشل أو الهزيمة..
و أختم بمقولة المؤرخ الانجليزي أليستير هورن "حربا وحشية من اجل السلام"
سميرة بيطام
يوضح الدكتور الفاضل رمضان بورغدة و مني اليه تحية تقدير على مجهوداته ، في مبحثه الرابع عن القضية الجزائرية في الأمم المتحدة (1955-1958م) في أن السلطات الفرنسية حاولت احتواء المشكلة الجزائرية باعتبارها مشكلة داخلية فرنسية حتى تتمكن من وأد الثورة الجزائرية في صمت ، و لهذا أدركت جبهة التحرير الوطني منذ البداية أهمية تدويل القضية الجزائرية و خاصة من خلال دفع الأمم المتحدة للتدخل لإيجاد حل سلمي يسمح للشعب الجزائري بممارسة حقه في تقرير مصيره مثل بقية الشعوب الأخرى و هكذا كانت معركة التدويل بمثابة الوجه الآخر لمعركة التحرير.
و لما كانت الأمم المتحدة أحسن منفذ لتحويل المشكلة الجزائرية الى قضية عالمية ، فقد انتبه محررو بيان 01 نوفمبر 1954 الى هذه الحقيقة لما حددوا الأهداف الخارجية للكفاح المسلح في ثلاث نقاط هي :
*تدويل المشكلة الجزائرية و تحقيق وحدة شمال افريقيا ضمن الاطار العربي الإسلامي و هو اطارها الطبيعي و الشكر و الامتنان لكل الأمم التي تدعم الكفاح الجزائري ضمن اطار ميثاق الأمم المتحدة.
أستوقف القارئ لأنوه بهذه العبارة التي راقتني كثيرا و جعلتني أفتخر بتفكير بواسل الجزائر حينما أطرد المؤلف قائلا :
و رغم أن جبهة التحرير كانت تدرك أن الكفاح المسلح سيكون الوسيلة الوحيدة لفرض حل سياسي للمشكلة الجزائرية بما يمكن الشعب الجزائري من حقه في تقرير مصيره إلا أنها لم تتحدث صراحة عن هذا الخيار و تعمدت عدم تسمية الأشياء بأسمائها ، فكانت حذرة في تحديد وسائل الكفاح لأنها أخذت بعين الاعتبار تطورات الأوضاع الدولية في ذلك الوقت ، و هي أوضاع كانت تتميز بفترة انفراج دولي و تطلع لتحقيق تعايش سلمي بين الأمم ،و لهذا كانت تسود الرأي العام العالمي حساسية ضد الحروب ، خاصة بعد الأزمات الخطيرة جدا التي شهدها العالم في اطار الحرب الباردة ، مثل أزمة برلين سنة 1948 التي كادت تدخل العالم في حرب عالمية ثالثة تستخدم فيها الأسلحة النووية.
بادرت جبهة التحرير الوطني الى تعيين وفد من أحسن اطاراتها يتشكل من حسين آيت أحمد و أحمد بن بلة ، و محمد خيضر ، فاستقر هذا الوفد بالقاهرة و عمل على التعريف بالقضية الجزائرية و البحث عن دعم دولي لها من خلال الاتصال بممثلي مختلف الدول ، خاصة دول افريقيا و آسيا و كذلك بواسطة حملة اعلامية مركزة كان من بين أهم قنواتها اذاعة صوت العرب المصرية التي كانت أول قناة اذاعة تبشر بالثورة الجزائرية-بين قوسين تحية مني لأبطال ذاك الزمن ممن شجعوا الثورة الجزائرية-.
و قد اعتبر ميثاق الصومام أن مؤتمر باندونغ و الدورة العاشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة يرجع اليهما الفضل في هدم هذه الأسطورة الرسمية الفرنسية القائلة " بالجزائر الفرنسية" و أضاف البيان متسائلا و مستنكرا هذه الأسطورة التي تتنافى مع منطق الأشياء و مع جغرافيا الجزائر و تاريخها و تقاليدها و تراثها الثقافي ،فقتال "و هل يعقل أو يمكن أن تغيير جنسية شعب لمجرد غزو بلاده و احتلالها من طرف جيش أجنبي؟".
و لطمأنة الرأي العام المحلي و الدولي حول حقيقة الثورة أكد الميثاق أن "هذه الثورة لا تميز نفسها عن مختلف الطوائف الدينية التي تسكن البلاد الجزائرية ، و لكنها تميز فقط أنصار الحرية و العدل و الكرامة الإنسانية و بين محررو ميثاق الصومام حقيقة الثورة بقولهم " و ما الثورة الجزائرية رغم الدسائس و التحريضات التي تقوم بها الدعاية الاستعمارية إلا كفاحا وطنيا يعتمد على أساس قومي و سياسي و اجتماعي و ليست الثورة تابعة للقاهرة أو موسكو أو واشنطن ،و انما هي جارية مجراها الطبيعي طبقا للتطور التاريخي للإنسانية الذي لم يعد يرضى بوجود أمم أسيرة فوق الأرض"..
أظن هذه المقتطفات القصير ة من الكتاب توضح مدى ذكاء العقل الجزائري و حكمته في ادارة ملف الثورة الجزائرية على نحو يبعد الشكوك أو الفشل أو الهزيمة..
و أختم بمقولة المؤرخ الانجليزي أليستير هورن "حربا وحشية من اجل السلام"
A Savage War For Peace
فكان النضال و كان الكفاح و كان الجهاد الأعظم و تحققت الأهداف الجوهرية لجبهة التحرير الوطنية و على قمة الأهداف الاستقلال..ليبقى التاريخ الجزائري مدرسة لمن أراد أن يفقه فن طرد المستعمر من أرض الوطن و لمن اراد ان يتعلم فن الكفاح بالدم و الروح لأجل أرض لا تسلب ظلما ، فما أخذ بالقوة لا يسترجع إلا بالقوة..
المجد و الخلود لشهدائنا الأبرار..تحيا الجزائر حرة مستقلة..