مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/10/20 08:07
أترك  الفرصة لنور الأمل و لا تكسر بخاطري

اترك الفرصة لنور الأمل ولا تكسر بخاطري...

 

حينما عرفت أن مفاهيم الأمور تأخذ من جذورها الأدبية والتأصيلية لمحتوى الحضارة فيما أتطلع لتحقيقه، سارعْتُ لأقطع وصالي مع الرداءة في علاقات لا تخدم طموحي بالمرة، وحينما أيقنت أن العلا لا يُنَال بالتمني، وإنما بتضحيات جسام، واصلت دربي بالمثابرة والجد؛ لأجل تحصيل العلم الصحيح وفهم مشقات الحياة في جانبها المألوف له من عاداتي وتقاليدي؛ لأقرر بعدها أن أسمو بفني في التعامل بأخلاق التواضع والحكمة مع من لهم نفس طباعي، ودرجة فهم سلوك الآخرين؛ لنختصر ما يمكن اختصاره من متاعب دونما ضرورة لأن يتكرر التعثر في كل مرة نحاول فيها أن نصل إلى لُبِّ عقول أنهكت قُوانا، على الرغم من أننا لم نكن ننوي إلا طيبًا، إذًا ليس الحل مع من اتخذوا من العناد غطاء للحقيقة حتى لا يقال لهم: إنهم مقصرون مع نخبة تحاول في كل مرة التقليل من شحنات الكراهية، والتي هي في حقيقتها تنشطر في مجال يعقد ومضات من البغضاء دونما فائدة، حتى إني أُشَبِّه أدوارًا مثل هذه كتلك التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثًا، إنما الحل في مد العون والتقبُّل لأفكار تخدم مصلحتك ومصلحتي ومصلحة ديننا الحنيف وَفْق معالم صِيغَتْ من نور.

 

فلُطْفًا، لو كانت الشدة والقسوة تنفع فيما بيننا لما أشار الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلى التعامل بالإحسان الطيب مصداقًا لقوله: ((أفضل أخلاق أهل الدنيا أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك))، وقوله أيضًا: ((ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نُزِعَ الرفق من شيء إلا شَانَهُ))، هي إشادة بالليونة وعدم التعصب في البحث عن الحلول السهلة، فالعصبية الزائدة تدفع أصحابها إلى الهلاك وبإرادتهم.

 

عفْوًا، لطالما انكسرْتُ انكسار الحيارى، وليس انكسار النهاية، أمام من يقرؤون القرآن ولا يعملون بما ورد فيه من عِبَرٍ ومواعظَ، وأمام من يعرفون شخص الرسول الكريم من سيرته، ولا ينهلون من نموذج قدوته الرائع، فما معنى أن تقام الصلاة ويُصام رمضان، ويسكن الحق مسكن الخائف المرتجف أمام التغليط؟ أين هي الشجاعة الأدبية لتكوين جُمَل تليق برفعة الأخلاق الفاضلة، وأين هي مواجهة ضمير لضمير ليفصل في النزاع، وما أجملها من مبادرة حينما تنتهي الجولة الأولى بالتفهم وتقَبُّل فكرة المنافسة الشريفة، لتنتهي الجولة الأخيرة بابتسامة رضا بتوافق الرؤى والنوايا، بدل اللجوء إلى طوابير المحاكم والوقوف أمام حيثيات قانون قد تأخذ بالقضية إلى منحى آخر غير محمود العواقب، ثم لست أرى ضرورة للاحتكام مرة ومرات؛ لأن في ذلك مللاً للأعين من كثرة تفحُّص الخطايا، وبذلك يفتر التشخيص في إيجاد الحل الأنجع والأصلح، أليست مقابلة الضمير للضمير أسهل وأقصر الطرق؟ أحيانًا أبتسم كثيرًا حينما أنطلق في البحث عن حلٍّ لمشكلة اعترضتني لأستخلص العبرة فيما يمتلكه الغير من تجربة وحكمة، في حين أن الحل موجود في فكرة لم أُحْسِنْ توظيفها، أو أني استصغرت حجم النجاعة فيها، ومكمن الخلاص في ثناياها، فما يوجد في النهر قد لا يوجد في البحر، وما دامت أفعالنا هي بيد الله عز وجل، فنحن مخيرون أن ننصرف إلى عمل ما، لتبقى آلية العمل بيده سبحانه وتعالى، فهنا مكمن أنْ نُصِيب أو نُخْطِئ، والخطأ جُبِلَ عليه ابن آدم منذ وُجِدَت الحياة على الأرض؛ ولذلك يكون منا التكرار في المحاولة حالَ الفشل إلى أن نوفَّق فيما نسمو إليه، يعني معادلة التجريب هي نفسها لدى البشر، وما التوفيق إلا بالله عز وجل؛ لذلك لست أرى إرباكًا وانتكاسًا حينما أضل الطريق؛ لأن المهم هو أن أسترشد مرة أخرى لهذا الطريق، ومن كفالة حقوق الأخوة في الله، هي الإعانة على الخير لأجل الاهتداء والثبات، وليس على رمي سهام النقد الهدام في كل مرة حتى نصاب باليأس، والعياذ بالله، فهي صفة لا تليق بالمؤمن القوي، ولكن تكالُب فرص الإيقاع في فخ الفشل يبعث في المؤمن شعورًا بفقدان الأمل وضياع مفاتيح الخلاص؛ ولذلك أُصِرُّ بقلمي مع من يسعى لكسر طموح الخير أن يفتح لي نافذة البشائر لأستشعر نسمات الأمل أنا وأهل الخير دفعات دفعات إلى أن نشعر بتلك السكينة والطمأنينة في أننا لم نعد في حصار، حصار الرداءة والشر.

 

فلُطْفًا، أطلِقْ سراح حريتي؛ لأني أريد أن أكتب كلامًا جميلاً عن توبتك في أنك منحتني فرصة لأحضن الأمل بجوانحي ولم تكسر بخاطري.




أضافة تعليق