جريمة التحرش الجنسي وآليات مكافحتها
ان ضبط المفهوم العلمي للتحرش الجنسي معقد في شرحه نظرا لتداخل علوم كثيرة في احتواء و تناول هذه الظاهرة بالدراسة التحليلية كعلم النفس و علم الاجتماع و العلوم الجنائية و علوم الدين .
أما عن تعريفه اللغوي فهو عبارة عن مفاتحات جنسية غير أخلاقية بل لا تليق بسلوك الانسان العادي و المتوازن نفسيا ، فمعيار ضبط التعريف هنا هو ما حاد عن السلوك المنضبط و الموزون ليتحول الآداء الى رغبة جنسية تبحث لها عن مرافق لممارسة الفعل المخل بالحياء تدريجيا ، اذ لا تتم مرة واحدة بل على مراحل متدرجة تبدأ بالاستدراج عن طريق الكلام الناعم مثلا بين الرجل و المرأة و اللمس و محاولة تكرار تلك الأفعال كلما أتيحت الفرصة ، لأن هذه الظاهرة غالبا تتم في الخفاء بعيدا عن أعين الملاحظين و ليس يهم المكان الذي تتم فيه بقدر ما يكون التركيز حول ايقاع الضحية بأسلوب التحرش لقبول العرض اللاأخلاقي و تعويده على ممارسته اكثر من مرة .
و عادة ما تحدث هذه الظاهرة في المؤسسات الادارية أو في أماكن مغلقة و معظم ضحاياها نساء و قصر ، و من يمارس هذه الفعل أكيد لديه مرض نفسي او خلل في توازن شخصيته ،اذ بينت الدراسات أن صفات المتحرش تكمن في كونه انسان يمارس السلوك العنيف بشكل عام و أن لديه خيالات جنسية يبحث له عن تطبيقها في الواقع فيختار له الضحية التي تنقاد له بسهولة و لا تقابل العرض بالرفض و حتى و ان حدث يكون من المتحرش ذاك الاصرار حتى ايقاع الضحية في شباك غدره ،كما أن المتحرش لديه مشكلة في عدم قدرته على التحكم على الذات و يجد له متعة في اهانة الآخرين و ازعاجهم ، و هذا ما يفسر اقبال المتحرش على هذا الفعل لإشباع رغبة جنسية لم يكن باستطاعته اشباعها بطريقة سوية و هنا يتدخل علم الاجتماع و كذا الشرع ليصفا الظاهرة بإعطاء المتحرش اذنا بالتخلي عن القيم الدينية و تجاوز التقاليد و الاعراف المجتمعية التي الفها ذاك المجتمع ، و عليه نسمع من مقربين او نطالع في الجرائد اخبارا حول اهتزاز سكان قرية او مدينة على نبأ تعرض طفل صغير لتحرش من بالغ او شيخ فتكون ردة الفعل استنكار و رفض قاطع لذلك الفعل لأنه يعادي قيم و تقاليد ذاك المجتمع .
و الملاحظ أن هذه الظاهرة تكثر في المواصلات و الأماكن التي تقل فيها زحمة المارة حيث تنقص فيها الحراسة لرجال الأمن و تعد بمثابة مناخ ملائم لممارسة فعل التحرش ، كما تكثر هذه الظاهرة الغير مرئية للغير كشواهد بين الرئيس و مرؤوسيه سواء كانت سكرتيرة او موظفة تعمل بانتظام مع مديرها ما يجعلها عرضة لطرح عملية التحرش بأي طريقة كانت و قد لا تكون ظاهرة اوقات الدوام او يختار الجاني توقيتا مناسبا لفعله كوقت الراحة أو لحظات قبل انصراف العمال.
و هناك مراحل تمر بها الضحية من تم استدراجها لممارسة التحرش بدءا بالرفض المطلق ثم تليه مرحلة استعمال القوة و العنف حتى ترضخ الضحية للأمر و قد تحدث سيطرة عنيفة من المتحرش بالضحية باستعمال الضرب و الاعتداء البدني و هو ما يعتبر اضعاف لمقاومتها ، لتليها مرحلة استعمال مادة مخدرة لإسكات اي حركة مقاومة ضد تحرش الفاعل وصولا الى ارتكاب جريمة قتل و تعتبر أشد درجات الارغام او طريقة لإخفاء معالم الاعتداء لو تم الفعل .
و يمكن هنا وصف المتحرش بقائمة من الأمراض النفسية التي تعتبر الدافع الأساسي للقيام بالتحرش و هي :
*اضطرابات في الشخصية
*ادمان الكحول و المخدرات ما يفقد السيطرة على السلوكات المنحرفة
*أمراض الفصام و الشيزوفرينا
*نشأة المتحرش في بيئة قاسية مما يسبب له مشكلة عدم القدرة على التعلم
و قد تطرح الأمهات او اولياء الامور أسئلة في كيفية توفير جو من الحماية لأبنائها من يتنقلون الى المدرسة ، و هذه مجموعة من الاحتياطات الواجب الاخذ بها :
*مناقشة الأم او الأب مع ابنه او ابنته مسائلا عن التحرش بطريقة هادئة يحدوها الكثير من الحذر حتى لا يحيد فكر الطفل الى التجريب بدافع الفضول ، و الكل يعرف ان ما كان ممنوعا هو في حقيقته مرغوب و لو بالخيال.
*شرح ولي الأمر لطفله عملية التحرش و كيفية بدئها و طريقة تفاديها .
*انتباه اولياء الأمور و عدم ترك أبنائهم يتابعون الأفلام الكرتونية و التي تتضمن سلوكات تعلم التحرش مثل الأفلام التي تعبر عن مجال الصداقة و المحبة و لكن بطرق غير شرعية حيث يكثر في التصوير التقبيل و اللمس ، و هذا النوع من الأفلام غالبا ما يغفل عنها الآباء و الامهات و هي وسيلة لتعليم الطفل التحرش و تسهيل تقبله من باب الصداقة الطفولية و التي هي في حقيقتها تتنافى مع عقيدتنا و أسلوب التربية في المجتمعات المسلمة.
*توعية الطفل على تفادي ممارسة التحرش مع الأصدقاء و لو من باب المزاح لأن هذا السلوك من شأنه ان يخلق عادة التكرار و التسهيل في الاقبال على أي سلوك ما لم يتلقى الردع و الزجر و التوعية التربوية من أولياء الأمور خاصة .
*الانتباه الى الأشخاص الذين يعتبرهم الطفل قدوة له ،و على الأولياء مراقبة مجال الصداقة و طريقة انتقاء الأصدقاء و سبب الانتقاء ، ما دامت ظاهرة التحرش تتم في الخفاء و لا أثر يدلل عليها في البداية الا ما كان اقرارا من الضحية أو وصولا الى نتائج تترك آثار للعملية.
هذا و للعلم فان بعض الدراسات تشير الى أن هناك الكثير من حالات التحرش لا يتم التبليغ عنها لأسباب عائلية ،و الملاحظ في الاحصائيات و دراسات الباحثين أن نسبة الأطفال المتحرش بهم في الدول العربية قد ازدادت في الآونة الأخيرة ،حيث كشفت دراسة سعودية* أن نسبة التحرش بالأطفال مرتفعة اذ تصل الى طفل واحد من بين أربعة أطفال و
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*أنظر الى الرابط التالي و الذي به احصائيات لبعض الدول عن التحرش الجنسي
Sites google.com/site/rapeofchildrensinnocence/home/ahsayyat
في نفس الشأن قالت الدكتورة وفاء محمود الأستاذ المساعد في جامعة الملك سعود بكلية التربية و علم النفس حيث تحدثت لصحيفة الرياض عن اهمية وقاية الطفل من عملية التحرش و التي تعد من الأمراض الاجتماعية المنتشرة في الوقت الراهن و التي تبقى
نسبتها الحقيقية غير معروفة بسبب تكتم الأسر على الجريمة خوفا من انتقام المعتدي و حتى من الفضيحة.
و بالعودة الى القوانين و مدى تناولها لهذه الجريمة بدءا بالدستور الجزائري الذي يقر في نص المادة 34 " تضمن الدولة عدم انتهاك حرمة الانسان و يحظر أي عنف بدني أو معنوي أو اي مساس بالكرامة .
كمتا تنص المادة 35 منه على " يعاقب القانون على المخالفات المرتكبة ضد الحقوق و الحريات و على كل ما يمس سلامة الانسان البدنية و المعنوية".
أما قانون العقوبات الجزائري فقد جاء خاليا من نص صريح يتناول جريمة التحرش الجنسي الا ما ورد في نص المادة 293 مكرر كما يلي " كل من يخطف او يحاول القيام بخطف شخص مهما بلغت سنه مرتكبا في ذلك عنفا او تهديدا أو غشا ،يعاقب بالسجن المؤقت من عشر (10) الى عشرين (20) سنة و بغرامة من 1.000.000 دج الى 2.000.000 دج . و يعاقب الجاني بالسجن المؤبد اذا تعرض الشخص المخطوف الى تعذيب جسدي.
و اذا كان الدافع الى الخطف هو تسديد فدية يعاقب الجاني بالسجن المؤبد أيضا.
ما نلمحه من نص هذه المادة الأخيرة أن قانون العقوبات يجرم كل أشكال التعدي أو التهديد و هذا يتضمن صراحة سلوك التمهيد للقيام بجريمة التحرش و المتمثل في عنصر التعدي على الغير باستعمال أسلوب التهديد، و يبقى القصور يشوب القانون لعدم تضمنه نصا صريحا يتناول جريمة التحرش على وجه التخصيص. وما ينطبق على قانون العقوبات ينطبق كذلك على قانون الاجراءات الجزائية.
أما في مصر ، فقد اصدر مؤخرا قانون لتغليظ عقوبة التحرش الجنسي بعد مراجعته في قسم التشريع بمجلس الدولة ، و ينص القانون على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر و بغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه و لا تزيد عن خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير في مكان عام او خاص أو مطروق بإتيان أمور او ايحاءات أو تلميحات جنسية أو اباحية ،سواء بالإشارة أو بالقول او بالفعل بأية وسيلة ،بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية و اللاسلكية(نقلا عن صحيفة الشروق المصرية).
و تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تزيد على 10 آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا تكرر الفعل من الجاني من خلال الملاحقة والتتبع للمجني عليه، وفي حالة تكرار الفعل تُضاعف عقوبتا الحبس والغرامة في حديهما الأدنى والأقصى.
كما نص القانون على أنه يعتبر تحرشاً جنسياً إذا ارتكبت الجرائم المنصوص عليها في مادة العقوبات السابقة، بقصد حصول الجاني من المجني عليه على منفعة ذات طبيعة جنسية، ويُعاقب الجاني بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 20 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
لكن السؤال المطروح هنا هل في تشديد العقوبة ردع لجريمة التحرش الجنسي فعلا ؟ ،و باعتقادي أن حل هذه المعضلة هو معرفة أسبابها الحقيقية في أي أسرة او في اي مجتمع و البحث عن آليات التقليل منها ان كان مستحيلا القضاء عليها نهائيا و من هنا يمكن ادراج بعض الحلول و المقتر حات التي تؤدي الغرض من علاج هذه الظاهرة الاجتماعية و الاجرامية في نفس الوقت مادام عنصر القصد متوفر للتعدي على الغير و انتهاك كرامته و حريته و ما دام السلوك مشينا و لا يمت بصلة الى السلوك السوي ، و هذه جملة من
الحلول و المقترحات :
*على المرأة الالتزام بالحجاب الشرعي و عدم اظهار مفاتنها في العمل او في الجامعة او في الشارع و لها ان تتقيد بالضوابط الشرعية التي حثنا عليها ديننا الحنيف و الابتعاد بأي شكل من الأشكال عن انشاء علاقة محرمة عن طريق الهاتف او باي وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي التي تمهد للقيام بمثل تلك الجريمة علنا.
*التشجيع على الزواج الجماعي و التقليل في المهور و التماس التيسير للشباب لتحقيق العفة عن طريق عقد شرعي على سنة الله و رسوله و الابتعاد عن كل اشكال العلاقات المحرمة بين الرجل و المرأة و عدم تغليفها بغلاف التحضر و الصداقة و الانفتاح و التي لا تمت بصلة لعقيدتنا و لديننا الحنيف .
*استحضار الوازع الديني حال كل اعجاب يبديه الرجل مع المرأة فهي طبيعة في الرجال الاعجاب ، و هذا الاستحضار انما هو طريقة لمخاطبة العقل الواعي في سلوك النهج الصحيح من منافذه المشروعة كالخطبة او عقد الزواج بعيدا عن التلميحات و المعاكسات التي تحط من قيمة الرجل و لا تشعره برجولته الحقة ، فمن يخاف على اخته حتما سيخاف على بنات الناس و ليس يفهم هذا الدرس الا و هو يستحضر الرقيب في قلبه و نفسه و يخاطب ضميره في ان لا يسلك سلوك الفاسقين او المنحرفين و الذين يفتحون ابواب الشيطان من النظرة فالابتسامة فاللمسة الى غير ذلك من اللقطات المحرمة شرعا.
*تربية الأولاد منذ الصغر على تعاليم ديننا الحنيف و امرهم بالصلاة و ضربهم عليها في السن التي حددها الشرع ، و عدم التهاون ازاء أي سلوك مشين ينافي و مبادئ التربية ، فالطعم بتكرر طلب تذوقه مع كل فرصة لسهولة نيله ، و لذلك كان لزاما على الأم ان تلقن ابنتها دروس الاحتشام و العفة و على الأب ان يصحب ابنه الى المسجد و يصاحبه بشروحات عميقة حول كيفية التعاطي مع افراد المجتمع و كيفية ابداء الاحترام للغير و عدم التعدي عليهم مهما كان التعدي مستصغرا ، فجبال الذنوب تبنى من حصوات الحجارة الصغيرة ، و يجب عدم الاستهانة بصغائر الأمور بل لابد من معالجة المشاكل في اوانها حال الاستشعار باي سلوك غير معتاد للأبناء او ظهور علامات و متغيرات غير سوية خاصة في سن المراهقة و التي لا بد ان تكون فيها المصاحبة من الوالدين ضرورية و مستمرة .
*تطبيق العقوبات الصارمة على المتحرشين مهما تكن أعمارهم و جنسياتهم حتى يكتمل مصاب حفظ الكرامات و الحريات التي سنها قرآننا الكريم و سنة نبينا صلى الله عليه وسلم في قوله عن ابي هريرة رضي الله عنه " كل المسلم على المسلم حرام دمه و ماله و عرضه". و عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم قال " من ظلم شبرا من الأرض طوقه الله من سبع أرضين" و النصوص كثيرة.
*تعزيز دور الأسرة و المدرسة و المسجد و الجامعة للتوعية المعتدلة لحماية الأبناء من التحرش بسبب ما ينجر عن الجريمة من عقد نفسية و مشاكل اجتماعية خطيرة تعيق النمو السليم للطفل ، و لا يخفى على احد حجم الآمال التي تبنى على فئة الأطفال على اعتبارهم جيل البناء المستقبلي فلا بد من توفير الحماية الكافية لهم ، و بذلك حمايتهم من نظرة المجتمع للمعتدى عليهم و هذا ما يشعرهم بأنهم مذنبون أو ضعفاء، و هي نظرة احتقار قد تصل الى حد الانتقام من المجني عليه.
و يمكن ان نستدل بآراء بعض المختصين و الأطباء و الباحثين في دراسة هذه الظاهرة حيث أوضح البروفيسور خياطي (*) أن 25 بالمائة من أطفال الشوارع تعرضوا لهذا
النوع من الاعتداء في أسرهم من طرف أقربائهم حسب ما بيّنته دراسة قامت بها الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث "فورام" سنة 2006 ، هذا وتأسّف البروفيسور
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*أنظر المقال المنشور في جريدة صوت الأحرار الجزائرية ليوم 16/11/2014
أو تفحص الجريدة من الموقع التالي:
www.djazairess.com/alahrar121470
من كون ظاهرة الاعتداءات الجنسية في بلدنا (الجزائر) يلبسها الكثير من الغموض كما تندرج ضمن قائمة الطابوهات الموجودة مما يصعب عملية محاربتها والقضاء عليها لأن
مقترفي هذه الجرائم في الغالب يكونون من العائلة لذا يصعب التبليغ عنهم، بالإضافة إلى عديد الحالات التي ظهرت في المدارس، دور الحضانة ومراكز إعادة التأهيل وهو أمر ينذر بالخطر.
وبالنسبة للأعراض والنتائج التي تتبع الاعتداء أشار إليها البروفيسور من جانبين، الطبّي والسيكولوجي أين يكوّن الاعتداء بداية صدمة نفسية للطفل سواء كان ذكرا أو أنثى وتكون قوة أو نتائج هذه الصدمة متعلقة ببعض الأمور كالسن، الحالة ، وصلة الجاني بالضحية إذا كان من معارفه أو أقربائه، وفي غالب الأحيان يضيف محدّثنا "الصدمة تعيق نمو الطفل من الناحية الجسمية بالإضافة إلى ظهور أعراض سيكولوجية أخرى عديدة فإذا كان صغيرا يصبح لا يستطيع التحكم في نظافته، وتراوده هواجس وكوابيس في نومه إضافة إلى التوتّر المستمر" وعندما تتم عملية الاعتداء بالقوة تسهل عملية الكشف أين يظهر احمرار وجروح على مستوى الأعضاء التناسلية وأحيانا نزيف دموي عند الإناث.
و قد أكّد مصطفى خياطي في ذات الشأن أنّ الأطفال الذين تعرضوا للتحرش الجنسي أو الاعتداء تلزمهم رعاية نفسية كاملة مثل ما هو الحال في مصلحة طب الأطفال بمستشفى "بلفور" أين يتم تقديم الحالات إلى مختصة نفسانية التي تباشر علاجهم بإتباع طرق غير مباشرة كالرسم ، و الطقل عندما يجد نفسه في بيئة استشفائية يتذكر الواقعة و يعبر عنها
ببعض الصور ممّا يسهّل عملية الكشف وتشخيص ما تعرّض له.
لنصل في الختام الى ان مسؤولية ارتكاب جريمة التحرش الجنسي هي مسؤولية الجميع و على كل فرد او هيئة او مؤسسة فاعلة في المجتمع ان تقوم بالدور المنوط بها ، و ضرورة تلقين التصرفات الحميدة بالاقتداء بكتاب الله و سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ،و يجب الاحاطة علما ان مسؤولية الآباء و الأمهات على الأبناء لا تقتصر في توفير الملبس و المأكل فقط بل لا بد من اطلاع البناء بالثقافة الجنسية و بطريقة تعليمية و مهذبة ، و من هنا ندعو شبابنا و شاباتنا الى ضرورة التقيد بشرع الله تعالى و تقوية الايمان و الالتزام بالوازع الديني كضابط اسمى للحد من هذه الجريمة القاسية حتى نتمكن من تخليص مجتمعاتنا من هذه الآفة المضرة.
ان ضبط المفهوم العلمي للتحرش الجنسي معقد في شرحه نظرا لتداخل علوم كثيرة في احتواء و تناول هذه الظاهرة بالدراسة التحليلية كعلم النفس و علم الاجتماع و العلوم الجنائية و علوم الدين .
أما عن تعريفه اللغوي فهو عبارة عن مفاتحات جنسية غير أخلاقية بل لا تليق بسلوك الانسان العادي و المتوازن نفسيا ، فمعيار ضبط التعريف هنا هو ما حاد عن السلوك المنضبط و الموزون ليتحول الآداء الى رغبة جنسية تبحث لها عن مرافق لممارسة الفعل المخل بالحياء تدريجيا ، اذ لا تتم مرة واحدة بل على مراحل متدرجة تبدأ بالاستدراج عن طريق الكلام الناعم مثلا بين الرجل و المرأة و اللمس و محاولة تكرار تلك الأفعال كلما أتيحت الفرصة ، لأن هذه الظاهرة غالبا تتم في الخفاء بعيدا عن أعين الملاحظين و ليس يهم المكان الذي تتم فيه بقدر ما يكون التركيز حول ايقاع الضحية بأسلوب التحرش لقبول العرض اللاأخلاقي و تعويده على ممارسته اكثر من مرة .
و عادة ما تحدث هذه الظاهرة في المؤسسات الادارية أو في أماكن مغلقة و معظم ضحاياها نساء و قصر ، و من يمارس هذه الفعل أكيد لديه مرض نفسي او خلل في توازن شخصيته ،اذ بينت الدراسات أن صفات المتحرش تكمن في كونه انسان يمارس السلوك العنيف بشكل عام و أن لديه خيالات جنسية يبحث له عن تطبيقها في الواقع فيختار له الضحية التي تنقاد له بسهولة و لا تقابل العرض بالرفض و حتى و ان حدث يكون من المتحرش ذاك الاصرار حتى ايقاع الضحية في شباك غدره ،كما أن المتحرش لديه مشكلة في عدم قدرته على التحكم على الذات و يجد له متعة في اهانة الآخرين و ازعاجهم ، و هذا ما يفسر اقبال المتحرش على هذا الفعل لإشباع رغبة جنسية لم يكن باستطاعته اشباعها بطريقة سوية و هنا يتدخل علم الاجتماع و كذا الشرع ليصفا الظاهرة بإعطاء المتحرش اذنا بالتخلي عن القيم الدينية و تجاوز التقاليد و الاعراف المجتمعية التي الفها ذاك المجتمع ، و عليه نسمع من مقربين او نطالع في الجرائد اخبارا حول اهتزاز سكان قرية او مدينة على نبأ تعرض طفل صغير لتحرش من بالغ او شيخ فتكون ردة الفعل استنكار و رفض قاطع لذلك الفعل لأنه يعادي قيم و تقاليد ذاك المجتمع .
و الملاحظ أن هذه الظاهرة تكثر في المواصلات و الأماكن التي تقل فيها زحمة المارة حيث تنقص فيها الحراسة لرجال الأمن و تعد بمثابة مناخ ملائم لممارسة فعل التحرش ، كما تكثر هذه الظاهرة الغير مرئية للغير كشواهد بين الرئيس و مرؤوسيه سواء كانت سكرتيرة او موظفة تعمل بانتظام مع مديرها ما يجعلها عرضة لطرح عملية التحرش بأي طريقة كانت و قد لا تكون ظاهرة اوقات الدوام او يختار الجاني توقيتا مناسبا لفعله كوقت الراحة أو لحظات قبل انصراف العمال.
و هناك مراحل تمر بها الضحية من تم استدراجها لممارسة التحرش بدءا بالرفض المطلق ثم تليه مرحلة استعمال القوة و العنف حتى ترضخ الضحية للأمر و قد تحدث سيطرة عنيفة من المتحرش بالضحية باستعمال الضرب و الاعتداء البدني و هو ما يعتبر اضعاف لمقاومتها ، لتليها مرحلة استعمال مادة مخدرة لإسكات اي حركة مقاومة ضد تحرش الفاعل وصولا الى ارتكاب جريمة قتل و تعتبر أشد درجات الارغام او طريقة لإخفاء معالم الاعتداء لو تم الفعل .
و يمكن هنا وصف المتحرش بقائمة من الأمراض النفسية التي تعتبر الدافع الأساسي للقيام بالتحرش و هي :
*اضطرابات في الشخصية
*ادمان الكحول و المخدرات ما يفقد السيطرة على السلوكات المنحرفة
*أمراض الفصام و الشيزوفرينا
*نشأة المتحرش في بيئة قاسية مما يسبب له مشكلة عدم القدرة على التعلم
و قد تطرح الأمهات او اولياء الامور أسئلة في كيفية توفير جو من الحماية لأبنائها من يتنقلون الى المدرسة ، و هذه مجموعة من الاحتياطات الواجب الاخذ بها :
*مناقشة الأم او الأب مع ابنه او ابنته مسائلا عن التحرش بطريقة هادئة يحدوها الكثير من الحذر حتى لا يحيد فكر الطفل الى التجريب بدافع الفضول ، و الكل يعرف ان ما كان ممنوعا هو في حقيقته مرغوب و لو بالخيال.
*شرح ولي الأمر لطفله عملية التحرش و كيفية بدئها و طريقة تفاديها .
*انتباه اولياء الأمور و عدم ترك أبنائهم يتابعون الأفلام الكرتونية و التي تتضمن سلوكات تعلم التحرش مثل الأفلام التي تعبر عن مجال الصداقة و المحبة و لكن بطرق غير شرعية حيث يكثر في التصوير التقبيل و اللمس ، و هذا النوع من الأفلام غالبا ما يغفل عنها الآباء و الامهات و هي وسيلة لتعليم الطفل التحرش و تسهيل تقبله من باب الصداقة الطفولية و التي هي في حقيقتها تتنافى مع عقيدتنا و أسلوب التربية في المجتمعات المسلمة.
*توعية الطفل على تفادي ممارسة التحرش مع الأصدقاء و لو من باب المزاح لأن هذا السلوك من شأنه ان يخلق عادة التكرار و التسهيل في الاقبال على أي سلوك ما لم يتلقى الردع و الزجر و التوعية التربوية من أولياء الأمور خاصة .
*الانتباه الى الأشخاص الذين يعتبرهم الطفل قدوة له ،و على الأولياء مراقبة مجال الصداقة و طريقة انتقاء الأصدقاء و سبب الانتقاء ، ما دامت ظاهرة التحرش تتم في الخفاء و لا أثر يدلل عليها في البداية الا ما كان اقرارا من الضحية أو وصولا الى نتائج تترك آثار للعملية.
هذا و للعلم فان بعض الدراسات تشير الى أن هناك الكثير من حالات التحرش لا يتم التبليغ عنها لأسباب عائلية ،و الملاحظ في الاحصائيات و دراسات الباحثين أن نسبة الأطفال المتحرش بهم في الدول العربية قد ازدادت في الآونة الأخيرة ،حيث كشفت دراسة سعودية* أن نسبة التحرش بالأطفال مرتفعة اذ تصل الى طفل واحد من بين أربعة أطفال و
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*أنظر الى الرابط التالي و الذي به احصائيات لبعض الدول عن التحرش الجنسي
Sites google.com/site/rapeofchildrensinnocence/home/ahsayyat
في نفس الشأن قالت الدكتورة وفاء محمود الأستاذ المساعد في جامعة الملك سعود بكلية التربية و علم النفس حيث تحدثت لصحيفة الرياض عن اهمية وقاية الطفل من عملية التحرش و التي تعد من الأمراض الاجتماعية المنتشرة في الوقت الراهن و التي تبقى
نسبتها الحقيقية غير معروفة بسبب تكتم الأسر على الجريمة خوفا من انتقام المعتدي و حتى من الفضيحة.
و بالعودة الى القوانين و مدى تناولها لهذه الجريمة بدءا بالدستور الجزائري الذي يقر في نص المادة 34 " تضمن الدولة عدم انتهاك حرمة الانسان و يحظر أي عنف بدني أو معنوي أو اي مساس بالكرامة .
كمتا تنص المادة 35 منه على " يعاقب القانون على المخالفات المرتكبة ضد الحقوق و الحريات و على كل ما يمس سلامة الانسان البدنية و المعنوية".
أما قانون العقوبات الجزائري فقد جاء خاليا من نص صريح يتناول جريمة التحرش الجنسي الا ما ورد في نص المادة 293 مكرر كما يلي " كل من يخطف او يحاول القيام بخطف شخص مهما بلغت سنه مرتكبا في ذلك عنفا او تهديدا أو غشا ،يعاقب بالسجن المؤقت من عشر (10) الى عشرين (20) سنة و بغرامة من 1.000.000 دج الى 2.000.000 دج . و يعاقب الجاني بالسجن المؤبد اذا تعرض الشخص المخطوف الى تعذيب جسدي.
و اذا كان الدافع الى الخطف هو تسديد فدية يعاقب الجاني بالسجن المؤبد أيضا.
ما نلمحه من نص هذه المادة الأخيرة أن قانون العقوبات يجرم كل أشكال التعدي أو التهديد و هذا يتضمن صراحة سلوك التمهيد للقيام بجريمة التحرش و المتمثل في عنصر التعدي على الغير باستعمال أسلوب التهديد، و يبقى القصور يشوب القانون لعدم تضمنه نصا صريحا يتناول جريمة التحرش على وجه التخصيص. وما ينطبق على قانون العقوبات ينطبق كذلك على قانون الاجراءات الجزائية.
أما في مصر ، فقد اصدر مؤخرا قانون لتغليظ عقوبة التحرش الجنسي بعد مراجعته في قسم التشريع بمجلس الدولة ، و ينص القانون على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر و بغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه و لا تزيد عن خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير في مكان عام او خاص أو مطروق بإتيان أمور او ايحاءات أو تلميحات جنسية أو اباحية ،سواء بالإشارة أو بالقول او بالفعل بأية وسيلة ،بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية و اللاسلكية(نقلا عن صحيفة الشروق المصرية).
و تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تزيد على 10 آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا تكرر الفعل من الجاني من خلال الملاحقة والتتبع للمجني عليه، وفي حالة تكرار الفعل تُضاعف عقوبتا الحبس والغرامة في حديهما الأدنى والأقصى.
كما نص القانون على أنه يعتبر تحرشاً جنسياً إذا ارتكبت الجرائم المنصوص عليها في مادة العقوبات السابقة، بقصد حصول الجاني من المجني عليه على منفعة ذات طبيعة جنسية، ويُعاقب الجاني بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 20 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
لكن السؤال المطروح هنا هل في تشديد العقوبة ردع لجريمة التحرش الجنسي فعلا ؟ ،و باعتقادي أن حل هذه المعضلة هو معرفة أسبابها الحقيقية في أي أسرة او في اي مجتمع و البحث عن آليات التقليل منها ان كان مستحيلا القضاء عليها نهائيا و من هنا يمكن ادراج بعض الحلول و المقتر حات التي تؤدي الغرض من علاج هذه الظاهرة الاجتماعية و الاجرامية في نفس الوقت مادام عنصر القصد متوفر للتعدي على الغير و انتهاك كرامته و حريته و ما دام السلوك مشينا و لا يمت بصلة الى السلوك السوي ، و هذه جملة من
الحلول و المقترحات :
*على المرأة الالتزام بالحجاب الشرعي و عدم اظهار مفاتنها في العمل او في الجامعة او في الشارع و لها ان تتقيد بالضوابط الشرعية التي حثنا عليها ديننا الحنيف و الابتعاد بأي شكل من الأشكال عن انشاء علاقة محرمة عن طريق الهاتف او باي وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي التي تمهد للقيام بمثل تلك الجريمة علنا.
*التشجيع على الزواج الجماعي و التقليل في المهور و التماس التيسير للشباب لتحقيق العفة عن طريق عقد شرعي على سنة الله و رسوله و الابتعاد عن كل اشكال العلاقات المحرمة بين الرجل و المرأة و عدم تغليفها بغلاف التحضر و الصداقة و الانفتاح و التي لا تمت بصلة لعقيدتنا و لديننا الحنيف .
*استحضار الوازع الديني حال كل اعجاب يبديه الرجل مع المرأة فهي طبيعة في الرجال الاعجاب ، و هذا الاستحضار انما هو طريقة لمخاطبة العقل الواعي في سلوك النهج الصحيح من منافذه المشروعة كالخطبة او عقد الزواج بعيدا عن التلميحات و المعاكسات التي تحط من قيمة الرجل و لا تشعره برجولته الحقة ، فمن يخاف على اخته حتما سيخاف على بنات الناس و ليس يفهم هذا الدرس الا و هو يستحضر الرقيب في قلبه و نفسه و يخاطب ضميره في ان لا يسلك سلوك الفاسقين او المنحرفين و الذين يفتحون ابواب الشيطان من النظرة فالابتسامة فاللمسة الى غير ذلك من اللقطات المحرمة شرعا.
*تربية الأولاد منذ الصغر على تعاليم ديننا الحنيف و امرهم بالصلاة و ضربهم عليها في السن التي حددها الشرع ، و عدم التهاون ازاء أي سلوك مشين ينافي و مبادئ التربية ، فالطعم بتكرر طلب تذوقه مع كل فرصة لسهولة نيله ، و لذلك كان لزاما على الأم ان تلقن ابنتها دروس الاحتشام و العفة و على الأب ان يصحب ابنه الى المسجد و يصاحبه بشروحات عميقة حول كيفية التعاطي مع افراد المجتمع و كيفية ابداء الاحترام للغير و عدم التعدي عليهم مهما كان التعدي مستصغرا ، فجبال الذنوب تبنى من حصوات الحجارة الصغيرة ، و يجب عدم الاستهانة بصغائر الأمور بل لابد من معالجة المشاكل في اوانها حال الاستشعار باي سلوك غير معتاد للأبناء او ظهور علامات و متغيرات غير سوية خاصة في سن المراهقة و التي لا بد ان تكون فيها المصاحبة من الوالدين ضرورية و مستمرة .
*تطبيق العقوبات الصارمة على المتحرشين مهما تكن أعمارهم و جنسياتهم حتى يكتمل مصاب حفظ الكرامات و الحريات التي سنها قرآننا الكريم و سنة نبينا صلى الله عليه وسلم في قوله عن ابي هريرة رضي الله عنه " كل المسلم على المسلم حرام دمه و ماله و عرضه". و عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم قال " من ظلم شبرا من الأرض طوقه الله من سبع أرضين" و النصوص كثيرة.
*تعزيز دور الأسرة و المدرسة و المسجد و الجامعة للتوعية المعتدلة لحماية الأبناء من التحرش بسبب ما ينجر عن الجريمة من عقد نفسية و مشاكل اجتماعية خطيرة تعيق النمو السليم للطفل ، و لا يخفى على احد حجم الآمال التي تبنى على فئة الأطفال على اعتبارهم جيل البناء المستقبلي فلا بد من توفير الحماية الكافية لهم ، و بذلك حمايتهم من نظرة المجتمع للمعتدى عليهم و هذا ما يشعرهم بأنهم مذنبون أو ضعفاء، و هي نظرة احتقار قد تصل الى حد الانتقام من المجني عليه.
و يمكن ان نستدل بآراء بعض المختصين و الأطباء و الباحثين في دراسة هذه الظاهرة حيث أوضح البروفيسور خياطي (*) أن 25 بالمائة من أطفال الشوارع تعرضوا لهذا
النوع من الاعتداء في أسرهم من طرف أقربائهم حسب ما بيّنته دراسة قامت بها الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث "فورام" سنة 2006 ، هذا وتأسّف البروفيسور
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*أنظر المقال المنشور في جريدة صوت الأحرار الجزائرية ليوم 16/11/2014
أو تفحص الجريدة من الموقع التالي:
www.djazairess.com/alahrar121470
من كون ظاهرة الاعتداءات الجنسية في بلدنا (الجزائر) يلبسها الكثير من الغموض كما تندرج ضمن قائمة الطابوهات الموجودة مما يصعب عملية محاربتها والقضاء عليها لأن
مقترفي هذه الجرائم في الغالب يكونون من العائلة لذا يصعب التبليغ عنهم، بالإضافة إلى عديد الحالات التي ظهرت في المدارس، دور الحضانة ومراكز إعادة التأهيل وهو أمر ينذر بالخطر.
وبالنسبة للأعراض والنتائج التي تتبع الاعتداء أشار إليها البروفيسور من جانبين، الطبّي والسيكولوجي أين يكوّن الاعتداء بداية صدمة نفسية للطفل سواء كان ذكرا أو أنثى وتكون قوة أو نتائج هذه الصدمة متعلقة ببعض الأمور كالسن، الحالة ، وصلة الجاني بالضحية إذا كان من معارفه أو أقربائه، وفي غالب الأحيان يضيف محدّثنا "الصدمة تعيق نمو الطفل من الناحية الجسمية بالإضافة إلى ظهور أعراض سيكولوجية أخرى عديدة فإذا كان صغيرا يصبح لا يستطيع التحكم في نظافته، وتراوده هواجس وكوابيس في نومه إضافة إلى التوتّر المستمر" وعندما تتم عملية الاعتداء بالقوة تسهل عملية الكشف أين يظهر احمرار وجروح على مستوى الأعضاء التناسلية وأحيانا نزيف دموي عند الإناث.
و قد أكّد مصطفى خياطي في ذات الشأن أنّ الأطفال الذين تعرضوا للتحرش الجنسي أو الاعتداء تلزمهم رعاية نفسية كاملة مثل ما هو الحال في مصلحة طب الأطفال بمستشفى "بلفور" أين يتم تقديم الحالات إلى مختصة نفسانية التي تباشر علاجهم بإتباع طرق غير مباشرة كالرسم ، و الطقل عندما يجد نفسه في بيئة استشفائية يتذكر الواقعة و يعبر عنها
ببعض الصور ممّا يسهّل عملية الكشف وتشخيص ما تعرّض له.
لنصل في الختام الى ان مسؤولية ارتكاب جريمة التحرش الجنسي هي مسؤولية الجميع و على كل فرد او هيئة او مؤسسة فاعلة في المجتمع ان تقوم بالدور المنوط بها ، و ضرورة تلقين التصرفات الحميدة بالاقتداء بكتاب الله و سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ،و يجب الاحاطة علما ان مسؤولية الآباء و الأمهات على الأبناء لا تقتصر في توفير الملبس و المأكل فقط بل لا بد من اطلاع البناء بالثقافة الجنسية و بطريقة تعليمية و مهذبة ، و من هنا ندعو شبابنا و شاباتنا الى ضرورة التقيد بشرع الله تعالى و تقوية الايمان و الالتزام بالوازع الديني كضابط اسمى للحد من هذه الجريمة القاسية حتى نتمكن من تخليص مجتمعاتنا من هذه الآفة المضرة.