مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/09/18 22:27
انتفاضة العدل

انتفاضة العدل

 

 

لازمتَني يا حزن طويلاً فاكفني حيرتك مني، أو احزن لحالك بعيدًا عن هنائي، لا تلازمني لا في فرحي ولا في حزني الخاصِّ بي، لا تخلط ولا تمزج أحزانًا أخرى قد تنسيني مَن أكون بعد أن ولدت في يوم يسير حصاده منذ فجره، لا لا تقلق فيَّ يا صدى حينما تراوغ مسامعي، فلستُ أقوى اليوم على ترانيم وشاجها ليست تصلني بالكامل، خلِّصني يا أمل من قيود أرادت كسر نصف الجناح من سندي، وإن كان الرفق لي في صرختي أرحم من ظلمتك بغيم كثيف الإصرار، فلا تلازمني برفض قاطع مني، فقد لا أقدر على التعايش من جديد مع من اطمأننتُ لقربهم بسبب الخوف الكثير، لكني لست أبالي به وقد يبالي بألمي فيَبكيني وليس لي بعد اليوم وقت لقول ما كان يجب قوله حينما كنتُ أكتب عن اغتيال الصفاء!

 

فإن كان للإجرام بندَان لتَكمِلة الشروع فيه فإني لست أستحضر ما تعلمته من نواهي الفعل، بل أستحضر ضميري وقناعتي أن التعدي على أي بريء هو الجرم، ولو لم يَكتمِل في صراعه مع خيبة فشل، قطعًا لن أحب علمًا فيه الكثير من الغموض واللاإنصاف، وصدقًا لن أستمر في البحث عن أدلة الصدق وسط ضباب التعدي والسكوت عن التعدي، فقد يلزمني أن أندم إن كتبت عن فني وتخصصي بكثير من الحب لمهنتي، لكني مع الأسف لست أجيد اتباع التبرئة من أيسر الطرق وأكثرها خدمة لذوي القلوب القاسيَة، فالقسوة في حد ذاتها جرم كبير يقضي على ملامح الرحمة.

 

دعوني أحمل راية الحق بيدي ولو لم ترفرف كما يَحلو لي، حتمًا ستدفع بها نسمات اليقين إلى أن لا يستقرَّ لها توقف، ففي ذاك المكان الذي انطلقتْ منه صيحات الصمود قرأتُ العزيمة في عيون الملتزمين بضوابط الصراحة والنظام في الحياة، فإن كان لي إقرار ألا نجاة بغير راحة ضمير فإنه تباعًا لا خلاص بغير نقاء سريرة، رتب لي يا مجد كلمات أرددها حينما تنبض قلوب الصاحين؛ حيث لم أخطئ لما عاتبتُ أحبائي ألا خلاص لنهضتنا إلا ونحن نعشق الصدق والعدل معًا، لنُزين أكتافنا بوسام القوة، ليس بعد اليوم تُخيفنا لا غشاوة ظلام ولا سيطرة جبان، لا تقيِّد حريتي حينما أعبِّر عن صدقي لأنك لن تُلجم بساطتي لما يكتنفني ذاك الغضب الهادئ وأنا كلي صيحة أن العدل مُنتصِر في كل الأوطان، عفوًا عن ارتجاج الحروف على سطور هدوئي، فهدوئي فيه الكثير من اضطراب الإحساس، ولا يتحقَّق هدوءه إلا بعد يقظة صراخي أني أريد العدل قوة تغزو السجانين، فالسجنُ له أسوار مفتوحة على السماء والأسير سجين الحق، فأطلِقوا سراحه لأن التهمة لم تثبت عليه ولن تثبت ما دام قال صدقًا ونوى خيرًا وفعل برًّا.

 

أنا إنسان ومن حقي أن أحب ما يَحلو لي وما يستهويه ضميري، اترك لي يا جرح مكانًا حينما تَندمل؛ لأني عقدت العزم على لسان كل حرة أن سجان الظلم جبان، وهو أسير لنفسه المتعبة، فإن كسرت قلمي يا نقد يومًا ما، فثق أن القلم الصغير سيَحبو على فتات الانكسار، فالحرة لا تلد إلا الحرة، والخطوة ليست تكبر إلا مع البارَّة، اترك سبيل الطموح ليحذو حذو الكبار ولو بدا في منطلقِه صغيرًا، فلا شيء كبر على خفَّة النعلين ثقالاً بأحمال التراب من هنا وإلى هناك، غيور أنا على وطني، متيّمة أنا بحب أمتي، فلا تُطفئوا نور هذا الحب للكنز والإرث الغالي، لأني سأفرش الورد على أرض السلام، وأنام على بساط الهناء إلى الصباح، فلا شيء يكدّر راحة جفني ولا شيء يُحيِّر روحي في كنف العدالة، عدالة الحق والاعتراف بالحقيقة، لا عدالة ميزان صنعته قوانين قد تُخطئ وقد تُصيب، وعدْلُنا اخترناه أن لا يُخطئ حينما قررنا أن نلتمس أعذارًا من براءة!

 

يا مثبّت الروح في الوطن، إن حقَّ كل شهيد سيعود مهما طال الزمن، الحق ظاهر للعيان، وناصر الباطل جبان، وليس الأتقياء يرضون بالهوان، فلا أحد يُسيء لانتماء الأصل والحضارة والنهضة، كلها على سواء، مزيج من كنز مُسجى بأحلى حلية الغلاء، فمن قال: "إن الحلم يموت بالنار أو الرصاص؟" الأمل قائم وحي بين أفكارنا وبالقرب من تطلعاتنا، فهل بعد اليوم سكون لتمرُّد الإرادة الثابتة؟!

 

وليتأكد الجميع أن الفكرة الرائدة لا تموت بسوء الفهم، والنهج الأكيد لا يظل بهبوب رياح التغليط، وحلم الكرامة ليس ببعيد، فاختر لك أن تعيش بالعدل حرًّا كريمًا أو تموت على الحق صادقًا شهيدًا، وكلاهما شعار الإخلاص والوفاء، فما الحق إلا دولة، وما الباطل إلا جولة!




أضافة تعليق