مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/07/04 10:52
نهاية التاريخ و حروب داحس و الغبراء
نحن نعيش الأسبوع الأول من شوال، و حال العالم العربي مكرب لأبعد الحدود.

منطقة العالم العربي بالذات توصف علي أنها أكثر مناطق العالم تخلفا، فلا وجود فيها لحكم الشوري أي التداول علي السلطة و لا نظام رادع للفساد السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي. يتقاتل العرب المسلمين فيما بينهم سوري ضد سوري و يمني ضد يمني و عراقي ضد عراقي و هم يسمون حروبهم بالصراع السني الشيعي و أما العدو الحقيقي الذي هو بني صهيون و النفس الأمارة بالسوء، فلا أحد يجاهدهما.

التشرذم و التشتت و الإنقسام الذي ينهك جسم الأمة العربية غير مفهوم، كنا في مرحلة ما نصبر بعضنا البعض بأن ظاهرة الفرقة متوقفة علي مستوي الهرم السياسي للدول العربية، لكننا يوما بعد يوم و عاما بعد عام و رمضان بعد رمضان نشعر و نلمس عن قرب، تنافر الشعوب العربية  فيما بينها و معها نخبها بكل عناوينها و تياراتها، إلي أين هي سائرة الأمة العربية ؟

الأمة التركية تعرف حراكا حضاريا ظاهر للعيان، الأمة الإيرانية نفس الشيء أذكر بالمناسبة تلك المحاضرة التي قدمها الدكتور فريد شربال الباحث الجزائري في الولايات المتحدة الأمريكية من ثلاث سنوات، كيف أنه ذكر دور الجامعات الإيرانية في نهضة بلادها و لم يأتي علي ذكر أي جامعة عربية في المقابل.

دول مثل ماليزيا و أندونيسيا أدركا باكرا قيمة إعتماد العدل في تدبير شؤون الرعية و راهنوا علي العلم و المعرفة للنهوض بشعوبهم و فهم المواطن فيهما أنه يترتب عليه  دور هو الدور نفسه الذي وصفه القرآن الكريم في محكم آياته الآية 110 من سورة آل عمران، بسم الله الرحمن الرحيم : (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر و تؤمنون بالله.)

فالمواطن المسلم مطالب أن يعيش لدنياه فيعمل علي نصرة دينه في كل شيء إبتداءا من نفسه : في خلقه و سلوكه و علاقته مع الله ثم مع الآخرين إخوانه في المواطنة و العقيدة و الإنسانية. و أن يعيش لآخرته فيدخر من العمل الصالح ليوم الحساب و يعبد الله عن بينة و يبلغ رسالة الإسلام لمن لم تصلهم رسالته.

أيننا من هذه الأدوار الإحيائية و من هذه المفاهيم الإنبعاثية ؟

ألم يحن بعد تطليق حالة الإنهزامية و الهمجية و العنصرية و الخصومة المذهبية و التخلف الحضاري التي نحن عليها منذ إستقلال دولنا الصوري ؟

ألم ندرك بعد أن عجلة الزمان لا تدور للخلف أبدا و أنه علي خلاف ما  تنبأ به فرنسيس فوكوياما العالم و الفيلسوف و الأستاذ الجامعي الأمريكي أن نهاية التاريخ ستكون في فلسطين ؟

فظهور المهدي رضوان الله عليه و نزول عيسي عليه السلام و تحرير فلسطين، سيتبعه حكم المهدي الذي لن يناهز إثنا عشر سنة  و هذا طبعا الإحتمال القائم  ثم تعود الإنسانية  برمتها شيئا فشيئا إلي سابق عهدها مع الإنحدار و الإنحطاط علي كل المستويات بحيث يأتي توقيت يقرر فيه الله عز و جل رفع القرآن الكريم و لن يبقي الكثير عن طي السجل و قيام الساعة حينها.

لن تستقيم أحوالنا و نحن نحكم أهواءنا و هذا من المواطن إلي رجل النخبة إلي رجل السلطة، و لن تقوم لنا قائمة ما لم نعمل كل في موقعه من أجل بعث الروح في أمة الإسلام.

 

 كيف نفسر أن الأقاليم الموجودة علي أطراف العالم الإسلامي من أندونيسيا، باكستان، تركيا، إيران و نيجيريا تتحرك في الإتجاه الصحيح من تدبير أمورها بالإستناد إلي مباديء الحق والعدل و الفضيلة و قلب هذا العالم الإسلامي ألا و هو العالم العربي يتراجع إلي الخلف بألف و خمسمائة سنة ؟ فمن يقلب النظر في أيامنا هذه من حوله، سيتهيأ له أنه يعيش زمن داحس و الغبراء.
 

فأنظمة الحكم في العالم العربي لا تملك إستراتيجية  توحد  صفوفها و تتيح لمواطنيها أن يعيشوا وفق معايير العدل و الحرية و الفضيلة كما يقرها الدستور السماوي، فالحاكم العربي لا يزال ينظر إلي نفسه بنظرة فرعون، فهو يؤله  نفسه و بطانة السوء تعينه علي ذلك و من يدفع فاتورة هذا الإستبداد هو المواطن البسيط. هذا و لا مكان في المجتمعات العربية للأذكياء أصحاب القيم و المباديء ممن يرغبون في خدمة أوطانهم ببعث روح اليقظة الحضارية  فيها، فالنخب الحاكمة ترفض أن تعطي أي فرصة لهؤلاء، فوجودهم يزعجها و يهدد نفوذها و مصالحها المبنية علي الظلم و الغصب و القهر و التجبر و الإغترار.

منذ زمن الكواكبي، و العالم العربي يراوح مكانه، فمستوي تفاعله مع متطلبات الإنبعاث الحضاري تقارب الصفر، هل خطابي تشاؤمي ؟

 

لا أكره شيء مثل اليأس من رحمة الله لكن لا بد لنا الإقرار بالواقع السوداوي الذي يحياه المواطن السوري و السوداني و اليمني و المصري. فالواقع كما هو، يحتاج إلي علاج مستمد من رؤية تتعاطي مع أدوات الحل لهذا العصر، مطعمة بالقيم التي جاء بها دين الحق.

أضافة تعليق