أن أرى كليكما ملتزمًا فذاك حلمي
أثق في الكثير من قدراتك الذكية والأخلاقية، فاصنع الحدث ولا تتردد في الإقدام إلى طَرْق أبواب الأمل، هي أصلاً مفتوحةٌ لك من زمان، فلا تخشى أن يَرُدَّ طرْقَك أحدٌ.
حتى لو كَلَّ مَتْنُك، ثم كَلَّ مَتْنُك، ثم كلَّ متنُكَ، في أن تطرق أبواب خِلاَّنِك ليشاركوك فيما بَنَيْتَه في مُخَيِّلتك، وخططت له من سنوات، لا تفشل، ولا تترك للانتكاسة سبيلاً إلى قلبك الحي؛ لأنك في نظري أقوى بكثير مما أتصور.
أفتخِرُ بكَ أنكَ مسلم، وأفتخر بكِ أنكِ مسلمةٌ، فذاك شيمتي في الاعتزاز بانتمائك لأرقى الأديان، أعتز بقوة شخصية كليكما في أن كل واحد رسم طريقه على النهج الذي تركه فينا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.
ولكن، دلائل الضياع كثيرة وصامتة، وهذا ما يجعلني أخشى عليك من اتِّبَاع بريق التكنولوجيا الخادعة، لكني أثق في حُنْكَتك أنك ستأخذ ما يخدم مبادئك، وثبات القيم المغروسة فيك منذ نشأْتَ على رغيف ساخن بطعم الحلال الطيب.
فنون الغناء واللهو متلَوِّنة وصاخبة، وهذا ما يبعث في نفسي اضطرابًا في أن يُشَوِّش على حدّة الرؤية في عينيك إلى كل ما يحيط بك، فتتيه في التمييز بين الخلاَّن؛ لتنتقي الأحسن منهم، فإن عزمْتَ على ذلك، فاختر الْمُعَيَّن، ولا تختر الساحب؛ فيأخذكَ إلى مغبة النسيان من أن الأصالة كامنة بداخلك، فلا تقتل فيها نبض التأصيل باختيارك غير المورزن.
واستحضر قول الشاعر في ذلك:
وليس أخوك الدائم العهد بالذي
يسوءُك إن وَلَّى ويُرضِيك مُقْبِلا
ولكنْ أخوك النائي ما دمْتَ آمنًا
وصاحبك الأدنَى إذا الأمرُ أَعْضَلا
|
ومن وجهة أخرى حيث أنواع الألبسة الحديثة والمستحدثة، ولست أرى الجديد منها يوافق كيانك المسلم، لذلك ألْبِسْ نفسك لباس الانتظام والصرامة لأنك بالإسلام تتباهى، ولا ترتدِ أثوابًا تُغَيِّر شكل الجمال فيك فتصبح في نظري إمَّعة، بل اختر، أو خطَّ لنفسك ما يليق بِمِشْيتك ووقارك في أن ترتفع وتسمو بذوقك واختيارك، الذي لست أشك في أنه أكثر من رائع، ولكن بشرط أن تكون بذلتك أنيقةً على مقاس هُوِيَّتك، وتسريحة شعرك هي نفسها لم تُغَيِّرها، وحين يكون حجابُكِ أختي طويلاً، يسترُ الجمال فيك، فتكون العفة والحشمة عنوان التأمل في كتاباتي، حتى وأنت تسيرين من أمامي بمشية الاتزان، لا هي بالْخُيَلاء ولا بالمائلة، فذاك الوقار في بصمته، وما أحلاكِ وأنا أرى فيكِ نموذج الحفيدات الصالحات يَسِرْن على الخطى وبعزيمة! إنه حلمي دائمًا؛ بل مُنَاي أختي.
فأن تعتزلي مجالس اللهو واللغو إلى قراءة كتاب أو مصحف، فذاك مكسَبُك في أن تربحي وقتك الذي كان سيضيع هباءً في ما لا يُجدي نفعًا، فاستعِدِّي لكسب الأجر، وأنت في الحافلة، أو في قاعة انتظار، أو في السيارة حين تتعطل حركة المرور، فكُوني في ذكائك سَلِسَةً في التسبيح والاستغفار؛ حتى لا تقلقي ولا تتوتري من ضغوطات الحياة.
أختي الحبيبة:
اجعلي من ضحكك ما كان مستحسَنًا، ولا ترفعي صوتك عاليًا؛ حتى لا تَلْفِتي الأنظار إليك فتُصْبِحي مَحَلَّ مساءلة عن سبب هذا الإفراط فيما يُمِيت القلب.
أختي العزيزة:
كوني شُعلةً مُتَّقِدة في العلم، فذاك سلاحك، ومصدر إلهامك في الإبداع في شتى المجالات، فلو غدوْتِ طبيبة، استحسنْتُ من بنات حواء أن تعالَجْن عندكِ، وإن كنت معلِّمةً أرتاح لتلاميذنا نهج مبادئ اللغة على منهجية إصرارك في تلقين المبادئ والقيم، ولو غَدَوْت كاتبة، صوني الوديعة في تبجيل ما للإسلام ينتمي.
خذ من الدهر ما كفى
ومن العيش ما صفا
لا تُلحنَّ بالبكا
ءِ على منزلٍ عَفا
|
لا تغضب، ولا تغضبي لأتفَهِ الأسباب إلا ما كان فيه مساس بثَوَابِتِك والتزامك، ثقلُ العقْلِ بالنسبة لي أفضلُ من ثقل الجيب من المال والْمَحْمل من الأشياء؛ لأنه بدون نضج العقل لن تنفع كثرة المكاسب والنجاح والتفوق، فالعقل إن زان شيئًا زيَّنه، والاستخفاف والتهور إن صان شيئًا أفقده نكهته وجماله، لذلك فالعقل الواعي هو الموصل للحقائق الصحيحة بصحة أقوالك وأفعالك، فذاك مكمل للآخر دون أن يأخذَكِ ذلك للغرور أو الاحتقار، فتفقدي ما كسبْتِ في لحظة جنون.
إذا كنتَ تغضب من غير ذنب
وتَعْتِبُ من غير جُرْم عَلَيَّا
طلبْتُ رضاك فإن عزَّني
عَدَدْتُك ميْتًا وإن كنتَ حَيَّا
قنعْتُ وإن كنتُ ذا حاجة
فأصبحْتُ من أكثَرِ الناس شيَّا
فلا تعجبَنَّ بما في يديك
فأكثَرُ منه الذي في يديَّا
|
هي حكايتي معك بصدق، فأتمنى أن تكون على قدْرِ أهل العزم؛ لتأتِيَ العزائم، وعلى قدْرِ أهل الكرم؛ لتأتيَ المكارم، فالرسول صلى الله عليه وسلم يباهي بنا الأمم، إذًا فلنكُنْ خيرَ أمة أخْرِجَت للناس، ولطالما كانت نيتك أن تكون كذلك، فذلك حلمي في أن أراك منتصرًا على النفس والهوى والشيطان، وأخيرًا على العدو.
بارك الله فيك ولك، وأسعدني الله في رفقة أهل الخير لسماع الخير عنك أخي وأختي في الإسلام.
من أختكم المحبة للخير.