الأستاذ حشاني زغيدي
متى يعرف المسلم أنه مصاب بأعراض فوبيا هشاشة الفهم و سطحيته ؟ حين يشد الفهم السليم عن المنظومة القيم الأولى لرسالة التعاليم التي جاء بها الإسلام ، كرسالة واضحة ، و منهج هداية سلم من الغلو أو التقصير، منهج متكامل راعى شؤون الحياة جميعها ، منهج تلمس أدق تفاصيل الحياة في تعاليمه السامية الشاملة ، منهج بناء كيان قوي ، يقوم على العدل و العلم و العمل ، منهج تحرسه الأخلاق أولا ، ثم تحمية الأحكام الجزائية العادلة ، التي تحفظ حقوق الإنسان و ترعى قيم الإنسانية . .
قد وجدت أن أدق فهم منهج تعاليم الإسلام في هذه المقولة الخالدة للإمام حسن البنا رحمه الله في بيان شمول الإسلام يقول : " الإسلام نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعا فهو دولة ووطن أو حكومة وأمة ، وهو خلق وقوة أو رحمة وعدالة ، وهو ثقافة وقانون أو علم وقضاء ، وهو مادة أو كسب وغنى ، وهو جهاد ودعوة أو جيش وفكرة ، كما هو عقيدة صادقة وعبادة صحيحة سواء بسواء ."
فهل يا ترى أن مثل هذا الفهم السليم الواضح المعتدل يشعر صاحبه بالخجل ، أو الخوف و هل يعد صاحبه متطرقا ، أو عنصريا أو متعصبا، أو ارهابيا كما يحلو للبعض أشعر. أن فوبيا هشاشة الفهم قد أصابت البعض بدافع التمدن ، أو العصرنة أو التنزيه أو الوقاية أو الخوف الوهمي . أحسب إن سمو مبادئ الإسلام السمحة ، لا تحتاج من ينزهها من العيب أو من يدفع عنها الشبه أو التهم فهي كاملة في ذاتها . .
قال الله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ [25]} [الحديد: 25].
كم نحن في أمس الحاجة للعودة للفهم السليم للإسلام كما جاء به صاحب الرسالة الخاتمة محمدا صلى الله عليه و سلم فهما و تطبيقا ، إننا نريده إسلاما كما فهمه الصحابة عليهم الرضوان و التابعين من بعدهم ، نريده فهما يبعث العزة في اتباعه ، كما فهمه الفاروق عمر رضي الله عنه . ليتنا نفقه قولة الفاروق عمر ابن الخطّاب رضي الله عنه " لقد كنّا أذلاء فأعزنا الله بالإسلام ، فإذا ابتغينا العزة بغيره ِ أذلنا الله "