حبيبي يا رسول الله
السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا حبيبي، يا نبي الله.
نشيد أُردِّده بصوتي؛ لأني أريد أن أشعر بالسعادة، كلمات أتقن جيدًا لفظها؛ لأني أبغي من ذلك بكاء الشوق لك يا رسول الله، وقفة أعرف عن بعدٍ كيف أتفنَّن في ترديد النشيد، وكلي ثقة في أن الحظوة الكبرى أننا نذكرك ونصلي ونسلم عليك، ونعيد مرة تلو المرة كتابات عنك، ولو بالنشيد عن شخصك الكريم والرائع، يا حبيبي يا رسول الله.
أشتاق بالمرة لطَيْبةَ مدينتك، بل قصرك، حنيني إلى تلك الخطوات إلى مسجدك لأصلي وأسلم عليك بحرارة الدموع؛ لأني في شوق كبير لك يا أعظم خلق الله، يا حبيبي يا رسول الله.
السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا حبيبي يا نبي الله.
أضيقُ ذرعًا بدنيا أَنْهكتني بحثًا عن الإنصاف والعدل ولب الحياة الجميلة، فكلي رغبة في أن أرى ما تعبت لأجله ليحافظ عليه بسواعد أبناء أمتك، لكني أحزن حزنَ الأسى لما أرى مشاهد الاقتتال بين أبناء أمتك، وأسكن سكون الألم لَمَّا يُشرَّد أطفال أمتك جوعًا وحرمانًا بسبب الحرب هنا وهناك.
لستُ أجد عالَمًا متوازنًا ولا راحة بال عبر هذه المشاهد، وأنت مَن تركت فينا أمانة الفلاح والصلاح بقولك: ((إني قد تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما أبدًا؛ كتاب الله، وسُنتي))، ولكن لِمَ كل هذا الضلال، والكلام منك واضح والحجة قائمة؟
أم أن في اعوجاجِ الأقلام وتناحر السهام مسالكَ مُضلِّلة لنهجك، وفي جدال الخصام وكثرة الهَرْج والمرج فراغًا للروح الطيبة، وعقمًا للعقل المفكر حتى لا يستشعر كلاهما معنى السلام، وفي قطيعة الوصال هي الأخرى أجندةٌ سلبية من أجندات الحرب على الإسلام، ولكن للأسف حرب شُنَّت بأيدينا وتوجهاتنا وهوى أنفسنا، أين نحن من سيرةِ صحبك ونسائك؟
أين نحن من وقار الخوف لله عز وجل على نسق الصالحين؟
ثم بالأخص أين نحن من كرامة الحفاظ على الدين الذي تركتَه لنا رسالة هي نبراس وفانوس في مسيرة حياتنا، حتى إذا اشتد علينا الكرب وواجهتنا الفتن حتمًا نجد الخلاص في كتاب الله وسنتك.
أتساءَل بعد انتهائي من النشيد، وبنبرة ألم: هل فعلاً نحبك يا رسول الله؟
هل صدقًا حافظنا على أمانتك المودَعة فينا، وفي الجيل الصاعد، ولدى أقوام تتبع الخطى تحت لواء الإسلام؟
صدقًا اسمك محمد، اسمٌ لامع، وفيه الكثير من دلالات الحلم والطيبة والتسامح، محمد اسم انتشر عبر المعمورة قاطبة، لتصبح بنجاحٍ مسيرتُك في كل مكان، محمد اسم له الدلالة العظمى من أن الإسلام عزيز، مجيد، قوي بقوَّة جناحَي الرسالة التي رفرفت في كل مكان، فأصبح نهجُك يدرسه الدارسون والمحللون والمفكرون والمستشرقون خاصة، فكان منهم الإقرار أنك شخصية عظيمة يا حبيبي يا رسول الله، هذا الإقرار هو فخري، هو كبريائي، هي كرامتي، هي قوتي، هو تألُّقي بأني مسلمة، ولكن بالموازاة عفوًا؛ لأن التفرق تغلغل بداخل أواصر المحبة فينا، فتشتت الشمل، وتفرق الوعد، وضاعت ملامح النجاح الحقيقية، نعم الحقيقية في أن نتوحَّد وننصر بعضنا البعض، ونسترجع طاقةً ضعُفَت فينا لنحمل عنوانًا على رؤوسِنا هو كالتاج لصاحب الأبَّهة في مملكته، خير أمة أخرجت للناس، ولست أجد أحلى وأقوى عنوانًا يليق بنشيد الكرامة كرامة كل مسلم ومسلمة.
فإما أن نصحو من الوهمِ ونعي جيدًا أننا مُكلَّفون بالحفاظ على الأمانة، وإما أن نكمِل سُباتنا العميق دون استيقاظ، أو حتى مجرد رغبة في استفاقة طفيفة، هو الخيار بين أن نكون أو لا نكون، بين أن نبدو متلاحِمِين وصامدين ومُعلِين لشأن الإسلام عاليًا رغم أنف الأعداء والحاقدين، وبين أن نركَن للضعف ولتكالب الأمم علينا.
لا وجود لوساطة ثالثة بين هذين الخيارين؛ لأننا نختار اختيارًا واحدًا واضحًا، ولا نأخذ جزءًا من هذا وجزءًا من ذاك لنشكل خيارًا هشًّا.
ليبقى القرار خيارنا، وتبقى العزيمة عزيمتنا، ويبقى التغيير أملنا، وإلا فلا أحد من دوننا سيحمل الهم عنا، ثم لسنا من النوعِ الذي سينظرُ حلولاً مستوردة وسواعدَ منقذة؛ لأن القرار والمنجل، والفأس والدرهم هي في توحُّدنا، وكذلك نملك ما لا يملكه غيرنا، نملك الرسالة المحمدية الراقية والصالحة في كل مكان وزمان، فلمَ نُضيِّع معالمنا بإرادتنا؟ فلتأخذنا الأنفة قليلاً غيرةً على ميراث السعادة والفلاح والتقدم، ميراث الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.
اللهم صل وسلم وبارك على حبيبي محمد، وعلى آله وصحبه ومَن تبعه إلى يوم الدين