مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/05/31 19:21
أطفال اليرموك اغتيال مبكر للطفولة

أطفال اليرموك

اغتيال مبكر للطفولة

 

لست أمنح مجالاً للحرب أن تشغل حيزًا من فكري، ولست أمنح لصور الرصاص والقذائف مجالاً لإحداث إرباك لقلمي، لكني سأمنح فرصة لحروفي أن تُشَكِّل جُملاً كلها أسى وحسرة على موت الطفولة الشامية، بكاء على دمار بيت انتشرت فيه دمى أطفال اليرموك لتُشرَّد هي الأخرى وتضيع ملامح اللعبة البريئة والصغيرة فيها، بحجم سن أطفال سوريا.

 

أحضن فيك أيتها الطفولة الشامية صمتك وأنينك ليدوّي صدى الألم بداخل قلبي، فيسكن حب سوريا مسكن الأرض للأمطار بوافر الإحساس بالحِضن الدافئ؛ لذلك تدفقت عَبراتي في سكون وكلها محبة لجمال الصوت الطفولي، وتمام الصبر بعيون تشتاق أمنًا وطعامًا يكفي سؤال النظرة وتشرد الدمعة، فمن ينسى آلام الطفولة الشامية أيام الرعب والظلام ولو أنها طالت؟!

 

يرتجف القلم بين أناملي احترامًا لهذا الصنف من البشر الطفولي، طفولة العقل والضمير، فأستصغر نفسي أمام إصرارها أن تعيش من خشاش الأرض، أتواضع كثيرًا بل أكثر حينما تُسقى الأرض الشامية بدماء الطفولة، وهنا مكمن الحزن مني وفي اهتزاز لإطراقة رأسي أن جوع الحرب ليس له ما يشبعه طول أيام ثقال على كاهل طفولي، فمن للطفولة السورية سواك يا الله؟! من يمسح دمع اليتيم؟! من يطبع قُبلة أمن وسلام على خد بريء لا يسع للجراح ونزيف الدم؟!

 

ومن يقدّر ويعي أن للطفولة الشامية مستقبلاً آخر كباقي أطفال العالم؟

أم أنه ركام الدمار بدخان يُلغي كل طموح وكل آمال للذهاب إلى المدرسة وفَهم بنود الحياة، كما هي حقيقة وليس زيفًا من المكر والخداع؟

 

ومن لسوريا أن يحيي بسمة حزينة رسمت من سنوات على أهل فيهم صمود القوة؟

 

يلفّني الكثير من السكون غير المحبب لدي، سكون الرفض أن تغتال الطفولة الجميلة بعيون لامعة، أن الخوف باق في ربوع البيت المكسر الأركان، فهل كل يوم دوي الدمار؟ يا الله على فوضى القتل، يا الله من لسوريا سواك كاف ومخفّف للآلام، فلن يحيي روح الحياة سواك يا الله، ولكنْ لم كل هذا العنف مع الطفولة؟!

 

أكيد الصمت والأنين في حلقة نزاع مع ضمائر لا تتحير لاغتيال الجمال الشامي، وككل كتابة عما يبعث في نفسي الحزن العميق سأكتفي بهذا الدعاء:

اللهم هؤلاء أطفال الشام الحبيبة يصارعون الموت في لحظات ثقال كلها جوع ومرض، نلجأ إليك يا رحمن بأكُفِّ الخشوع وبعبرات الأسى أن تنصر طفولة قطعت أكباد أمهات حيارى فيمن يمد الخلاص لفلذاتها، فالملجأ والشكوى إليك وحدك يا من خلصت يونس من بطن الحوت بلا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، ومن شفيت أيوب بدعائه لك أنْ يا رب مسني الضر وأنت أرحم الراحمين، فكنت له رحيمًا ومُعينًا وشافيًا، ولإبراهيم أن جعلت النار له بردًا وسلامًا، فيا رحمن ندعوك كما دعاك نبيك محمد صلى الله عليه وسلم: اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين وأنت ربي، إلى من تكلني، إلى بعيد يتجهمني، أم إلى عدو ملكته أمري، إن لم يكن بك عليَّ غضب فلا أبالي، ولكنَّ عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن يحل علي غضبك، أو أن ينزل بي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك، أعِنْ أطفال اليرموك وأطفال سوريا كلها وأهلها على الخلاص؛ إنهم مستضعفون في الأرض وليس لهم أحد سواك يخلّصهم من محنتهم، لك الحمد والشكر حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا يليق بمقام وجهك وعظيم سلطانك، سبحانك، تعاليتَ وأنت على كل شيء قدير.

 



أضافة تعليق