مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/05/15 18:41
هاكن عبق السلام بتحية الاسلام

هاكُنَّ عبقَ السلام بتحية الإسلام

 

ألا أُسْمِع صوتي لبراعم الطفولة في أني لأجلهم أكتب أحلى أناشيد البراءة؟ ورِفْقًا بجراحي القديمة؛ لأني سأُطْرِب مجالس الطيور بالتغريد بألحان السلام، في أني من أهل السلام حِبْرًا وورقًا ورِقَّة مشاعر، اعزِفْ لي أحلى طرب في الوئام بيني وبين الأخوات في لقائي بهن، في أحد بيوت الله؛ لأني سأسعى لضم جراحهن إلى جراحي، ومن كل صوب، وعلى وَتَر أي نزيف لضغط التمرد في رفض القهر من هناك حيث توجد أخواتي من مصر، سوريا، ليبيا، العراق، اليمن، هي بلاد أخواتي اللواتي أحببْتُهُنَّ من غير أن أعرف عنهن الكثير؛ لأني اكتفيت بحبهن في الله، وما أعظَمَهُ من حُبٍّ!

 

أنتُنَّ من يُعرِب، وأنا من خريطة الانتماء أقولها لكُنَّ: إني في الله أحببتُكُنَّ، فكنَّ لي خيرَ سند في دنيا الصعاب، على أن يجتاز قلمي في وصف وُدِّي لكُنَّ أحْلَك الليالي، وأعَقَدَ الظروف، إلى أن تشرق شمس الحرية في مكان وجودِكُنَّ، بانتظار أن أرسل لكنَّ تحياتي ودعائي عبْرَ موج شديد الارتفاع، إلى أين سكنت وتسكن آهاتي، في أني عليكُنَّ في حيرة وقلقٍ، إلى أن يَعُمَّ الأمن والهدوء حيث أنتُنَّ.

 

ليست لي قيمة في هذا الوجود من غير أن أستشعر بالقوة من كفاحِكُنَّ، وليست لي القدرة على الوقوف أمام مساكن الألم في خيامِكُنَّ حتى ترسلن لي برقية وُدٍّ فيها مفتاح لكل مغاليق البروج، حتى أصِلَ إليكُنَّ، مَهِّدْنَ لي الطريق، واسْقِينَ الورود بسقياكن، وبدوري حينما أمُرُّ مِنْ على مشارف أعلى القمم، وَعْدٌ مني سأزف لكُنَّ البشرى تلو الأخرى، في أننا نرتقي بالحب في الله إلى أعلى عِلِّيِّينَ، ليس يهمنا في ذلك صوت المدافع، ولا فوضى الحطام؛ لأننا في مهمة نشر السلام وبتحية الإسلام، وإني لَكُنَّ قائلةٌ: السلام عليكُنَّ ورحمة الله تعالى وبركاته، ويا له من حنان أشعر به بداخل نفسي، وأنا أرسل لكُنَّ سلامَ الرحمة من الله تعالى! ولكِنْ فيما بعْدُ أخشى أن أشعر بإحساس قد يضنيني في طريقي إليكُنَّ.

 

فأنا أشعر بالخوف أن تضيع مني صَدَفات الأمل دون سند منكُنَّ، في أني قريبًا سأصل إلى حيث سَتُصَلِّينَ جماعةً، إني أُسْرِعُ الخطى، ولو أني من حينٍ لآخَرَ أتعثر، وبخوف شديد أضم إلى صدري صَدَفات الوُدِّ بألوان زاهية، ولست أتمادى في العثرة؛ لأني سأنسى منها كل محاولة لإحباط عميلة السلام، ولست أرجع الخطى للوراء؛ لأني في شوق للصلاة معكن جماعة، يا مَنْ سكن جمال صُوَرِهِن في قلبي، وليس لأحد أن يَطَّلع على محاسن الشجاعة فيكُنَّ؛ لأنكن تثِقْنَ في صمتي وتَحَفُّظِي كثيرًا، ولو أني خائفة جدًّا أن أتْعَبَ في منتصف الطريق، ولا أُوصِل أمانةَ السلام إليكُنَّ عبْرَ أقطار بهية الحدود.

 

اعْذرنَنِي إن تأخرْتُ قليلاً؛ فالدرب صعب وشاق، والزاد قليل، في أنْ أَكْبر على ملاحِمَ عَلَّمَتْكُنَّ الصمودَ والصبر مرارًا وتَكرارًا؛ ففي نبضي يتسلل الملل من حين لآخر، إلى ما بين أصابعي حتى يظن أنَّ بي خَطْبًا، لكِنِّي في شغف كبير، ألاَّ يأخذ الإرهاق مني بَريقَ شعلة الأمل، ولذلك سآخذ قسطًا من الراحة تحت شجرة الزيتون، فَلَكَمْ أحببْتُ هذه الشجرة في تعبيرها للسلام لأهل السلام! لأَحُلَّ أخيرًا أهلاً، وأنزِلَ سهلاً على مشارف المداخل لكل مدينة تسكن فيها أخت لي، فلم يبق إلا القليل، ونلتقي على أَوْجِ الفرحة والحبور في أن التعثر لم يُفْقِدني إصراري على تكملة المشوار؛ حيث كان هناك الغد، ولكل غد مَشَاهِدُ جديدةٌ، ومقاوَمَةٌ فذَّة.

 

وعلى مقْرُبة الْمِئْذَنة التي أطلَّتْ على عينَيَّ المرهَقَتَين، مسحْتُ عَرَقي بابتسامة مُرْضِية في أني لم أضَيِّع معالم الطريق للوصول إليكُنَّ، يا من اشتاقت رُوحي لِضَمِّهِنَّ في أكْبَر احتفال للأخوّة في الله، فأوْقِدْنَ - رجاءً - [فانوسًا] واحدًا يرشدني أنكُنَّ بانتظاري على صمت القول في أنها مفاجأة كبرى لمن يحمل ثنايا الشوق بأنامِلَ كَتَبَتْ وصحَّحَتْ ثم عدلت، وبعدها أبدَعَتْ، والآن هي في ميعاد لُقْياكُنَّ.

 

كم سيطيب لي بعد أن وصلْتُ إلى مقصدي أن أُلْقِيَ عليكُنَّ السلامَ، وهي تحية المرور لأحاسيس الأخوة بيني وبينكن، والآن وبعد السلام في الموصل، لنصلي صلاة الحاجة معًا، وباستحضار اليقين في الله تعالى أن يُفرِّج الكرب عن أهل مصر، وسوريا، وليبيا، والعراق، واليمن، والسودان، وغيرها.

 

في الحقيقة لا أعرف كم سأمكث بينكُنَّ، ولكِنْ في أثناء الرحيل سأُوَدِّع أحزانكُنَّ وآلامكن للأعوام السابقة على أن يُبَدِّلَ الله القَرْحَ فرحًا، والألَمَ أملاً، والْحُزنَ بهجةً وسرورًا.

 

وبما أنه سيحُلُّ يومُ رحيلي في أي موعد، سأستودعكُنَّ اللهَ الذي لا تضيع ودائعه، وأصافح أيديَكُنَّ الواحدةَ تِلْوَ الأخرى، وبقبضة من تفاؤل في أنَّ لُقْيَانا المرة القادمة بإذنه تعالى، سيكون في بيت المقدس، وكما لَقِيتُكُنَّ بتحية الإسلام سأفترق عنكن بنفس التحية، وإلى الملتقى إن شاء الله، فهاكُنَّ عبقَ السلام بتحية الإسلام، فالسلام عليكن ورحمة الله تعالى وبركاته.

 

 



أضافة تعليق