مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/05/13 20:20
ظلم المسؤول لمرؤوسيه قوة أم ضعف؟
ظلم المسؤول لمرؤوسيه قوة أم ضعف؟
 
ان ما حسبت عمري المهني في قطاع الصحة أقول انه بلغ 20 سنة  ، هذا العمر لا احتفظ فيه بالكثير من الامور المفرحة بقدر ما عايشت رهانات كانت محسوبة على ضميري بالدرجة الأولى و كانت لي فيها قرارات حولت مجرى حياتي بزاوية كبيرة جدا ، لكني تعلمت الكثير في صياغة قالب التحدي على اختلاف الموضوع و الشخص و الأزمة و عليه يمكن أن أفرد في هذا المقال أزمة مطروحة بشكل متكرر و كبير جدا على مستوى الادارات ، اقول على مستواها جميعا لأن الذهنية العملية تكاد تكون واحدة ، حيث يكثر الظلم و يغيب التحكيم للقانون و للضمير ، فيا من موظفين طردوا بغير وجه حق و يا ما من موظفين تركوا أماكنهم لغيرهم بسبب تخطي الحدود معهم أو تعرضهم لمساومات في السرقة و التزوير و نهب المال العام .
ليس بالأمر السهل على الاطلاق أن يقاوم الموظف بشخصيته المستقلة في أن يبقى نظيفا و متزنا نفسيا و صارما في عمله ، و ليس من السهل أن يجد له مؤيدين ان ما كان مظلوما لأن ثقافة النفاق و حب المصلحة مسيطرة على أدمغة العصر الحاضر فحولت الانسان المحق الى شخص غير مرغوب فيه بل غير مقبول في شلة المفسدين ، هي كارثة أشخص علتها في غياب الوازع الديني و حب الكرسي و عدم الرغبة في تركه و لو لأسباب قانونية ، يعني اختلاط الذهنية المحبة للظهور بأي ثمن و على حساب المصلحة العامة يجعل من الموظفين عملة واحدة و هي تأييد هذا الظالم حتى يبقوا في مناصبهم و يحظوا بالرضى من فرعون الادارة و لو أن الحق ليس له دفاع ما فيه كفاية بل يكاد يكون منعدما ، ثم لعب أدوار الثبات  منعدمة و ان وجدت فبنسب ضعيفة جدا و كثيرا ما يتعرض أصحابه لمعاملة قاسية لدرجة شعورهم بالمرض و التعب النفسي و يشعر خلالها بالهدم الحضاري بمعنى الكلمة و كأن كل الدنيا ضده ، و يتحول الضغط النفسي الى سلوك فيه الكثير من القسوة و العنف و عدم تقبل حتى الأشخاص الأسوياء لان العزلة هنا تفرض مقوما من التردد و عدم الحب في مواجهة الواقع ،  لكني أرى في نقطة الثبات مؤشر ايجاب يقطف صاحبه الثمار عاجلا أم آجلا لأن فيه جهاد نفس  على صعيد واسع حينما يرفض المرؤوس تجاوز القانون او خرقه بغير وجه حق و حينما يتفرق عنه الجميع حتى يقع ضحية للتهميش ، و تصبح الحلبة حلبة صراع و البقاء للأقوى و لمن له بطن منتفخة و نفوذ سام ،أقول سام لأنه لم يحتكم لا لكتاب الله و لا لسنة رسوله و لا للقانون  أصلا ، فأصبحت بذلك  أوجه ملاحظاتي كتابة من أن الخروقات عمرها قصير و نهايتها سيئة، و من  مسيرتي الشخصية عمري ما ندمت على موقف ثبات مع الحق او ترددت في قول كلمة حق رغم النتائج الصعبة لذلك ، لأن هدفي هو مرضاة الله أولا و من ثم توضيح صورة كانت مضببة و سينجلي ضبابها مع الوقت حقيقة ،  لأن العبرة من العمل و آداء الرسالة العملية هي فعل الخير  و آداء الواجب كما يرضي الله و ليس كما يرضي العباد ، و ما وجه التعامل مع الشخص الا لكونه يمثل  واجهة رئيس فهنا يجب احترامه و ليس طاعته فشتان بين الاحترام و الطاعة ، و الملاحظ على أصعدة أخرى من المستوى الثقافي و التعليمي لبعض الموظفين أنهم يرضون لأنفسهم بالمذلة و يقبلونها حفاظا على مناصبهم ، أحتار بشدة  في ذوق مثل هكذا موظف و هل نعول عليه في البناء ؟ ، و اعتقد أن من سيحترم فيما بعد هو ذاك الموظف الذي كان محترما في ذاته من انه لم يقبل بأي مساومة  و في عمله  من أنه لم يقبل بآداء تجاوزات و انتهاكات ، فالمجتمع المنظم يحتاج لمواقف من الرفض و القبول بما يحقق الرقي و ليس ما يحقق الذل و العودة للخلف ، ثم مشكلة تهميش الكفاءات لا زلت أطرحها في كل مرة لأنه لا بد من تفعيل طاقة هذه النخبة لأجل النهوض بالبلد و العباد من التخلف و الخوف و الجبن الى التحضر و فهم معاني كل  من المسؤولية و الأمانة  من انها تكليف و ليست تشريف و سأسرد بعض الحلول لمشكلة التهميش و هي :
1-عدم ترك مناصب العمل مهما بلغ الظلم مداه و يجب الثبات و العمل بأكثر جهد من ذي قبل لفرض الكفاءة المهنية فعلا و ليس قولا، إلا من لم تسمح له صحته بالتحمل فله الحق في المغادرة لأن درجة الايمان تختلف  و مستوى تقبل الظلم كذلك يختلف.
2-العمل بمنهج مغاير للمنهج الذي يتبعه من سعى للتهميش لأنه بالتميز يعرف المقتدر
3-التمسك بحبل الله المتين و تقوية الايمان بالصلاة و الصوم لترويض العقل و الروح على المقاومة و الثبات و تحمل تبعات التهميش بصدر رحب فبعدها فرج قريب و نصر موعود
4-التعلم و فتح مجال اشراك الغير في المعرفة و البحث و العمل الجماعي بروح الاخوة له حسه الجميل في بث روح التفاؤل و العطاء على رغم الرداءة التي شوشت كثيرا و أتعبت أكثر.
5-التفكير دائما أن فيه رب يجازي على النوايا و على طاقة التحمل في زمن تكالبت فيه قوى الشر كثيرا لتفرض خريطة الأذى بمختلف الطرق ، و أقول بالمناسبة لا داعي للخوف أو الجبن بل التواجد في موقع الزلزال يعلم التخلي عن احترام من لا يستحق الاحترام إلا لمن امر ببث تلك الهزة الأرضية و هو الله سبحانه و تعالى، فبقدر ما كان خوفنا من الله كبيرا بقدر ما حققنا تواجدا لقيمنا و أخلاقنا و فعلناها نصرة  للحق.
6-التذكر ان البلد ضحى لأجلها شهداء و قدموا كل نفيس لأجل استقلالها و ليتذكر الخلف انه مطالب بصون امانة الدم و لا داعي لخلق الأعذار من عدم القدرة ، ستقدر بإذن الله و ان لم تقدر تعلم لكي تقدر مستقبلا و طرق التعلم هي تواجدك دائما في مواقف لمواجهة  الظلم بحكمة و تعقل و شجاعة ، لأن الموت لن يكتب لك بسبب تلك المعضلة و لن تموت الا بسبب كتبه الله لك فلما الخوف ممن هو مثلك لحما و دما و ربما أنت احسن منه .
اذن نحن من نصنع عزتنا و نحن من ندافع عن قيمنا و لن نكون بحاجة لادراة لا تحتكم للقانون في رقي البلد ، بل نحتاج لادارة عادلة و منصفة و راقية بالمرة ، نعم أركز على كلمة راقية لأننا مللنا من مظاهر التخلف و مظاهر التسيير لمن لا فكرة حضارية في دماغه  ، ثم ليعلم كل متعد على القانون أن زمن تسييرهم قصير و مهما طال الوقت الكفاءة لأهلها عائدة و المنصب لأصحابه سيحتجز و النصر و الريادة لمن يستحقها و كفى بالله شكرا أن علمنا قول الحق و الدفاع عليه و عدم التولي او الخوف او الجبن في قوله تعالى "ان تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم". فالأحسن أن توفروا ظلمكم لأن الحق يبقى حقا و لن تغطى شمسه بغربال الظلم و التعدي على الحقوق ... تحية قلبية لكل شجاع ثابت لان النهضة تحتاج لطاقته كثيرا.

أضافة تعليق