مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/05/08 21:57
ترقية الصحة..ما لها و ما عليها
ترقية الصحة..ما لها و ما عليها
 
تابعت باهتمام ملفات حساسة جدا طرد فيها الكثير ووبخ الآخر و استقال البعض مما شاهد و عايش  و تضرر من متناقضات في السلوك ، فلا يعرف الصح منة الخطأ و لا الاهم من المهم ،  كل ذلك كان له الأثر الكبير على مردودية العمل ، و لكن أضحى مهم جدا اليوم أن يوضع كل شخص في مكانه في مقرات العمل و لا نكتفي بسياسة الترقيع و التسويف و اغماض عين على مشاهد الفساد و القول قدر الله و ما شاء فعل ، هذا قرار الضعيف و المختزل لأسئلة العمال في حقوقهم المهضومة كل يوم بل كل ساعة ...
فمرات اتحاور مع اخصائيين في الصحة و اسمع منهم هزات عنيفة من الرداءة اتلفت حسابات العلم عندهم فأصبحوا يبحثون لهم عن خلاص و كفى ، حتى أن المرئي من المشاكل لا يبدو واضحا كثيرا إلا لمن غاص في عمق مهنة الطب و الجراحة.
و ان ما قيست الآداءات العلاجية بالنظم العالمية نلمس تؤخرا و عدم انضباط في البعض منها ، فمثلا بروتوكولات النظافة في المصالح الاستشفائية لم ترق بعد للمستوى المطلوب من الوعي في أن مسألة النظافة و التعقيم هي متكررة في ظرف زمني وجيز بسبب ما تحدثه الأمراض و كذا الفيروسات المتأتية من المرضى الماكثين في المستشفى و هو ما يجعل من مسألة التطهير للمجسمات و أغلفة الأسرة و كذا العتاد  الطبي امرا يكاد يكون ظرفيا و هو ما يشعرني في عدم الوعي بمفاهيم العمل على عاتق كل متخصص و كل في مجاله و خاصة لحساسية البعض من التعليمات المتعلقة بجانب التطهير و التعقيم، و الملاحظ هو انتقال العموم متقدما عن الفروع بل متناسيا لها في كثير من المناسبات كان ينتقل الفكر المخطط لترقية الصحة الى أعلى مستوى لها باستغلال أحدث ما جاءت به التكنولوجيا الرقمية الحديثة و ألمس في هذا التفكير هروبا للأمام و نحن بعد لم نهيأ الأرضية السليمة من الأخلاق
 و الدوام على ساعات العمل بانضباط ، فان كان ابداء الرفض الأولي لامضاءة  العامل ببصمة  أصبعه من خلال جهاز آلي  غير متقبل لدى أوساط العمال فالمسألة هنا  يبدو  فيها تفضيل للعمل التقليدي و الروتيني وكل بحسب هواه و ما يساعده على الضفة الأخرى من البيت ،  فمن تسجل حضورها سواءا كانت طبيبة أو ممرضة وقت الصباح و لا تكمل مساءا او يوضع لها برنامج عملي ليلي و لا تعمل في النهار ، فهذه المسالة تحتاج لمراجعة للجنس الأنثوي الذي يفضل له العمل في  ساعات صباحية و كفى و البقية على الصنف الرجالي الذي بإمكانه التواجد في واجهة المخاطر و الحالات الاستعجالية الليلية خاصة  ، يعني لابد ان تكون فيه ديناميكية مدروسة مسبقا لما يوافق نسق حياة المجتمع و المستوى المعيشي ،اذ كم من مرة تخطر في بالي فكرة انشاء روضة للأطفال بالقرب من المستشفى أو بداخلها ما يسمح بحفظ الوقت ووصول العامل في وقته بعد أن يكون قد أدى واجبه مع أولاده من غير عناء في المسافة ، كما أفكر في ضرورة تقريب الهياكل الاستشفائية المكلمة كمصلحة الأشعة و التحاليل الطبية من المصالح الاستشفائية لتوفير عناء تنقل المريض لتكملة الآداءات العلاجية الاخرى ، الأفكار موجودة و لكن يصرف النظر عنها ليتم التنقل الى مستوى عال من الترقية في حين أن أبسط الضرورات غائبة ، ثم لابد من كفاية الموظف أو العامل من تحقيق مستوى معيشي مرضي و من ثم الانتقال الى اضفاء التقنية على العلاج ، فحتى العقل لما يكون جائعا للتحفيز ليس بإمكانه انتاج طاقة فكرية ممكنة ، وبالتي الاستماع الى مشاكل العمال مهم جدا و بعدها يكون الانتقال لتسطير قوانين الردع و العقوبات الصارمة لكل مخالف للقانون ، ثم تطبيق القانون يجب أن يشمل الكافة من غير استثناء فما جدوى أن يحاسب الحارس و لا يحاسب الطبيب .؟ و ما جدوى أن تحاسب المنظفة و لا يحاسب البروفيسور عن أي تأخر او تقصير  ، فمسألة تطبيق القانون مسألة واحدة متساوية لأنه يسمو فوق الجميع و يبقى سداد الأجر كل بحسب تعليمه وشهاداته و كفاءته ، فان ترك المجال لنواقض الأمور في العمل أدى ذلك الى فساده و خلق طبقية في الوسط المهني ، و بالتالي الشعور بالدونية و هضم الحقوق فيتمرد من يتمرد و يستقيل من يستقيل و هلم جرا..
و احتار لمن يتساءل عن برامج اصلاحية في ظرف وجيز  و لا تكون فيه التفاتة لإصلاح الجانب الأخلاقي ، فأحسب أن العمال ليسوا بشرا و انما آلات تؤمر و تنهى ، و لا يتم توظيف الجانب الأخلاقي في انسانية حذرة في التفريط  عن آداء الواجب مع  المريض كاملا ، و الملفت للانتباه المناداة بتسوية ملفات مهنية و اضافة في الأجور و لا يتم المطالبة بتقويم السلوك أو المطالبة بفتح دورات للتكوين في الخارج لنقل الخبرة المهنية ، يعني يبقى العقل منحصرا في ما يمكن اظهاره من توفير السهل الممتنع  و هذا ما يجعل عامل الزمن يتأخر في التأثير على اللحاق بترقية الصحة و ذلك  من خلال  سد ثغرة التخلف التقني و التكنولوجي ،لأن العقل ليس مهيأ بعد لمثل هكذا انتقال في التطوير..
فالمطلوب اذن هو البدء بتسوية ملف المستوى المعيشي و الأخلاقي و العلمي و بعدها ننتقل الى مستوى عال من توظيف التقنية ليتحقق التوازن و يكون التقبل ممكنا لأي اصلاح و بصدر رحب.
 
 
 
 
 

أضافة تعليق