مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/04/06 11:12
الطفل بين البيت و الروضة

قالت إحدى الأمهات و هي تقص تجربتها مع طفلها: "لا أدري لماذا شعرت في مرحلة ما من تربيتي لطفلي، أنني غريبة عنه. أذكر أنه عندما كان رضيعا إلي غاية بلوغه ثلاث سنوات من عمره، وجدته طيعا و قابل للتوجيه. 

إلا أنني و بمجرد ما ألحقته بإحدي الروضات ثم إنتقل إلي سنة أولي تحضيري و جاء العام الذي إجتاز فيه عتبة المدرسة الإعدادية صرت أستقبل مرتين في اليوم عند الغداء و في المساء طفلا غريبا عني، لغته ليست لغتي  و إهتماماته ليست تلك المتوقعة من إبن ذكي..."

في مرحلة ما من نموه ينفصل الطفل عن حضن الأم الدافيء و عليه لوحده أن يتأقلم مع محيطه الجديد، فالمربون يؤكدون علي أهمية تنمية البعد الإجتماعي في الصغير، بحيث تسهل عملية إرتياده للمدرسة. أذكر بالمناسبة تجربة تلك الأم المضنية و التي لم تسمح لها الظروف في إلحاق إبنتها الوحيدة بالروضة، فأصطدمت برفض إبنتها القاطع علي البقاء في القسم أثناء الدروس. فلم تجد بد من إستئذان إدارة المدرسة لملازمة إبنتها في قاعة الدرس و هذا في العام الأول من تمدرسها.

غير أن خروج الطفل من البيت العائلي ترافقه مخاوف و ترقب أولياء الأمور:
- أعلم أن إبني لن يحصل على الأهتمام الذي يلقاه هنا، تقول لك أم.
- أريد الإعتناء التام بإبنتي.
- لا يفهم أحد ابني كما أفهمه أنا.
- لا أحد يلبي مطالب طفلي.

بعض رغبات الأمهات و الآباء شرعية، فهم يريدون الأفضل لفلذات أكبادهم يبقي أن الأهم في كل هذا، كيف نربط بين رعاية و تربية الأولياء في البيت و بين متابعة و تعليم المربون للأطفال في الروضات و المدارس؟
ماذا تقول مربية في روضة: "الطفل أي طفل يستحق إهتمام و رعاية فائقة، أحيانا نشعر بأن بعض الأطفال في حاجة إلي عناية أكبر و هذا يعود أساسا لإفتقادهم لمحيط أسري متوازن."

و هذه شهادة معلمة أخرى: "باكرا يتطبع الطفل بمحيطه. و صحبة زملاءه، فيها أوجه سلبية و أخري إيجابية و علينا تحفيز التلميذ علي الصحبة السليمة."

لنا أن نعلم إبننا التمييز بين الشيء الصحيح و المحمود و بين الشيء السيء المذموم، بوضع هذا التصور في بالنا: "يميل الطفل إلي البروز و فرض نفسه في دائرة وجوده و هذا يحملنا إلي الأخذ في عين الإعتبار الكثير من العوامل، خاصة تشجيعه على قبول رفيقه و مشاركته العمل و اللعب، هكذا يتجه إلى التنافس الشريف و الأخوة المثمرة."
لا ينبغي أن نمنع الطفل أو أن نوجهه ما دام ربيناه و غرسنا فيه بذور الصلاح، و الإفراط في التركيز عليه يدمر شخصيته في طور التكوين و يحمله علي التعبير عن ذلك بعنف.

علينا أن نفهم جيدا ما يلي: لن تكون ردود أفعال الابن دائما متوقعة و لن يكون تجاوبه في كل مرة هو نفسه فيما قبل و لن نحصل على ما نريد منه في كل الأحوال، يكفي أن يخرج الصغير من دائرة محيطه المعروفة ليتفاعل إيجابا مع الآخرين كانوا أطفالا مثله أو مربين و معلمين.

قبل أن نلحق أبناءنا بروضات أو مدارس و نوادي علينا إجراء تحقيق دقيق حول المؤسسة المعنية، فنتحري عوامل النظافة و الإنضباط و الغيرة على الإنتماء الحضاري و الإحترافية العالية. فلا نلقي بكل المسؤولية علي الطرف الآخر و ننتظر المعجزات !

نحن معنيون بتنسيق الجهود بيننا و بين المربي و كلما كان التشاور مكثفا و كانت المتابعة للعمل جادة كلما تكون النتائج لصالح الطفل. و الأب مثل الأم عليه مسؤوليات،  فبخروج ابنه إلي العالم الخارجي تتعاظم مهمة ولي أمره، فلا يكتفي بسؤاله عند العودة إلى البيت و لا تقتصر مهامه أيضا علي المراقبة، عليه أيضا أن يشارك صغيره لعبه و فضوله.

فالشراكة القائمة بين البيت و الروضة و المدرسة لا تستقيم إلا بحسن التربية و حسن الظن. لا يحتمل الطفل الكثير من الضغوط و التوجيهات، و المحاذرة في نصحه و تعليمه تفرض علينا اليقظة و الجد و التفاني و الصبر.


أضافة تعليق