مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/04/02 09:18
عندما نعطي الآمان

 

أيام عملية الحقل النفطي في عين أمناس الإجرامية منذ أكثر من عامين، كنت أتابع ما ينشر دوليا، فقرأت هذا التعليق لمواطن فرنسي في جريدة "لموند" اليومية:"أنظروا، كيف تضامن العمال الجزائريين مع المتعاقدين الأجانب في حقل عين أمناس، هؤلاء هم الأبطال!"

أظهر الجزائريين حينها تضامنا كبيرا مع زملاءهم الأجانب من أهل الكتاب و البعض حماهم عن طيب خاطر و بأريحية كبيرة. هكذا يجب أن يكون المسلم، هل غطت هذه الصورة المشرقة علي الصورة البشعة لحاملي السلاح ممن يتكلمون لغة التكفير ؟

لا ندري. أي كانت مواقف الدول، فمواطنيها العاملون في العالم العربي الإسلامي أمنهم مسؤولية وطنية و عقائدية، التلاعب بحياتهم بإسم الدين هذا لا يقبله عقل أو عرف.

دشن نهج بن لادن خط العنف الأعمي و الذي أضر بالإسلام و المسلمين علي السواء. ليس بحمل السلاح و زرع القتل و الرعب ننتصر للحق، رسالة محمد أكمل الخلق محمد صلي الله عليه و علي آله و سلم رسالة خير للإنسانية جمعاء دون أدني إستثناء قوامها الحق، العدل و الفضيلة و ليست بطولة علي الإطلاق بل منتهي الجبن أن تقتل مدنيا غير مسلح لمجرد أن دولته عدوة!!

نكررها للمرة الألف لم ينتصر الإسلام بالسلاح كما أبهر الإنسانية بأخلاقه السامية الساحرة، فهؤلاء من أهل الكتاب ممن يأتون إلي أرضنا المباركة و يطلبون الهداية، فيهتدون و يسلمون و معظمهم من يستقر بيننا لسبب واضح أثير:

هم إعتنقوا الإسلام حبا فيه و قد تعرفوا عليه من خلال سلوك بعضنا ممن يخافون الله، جزء كبير من المواطنين الغربيين لا يوافقون حكوماتهم في سياستهم الخارجية، فكيف بنا نحملهم مسؤولية مؤسسات دولهم عوض أن نراهن علي حوار جاد من أجل إيصال رسالتنا و ما هو فحوي هذه الرسالة و نحن صورة محزنة للفوضي و التعصب و رفض الآخر ؟

لا زلت أعتقد بجدوي حوار الحضارات، فلكل حضارة محاسنها و أما نحن فواجبنا قبل كل شيء أن نبني وجودنا علي أسس صلبة مثل الحق و العدل و الفضيلة و الحرية. و بناءنا هذا يحتاج إلي تضافر جهود كل أبناء الأمة دون تمييز. كلنا معنيين بنهضة أمتنا  و لنا أن نصدق مع أنفسنا ليتقبل الله منا. فعملية النهضة ليست يسيرة و ركام الأحقاد و حجم الكراهية المبثوث في الأجواء ليس من الهين تجاوزه و ككل حضارة نعيش بالأفكار و الفكر السام الذي يحول البشر إلي براميل متفجرة مثل هذا الفكر مرفوض و لابد لنا من محاربته بلا هوادة.

كفانا إستغلالا للدين لأغراض مشبوهة، لن تتحرر فلسطين بأوهام مسلحين مجرمين عوض أن يقتلوا الجنود الإسرائيليين يفجرون أطفال روس قوقازيين  في مدرسة بيسلان و ليس بخطف فتيات تلميذات في نيجيريا نشرف ديننا الحنيف.

الكم الهائل من التشويه الذي لحق بديننا لن يزيحه إلا خطة عمل تجمع و لا تفرق، تضيف و لا تميز، تحي و لا تميت. شئنا أم أبينا محكوم علينا بالنهوض و الفعل في ذاته رسالة قابلة للتجديد و الصياغة الذكية و فتح العالم بالعلم و خلق و جادلهم بالتي هي أحسن أفضل من زرع الموت وسط البشر.

هكذا كان الإسلام دين الحق الذي يهدي إلي سواء السبيل و حالة السواء طبيعية و ما نحن عليه إنحراف و السبيل للمعالجة لا يكون إلا بالتوكل علي الله و إلتماس الحق في أنفسنا أولا و تعبأة النفوس بأجمل و أروع ما يزخر به دين محمد صلي الله عليه و علي آله و سلم.

أضافة تعليق