ولي امرنا يبيح بيع الخمر في أرضنا، نحن نعصي و لا نشتري الخمرة، ولي أمرنا يبيح الربا، نحن نعصي و لا نودع أموالنا في البنك الربوي، يبيح ولي أمرنا ثقافة العري و نحن نقاطع كل ما من شأنه ان يغضب ربنا، هكذا هو العصيان المدني السلمي، دون إراقة دماء او تصادم أو مظاهرات عنيفة...
بإمكان المواطن ان يقول لا لولي الأمر الطاغية بطريقته الذكية الحضارية...
أحيانا تأتيني رسائل من قراء كرام يخبرونني بكذا قانون جزائري مخالف للشرع، بماذا أرد عليهم ؟
يكون جوابي في حالات معينة كالتالي :
قاوموا هذا القانون المنافي لشريعتنا السمحاء بطاعتكم لله و ألتزموا بما أوصي به الله عز و جل و نبيه المعصوم محمد عليه الصلاة و السلام و علي آله الأطهار و صحابته الكرام. فألتزموا الخلق الراق السلمي الحضاري بعدم إرتكاب المعصية بإسم القانون العاص، واجهوا السلطة التنفيذية و قوانينها الجائرة بكثير من الترفع و مزيد من تقوي الله و سترون النتيجة علي المدي المتوسط و البعيد، فسيضطر الحاكم و السلطات الثلاث القضائية و التشريعية و التنفيذية بحساب ألف حساب لهذه الشريحة الهامة من المواطنين الذين يرفضون في صمت جبروتهم و حكمهم الغير الشرعي، و مهما يغضبون منا فلن يرتكبوا جريمة إبادة في حق عشرة ملايين من المواطنين مثلا، فالقوانين الدولية تمنعهم من ذلك علي الأقل. ثم هم لا يملكون التعداد الكاف من البشر ليقوموا بمثل هذه الجرائم البشعة.
علينا بتوظيف ذكاءنا لصالح الإنتصار للحق في سلوكاتنا و أفعالنا و نوايانا أولا و قبل كل شيء.
فالنظام الديمقراطي كما شهد بذلك فضيلة العلامة الأستاذ محمد الغزالي رحمه الله يبيح الطاعة و المعصية، الفضيلة و الرذيلة في آن و الإنسان المسلم مخير في كل الأحوال. لهذا في دول مثل مصر و رغم القوانين الجائرة التي سنها النظام الإنقلابي و التي هي ليست قرآنا كريما، بإمكان المواطن المصري أن يتجاهلها و أن ينظم مظاهرة علي صفحات شبكات التواصل في واقع إفتراضي و عبر تجمعه المسؤول في حرم المصانع و الجامعات و الإدارة بدون أدني مخالفة للنظام العام.
مجرد أن يلتقي الموظفين وقت الغداء في باحة مقر عملهم تعبير عن شعور مشترك بوحدة المصير و فرصة للتشاور و تبادل الآراء و ممارسة الحياة العادية عبر أفعال بسيطة عظيمة في مغزاها نوع من مقاومة الباطل سلميا، مثل إمتناعي في شراء بعض المواد تعبيرا عن إحتجاجي لغلاء المعيشة، فيها معاقبة للبائع المتمرد أحيانا علي سلطة الرقابة العمومية.
التغيير ممكن و في متناولنا، فلا ينبغي أن نستسلم أبدا لمنطق العجز أو الإنهزامية، لم يقدر الله علينا الشقاء، و أتاحت لنا الحياة العصرية آلاف الطرق لحسن التصرف وفق مصلحتنا دون التصادم مع قيمنا الروحية، فلم لا نجرب و لم لا نتحرك فعليا في ارض الميدان ؟ لماذا لا نفعل وجودنا تلك الفعالية التي تعرض لها فيلسوف الإسلام المعاصر الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله ؟
تفعيل بطارية الإيمان فينا يجعلنا نعيش في قرب الخالق و سيسبغ رضاه تعالي عنا مزيد من الطاقة الإيجابية و مزيد من الثقة في الذات لنستمر في فعل المقاومة السلمية و البناء الحضاري الموكولة إلينا مهمة إنجازه.