هذه المقالة أخصصها لموضوع قلما يناقش في المقالات السياسية في الغرب و الشرق. كنت قد أعلنت من أسابيع علي صفحة فيسبوك الموقع نظرات مشرقة أنني سأبدأ من شهر مارس التعرض لتجربتي كمستشارة متطوعة لأحد الديبلوماسيين الأمريكيين في سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالجزائر سنين عدة للخلف و بعد مراجعتي مؤخرا بشكل غير رسمي إحدي الموظفات الساميات في السفارة الأمريكية بالجزائر، كان ردها كما يلي :
"عفاف ليس بإمكانك ذلك إلا بعدما تحصلي علي إذن رسمي من وزارة الخارجية الأمريكية." و كونني في الحاضر لست متحمسة لطلب الإذن من وزارة الخارجية[1] سأكتم ما عرفته و ما شهدته داخل أسوار سفارة الولايات المتحدة الأمريكية و سأتعرض إلي تجربتي في التحقيق في ملف إغتيال الرئيس جون فيتزجيرالد كنيدي لمدة تناهز خمسة و عشرين سنة و التي فرضت علي مراجعة تأثير و وزن أخطبوط الصهيونية داخل كواليس الحكم في واشنطن سأسترسل علي راحتي في حلقتين لبسط للقراء الكرام بعض الحقائق التي يغيبها الكثيرين عن عمد لزرع البلبلة و التشويش علي عقول الناس عامة و خاصة.
أولا علينا التخلي كلية عن النظرية التي يؤمن بها ملايين من طلبة العلوم السياسية المسلمين من أن اللوبي الصهيوني متمكن تماما من الإدارة الأمريكية، منذ مقتل الرئيس كنيدي و قبله بقليل خاصة في عهدة الرئيس دوايت أينزهور بدأ الوعي ينتشر في أوساط السياسيين الأمريكيين من كلا الحزبين الديمقراطي و الجمهوري الأمريكيين حول النفوذ المزعج للمال الصهيوني و تأثير تل-أبيب علي الكثير من قرارات الولايات المتحدة الأمريكية.
حقيقة أخري علينا بإزالة الغبار عنها، أضحوكة أن تؤمن السلطة الفلسطينية و معها النظام المصري بحياد الدولة الأمريكية في ملف فلسطين، فالأمريكيون و خاصة السياسيين النزهاء منهم كبول فندلي[2] أو دافيد ديوك أو شاك هاغيل يؤمنون بحق إسرائيل في الوجود، فهم يعترفون صراحة بأن النظام الأمريكي هو من أوجد إسرائيل في فلسطين و هم لن يعيدوا النظر ابدا في مبدأ وجودها الغاصب و إنما ما ينكرونه علي العدو الصهيوني تماديه في التسلط و الغرور و فرض رؤيته الخاصة به علي السياسة الخارجية الأمريكية.
حقيقة أخري علينا بالتخلي عنها، فكرة أن إسرائيل إختراع أمريكي بحت، هذا غير صحيح علي الإطلاق فدور الإدارة الأمريكية في عهد الرئيسين ولسون و ترومان تلخص في إعطاء الشرعية لوجود كيان غاصب في فلسطين و أما من قاتلوا الفلسطينيين في فلسطين كانوا يهود صهاينة و من بنوا المزارع الصهيونية الأولي في أرض فلسطين هم يهود صهاينة بمال بعض اليهود الأمريكيين نعم لكن ليس أكثر من ذلك.
فأمريكا المؤسسة السياسية ورطت نفسها في إضفاء الشرعية علي وحش الصهيونية في فلسطين و اليوم في واشنطن و في كل الولايات المتحدة الأمريكية يتصدي لجبروت هذا الوحش، رجال و نساء أمريكيين مجردين من كل سلاح سوي إستقامتهم الأخلاقية و رفضهم منطق القوة الباطشة و التي رأيناها ماذا فعلت بجون و روبرت كنيدي[3].
هذا و ترابط مصالح الكنيسة الأنجيلية مع الصهيونية أدخلت عامل الدين حلبة السياسة في أمريكا مما عقد مهمة النزهاء في صد و لجم نفوذ الأيباك لجنة العلاقات الإسرائيلية الأمريكية و قد رأينا ملامح وجه هيلاري رودام كلينتون[4] كوزيرة خارجية أمريكا و قد أرسلها الرئيس أوباما تخطب في إجتماع الإيباك[5] لتقول لهم حقيقة قاسية علي الأقل بالنسبة لواشنطن :
"أنه يتعين عليكم هنا و في تل أبيب أن تعترفوا بحق قيام دولة فلسطينية في حدود 67 مجردة من السلاح."
كانت السيدة الأولي السابقة تبدو و كأنها تواجه وحش يهدد بإبتلاعها في أي لحظة، فكانت علامات الفزع ظاهرة علي وجهها، هل حصلنا بعد هذا الوصف علي صورة و لو مصغرة و رمزية للنفوذ الإرهابي الذي تمارسه الصهيونية العالمية و الأمريكية بوجه الخصوص علي أبناء البلد من الأمريكيين و إن كانوا رؤساء و وزراء خارجية ؟
حقيقة أخري علينا بالتعرف عليها و تأكيدها و نحن نتجاهلها تماما للأسف في تعاملنا مع الملف الفلسطيني كعرب و مسلمين، وجود سياسيين أمريكيين و رجال أمن أمريكيين من لهم شجاعة عدم الإعتراف بحق إسرائيل في الوجود من أصله و هؤلاء غير معروفين، فهم موجودين و يخفون قناعاتهم و يكشفونها لمن يثقون في عدم صهيونيته و قد تعرفت علي أحدهم ممن كشف لي عميق قناعته بأنه يؤمن بأحقية الفلسطينيين في كل أرضهم !!!
و مثل هؤلاء الشرفاء هم يحتلون مناصب صغيرة و كبيرة في داخل المؤسسة السياسية الأمريكية و يحضرون لمقدم جيل أمريكي سياسي أكثر إقداما و شجاعة لمحاربة الأخطبوط الصهيوني و علي هؤلاء من يجب أن نعول بعد ما نعتمد طبعا علي قوانا الذاتية و المستمدة من كتاب الله القرآن الكريم و نهج نبيه محمد عليه أفضل الصلاة و السلام.
فان يكون لدينا حلفاء مستعدين للتأثير و لعب دورهم في اللحظة التي نستعيد فيها المبادرة الحضارية من المعسكر الغالب الصهيوني حاليا، هذا يشكل حقا بشارة نصر لكل المسلمين.
و علينا الكف من التعاطي الساذج مع النظام السياسي الأمريكي الذي هو رهينة أكثر من أي نظام آخر في يد المزايدين الصهاينة، فأن نشيطن واشنطن عوض أن نقر بتواضع عن مسؤوليتنا العميقة في ضياع فلسطين بدعوي سخيفة الإستقلال عن خلافة العثمانيين، ماذا أكسبنا في النهاية ؟
الخسران المبين.
و ماذا رأت منا واشنطن ؟
نماذج باهتة لأناس يحملون رسالة خير أمة أخرجت للناس، هذا كل ما رأوه علي مدي مائة سنة من إزاحة السلطان عبد الحميد الثاني من الحكم في 1908م.
و هذا بسبب طول المراجعة و إنتظار الرد.[1]
راجع كتاب الخداع جديد العلاقات الأمريكية بعد كتاب "من يجرؤ علي الكلام" تأليف بولي فندلي ترجمة الدكتور محمود يوسف زايد عن شركة المطبوعات للتوزيع و النشر طبعة .2005[2]
راجع كتاب "الشرق في عيون الغرب و قضايا أخري" مجموعة نصوص مختارة مترجمة، ترجمة عفاف عنيبة منشورات السائحي، طبعة مارس 2016.[3]
[4] http://www.state.gov/secretary/20092013clinton/rm/2010/03/138722.htm
[5] AIPAC American Israel Public Affairs Committee.