أصول التربية الصحيحة و إفرازات الواقع
لنا أن نتساءل اليوم عن التربية الجارية في مدارسنا التعليمية في الدول الإسلامية يعني التي تنتمي للإسلام اسما و قولا و من المفروض عملا ،و المرئي اليوم أن الطالب في المدارس الموجودة حاليا يتخرج من نظم حديثة أو ما يسمى "التربية الحديثة" ، لكن السؤال المطروح : ما هو الأساس الذي تخرج عليه الطلاب بتبعيتهم للمناهج المفروضة عليهم؟.
هو سؤال نجد الإجابة عنه بالرجوع إلى التربية الإسلامية و تاريخها، أين كان الكتاب يعتبر مقرا مقدسا لتلقين القرآن و ترتيله و كذا تعليم التربية وفق أصول صحيحة.
و حيث أنه مرئي أن العالم الإسلامي اليوم في كل نقاط العالم أخذ اليوم في اللحاق بثورة ينفض فيها عن نفسه غبار التخلف و الركود و يحاول الدفاع عن نفسه من رغبة الغرب في الاحتلال و حتى يحفظ كيانه الأصيل طرح مشكلة التربية الاسلامية و التي أصبحت تشغل بال كل مسلم غيور على دينه ، و قد لا تحس الدول العربية مثل العراق و سوريا و اليمن و مصر بهذه المشكلة بمقدار ما تشعر بها الدول التي طلقت اللغة العربية مثل تركيا و إيران و باكستان ، ناهيك عن الصين و يوغسلافيا و الدول البعيدة عن اللغة العربية ، لأن أساس التربية الإسلامية هو القرآن الكريم و السنة المحمدية ، حيث يتلو الصبيان القرآن و يحفظونه بحكم اتخاذهم اللغة العربية وسيلة للتعبير و التفاهم و الحوار و الحديث أيضا، و كذلك تفسيرهم للأحاديث النبوية لفهم مضمون التربية الصحيحة الساندة للقرآن الكريم.
لكن الإشكالية المطروحة في هذا العصر هي كيف ستلحق الدول العربية لتصحيح مسارها التربوي باجتثاث الأخطاء و تصحيحها وفق أصول التربية الصحيحة؟ و هل سيبدو ذلك مستحيلا وسط مضاربات المنهاج التربوي المفروض على النظام التربوي؟ . و لا يخفى على أحد أن التربية الإسلامية منذ ظهور الإسلام جمعت بين تأديب النفس و تصفية الروح و تثقيف العقل و تقوية الجسم ، فهي إذن تعنى بالتربية الدينية و الخلقية و العلمية ، و عليه سيكون لزاما على الحكومات أن تسخر كل طاقاتها تحديدا و تركيزا على المناهج التعليمية منذ المرحلة الابتدائية ووصولا الى المرحلة الجامعية و أن يكون تلقين الدروس بإسقاطات تخدم العقيدة و التربية و ما يوافق عادات و تقاليد المجتمع وفق ما تلقاه الأفراد من تربية أصيلة في أسرهم .
فما حدث في المجتمعات العربية بسبب ما سمي بالربيع العربي ترك آثارا واضحة في سلوكات الأفراد بسبب انتكاسة الثورات ، لأن التأثر بالحماس الثوري لم يكن كافيا لتحقيق المراد من التغيير بل كان تعبيرا عن رغبات دفينة صورها العقل البشري بتحفظ ، و المعروف أن التصورات السوسيولوجية للأدب وجدت نفسها في منطقة تقاطع بين مختلف المناهج و التصورات العلمية و المثالية و نشأ بذلك حقل صراع ايديولوجي لا ينفصل عن الصراع العقائدي و الاجتماعي و الثقافي ، أما مساحة الحقل الثاني فهي تنحصر في النزعة الارادية بالمبالغة نوعا ما في الذات المبدعة لتشكيلة فئات معينة من المجتمع ،و لها في ذلك استقلالية لا مشروطة عن الايديولوجيا و العلاقات الاجتماعية، فأصبح بذلك بعض أولياء الأمور عنيفي الطبع في تربية أبنائهم بحسب نظرتهم لواقع المجتمع و ما أفرزته الأحداث و الظروف.
و في غياب الحوار و المشاركة لاعقلانية لمختلف وجهات النظر و الحضور الحقيقي للرغبة العادلة و المعدلة في التربية الصحيحة نشأت هناك علاقة حميمية بين الايديولوجيا و الأدب الخلقي فتم تصور المنهج المثالي الذي سيحقق توازنا عاطفيا و مجتمعيا و فكريا و ثقافيا على كل المستويات ، و القرآن الكريم منهج صحيح و متفرد يدفع بالإنسان الى اكتشاف ذاته و مآل حقيقة وجوده و لعامل التاريخ و الزمن و تداول صنع الحضارات توضيحات و شروحات عن الانحراف عن جادة الصواب كيف ينهار الصرح و تتشتت القوى و تتفرد الأنا بالنزعة الحكمية فلا تتحدد تصورات القيادة القوية الا ان هي عادت الى أوج قوتها السابقة ، و لذك يعتبر التاريخ مرجعية الأمم و الحضارات و القيادات و تتدخل حتى في طريقة رسم المناهج التربوية بالإشادة الى من صنعوا النجاح و الاستقلال و النصر و من ثم التفوق و التميز...
فأمام الواقع التجريبي لأفكار غريبة عن المبدأ و العقيدة لن يتحقق حلم الفكرة المسلمة بقاعدتها المتينة و التي تدعو الى الانفتاح و العلم و دراسة التاريخ جيدا و من ثم استلهام القواعد و الخطط الناجحة.
و بالنسبة للزمن فهو بوصلة يرجع لها المخطئون في تصحيح مناهجهم كلما دفعتهم الحاجة لذلك خاصة ان ما أحسوا بخطر وشيك على مجتمعاتهم فيكون تدارك الأمر بعامل ربح الزمن و بإسقاطات التاريخ له الوقع الطيب في التغيير الحقيقي و بأقصر وقت ممكن ، و على ولاة الأمور أن يكتسبوا قواعد التربية الصحيحة بفهمهم الحقيقي للتربية و فن تلقينها و بعدها يقيموا آدائهم على النتائج التي ستظهر على أبنائهم ، أما أن يكونوا فاقدي الشيء من الفهم و الاستيعاب و التفهم فأظنه خرق للحماية الأبوية للطفل و مساهمة في اختلال المجتمع في أن ينشأ أطفالهم عديمي القيمة الذاتية و فاقدين لقوة الشخصية التي من المفروض ستأهلهم لكثير من العطاء بدل الركون في زوايا البيت و الاستماع لسباب الأولياء و كسر الرغبة النفسية في حبهم للحياة..
الأستاذة سميرة بيطام
البريد الالكتروني :[email protected]
لنا أن نتساءل اليوم عن التربية الجارية في مدارسنا التعليمية في الدول الإسلامية يعني التي تنتمي للإسلام اسما و قولا و من المفروض عملا ،و المرئي اليوم أن الطالب في المدارس الموجودة حاليا يتخرج من نظم حديثة أو ما يسمى "التربية الحديثة" ، لكن السؤال المطروح : ما هو الأساس الذي تخرج عليه الطلاب بتبعيتهم للمناهج المفروضة عليهم؟.
هو سؤال نجد الإجابة عنه بالرجوع إلى التربية الإسلامية و تاريخها، أين كان الكتاب يعتبر مقرا مقدسا لتلقين القرآن و ترتيله و كذا تعليم التربية وفق أصول صحيحة.
و حيث أنه مرئي أن العالم الإسلامي اليوم في كل نقاط العالم أخذ اليوم في اللحاق بثورة ينفض فيها عن نفسه غبار التخلف و الركود و يحاول الدفاع عن نفسه من رغبة الغرب في الاحتلال و حتى يحفظ كيانه الأصيل طرح مشكلة التربية الاسلامية و التي أصبحت تشغل بال كل مسلم غيور على دينه ، و قد لا تحس الدول العربية مثل العراق و سوريا و اليمن و مصر بهذه المشكلة بمقدار ما تشعر بها الدول التي طلقت اللغة العربية مثل تركيا و إيران و باكستان ، ناهيك عن الصين و يوغسلافيا و الدول البعيدة عن اللغة العربية ، لأن أساس التربية الإسلامية هو القرآن الكريم و السنة المحمدية ، حيث يتلو الصبيان القرآن و يحفظونه بحكم اتخاذهم اللغة العربية وسيلة للتعبير و التفاهم و الحوار و الحديث أيضا، و كذلك تفسيرهم للأحاديث النبوية لفهم مضمون التربية الصحيحة الساندة للقرآن الكريم.
لكن الإشكالية المطروحة في هذا العصر هي كيف ستلحق الدول العربية لتصحيح مسارها التربوي باجتثاث الأخطاء و تصحيحها وفق أصول التربية الصحيحة؟ و هل سيبدو ذلك مستحيلا وسط مضاربات المنهاج التربوي المفروض على النظام التربوي؟ . و لا يخفى على أحد أن التربية الإسلامية منذ ظهور الإسلام جمعت بين تأديب النفس و تصفية الروح و تثقيف العقل و تقوية الجسم ، فهي إذن تعنى بالتربية الدينية و الخلقية و العلمية ، و عليه سيكون لزاما على الحكومات أن تسخر كل طاقاتها تحديدا و تركيزا على المناهج التعليمية منذ المرحلة الابتدائية ووصولا الى المرحلة الجامعية و أن يكون تلقين الدروس بإسقاطات تخدم العقيدة و التربية و ما يوافق عادات و تقاليد المجتمع وفق ما تلقاه الأفراد من تربية أصيلة في أسرهم .
فما حدث في المجتمعات العربية بسبب ما سمي بالربيع العربي ترك آثارا واضحة في سلوكات الأفراد بسبب انتكاسة الثورات ، لأن التأثر بالحماس الثوري لم يكن كافيا لتحقيق المراد من التغيير بل كان تعبيرا عن رغبات دفينة صورها العقل البشري بتحفظ ، و المعروف أن التصورات السوسيولوجية للأدب وجدت نفسها في منطقة تقاطع بين مختلف المناهج و التصورات العلمية و المثالية و نشأ بذلك حقل صراع ايديولوجي لا ينفصل عن الصراع العقائدي و الاجتماعي و الثقافي ، أما مساحة الحقل الثاني فهي تنحصر في النزعة الارادية بالمبالغة نوعا ما في الذات المبدعة لتشكيلة فئات معينة من المجتمع ،و لها في ذلك استقلالية لا مشروطة عن الايديولوجيا و العلاقات الاجتماعية، فأصبح بذلك بعض أولياء الأمور عنيفي الطبع في تربية أبنائهم بحسب نظرتهم لواقع المجتمع و ما أفرزته الأحداث و الظروف.
و في غياب الحوار و المشاركة لاعقلانية لمختلف وجهات النظر و الحضور الحقيقي للرغبة العادلة و المعدلة في التربية الصحيحة نشأت هناك علاقة حميمية بين الايديولوجيا و الأدب الخلقي فتم تصور المنهج المثالي الذي سيحقق توازنا عاطفيا و مجتمعيا و فكريا و ثقافيا على كل المستويات ، و القرآن الكريم منهج صحيح و متفرد يدفع بالإنسان الى اكتشاف ذاته و مآل حقيقة وجوده و لعامل التاريخ و الزمن و تداول صنع الحضارات توضيحات و شروحات عن الانحراف عن جادة الصواب كيف ينهار الصرح و تتشتت القوى و تتفرد الأنا بالنزعة الحكمية فلا تتحدد تصورات القيادة القوية الا ان هي عادت الى أوج قوتها السابقة ، و لذك يعتبر التاريخ مرجعية الأمم و الحضارات و القيادات و تتدخل حتى في طريقة رسم المناهج التربوية بالإشادة الى من صنعوا النجاح و الاستقلال و النصر و من ثم التفوق و التميز...
فأمام الواقع التجريبي لأفكار غريبة عن المبدأ و العقيدة لن يتحقق حلم الفكرة المسلمة بقاعدتها المتينة و التي تدعو الى الانفتاح و العلم و دراسة التاريخ جيدا و من ثم استلهام القواعد و الخطط الناجحة.
و بالنسبة للزمن فهو بوصلة يرجع لها المخطئون في تصحيح مناهجهم كلما دفعتهم الحاجة لذلك خاصة ان ما أحسوا بخطر وشيك على مجتمعاتهم فيكون تدارك الأمر بعامل ربح الزمن و بإسقاطات التاريخ له الوقع الطيب في التغيير الحقيقي و بأقصر وقت ممكن ، و على ولاة الأمور أن يكتسبوا قواعد التربية الصحيحة بفهمهم الحقيقي للتربية و فن تلقينها و بعدها يقيموا آدائهم على النتائج التي ستظهر على أبنائهم ، أما أن يكونوا فاقدي الشيء من الفهم و الاستيعاب و التفهم فأظنه خرق للحماية الأبوية للطفل و مساهمة في اختلال المجتمع في أن ينشأ أطفالهم عديمي القيمة الذاتية و فاقدين لقوة الشخصية التي من المفروض ستأهلهم لكثير من العطاء بدل الركون في زوايا البيت و الاستماع لسباب الأولياء و كسر الرغبة النفسية في حبهم للحياة..
فمهلا يا ولاة الأمور فالتربية فن و فهم و ثقافة قبل أن تكون عنفا و قهرا و حرمانا....
الأستاذة سميرة بيطام
البريد الالكتروني :[email protected]