مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/03/06 19:01
مظالم الأخوة في الله...حلول و بدائل.
 
مظالم الأخوة في الله..حلول  و بدائل
 
نصوص القرآن الكريم مليئة بالعبر المتضمنة  لتبجيل علاقة الأخوة في الله الصادقة صدق النوايا و العزم ، ففي سورة الأنفال الآية 36 وصف لألفة القلوب بإذن من الله دونما سعي أو تخطيط أو تحفيز مصداقا لقوله تعالى " و ألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما الفت بين قلوبهم و لكن الله ألف بينهم انه عزيز حكيم ".
ففي هذه الآية الكريمة تفصيل جميل لقدسية المحبة في الله ، في انه تعالى هو من يؤلف و يؤاخي بين عباده ، لأنها عزته و حكمته عز وجل ،فلو كان للبشر منطق حسي ذواق لنعمة الله لما قصر في حقوق الأخوة و المحبة في الله.
إذ نجد في سيرة الصحابة انه بقدر ما ترتفع مقامات هذه العلاقة المبنية لوجه الله تعالى ، فتتخذ لها من تقوى الإيمان ركيزة متينة للوصول بهذه الرابطة إلى ما يحبه الله و يرضاه ،فتصبح بذلك نموذجا يقتدى به لغير  العارفين بأبجديات هذه الصلة ،لأنها فن و رقي أخلاق و إيثار من طرف للطرف الآخر..هذا هو الجمال بأحقيته على ضوء فانوس الإخلاص ،فالمبدأ هو الله ، و الغاية هي كذلك الله.إلا انه تنشب عن هذه العلاقة مظالم بسبب أو مسببات.
إذن ، في الوقت الذي من المفروض السمو بالكبرياء لله عز وجل الا انه تفتح أبواب الشيطان على مصراعيها لنعطي له بأنفسنا  فرصة لينفث سم التفرقة بيننا؟ فيتغلغل القلق و التوتر في مجاري دمائنا في أقدس و امتن علاقة ؟و يتحول بذلك الحب إلى كراهية ليكون البادىء أظلم لأحد الطرفين على اختلاف أساليب الشتات لتكون القطيعة سيفا حادا يقطع حبال المتانة بعد أن شدت بأوثق عرى الإيمان بسواعد التقوى النقية الطاهرة.
و بالموازاة نجد في سورة الزخرف قوله تعالى " الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين" ، فهنا شرط الأخوة الحقيقية هي التقوى ،فان لم يحافظ المحبين في الله على هذا الشرط الأساسي حتما سيتسلل الضعف و الشك ، و بالتالي تنمو في القلوب أمراض نفسية لم تكن موجودة في بداية العلاقة مثل الحسد  و الغيرة و لما لا محاولة الانتقام لإفشال أي مشروع في التفوق سواء في مجال العمل آو الدراسة آو الزواج، ثم وعود الله كثيرة بالآجر العظيم و هو الجنة ، و قد ورد ذلك في نصوص عديدة من القرآن الكريم منها " و تلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون" الآية 72 من سورة الزخرف ،"لكم فيها فاكهة كثيرة منها تأكلون " الآية 73 من نفس السورة،" يا عباد لا خوف عليكم اليوم و لا انتم تحزنون"
إذا لماذا لا نستخلص الحلول لأنفسنا و بأنفسنا من الشريعة السمحة في حالة نشوب نزاع أو خلاف بين أختين تحابتا في الله أو بين اخوين تحابا في الله  و هذا بإتباع الخطوات التالية:
*عند اللقاء وجها لوجه تستحب المصارحة  و طرح الإشكالات القائمة بروح أخوية و ليست عدائية حتى يعم الهدوء و التفاهم جلسة الحوار، و الابتعاد قدر المستطاع عن الغوغاء و تكرار عناصر المشكلة و
الخلاف حتى لا يتسرب الملل و اليأس إلى قلوب المتحاورين لأنه عامل فشل و ليس عامل توفيق و نجاح لبلوغ المراد من اللقاء.
*عند اللقاء ،يجب البحث عن الحلول بطريقة سلسة و بسيطة ترضي الطرفين بعيدا عن لغة التعالي و التكبر و الإعجاب بالنفس لان هذا من مداخل الشيطان و العياذ  بالله و هنا تزداد الأضغان و الأحقاد.
*في حالة عدم التفاهم في اللقاء الأول ، يستحب الانصراف و اللجوء إلى أسلوب آخر لتلطيف الأجواء مثل فكرة إهداء هدية ،فهذا من شانه إذابة جليد الكراهية و التعصب بالرأي .
*محاولة تهدئه مواضع الخلاف في المشكلة باختيار أسلوب الوعظ و إسداء النصيحة و لتكن الحجة القائمة عند عدم التفاهم هي آية قرآنية أو حديث نبوي شريف.
*في حالة عدم الوصول إلى حل نهائي للخلاف ا والى نتيجة ، من الأحسن اللجوء إلى طرف ثالث كأن يكون صديق مقرب للطرفين المتخاصمين لإجراء الصلح ، و من الأحسن أن يكون صلحا شفافا قائما على ركيزة الوفاء  و الوضوح و ليس مجرد وعود كاذبة ثم العودة من جديد إلى بؤرة الخلاف.
إن البدائل لحل المظالم الناشئة في علاقة الأخوة في الله كثيرة و مفيدة منها الهجر الجميل و لكن ليس بطويل المدى حتى لا تصاب المشاعر بالفتور و تقسى القلوب، بالعكس يكون على فترات قصيرة ليحن كلا الطرفين لبعضهما البعض خاصة إن كانت فيه جوانب إحسان كثيرة ،فبهذا الإحسان يمكن تجاوز أزمة الخلاف باقتدار ، ثم الإحسان له تأثير في القلوب مصداقا لقوله تعالى " ادفع بالتي هي أحسن ،فإذا الذي بينك و بينه عداوة كأنه ولي حميم ، و لا يلقاها إلا الذين صبروا و لا يلقاها إلا ذو حظ عظيم" ، فالصبر على المكاره فيه مصابرة و مجاهدة للنفس و هو ليس بالأمر الهين.
إذا ،أخواتي في الله بادرن بالعفو و الصفح الجميل لأنكن تصنعن أجركن بأيديكن و تكبلن محاولات الشيطان و حزبه للإيقاع بكن في فخ القطيعة المحرمة شرعا ، ستجدن حتما ثمرة جهادكن في جنات
 
 
 النعيم ، و ما الدنيا إلا ساعة ، فلتكن طاعة الله هي قاموس تستلهمن منه أدبيات الحياة بفنون العيش الكريم تحت ظلال القرآن و السنة النبوية.
     
 
 
                                                              الأستاذة: سميرة بيطام
                                                       [email protected]                                 
 

أضافة تعليق