مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/02/23 18:26
مكتوب على جبيني بنت الأحرار

مكتوب على جبيني.. بنت الأحرار

 

لي ولكم يا أحبابي وصلة إبداع من لحني وكلامي، وضحكتي وحزني وألمي، هو إبداع الكل في الكل، عندي هو سوار الصلابة في معصمي، لست أمزج قولاً دونما فعل؛ فذاك هراء ومسخرة في زمن تكون أو لا تكون، ما أصاب إخواني من ظلم كان عمدًا ورغبة في كسر حضارة العرب من الحد للحد، الكل منكسر الخاطر، ومتألم للموت، تُحصَد أرواح في كل لحظة، هي غيرتي على هذا الدم، وقلمي متمرد لا يريد التوقف عن أن يكتب عن هذا القهر، حتى خاطري ملَّ من عذاب الروح، ولكن صوتي يخرج من رأس قلمي في انعزال عني؛ لأنه لا يريدني أن ينكسر جَناحي، فالتناقض لا يسكن صوتي وقلمي، وإلا سيخاصمني أبد الدهر، ولن يكون مني إبداع بعد اليوم.

 

أدركت أن الحُرَّ لا بد أن يكون له شيء فيه يبدع ويتمرد وينبض بالحق لآخر دقة قلب، فلو كان العقل متشتتًا فكره في جمع الكلمات وإرسالها إلى عقول إخواني، فأكيد سينقذني نبض قلبي في أنك بنتُ جيل أنجب البطولةَ من عدم، إنه الإيمان والثبات، فكيف لك بمراوغة المواجهة بالركون خلف الأسوار؟!

 

حتى لو كان نبض قلبي ضعيفًا، ستتدخل بصيرة بصري في أن يمتد النظر إلى صور الخراب والدمار، لأتألم أكثر، وبالمرة لأزداد حبًّا وعشقًا لكل شبر من أرض العرب.

 

صحيح، ضعُفت الهمّة فينا من شدة الظلم، وتفرق فينا الرأي الصائب بعبرة أن الآراء موجودة، لكن العقول كلها مقيدة بفكر الهرج والمرج في كل مكان.

 

نار مشتعلة في شجر أحببت فيه نسيم الكبرياء، وبثقل ثمار عرق الجبين الصافي، طفولة محتارة، أين الأب لما خرج للصلاة لكن لا عودة، منهارة نساء بطلات من تستر الأنوثة خلف أعمدة الصمت، أعطوني لقطة من لقطات السير على شظى الجمر، وفيكن كل التحمل لزمن حرقة الدم والضمير لغياب الأحبة، والعيد والربيع ومواسم الفرحة في كل لمّة، لم الشمل تحت سقف بيوت الأصالة والمجد لأركان الصبر.

 

باسم كل إخواني، لي مني سكتة دم في عروقي، باسم صرخة كل طفل صغير نظرة حزن ممزوجة بأمل قريب، لكن لم أرَ نور شمعته بعد، هو جهل مني عن مصدر الضوء، الضباب عندي منتشر على كل مساحة مجالي، الأرق طول الليل، وهذا الكلام كتبته في أوقات السهر وأنا أشرب معه قهوة الضجر والملل وليس اليأس، فلا يأس أبدًا من بنت الأحرار، ومن ثقتي في إخواني الأحرار، لكنه التعب نال مني، ومن حقه أن ينال مني، لكنه سيرحل لما انتفض بقوة ضعفي بقبضة يدي من أعماق أرض المجد، ثقتي في ربي عالية وكبيرة، وثقتي في إخواني متينة في أنها إرهاصات وألم مرض هو زائل قريبًا إن شاء الله.

 

يا حسرتي على شيء واحد، على أقدام بدأت تدنس الأقصى، وغير ذلك فلا حسرة، فالكل محسوب عند الله بأغلى الأثمان جنات النعيم، ولأني مكتوب على جبيني بنت الأحرار صار عندي عرق كثير على هذا الجبين من تفاعل كل عضو في جسدي عما يحدث في أرض القداسة، هي حرمتي وكرامتي، فكيف لي أن أصبر على هذا الظلم؟! في العالم موجود من ينام وهو جالس؛ لأن النوم أصبح شيئًا معتادًا، وشبع منه كل متحسر على عروبته.

 

هو سبات أم غفلة، هو يأس أم ضعف، هو ألم وألم وألم، أم همٌّ وهمٌّ وهمٌّ، هو ماذا؟

 

هو سلسة تراكمات الماضي أم سلسة وجود الحاضر، هو انحراف منا عن دين الله وسنة رسوله أم نسمة حضارة مزيفة خدرت عقولنا بريح التقدم نحو الأمام بزيف الخطى وتقليد النعال، هو رداء آخر لبسناه في عصر سرعة الفكر والأكل والنوم والعمل، وحتى في قول السلام، باختصار أن نكتفي بالسلام عليكم دون أن نكمل: ورحمة الله تعالى وبركاته.

 

الجملة ليست طويلة، وفيها كل البركة والخير، فلمَ التقصير من تحية السلام؟! وختامًا بنصرة مظلوم ولو بالدعاء، من أي جنسية نحن؟ ألسنا عربًا ومسلمين، إذًا لفائف العقيدة مفكوكة عندنا في ابتعاد عن الطاعات بالخشوع والورد والذكر الحميد؛ ولهذا لا يستجاب دعاؤنا؛ لأن فيه الكثير من اللاتركيز واللاخشوع أثناء السجود.

 

وبما أنه مكتوب على جبيني بنت الأحرار، رسالتي لكل مسلم أن يطهِّرَ ذاته من تزاوج الشخصية، ويكتفي بشخصية واحدة عابدة، تائبة، شاكرة، مستغفرة، موحدة، مقدامة، شجاعة، فيها من الأنفة ما يكفي للدعاء بكل صدق في استحضار لكل أعضاء الجسم، وحتى أدق الخلايا الصغيرة وحتى الشوارد المنشطرة فينا في كل مكان، اجمعوا تسبيحاتكم، وأكثروا من الصلاة والسلام على الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأخلصوا في دعائكم أن يحفظ الله أقصانا، ويثبت إخوانَنا، ويقوي عزيمة الإسلام فيهم من أن الله غالب على أمره، وأن الفرج قريب بإذن الله، فقط أكثروا من الدعاء؛ لأنه والله الخطر يداهمنا، ونحن في غفلة وليس لنا سلاح في ذلك سوى الدعاء الصادق، الصادق، الصادق، ولله الحمد والشكر، ومنه الاستجابة والتثبيت، يا رب، احفظ المسجد الأقصى.




أضافة تعليق