يا مصر يا حبيبة، لك مني مواساة
من حنين إلى مصر، هذه عودتي كما وعدت، يا من قالوا عنك: أم الدنيا، وصاحبة حضارة 7000 سنة، زخم كبير من الشموخ، امتد إلى 25 يناير، ليكون عرس الغاضبين الرافضين لكل أساليب القهر، كانت إطلالة الرصاص عالية، كانت دماء المصريين متحفة ببريق النصر؛ لأن مصر تسري في دمائهم التي دفعوها ثمنًا للحرية، كان التحول بالهتاف في ميدان التحرير رفضًا لأن تضيع حضارتك تحت أقدام الطامعين لثرواتك، فأنت قبلة السائحين من كل أنحاء العالم، ومن شرب من نيلك حتمًا هو عائد لك ولحِضنك، يا من دعا سيدنا يوسف ربه أن يملكه الوزارة مصداقًا لقوله تعالى: ﴿ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ ﴾ [يوسف: 55]، فكانت الإجابة وكان السلطان دونما حدود، أي عنفوان، وأي رداء أبهة لبستِه على مر العصور يا أم الدنيا؟!
لكن تسارع الأحداث وتضارب الآراء حتى شهر الرحمة، ما هو إلا دليل أنك لا زلت محل أطماع من يسكنون بالجوار من حدودك الغنية، سيناء الخالدة بأعظم الحوادث والبطولات، فأنت الآن في مخاض التحرر.
لن أطيل الكلام؛ فالمواساة هي فقط مواساة، ليس معناه أني لن أوفيك حقك، وإنما سأعود إليك يا حبيبتي مصر من الحنين والمواساة إلى المباركة والتهنئة؛ فالله دائمًا غالب على أمره، وإلى أن تستعيدي استقرارك، أتركك يا مصر في رعاية الله وحفظه، ولي عودة أخرى، وأنا على الوعد - بإذن الله عز وجل.