مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/02/07 20:15
فواصل من نور (2)

فواصل من نور (2)

إيحاءات الغموض في كنف الحياة تلف مراسيم السعادة بلفائف الحزن..

تقاليد الشكر تستلزم النية الصادقة، والنابعة من قلب حامد، شاكر، صادق..
هي موازين الاعتدال لمن يريد الفلاح، دنيا وآخرة..
لكم يسعدني لو تنحينا جانبًا من ذواتنا لنتفحّص علاقتنا مع الله، هل نتلمس ذاك التذلل بصدق الإحساس، أم أن عبادات الصلاة والزكاة والصوم وغيرها تجعلنا نكتفي بالقدر المقدور؟
لسنا هكذا نصل إلى تلك العلاقة الحميمية التي ترفعنا منازل الشرفاء، بل بالتجرد من كل ذرات النقص في حب الله -عز وجل-.
الله عالٍ، يحب همة المؤمن الرفيعة..
الله كبير متعال، فلنرتفع بقدر ما أوتينا من قوة إلى الدرجة الأولى، من ذاك التخصيص للواحد الأحد.
الله يفتح لنا بالرحمة أبوابًا.. فهلا فتحنا قلوبنا لمعرفة عظمة الله؟
من يدري؟
فلعل النائم يصحو؛ لأن الكون فسيح وفسيح..
لست أوفي وصف عظمة الله بأحرف من خوف..
بالإمكان أن نلتفت للوراء، ونفتح صفحات الماضي، ليس للتألم من نكسات الدنيا، وإنما لنعرف كم كان الله معنا مؤنسًا و منقذًا من ويلات كثيرة، بعضًا منها عشناه مع المرض، والبعض الآخر التمسناه في مكايد لم نبصرها إلا ببصيرة الرؤى في جنبات الليل المظلم، والبعض الآخر في نقصان مال ورفقة صالحة ومنقصات عديدة لم نكن في يوم من الأيام نتوقعها، لكنه الرحيم أحن علينا من الأم على ولدها..
كانت معالم على طريق كل واحد منا تعرج به إلى حيث الأمان، والعقل قاصر في ترجمة هذه الرحمة والنعمة..
لطالما ضاقت بنا الأرض من شدة الابتلاء، ولكن نظرتنا للسماء تنسينا كل الهموم، وتشرح غيوم الفرج ضيق كل خاطر، فلطالما كانت لنا في تغريدات الطيور معاني الأمل بتواتر نوتات الفرح..
ولطالما أيقظنا صياح الديك من سبات الأحلام إلى يقظة الصلاة والحمد..
ولطالما أبهرتنا النحلة في حركة انتقالية عبر زهور العطاء فترسل إرسالية الاعتبار، منها في أن الحياة عمل و جهاد..
الكل مسخر لك يا بن آدم، فهلا أتقنت الشكر والتسبيح لمن سخر لك المخلوفات، لتكون لك تذكيرًا وعبرة وحكمة؟
ماذا لو أوقعتنا شباك الهلاك في غمار النهاية، هل لنا قائمة جديدة؟
هل لنا نجاة بمصارف المال والحرس والحيل؟
لست أثق في كل هذا..
لأن يد الله الخفية هي الضامن الوحيد للخلاص..
فلنراجع أنفسنا، أين نحن؟! لما ركنا بالبكاء والندم على قلة الزاد والسند في زاوية النسيان؟
أين نحن؟! لما لمّ بنا الهلاك على مشارف أرجلنا، في أننا في خطر داهم؟
لمَ الغرور منا بعد النجاة مباشرة؟
فالقدر كل القدر سجود شكر لمن كان له الفضل في الفلاح، فليكف كل منا عن كبرياء التفوق..
من أين لنا بهذا التفوق لولا قضاء الله ورحمته وعطفه علينا؟
ألا نستحي من أنفسنا حينما كنا نخطئ ونخطئ و لا نبالي!
بيني وبينكم.. هي وقفة صدق أمام مرآة الحقيقة..
ولتكن لنا محطات، بل وقفات لشكر الله دائمًا و أبدًا، وفي كل الأحوال..
لنعد للوراء.. كم كانت لنا ليالي حالكات بكينا فيها لوحدنا؟ ولم نجد من يشعر بما يختلج في قلوبنا؟
كم صرخنا بآهات الألم في أننا كنا ضحايا، حتى لو لم نكن ضحايا؟
هل وجدنا من فهم عنا ما مررنا به من مآسي؟ وهل وجدنا من أدرك قيمة الدموع لدينا؟
المهم.. أننا تألمنا..
فمن انتشلنا؟
ليسكت الصراخ فينا؟
من الذي بدد الظلم نورًا، وصرف مكايد الشيطان من الإنس والجان؟
لنتألق في أمان بعيدًا عن الغدر..
لنفهم شيئًا واحدًا.. أننا عرضة لمخاطر قد لا تحمد عقباها..
فهل لنا يد في الخلاص، وافتكاك؟ ورقة النجاة بسهولة؟
لنتذكر أيام كنا ضعافًا.. الوعي غائب عنا وعن سلوكنا.. هل وجدنا من ترجم تلك الغفلة أنها بريئة، ولم تكن مقصودة؟
من كان له الصدر الرحب في أن يسكت بعيدًا عن جراح القهر حتى يلتئم الجرح فينا بهدوء؟
لا أحد منحنا فرصة من صدق.. حتى لو أخذت وقتًا طويلاً، وكنا حظينا في البداية برحمة من بشر، فلن تتم على خير؛ لأن فيه قوالب ومقلبات لأمور الإحسان إلى نكران ما بعد النكران، بدافع من شيطان، أو لمرض في القلوب..
متعبة أنا من فوارق لم تجد لها خلاصًا بعد بداخل إنسانية الإنسان الضائعة و المغيبة..
لطفًا بالبشر في زمن اللا رحمة.. رجاءً أرجوه.. لطفًا.. وفقط!
فالأيام تتداول بين الناس.. فلا داعي للغرور..
و بما أن النقص وارد في الإنسان، والكمال لله، فإن الشكر حتمًا سيكون غير مستوف لصفاته العلى..
ولكن علينا أن نجتهد في أن نحب الله أكثر يومًا بعد يوم، بل لحظة بعد لحظة، حتى نصل إلى درجة الكمال في حسن الظن به..
سبحانك ربي، ما خلقت هذا باطلاً!
سبحانك من وسعت رحمتك كل شيء!
سبحانك من تعفو، وتصفح، وأبواب رحمتك مفتوحة لسائلك!
 
 
 
أضافة تعليق