أبو لجين إبراهيم
في مجال التذكير بالنعم، والحث على العبودية الخالصة لله، والإيمان بالرسل، خاطب القرآن الكريم، كفار قريش، عن رحلتي الشتاء والصيف، والإطعام من الجوع، والأمن من الخوف، وجعل ذلك من الأسباب الموجبة والداعية إلى الإيمان بالله.
وكثيرا ما نجد في الآيات القرآنية الكريمة، التذكير بنعم الله، كتمهيد للحديث عن العبودية والإيمان، والتحذير من الحرمان من تلك النعم، في حال الكفر والعصيان، ومخالفة أوامر الأنبياء والمرسلين، والإعراض عن التوحيد الخالص للحق سبحانه وتعالى.
وقد وجدنا في السير، منذ عهد النبوة، وفي عصر الخلافة الراشدة، أن المهمة التي كانت تقع على عاتق مسؤولي الدولة، لا تقع فقط في مجال أو نطاق الايدولوجيا، من حيث الحرص على إقامة شعائر الدين، بل كانت تمتد مسؤوليتهم، إلى توفير حد الكفاية من المعيشة الكريمة للرعية.
فقد استعاذ النبي – صلى الله عليه وسلم- من الفقر والكفر، لكونه خطرا على العقيدة، وخطرا على العباد، وخطرا على الفكر، فمن المآثر التي تروى عن الإمام الشافعي، قوله، ’’لا تستشر من ليس في بيته دقيق لأنه مدلّه العقل’’، (الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء (ص: 87)، لأن عقله لن يكون صافياً، بل سيكون صاحبه منهمكاً في تدبير ما يسد به رمقه.
هذه المقدمة المختصرة، عن العناية، بالحاجات الشعبية، من المأكل والمشرب وغيرها، كانت مهمة للحديث عما يروج له في عصرنا من أنظمة سياسية، باعتبارها مشروعات للحكم الإسلامي، إذ نرى في جانب منها قصورا، لابد من التنويه والإشارة إليه.
فالمشروع الإسلامي إذا أخذناه بتكامله، وبفهم صحيح، لقلنا إنه لابد أن يعالج هذه المشكلات المجتمعية، بل ويعطيها الأولوية، ويعالجها بطرق علمية أساسها ’’أنتم أعلم بأمور دنياكم’’، ومبناها مراعاة سنن الله في الكون، والأخذ بالأسباب والمسببات.
فلن تعيش الشعوب بالفكر وحده، ولا بالايدولوجيا وحدها، فإذا ما كانت الجيوب خاوية، والبطون جائعة، فستكفر الشعوب بهذه الأنظمة، وستلفظ روادها، وإن رفعوا المصاحف على أسنة الرماح، وأطلقوا الشعارات الضخمة، والخطب الرنانة، وتحدثوا عن مؤامرات تحاك ضدهم.
هذه الكلمات فرضت نفسها على الذهن، ونحن نرى المواجهات الدامية في السودان على خلفية أوضاع معيشية بالغة الصعوبة، أخرجت الشعوب من ديارها إلى الشوارع والطرقات اعتراضا عليها، وقابلها النظام السوداني بالقوة الأمنية الباطشة.
هذا النظام محسوب، في كل الأحوال، على المشروع الإسلامي، فهو منذ بدايته، يصدر الخطاب الديني، وزعيمه يظهر قدرا كبيرا من الالتزام بشعائر الإسلام، ويحاول أن يصبغ المجتمع السوداني المحافظ بطبيعته، بصبغة دينية وشرعية.
ونحن في الحقيقة، لا نعارض ذلك التوجه، ولكن، نقول إن كل مشروع، إن فشل في تحقيق طموحات الشعوب، وفشل في وضع احتياجاتها في مقدمة أولوياته، وفشل في تحقيق الحياة الكريمة لمواطنيه، فلا يمكن أن نسميه مشروعا إسلاميا، وإن ادعى رواده غير ذلك، وسودوا الصفحات والكتب بأدبيات ذلك النظام وفضائله.
نعم قد تكون هناك أزمات، على كافة الصعد، اقتصادية، وسياسية، واجتماعية، وعسكرية، مثلما واجهت المجتمع الإسلامي الأول، ولكنها أزمات عارضة، وطارئة، على المجتمع المستقر، أما الأنظمة الحالية، التي نتناولها بحديثنا، فقد عاشت الشعوب معها في ظل أزمات مستمرة، ولا بصيص من الأمل، في حياة كريمة، يبدو في الأفق.
إن تلك الأنظمة، تحتاج أن تراجع اهتماماتها، وترى بعين النقد الذاتي عيوبها وأخطاءها في الحكم، ومدى قدرتها على الاستمرار من عدمه، ومن ثم، لا تكرر تجربة الأنظمة العلمانية الشمولية الاستبدادية، التي رغم فشلها الذريع، وعلى مدار عقود طويلة، في إدارة شؤون بلادها، إلا أنها تستميت في البقاء في سدة الحكم، ولو على أشلاء الشعوب وبقايا المواطنين.
تواصل
[email protected]
@abulojain1
*لجينيات
في مجال التذكير بالنعم، والحث على العبودية الخالصة لله، والإيمان بالرسل، خاطب القرآن الكريم، كفار قريش، عن رحلتي الشتاء والصيف، والإطعام من الجوع، والأمن من الخوف، وجعل ذلك من الأسباب الموجبة والداعية إلى الإيمان بالله.
وكثيرا ما نجد في الآيات القرآنية الكريمة، التذكير بنعم الله، كتمهيد للحديث عن العبودية والإيمان، والتحذير من الحرمان من تلك النعم، في حال الكفر والعصيان، ومخالفة أوامر الأنبياء والمرسلين، والإعراض عن التوحيد الخالص للحق سبحانه وتعالى.
وقد وجدنا في السير، منذ عهد النبوة، وفي عصر الخلافة الراشدة، أن المهمة التي كانت تقع على عاتق مسؤولي الدولة، لا تقع فقط في مجال أو نطاق الايدولوجيا، من حيث الحرص على إقامة شعائر الدين، بل كانت تمتد مسؤوليتهم، إلى توفير حد الكفاية من المعيشة الكريمة للرعية.
فقد استعاذ النبي – صلى الله عليه وسلم- من الفقر والكفر، لكونه خطرا على العقيدة، وخطرا على العباد، وخطرا على الفكر، فمن المآثر التي تروى عن الإمام الشافعي، قوله، ’’لا تستشر من ليس في بيته دقيق لأنه مدلّه العقل’’، (الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء (ص: 87)، لأن عقله لن يكون صافياً، بل سيكون صاحبه منهمكاً في تدبير ما يسد به رمقه.
هذه المقدمة المختصرة، عن العناية، بالحاجات الشعبية، من المأكل والمشرب وغيرها، كانت مهمة للحديث عما يروج له في عصرنا من أنظمة سياسية، باعتبارها مشروعات للحكم الإسلامي، إذ نرى في جانب منها قصورا، لابد من التنويه والإشارة إليه.
فالمشروع الإسلامي إذا أخذناه بتكامله، وبفهم صحيح، لقلنا إنه لابد أن يعالج هذه المشكلات المجتمعية، بل ويعطيها الأولوية، ويعالجها بطرق علمية أساسها ’’أنتم أعلم بأمور دنياكم’’، ومبناها مراعاة سنن الله في الكون، والأخذ بالأسباب والمسببات.
فلن تعيش الشعوب بالفكر وحده، ولا بالايدولوجيا وحدها، فإذا ما كانت الجيوب خاوية، والبطون جائعة، فستكفر الشعوب بهذه الأنظمة، وستلفظ روادها، وإن رفعوا المصاحف على أسنة الرماح، وأطلقوا الشعارات الضخمة، والخطب الرنانة، وتحدثوا عن مؤامرات تحاك ضدهم.
هذه الكلمات فرضت نفسها على الذهن، ونحن نرى المواجهات الدامية في السودان على خلفية أوضاع معيشية بالغة الصعوبة، أخرجت الشعوب من ديارها إلى الشوارع والطرقات اعتراضا عليها، وقابلها النظام السوداني بالقوة الأمنية الباطشة.
هذا النظام محسوب، في كل الأحوال، على المشروع الإسلامي، فهو منذ بدايته، يصدر الخطاب الديني، وزعيمه يظهر قدرا كبيرا من الالتزام بشعائر الإسلام، ويحاول أن يصبغ المجتمع السوداني المحافظ بطبيعته، بصبغة دينية وشرعية.
ونحن في الحقيقة، لا نعارض ذلك التوجه، ولكن، نقول إن كل مشروع، إن فشل في تحقيق طموحات الشعوب، وفشل في وضع احتياجاتها في مقدمة أولوياته، وفشل في تحقيق الحياة الكريمة لمواطنيه، فلا يمكن أن نسميه مشروعا إسلاميا، وإن ادعى رواده غير ذلك، وسودوا الصفحات والكتب بأدبيات ذلك النظام وفضائله.
نعم قد تكون هناك أزمات، على كافة الصعد، اقتصادية، وسياسية، واجتماعية، وعسكرية، مثلما واجهت المجتمع الإسلامي الأول، ولكنها أزمات عارضة، وطارئة، على المجتمع المستقر، أما الأنظمة الحالية، التي نتناولها بحديثنا، فقد عاشت الشعوب معها في ظل أزمات مستمرة، ولا بصيص من الأمل، في حياة كريمة، يبدو في الأفق.
إن تلك الأنظمة، تحتاج أن تراجع اهتماماتها، وترى بعين النقد الذاتي عيوبها وأخطاءها في الحكم، ومدى قدرتها على الاستمرار من عدمه، ومن ثم، لا تكرر تجربة الأنظمة العلمانية الشمولية الاستبدادية، التي رغم فشلها الذريع، وعلى مدار عقود طويلة، في إدارة شؤون بلادها، إلا أنها تستميت في البقاء في سدة الحكم، ولو على أشلاء الشعوب وبقايا المواطنين.
تواصل
[email protected]
@abulojain1
*لجينيات