رمضان صدقة من الله فاقبلوها
أبو لـُجين إبراهيم
إن المتأمل في أيام هذا الشهر الكريم، يجد أنها عبارة عن جرعة إيمانية مركزة، جمعت فيها صنوف العبادات كلها، وهذه ميزة لا تتوفر في غيره من شهور أيام الدهر، فشهر رمضان يأتي كل عام ليجدد للأمة إيمانها الذى خفت وهجه في القلوب، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم ، فوصف صلى الله عليه وسلم الإيمان بأنه يخلق كما يخلق الثوب، أي يبلى ويضعف ويدخله النقص جراء ما قد يقع فيه المرء طوال شهور السنة من معاصٍ وآثام، وما يلقاه في غير هذا الشهر الكريم من ملهيِّات متنوعة وفتن عظام تُذهب جدةَ الإيمان وحيويته وقوته.
فتلوح الفرصة في شهر رمضان لتتضاعف الحسنات وتغفر السيئات وتقبل التوبة وتمحى آثار المعصية، ثلاثون يوماً كاملة من خير أيام الدهر وأعظمها نفحة، من بينهن ليلة هي خير من ألف شهر، كل ذلك صدقة من الله تعالى على أمة حبيبه صلوات الله وسلامه عليه، نفحاته تذكر الناسي وتنبه الغافل وتقوى العزائم على صنائع الخيرات.
يأتي رمضان لتدخل القلوب المنهكة مراكز الصيانة الإيمانية، حيث أن سادة هذه الأمة وصدرها وخيارها قد تحققوا من عظم شأن الإيمان في القلوب .. فكانت عنايتهم به عظيمة ومقدمة على كل أمر، فكانوا يتعاهدون إيمانهم ويتفقدون أعمالهم ويتواصون بينهم خاصة في هذا الشهر الكريم، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لأصحابه : هلموا نزداد إيمانًا ، وكان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول : اجلسوا بنا نزدد إيمانًا ، وكان يقول في دعائه : اللهم زدني إيمانًا ويقينًا وفقهًا ، وكان عبد الله بن رواحه رضي الله عنه يأخذ بيد النفر من أصحابه فيقول : تعالوا نؤمن ساعة ، تعالوا فلنذكر الله ونزداد إيمانًا بطاعته ، لعله يذكرنا بمغفرته .
وإن أشد ما يعانيه المغترب عن هذا الشهر الكريم وحشة القلب، حيث يعيش المسلم طوال أحد عشر شهراً في غربة شديدة، يجد آثارها تارة في بيته وأخرى في مجتمعه، ومن أشد آثار هذه الغربة ألماً على نفسه ان يرى شرع الله وقد انبرى له من يصد عنه بجهل وحسن نية أو عن قصد وسوء طوية، فينعكس ذلك سلباً على حياته حيث يبصر من حوله شتات الفكر وانقسام الرأى، حتى إذا ما عاد إلى بيته وطرح قضية شرعية فلا يجد لها صدى بين أهله، إلى ان يأتي رمضان بترياق الإيمان فيرتق الشتات ويؤلف القلوب حول مائدة القرآن فيخنس حزب الشيطان.
يأتي الشهر الكريم حاملاً معه هموم المسلمين وأحزانهم فى العالم الإسلامى القريب منه والبعيد، يطرق كل بيت فلا يجد من حديث إلا عن مشاكل الأبناء وهموم المعيشة واحتياجاتها ومشاكل الخدم وجنون الأسهم في البورصات، فيقطع الحديث عن ذلك كله ويأخذ بأيدينا لنتعهد إيماننا ونبصر مواجعنا في فلسطين وتركستان الشرقية وكشمير وأفغانستان والعراق والصومال وغيرها.
يأتي الشهر الكريم ليخفف من معاناة الداعية المسلم الذى يطلق الآهة من مطالعة أحوال أمته فلا يجد من يسأل عن سببها، بل أكثر من ذلك يجد هجوما واضحا لافكاره وطريقة حياته من ملبس وعبادة ولحية، فيصيبه الفتور لما يرى ويسمع من جحود ذوى القربى من أبناء جلدته.. فينزوى على نفسه يحمل همومه على عاتقه وحزنه يغور فى حنايا قلبه فيلعق طعم الغربة ويستشعر آلامها حتى يدركه رمضان.
يأتي رمضان فيقوم جهود المصلحين ويفضح مكائد المفسدين، فإن كان للفساد عمالاً وتجاراً فالخير أيضاً له أعوان وتجار، وتجاره سماهم التنافس يرقبون حلول موسمه ليربحوا، وشتان بين ربح وآخر، إن ربح رمضان ليس الذهب والفضة بل رحمة و مغفرة من الله وختام ذلك عتق من النار، تماماً كما جاء وصف تجار الخير في القرآن {رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ}.
وفي الأخير إن كان شهر رمضان صدقة تصدق الله بها علي أمة الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه، فالأمر يقتضي وجوب القبول، فكلناعبد فقير لصدقة الله وفضله وجوده وكرمه، والإعراض عن صدقة الملك سبحانه فعل من العبد قبيح ويكون من قبيل أن رآه استغنى، وفي رد صدقة الكريم سبحانه من الجهل والإعراض ما لا يخفى على عاقل، فالخير تعطرت أبوابه، والجنة مفتحة ابوابها، والنار مغلقة أبوابها، والشياطين مقيدة مصفدة، فيا سعادة من إنتفع بهذه الفرصة، فيا باغي الخير أقبل، الفرصة أمامك بحسبك من الغفلة عن الله أحد عشر شهراً مضت، ويا طالب الخير أقبل الحسنات تتضاعف والباب مفتوح، فهل تلحق بالركب أم ستظل واقفاً هكذا مكانك بينما قافلة العباد ترواح مكانها وتجد المسير..؟!
*لجينيات
أبو لـُجين إبراهيم
إن المتأمل في أيام هذا الشهر الكريم، يجد أنها عبارة عن جرعة إيمانية مركزة، جمعت فيها صنوف العبادات كلها، وهذه ميزة لا تتوفر في غيره من شهور أيام الدهر، فشهر رمضان يأتي كل عام ليجدد للأمة إيمانها الذى خفت وهجه في القلوب، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم ، فوصف صلى الله عليه وسلم الإيمان بأنه يخلق كما يخلق الثوب، أي يبلى ويضعف ويدخله النقص جراء ما قد يقع فيه المرء طوال شهور السنة من معاصٍ وآثام، وما يلقاه في غير هذا الشهر الكريم من ملهيِّات متنوعة وفتن عظام تُذهب جدةَ الإيمان وحيويته وقوته.
فتلوح الفرصة في شهر رمضان لتتضاعف الحسنات وتغفر السيئات وتقبل التوبة وتمحى آثار المعصية، ثلاثون يوماً كاملة من خير أيام الدهر وأعظمها نفحة، من بينهن ليلة هي خير من ألف شهر، كل ذلك صدقة من الله تعالى على أمة حبيبه صلوات الله وسلامه عليه، نفحاته تذكر الناسي وتنبه الغافل وتقوى العزائم على صنائع الخيرات.
يأتي رمضان لتدخل القلوب المنهكة مراكز الصيانة الإيمانية، حيث أن سادة هذه الأمة وصدرها وخيارها قد تحققوا من عظم شأن الإيمان في القلوب .. فكانت عنايتهم به عظيمة ومقدمة على كل أمر، فكانوا يتعاهدون إيمانهم ويتفقدون أعمالهم ويتواصون بينهم خاصة في هذا الشهر الكريم، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لأصحابه : هلموا نزداد إيمانًا ، وكان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول : اجلسوا بنا نزدد إيمانًا ، وكان يقول في دعائه : اللهم زدني إيمانًا ويقينًا وفقهًا ، وكان عبد الله بن رواحه رضي الله عنه يأخذ بيد النفر من أصحابه فيقول : تعالوا نؤمن ساعة ، تعالوا فلنذكر الله ونزداد إيمانًا بطاعته ، لعله يذكرنا بمغفرته .
وإن أشد ما يعانيه المغترب عن هذا الشهر الكريم وحشة القلب، حيث يعيش المسلم طوال أحد عشر شهراً في غربة شديدة، يجد آثارها تارة في بيته وأخرى في مجتمعه، ومن أشد آثار هذه الغربة ألماً على نفسه ان يرى شرع الله وقد انبرى له من يصد عنه بجهل وحسن نية أو عن قصد وسوء طوية، فينعكس ذلك سلباً على حياته حيث يبصر من حوله شتات الفكر وانقسام الرأى، حتى إذا ما عاد إلى بيته وطرح قضية شرعية فلا يجد لها صدى بين أهله، إلى ان يأتي رمضان بترياق الإيمان فيرتق الشتات ويؤلف القلوب حول مائدة القرآن فيخنس حزب الشيطان.
يأتي الشهر الكريم حاملاً معه هموم المسلمين وأحزانهم فى العالم الإسلامى القريب منه والبعيد، يطرق كل بيت فلا يجد من حديث إلا عن مشاكل الأبناء وهموم المعيشة واحتياجاتها ومشاكل الخدم وجنون الأسهم في البورصات، فيقطع الحديث عن ذلك كله ويأخذ بأيدينا لنتعهد إيماننا ونبصر مواجعنا في فلسطين وتركستان الشرقية وكشمير وأفغانستان والعراق والصومال وغيرها.
يأتي الشهر الكريم ليخفف من معاناة الداعية المسلم الذى يطلق الآهة من مطالعة أحوال أمته فلا يجد من يسأل عن سببها، بل أكثر من ذلك يجد هجوما واضحا لافكاره وطريقة حياته من ملبس وعبادة ولحية، فيصيبه الفتور لما يرى ويسمع من جحود ذوى القربى من أبناء جلدته.. فينزوى على نفسه يحمل همومه على عاتقه وحزنه يغور فى حنايا قلبه فيلعق طعم الغربة ويستشعر آلامها حتى يدركه رمضان.
يأتي رمضان فيقوم جهود المصلحين ويفضح مكائد المفسدين، فإن كان للفساد عمالاً وتجاراً فالخير أيضاً له أعوان وتجار، وتجاره سماهم التنافس يرقبون حلول موسمه ليربحوا، وشتان بين ربح وآخر، إن ربح رمضان ليس الذهب والفضة بل رحمة و مغفرة من الله وختام ذلك عتق من النار، تماماً كما جاء وصف تجار الخير في القرآن {رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ}.
وفي الأخير إن كان شهر رمضان صدقة تصدق الله بها علي أمة الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه، فالأمر يقتضي وجوب القبول، فكلناعبد فقير لصدقة الله وفضله وجوده وكرمه، والإعراض عن صدقة الملك سبحانه فعل من العبد قبيح ويكون من قبيل أن رآه استغنى، وفي رد صدقة الكريم سبحانه من الجهل والإعراض ما لا يخفى على عاقل، فالخير تعطرت أبوابه، والجنة مفتحة ابوابها، والنار مغلقة أبوابها، والشياطين مقيدة مصفدة، فيا سعادة من إنتفع بهذه الفرصة، فيا باغي الخير أقبل، الفرصة أمامك بحسبك من الغفلة عن الله أحد عشر شهراً مضت، ويا طالب الخير أقبل الحسنات تتضاعف والباب مفتوح، فهل تلحق بالركب أم ستظل واقفاً هكذا مكانك بينما قافلة العباد ترواح مكانها وتجد المسير..؟!
*لجينيات