أبو لـُجين إبراهيم
حينما نطالع تاريخ الحضارة الغربية سنجد القسوة اللانسانية في التعامل مع أصحاب الديانات المختلفة، بل وستجد في الديانة الواحدة، العنف غير المبرر، والقتل المنظم على الهوية بين الملل المختلفة، فحينما تسود ملة، تصب جام غضبها على الملل الأخرى، وتحاول أن تمحوها من سجل التاريخ.
فستجد، على سبيل المثال لا الحصر، حينما فرط المسلمون في الأندلس، وغلب عليها النصارى، أقاموا محاكم التفتيش وعلى إثرها قامت المذابح وحفلات التعذيب ضد المسلمين، الذين لم يعد أمامهم إلا الموت تحت وطأة التعذيب، أو الاستجابة لدعوات الصليب تحت سياط المعذبين القساوسة.
ولم يكن المسلمون وحدهم، هم الذين يعانون من الاضطهاد والتنكيل، حينما يحكم الصليب، بل اليهود أيضا، كانوا محلا للعنف والقسوة باسم الدين، حيث مارس النصارى في القرون الوسطى ضد اليهود كل الممارسات التميزية، وقتلوهم واخذوا ثرواتهم وأملاكهم، بل ووصل الأمر أن من يبلغ عن عائله يهودية أو حتى في عروقها دم يهودي، يأخذ مكافأة مالية ضخمة.
وفي عام 1096م ، قامت مجموعات من فرسان الصليبيين بذبح اليهود في مدن فرنسية وألمانية مدعين أنهم بذلك يثارون من “قتلة المسيح” ، وقد عاونهم في فعلتهم هذه سكان تلك المدن مدفوعين بكراهية شديدة لليهود.
وعندما اكتسح الطاعون أوروبا عامي 1348 – 1349، اتهم اليهود بأنهم قد نشروا الوباء بتسميم مياه الآبار، فاحرق آلالاف منهم أحياءً في بازل وفرايبورج وستراسبورج ومينتز وغيرها من المدن الأوربية .
كما كان الاضطهاد بين الملل المختلفة، في الديانة الواحدة، فبعض الطوائف النصرانية عانت من الاضطهاد على أيدي نصارى من طوائف أخرى بتهمة الهرطقة، ولا سيما خلال القرن السادس عشر خلال ما يسمى بعصر الإصلاح البروتستانتي.
وتعرض النصارى للاضطهاد من قياصرة الرومان الذين أذاقوا المسيحيين العذاب ألوانا، ولكن بعد أن تحول قسطنطين عن الوثنية إلى النصرانية أصبحت النصرانية دين الدولة الرومانية وتحولت النصرانية في الغرب عندها إلي ديانة دولة وأصبحت (ديانة) مستقلة، ولكن بقيت العديد من الكنائس الشرقية والإصلاحية فيما بعد بعيدة عن تأثير روما وتعرضت هذه الكنائس أيضا للاضطهاد علي يد الكنيسة الغربية (الرومانية)، وكان هذا الاضطهاد بسبب الاختلاف في المذهب وليس الاختلاف في الدين.
بعد هذا التجول، في التاريخ، لنا أيضا أن نتعرض للمجازر التي ارتكبها اليهود في فلسطين المحتلة ضد المسلمين الفلسطينيين، بدافع من الكراهية العقدية والأيديولوجية، وليس لمجرد الخلاف السياسي، فالحرب عقدية، والاضطهاد والتمييز على أساس الدين، لا ريب في ذلك.
لنا بعد هذا التطواف السريع في حضارات الآخرين أن نسأل عن حضارة الإسلام ، وكيف تعامل مع أصحاب الديانات الأخرى، وكيف حظر إجبار أصحاب الملل والديانات على تغيير معتقدهم أو ديانتهم، فاقرهم على ما هم عليه، بل ونص في أكثر من موضع على عدم التجاوز أو التعرض لهم بسوء.
وجزء من التاريخ الأول للمسلمين، يؤكد كيف حاول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم استيعاب اليهود كجزء من دولة المدينة، وكيف عاهدهم، إلا أنهم غدروا ونقضوا المعاهدات، وتأمروا على دولة المدينة لصالح كفار قريش.
ولم يكن ذلك الموقف في بداية تاريخنا إلا ترسيخا لموقف واضح ومبدأ محدد تجاه المختلفين ديانة، ووجوب التعامل معهم في إطار إنساني واضح، بل من يطلع على كتب السياسة الشرعية يجد تأصيلا لإمكانية توزير غير المسلمين في الحكومة التي تدير دولة الإسلام.
ومن المواقف التطبيقية لهذا المبدأ الإسلامي، موقف شيخ الإسلام “ابن تيمية” حينما تغلب التتار على الشام، وذهب ليكلِّم “قطلوشاه” في إطلاق الأسرى، فسمح القائد التتري للشيخ بإطلاق أسرى المسلمين، وأبَى أن يسمح له بإطلاق أهل الذمة، فما كان من شيخ الإسلام إلا أن قال: لا نرضى إلا بافتكاك جميع الأسارى من اليهود والنصارى، فهم أهل ذمتنا، ولا ندع أسيرًا، لا من أهل الذمة ولا من الملة، فلما رأى إصراره وتشدده أطلقهم له.
وفي عقد الذمة الذي كتبه خالد بن الوليد لأهل الحيرة بالعراق – وكانوا من النصارى -: “وجعلت لهم أيما شيخ ضَعُف عن العمل، أو أصابته آفة من الآفات، أو كان غنيًّا فافتقر، وصار أهل دِينه يتصدَّقون عليه، طرحت جِزيته، وعِيلَ من بيت مال المسلمين هو وعياله”.
هذه بعض بضاعتنا التي نحتاج أن نبرزها ونقارن بينها وبين حضارات الآخرين، ليرى العالم على الحقيقة عظم هذا الدين، ومن ثم نفرغ حملات التشويه المتعمد من قبل الغرب من مضمونها القبيح.
حينما نطالع تاريخ الحضارة الغربية سنجد القسوة اللانسانية في التعامل مع أصحاب الديانات المختلفة، بل وستجد في الديانة الواحدة، العنف غير المبرر، والقتل المنظم على الهوية بين الملل المختلفة، فحينما تسود ملة، تصب جام غضبها على الملل الأخرى، وتحاول أن تمحوها من سجل التاريخ.
فستجد، على سبيل المثال لا الحصر، حينما فرط المسلمون في الأندلس، وغلب عليها النصارى، أقاموا محاكم التفتيش وعلى إثرها قامت المذابح وحفلات التعذيب ضد المسلمين، الذين لم يعد أمامهم إلا الموت تحت وطأة التعذيب، أو الاستجابة لدعوات الصليب تحت سياط المعذبين القساوسة.
ولم يكن المسلمون وحدهم، هم الذين يعانون من الاضطهاد والتنكيل، حينما يحكم الصليب، بل اليهود أيضا، كانوا محلا للعنف والقسوة باسم الدين، حيث مارس النصارى في القرون الوسطى ضد اليهود كل الممارسات التميزية، وقتلوهم واخذوا ثرواتهم وأملاكهم، بل ووصل الأمر أن من يبلغ عن عائله يهودية أو حتى في عروقها دم يهودي، يأخذ مكافأة مالية ضخمة.
وفي عام 1096م ، قامت مجموعات من فرسان الصليبيين بذبح اليهود في مدن فرنسية وألمانية مدعين أنهم بذلك يثارون من “قتلة المسيح” ، وقد عاونهم في فعلتهم هذه سكان تلك المدن مدفوعين بكراهية شديدة لليهود.
وعندما اكتسح الطاعون أوروبا عامي 1348 – 1349، اتهم اليهود بأنهم قد نشروا الوباء بتسميم مياه الآبار، فاحرق آلالاف منهم أحياءً في بازل وفرايبورج وستراسبورج ومينتز وغيرها من المدن الأوربية .
كما كان الاضطهاد بين الملل المختلفة، في الديانة الواحدة، فبعض الطوائف النصرانية عانت من الاضطهاد على أيدي نصارى من طوائف أخرى بتهمة الهرطقة، ولا سيما خلال القرن السادس عشر خلال ما يسمى بعصر الإصلاح البروتستانتي.
وتعرض النصارى للاضطهاد من قياصرة الرومان الذين أذاقوا المسيحيين العذاب ألوانا، ولكن بعد أن تحول قسطنطين عن الوثنية إلى النصرانية أصبحت النصرانية دين الدولة الرومانية وتحولت النصرانية في الغرب عندها إلي ديانة دولة وأصبحت (ديانة) مستقلة، ولكن بقيت العديد من الكنائس الشرقية والإصلاحية فيما بعد بعيدة عن تأثير روما وتعرضت هذه الكنائس أيضا للاضطهاد علي يد الكنيسة الغربية (الرومانية)، وكان هذا الاضطهاد بسبب الاختلاف في المذهب وليس الاختلاف في الدين.
بعد هذا التجول، في التاريخ، لنا أيضا أن نتعرض للمجازر التي ارتكبها اليهود في فلسطين المحتلة ضد المسلمين الفلسطينيين، بدافع من الكراهية العقدية والأيديولوجية، وليس لمجرد الخلاف السياسي، فالحرب عقدية، والاضطهاد والتمييز على أساس الدين، لا ريب في ذلك.
لنا بعد هذا التطواف السريع في حضارات الآخرين أن نسأل عن حضارة الإسلام ، وكيف تعامل مع أصحاب الديانات الأخرى، وكيف حظر إجبار أصحاب الملل والديانات على تغيير معتقدهم أو ديانتهم، فاقرهم على ما هم عليه، بل ونص في أكثر من موضع على عدم التجاوز أو التعرض لهم بسوء.
وجزء من التاريخ الأول للمسلمين، يؤكد كيف حاول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم استيعاب اليهود كجزء من دولة المدينة، وكيف عاهدهم، إلا أنهم غدروا ونقضوا المعاهدات، وتأمروا على دولة المدينة لصالح كفار قريش.
ولم يكن ذلك الموقف في بداية تاريخنا إلا ترسيخا لموقف واضح ومبدأ محدد تجاه المختلفين ديانة، ووجوب التعامل معهم في إطار إنساني واضح، بل من يطلع على كتب السياسة الشرعية يجد تأصيلا لإمكانية توزير غير المسلمين في الحكومة التي تدير دولة الإسلام.
ومن المواقف التطبيقية لهذا المبدأ الإسلامي، موقف شيخ الإسلام “ابن تيمية” حينما تغلب التتار على الشام، وذهب ليكلِّم “قطلوشاه” في إطلاق الأسرى، فسمح القائد التتري للشيخ بإطلاق أسرى المسلمين، وأبَى أن يسمح له بإطلاق أهل الذمة، فما كان من شيخ الإسلام إلا أن قال: لا نرضى إلا بافتكاك جميع الأسارى من اليهود والنصارى، فهم أهل ذمتنا، ولا ندع أسيرًا، لا من أهل الذمة ولا من الملة، فلما رأى إصراره وتشدده أطلقهم له.
وفي عقد الذمة الذي كتبه خالد بن الوليد لأهل الحيرة بالعراق – وكانوا من النصارى -: “وجعلت لهم أيما شيخ ضَعُف عن العمل، أو أصابته آفة من الآفات، أو كان غنيًّا فافتقر، وصار أهل دِينه يتصدَّقون عليه، طرحت جِزيته، وعِيلَ من بيت مال المسلمين هو وعياله”.
هذه بعض بضاعتنا التي نحتاج أن نبرزها ونقارن بينها وبين حضارات الآخرين، ليرى العالم على الحقيقة عظم هذا الدين، ومن ثم نفرغ حملات التشويه المتعمد من قبل الغرب من مضمونها القبيح.