مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
التعدد المذهبى من المواجهة للمواطنة
مهنا الحبيل
نظم منتدى العلاقات العربية والدولية بالدوحة ندوة التعدد المذهبى فى الخليج وآثارها لسياسية المنتدى يرأسه المفكر المعروف د محمد الأحمرى، وهذه الندوة دُعى لها حشدٌ كبير من المثقفين والكتّاب ومدونى الإعلام الجديد فى الخليج العربى، والمهم للغاية أنها لم تكتف بالمثقفين الدينيين أو الإسلاميين بل وسّعت الدعوة إلى كُتاب التوجهات الوطنية العامة والمسارات الفكرية العربية بطيفها الواسع كما شملت بالطبع الشيعة والسنة والأباضية بأطيافهم بمشاركة من التيار السلفى المحافظ، وإن أُخذ عليها عدم دعوة مجلس المدارس الشرعية فى الاحساء المعبرة عن تاريخ التعدد المذهبى للمذاهب الأربعة السنية فى منطقة الخليج وليس الاحساء وحسب بحكم أنّ العديد من الفقهاء والقضاة والشرعيين تعلموا فى مدارسها وأربطتها فى القرن الثالث والرابع عشر الهجرى وما قبلهما ولا تزال وفود مريدى هذه المدارس تقصد الاحساء وتتواصل مع مدادها العلمى والاجتماعى، إضافة إلى خصوصية فقهها فى التعايش والتداخل الجغرافى مع التنوع الطائفى.

وبالطبع كانت الأنظار متجهة إلى حيث قلق المنطقة من الاحتكاك الطائفى بعد أحداث 14 فبراير المروعة فى البحرين وكان ثقل هذه القضية متركزاً بكثافة فى أجواء المؤتمر بحسب ما فهمته من بعض المداخلات فى الندوة وتعليقات الكُتّاب وانطباعات المشاركين، وهذا طبيعى بحكم تأثيرات الأزمة الطائفية فى البحرين على كل المنطقة، فضلاً عن حرص كل أبناء الخليج العربى على أن تخرج البحرين من هذا المنعطف الأخير بإطار تصالحى وإصلاحى إن لم يُعالج حالة الانقسام بصورة شاملة فهو على أقل تقدير يبدأ بوضع إطار وخطة طريق للخروج من الأزمة والتجاذبات الطائفية فى البحرين وحولها، ونجح الملتقى بجمع أكبر ممثلين للطائفتين وهما حركة الفاتح – تجمع الوحدة الوطنية – الذى يقوده الشيخ د عبد اللطيف المحمود وإن كان التجمع لايقوم على أسس طائفية بل أنشئ ليكون مظلة للحراك الوطنى الجمعى من الطائفتين بل والديانات الأخرى لكن بكل تأكيد أنه الممثل الأبرز للسُنّة من حيث الكثافة والموقف من الأزمة الأخيرة وشارك الشيخ المحمود فى جلسات الملتقى مع الشيخ على سلمان الأمين العام لأبرز جمعية سياسية شيعية وهى جمعية الوفاق، فضلاً عن قوة الجمعية فى الشارع الشيعى البحرينى وإيمان المراقبين بأنّ الشيخ على سلمان قادر بالفعل على تثبيت رؤية انفراج وانطلاقة وطنية شيعية للمشاركة مع المجتمع الآخر حتى مع تشدد المرجع الشيخ عيسى قاسم بإقناعه أو أى جهات أخرى فى الساحة الشيعية.

وقد كان من الطبيعى أن يحصل بعض الاحتكاك فى الرأى لكن فكرة الالتقاء على طاولة مستديرة واحدة بين الحركتين إيجابى للغاية ومهم أن يؤسس له، ومع تمنى الجميع ودُعائهم أن تتفاعل هذه اللقاءات ومن ذلك حوارات لندن الخاصة لتخرج إيجابية بعد تقرير د. بسيونى، والذى ثبّت سلامة موقف قوات درع الجزيرة وعدم التحامها مع أى مواطن بحرينى وتحقيقها التوازن الردعى لحماية السلم الأهلى والأمن القومى للبحرين خاصة بعد انحياز الأمريكيين لموقف إيران فى الأزمة، وإن كان تقدير حجم المشاركة الإيرانية فى الاحتقان الطائفى لا يمر عبر الأيام التى قضتها لجنة د بسيونى فى مراجعة هذا الجانب ضمن مئات الملفات، وإنما من يُحدد ذلك المراقب الاستراتيجى فى منطقة الخليج العربى الذى يُدرك قضية التدخل الإيرانى وإن لم تتم بالضرورة بسلاح أو عنصر من الباسيج كما جرى فى بيروت لكنها لها مستويات دينية وإعلامية وسياسية أخرى ونعرف ما الذى تحققه هذه المسارات أقوى من التدخل العسكرى.

نخلص إلى مسار مهم جداً وهو إعادة تنظيم علاقة البيت الشيعى الخليجى بالبيت العربى الخليجى كحاضن إيجابى داعم للمصالحة الوطنية فى البحرين أو معالجة أى احتقان آخر سواء من خلال البعد الأهلى الفكرى الذى نجح أولياً فى الدوحة أو البعد الرسمى بأن تُحتضن الحالة الشيعية فى إطارها الطبيعى جغرافياً ووطنياً ضمن الخليج العربى للحديث صلة.
*المصريون
أضافة تعليق