مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
لسنا كتونس...!
فؤاد الصوفي
كنت كغيري من المتابعين للشأن العربي قد وصلت إلى قناعة أن الشعوب العربية لم تعد دماؤها كالدماء العربية القديمة التي طرد أصحابُها الغزاةَ وسطَّروا معالِم العز لأممهم، وقدموا أنفسهم وقوافل من الشهداء لمصلحة بلدانهم، فمنهم من قضى نحبه بعد أن أدَّى ما عليه تجاه وطنه وشعبه ومنهم من بقي حتى توفاه مولاه . وكنت أظن بسبب الاستبداد الجاثم على صدور شعوبنا أنّ شعوبنا صارت كرعية فرعون الذي بلغ فيهم الاستبداد مبلغا فأضعف شخصياتهم وأفسد طبائعهم وعقولهم فصاروا لا يفكرون في سلامة حاضرهم ولا مستقبلهم.
لكن الحقيقة التي اتضحت (وأعادت لنا الأمل في هذه الشعوب) أكدت لنا أن الأمر ليس كذلك وأن الشعوب العربية لديها قدرة على الصبر والتحمل، لكنها وبالمقابل إذا انتهى صبرها انفجرت وتحملت كل المشاق في سبيل أن تنال مآربها وتحصل على مرادها (تونس نموذجا...). وبهذه الأحداث المتسارعة انتشرت المظاهرات وانتقلت العدوى التونسية الى دول عربية مختلفة، بتلك العدوى أرسلت الشعوب العربية رسالة إلى كل المختبئين في سراديب الزعامات العربية : لقد شبعتْ شعوبُنا منكم ...ومن قهركم واستبدادكم وجور زبانيتكم الذين في حجوركم متى تفهمونا؟
لكن الزعامات في يمننا لم تصلها الرسالة بعد حيث طالعنا فخامة الرئيس في خطاب شديد اللهجة شن فيه هجوما شرسا على شركائه في الوطن والوحدة والدفاع عنها ولم يترفع عن التجريح والسخرية بل كال ذلك كيلا، ثم ارسل فخامته في الخطاب رسالة إلى الشعب اليمني يمنُّ عليهم أنهم يصلون في المساجد وان اليمن ليست كتونس!
نعم هناك دول أفضل حالا من تونس من حيث القبضة الحديدية والمضايقات الدينية لكن إجراءات الأغلبية تحضر لذلك وتخطط بالأسلوب التدريجي أن تصل إلى أشد ما وصل إليه ابن علي وزبائنه مدَّعين التقدم ومتعذرين بضغوط الدول المانحة...
إن الموضوعية المزعومة لقياداتنا تتعرى في الاستحقاقات الدستورية التي تجعلهم في المحك كالانتخابات مثلا ،بدون خجل يغتصبون صناديق الاقتراع بدون حياء، يجوعون الشعوب لتتمكنوا من شرائها عند الحاجة، استعبدوا الأحرار في الوظائف وأذلوهم على لقمة عيش أولادهم، افقدوا الأكفاء من التربويين وظائفهم ، رغم تفوقهم في عملهم بسبب الانتماء.
أقصوا أعدادا هائلة من مناصبهم رغم تميزهم بسبب الانتماء، وزعوا الضمان الاجتماعي الإنساني على نفس هذا المعيار وكأن الضمان الاجتماعي من جيوبهم الشخصية أغلبيتهم تمرر ما تريد ولو جاء علماء الدنيا كما عبر زعيم الأغلبية.
المؤسسات العلمية الناجحة كالمعاهد أغلقت ومابقي منها من مدارس التحفيظ تتآكل شيئا فشيئا دون أي تمدد واتساع كما أغلق عدد منها بحجج غير موضوعية ،مظاهر الفساد في شوارع صنعاء العزيزة باتت واضحة للعيان، فمن متى عرفت صنعاء النساء يتسولن النساء في الجولات إلى وقت متأخر من الليل؟ رُفِعت رايات مظلومين ليسمع المسئولون أصواتهم فجعلوا أصابعهم في أذانهم كي لا يزعجهم ويكدر صفوهم أنين المظلومين (المبعدون من الجعاشن- ضحايا الانفصال –ضحايا صعدة- وضحايا حرب ما يسمى بالإرهاب...)
وأخيرا :هؤلاء المظلومون وغيرهم يرفعون أيديهم بالدعاء على عروش زعاماتنا وزبانيتهم فهل يظنون أن الله غافلٌ عما يعملون ،ثم أبعد هذا كله لسنا كتونس ؟ فهمناكم متى تفهمونا..؟
أضافة تعليق