حوار في مجلس الدعوة طبائع الجماعات والحركات
د. علي العمري
هناك دراسات كثيرة تحدثت عن العمل الإسلامي من داخل الصف وخارجه، وتلك الدراسات حملت في الأعم الأغلب جوانب نقدية منها ما يستحق الإشادة والاهتمام والمراجعة، ومنها ما يستحق التجاوز! ومما لا شك فيه أن العودة إلى الخلفية الذهنية والنفسية والتاريخية للكُتَّاب قد تشكل انطباعاً عن نوعية تلك الدراسات ودلالتها! وفي إحدى دراسات النظر المميزة في واقع الجماعات والحركات الإسلامية، لفت الفيلسوف المغربي «د.طه عبدالرحمن» الانتباه إلى التأمل في طبائع الحركات الدينية والفكرية، وركّز فيها على الصوفية والسلفية. ولاحظ «د. طه» أن ثمَّة قوانين عامة تسري على كل الجماعات والطرق، وهي ثلاثة قوانين: أ- قانون التحول: وقصد به أن كل جماعة وطريقة تمر بتحولات نظراً لتطور العامل الزماني والاختلاف البيئي وعامل التكوين الشخصي للقيادات والأفراد، وهذا التحول قد يكون إيجابياً وقد يكون سلبياً. ب- قانون الدور: وقصد به أنه ما من مذهب فكري أو عقدي إلا ويمر بمرحلتين متقاربتين أو متباعدتين، إما في جانب الاجتهاد والتجديد، وإما في جانب الجمود والتقليد. وهذا الدوران قد يكون إيجابياً متطوراً مع المبادئ، وقد يكون سلبياً ينكمش على ذاته، ويجدد من تكريس سلبياته، ولعل هذه النماذج ملاحظة في تقوقعها وتراجعها مع كل مراحل التجديد والدوران الطبيعي! جـ- قانون التغلب: وهو استغلال الفرص في الظروف المواتية للنَّيْل من خصوم أية جماعة أو حركة أو مذهب أو طريقة! وفي لحظة الهجوم على الخصوم قد تستخدم كل أساليب الاتهام بالعمالة والميل مع المصالح والأهواء.. وهي وسائل كأوراق التوت لا تستقر على حال! وفي هذه المرحلة الثالثة قد تغزى أفكار الكثير من العلماء وطلاب العلم والدعاة والخيِّرين؛ فيخرجوا بإدانة شاملة لكل الجماعات التي لم ينلها الحظ في البقاء، ولم يسعها الرد على كل الأباطيل التي نالتها. ونحن أمام هذه الحقائق الثلاث التي يشهد لها التاريخ ويمهر على صحتها كل العاملين في الحقل الإسلامي، تتطلب اليقظة، والاتجاه صوب ما يمليه الضمير الحي، والروح الطيبة، والعقل المسدَّد حسب تعبير «د. طه عبدالرحمن».
*المجتمع