ليس هناك سبب رئيس لعدم طرح هذا الموضوع المهم، سوى الانشغال بمجريات الحياة اليومية أحياناً، وعدم الالتفات إلى أولوياتنا أحياناً أخرى! إن موضوع إنشاء مراكز بحوث متخصصة في الشأن الدعوي، من أهم المشاريع الحيوية، والأولويات لأية دعوة. إن دور هذه المراكز بما تحويه هذه الكلمة من دلالات له أثره الكبير في تصحيح المسيرة، والانطلاق بخطوات جادة وناضجة ومؤثرة وفق الأهداف المرسومة. وقبل توضيح هذه الآثار المهمة أجدني مضطراً أن أعود لذكر مدلول المراكز الناجحة. المراكز هي منشآت يلتقي فيها مجموعة من الخبراء والعاملين المكملين لدورهم، ومستلزمات البحوث، التقنية والعلمية والتحليلية والابتكارية. وفي ظل العمل الدعوي نحن بحاجة إلى كل المستلزمات السابقة! فنحن بحاجة إلى البرامج الحاسوبية، وتقنية المعلومات المتنوعة، كما أننا بحاجة إلى معرفة مصادر المعلومات والمعارف، وزد على ذلك التزود مما في المكتبات من مصادر وبحوث ودراسات ودوريات، إضافة إلى دور الخبراء والباحثين والمهتمين الذين يفكرون ويحللون تلك الدراسات والقراءات، ويلتقون بغيرهم من أصحاب الكفاءات، والمدربون تدريباً متيناً وحديثاً على أعلى المستويات، ليصب ذلك كله في اتخاذ القرارات ورسم الخطط والأهداف التي تسهم في أداء الدور الرسالي الدعوي الحضاري على أكمل وجه. إن القضية ليست خبايا أو تحليلات لأهداف مشبوهة كما يزعم أعداء الدعوة أو الخائفون على مستقبلها باختلاق الأوهام والشبهات! إنما الأمر في القراءة الواعية لواقعنا، وما يتطلبه مجتمعنا، وما ينبغي أن نزود به دعاتنا. ويمكن لهذه المراكز وما تليها بعدئذ أن تركز على مسار أو مسارات عدة على المستوى الداخلي والخارجي، وعلى مستوى الدعاة ومستوى العامة. ومن أمثلة ذلك: وضع مسار يخص الدعاة والخطباء والمثقفين والمتحدثين في الأوساط المختلفة. ومسار آخر يخص الإعلاميين، ويشمل هذا المسار الفضائيات والصحف والإنترنت ومستجدات الإعلام. ومسار ثالث على مستوى الثقافة والتعليم، ورابع على مستوى العمل الخيري والإغاثي.. إن كثيراً من ساحات مشاريعنا تفتقر للبناء القويم، والنقد السليم، والقياس الصحيح. ومن نافلة القول أن يكون العاملون في هذه المراكز متفرغين للعمل، مهيئين للأدوار المطلوبة، مسبغين بالتكاليف الكافية! وأرجو إن فكر بعض النابهين بهذا المشروع أن يزوروا المراكز المتنوعة والقوية حول العالم، ليرسموا دور مراكزهم بشكل صحيح، ويبدؤوا من حيث انتهى إليه الناجحون!
*المجتمع
*المجتمع